الرياص - اسماء السيد - مع إطلالة يوم الثامن عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام، تكتسي سلطنة عمان الشقيقة حلّة جديدة قشيبة ابتهاجاً بيومها الوطني المجيد الذي طوى في هذا العام 54 عاماً من التجدد والتطور والازدهار. في منتصف العام الماضي 2023 تشرفت، إبان عملي الصحفي السابق، بإجراء حوار مطوّل مع صاحب السمو السيد فيصل بن تركي بن محمود آل سعيد، سفير سلطنة عمان المعتمد لدى المملكة العربية السعودية، وكان مما ذكره سموه الكريم في ذلك اللقاء الصحفي تأكيده على عمق العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين الشقيقين، وما تشهده من تطور متسارع ولافت في كافة المجالات، تعززه الوشائج الأخوية وأواصر القربى وحسن الجوار.
والحقيقة أنَّ الشواهد الواقعية على امتداد التاريخ تأتي كلها مؤكدة لحديث سمو السفير السيد فيصل. ففي الحادي عشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 1971، وبعد توليه مقاليد الحكم في سلطنة عمان، زار جلالة السلطان قابوس بن سعيد السعودية تلبية لدعوة تلقاها جلالته من أخيه جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمهما الله. وفي الحادي عشر من تموز (يوليو) عام 2021، كانت السعودية هي المحطة الخارجية الرسمية الأولى لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم بعد توليه مقاليد الحكم، تلبية لدعوة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله ورعاهما. وما بين الزيارتين وما بعدهما، هناك قصص تُروى عن قوة وثبات العلاقات السعودية العمانية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ. ففي ختام زيارة المرحوم السلطان قابوس ولقائه بالمرحوم الملك فيصل عام 1971، صدر بيان مشترك عقب تلك الزيارة تضمن إعراب الزعيمين عن نيتهما التعاون الخالص البنّاء لصالح شعبيهما وجميع دول المنطقة، وبما يحقق الأمن والاستقرار.
واستمراراً للزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، استقبل السلطان قابوس الملك خالد – رحمهما الله – في العاصمة مسقط عام 1976. ثم تأسس بعد ذلك بسنوات مجلس التعاون الخليجي لتدخل العلاقات السعودية العمانية فصلاً جديداً مميزاً ضمن منظومة العمل الخليجي المشترك. وفي الحادي والعشرين من آذار (مارس) عام 1990، وقّع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز والسلطان قابوس بن سعيد – رحمهما الله – في مدينة حفر الباطن في المنطقة الشرقية السعودية اتفاقية ترسيم الحدود بين المملكة والسلطنة، وتم تبادل الخرائط النهائية لخط الحدود الدولي بين البلدين الشقيقين في تموز (يوليو) عام 1995، وهي الخطوة العملية الأخيرة في ترسيم الحدود البالغ طولها أكثر من 650 كم.
إقرأ أيضاً: تقاليد بيت الحكم السعودي العريق
وفي آب (أغسطس) 2005، كان السلطان قابوس من أوائل القادة الذين أمّوا الرياض للمشاركة في الصلاة وتشييع جثمان الملك فهد – رحمهما الله. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2006، زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سلطنة عمان تلبية لدعوة كريمة من أخيه جلالة السلطان قابوس بن سعيد – رحمهما الله – الذي أجاب هو الآخر دعوة أخيه الملك عبدالله وزار المملكة في أيار (مايو) 2010. وفي الثالث عشر من كانون الثاني (يناير) عام 2020، توجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مسقط لتقديم واجب العزاء لأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم – حفظهما الله ورعاهما – في وفاة السلطان قابوس بن سعيد – رحمه الله.
إقرأ أيضاً: هل يُصلح ترامب ما أفسده بايدن؟!
ومما يجدر ذكره أنَّ توقيع مذكرة تفاهم بشأن تأسيس مجلس التنسيق السعودي العماني برئاسة وزيري خارجية البلدين تم في زيارة جلالة السلطان هيثم للمملكة في تموز (يوليو) 2021. كما تزامن توقيع 13 مذكرة في شتى القطاعات والإعلان عن افتتاح منفذ الربع الخالي الرابط بين البلدين مع زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، في كانون الأول (ديسمبر) 2021. كما أتت زيارة سموه الخاصة لسلطنة عمان منتصف أيلول (سبتمبر) 2023 امتداداً لهذا التواصل والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين.
إقرأ أيضاً: الأخضر في المنعطف الأخطر
خالص التهاني أرفعها إلى مقام صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم، سلطان عمان – حفظه الله ورعاه – وأصحاب السمو السادة وكافة الأسرة الحاكمة الكريمة وعموم الشعب العماني الشقيق بهذه المناسبة السعيدة، سائلاً المولى القدير أن يعيدها وسلطنة عمان، الأرض والإنسان، بخير وأمان وازدهار.