محمد اسماعيل - القاهرة - كتب ـ رمضان يونس:
أودعت محكمة جنح إمبابة بمحكمة شمال الجيزة الإبتدائية، برئاسة المستشار محمد محمود نصر، في الدعوى رقم 14222 لسنة 2024، جنح مركز إمبابة، والمُدان فيها رئيس الوحدة المحلية لمدينة منشأة القناطر بالجيزة، وسائق ميكروباص و 3 آخرين، بالحبس 3 سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ في وفاة 16 فتاة إثر انقلاب ميكروباص من أعلى معدية "أبو غالب" بمنشأة القناطر شمالي الجيزة.
وذكرت المحكمة في حيثيات حُكمها، التى حصل "الخليج 365" على نسخة منها، أن النيابة العامة، استجوبت المتهم "محمد عبد الراضي محمد حمدان" رئيس مركز ومدينة منشأة القناطر، والذي أنكر ما نسب إليه من اتهام حيث أفاد بأن المسئول عن أعمال الصيانة وتجديد التراخيص الخاصة بالعبارة هو مستأجرها "ربيع سيد أحمد عبد الحميد خفاجي"، وأن مسئولية مركز ومدينة منشأة القناطر قد انقطعت بإصدار قرار وقف عمل العبارة ويسأل في تنفيذ القرار شرطة البيئة والمسطحات المائية، إذ بسؤال "فادي فايز رمزي مشرقي"، عميد شرطة بالإدارة العامة للبيئة والمسطحات قرر استدلالاً بأنه قد قام بتنفيذ القرار الصادر بوقف عمل العبارة وحرر لذلك محضر إثبات حالة قيد برقم ٤٦٢٨ لسنة ۲۰۲٤ جنح مركز إمبابة، وأضاف أن شرطة البيئة والمسطحات يقتصر دورها على التأمين فقط دون الوقوف على رقابة إتباع القرار الصادر بالوقف من عدمه حيث يكون الإيقاف وحراسة المعدية وتأمين سلامتها مدة الإيقاف هو مسئولية الوحدة المحلية.
وتابعت المحكمة في حيثيات حُكمها؛ أنه باستجواب المتهم "محمد خالد عبد الجواد علي"، أنكر ما نسب إليه من اتهام بالتحقيقات وقرر انه يعمل سائقاً على سيارة أجرة ميكروباص، مملوكة لشقيقه دون حمله ثمة ترخيص قيادة، وأنه يوم الواقعة نقل 26 فتاة من قرية سنتريس بمحافظة المنوفية من قرية أبو غالب بمحافظة الجيزة قاصدًا بطريقه مسارا يتطلب قطع نهر النيل بين ضفتيه ويعبرون باستقلال إحدى ناقلات المركبات "معدية"، لذلك الطريق - عوضا عن الطريق البري البديل - لقصر مسافته، حيث عقب صعوده بسيارته واستقراره بها أعلى "معدية أبو غالب" وتحديدا بمؤخرة الناقلة بحيث كانت مؤخرة السيارة الميكروباص، مواجهة للمياه.
إذ تلاحظ السائق أن الحواجز المعدنية المتواجدة بمقدمة ومؤخرة الناقلة غير موصدة، وحال ذلك نشبت مشادة كلامية بين إحدى فتيات مستقلى الميكروباص قيادته وبين من تصادف وجودهم بالناقلة فتدخل على إثرها في محاولة منه لفضها فأسرع خارجاً من السيارة - دون تفعيله مكابح اليد ـ و اشتبك بالأيدي معهم ودفعهم إياه حال كونه واقفا مديراً ظهره السيارة وبمضي دقائق معدودات تفاجئ بتحرك السيارة قيادته للخلف وسقوطها بمياه نهر النيل بما يحمله من قنيات، حدث مشادة كلامية بين السائق وأحد سائقي دراجة بخارية فنزل السائق من السيارة وأنه أثناء ذلك أرتطمت المعدية بالمرسى الجانب الآخر فتحركت السيارة من السكون إلى الحركة باتجاه الخلف وسقطت بالنيل كونها أخر سيارة بمؤخرة ناقلة السيارات "المعدية " وحيث أنه لا يوجد ثمة حاجز لمنع انزلاق السيارات بخلف المعدية.
وشهد "سعيد فايد سعيد عبد المجيد" مدير الشئون القانونية بمركز ومدينة منشأة القناطر، ما ذكره بتحقيقات النيابة، حيث أنه قرراستدلالاً إن الجهة مالكة العبارة (المنيا 6)، هي مركز ومدينة منشأة القناطر والتي قد ابرمت عقد ايجار تشغيلها بمعرفة مستأجرها "ربيع سيد أحمد عبد الحميد خفاجي"، مقابل سداد الأخير للقيمة الإيجارية ملتزماً ببنود العقد المتمثلة في الالتزام بأعمال الصيانة وتجديد واستصدار رخصة التشغيل وإلا قد تتسبب مخالفة ذلك بفسخ العقد، وحينما لم يستوف الالتزام الأخير تم إتخاذ الإجراءات القانونية من إنذارات ستتبعها إصدار قرار مؤرخ 24 يناير 2024، بوقف إداري لأعمال المعدية وعلل أنه لم يتم تنفيذ القرار خشية توقف الناقلة عن العمل كون الضرر الناتج عن الإخلال ببنود العقد ليس على درجة من الجسامة لفسخه.
وسألت النيابة العامة بالتحقيقات، المتهم "مصطفي مشحوت السيد"، إذ قرر أنه يعمل سائق للمعدية، محل التحقيق لدى مستأجرها "ربيع سيد أحمد" وذلك منذ فترة زمنية طويلة، وبتاريخ الواقعة صباح يوم 21 مايو 2024، تسلم النقالة من عمال الفترة الليلية وبدأ في مباشرة عمله بصورة طبيعية وفي حوالي الساعة السابعة صباح اليوم أنف البيان أبحر بالنقالة محملاً عليها عدد من المركبات من البر الشرقي بناحية أبو غالب متجها إلى البر الغربي المقابل وذلك حال تواجد السيارة "ميكروباص"، محل الواقعة بأعلى مؤخرة الناقلة ناحية المياه، وفور تحركه تفاجئ بنشوب مشادة كلامية بين إحدى فتيات مستقلى الميكروباص وبين أحد مستقلى الدراجات البخارية المتواجدة أعلى النقالة فتدخل على إثرها قائد الميكروباص في محاولة لفض تلك المشاجرة وذلك عقب نزوله من الميكروباص دون تفعيل مكابح اليد.
وفور وصول النقالة إلى البر الآخر ورسوها تفاجئ باهتزاز الميكروباص وتحركه للخلف وسقوطه بمياه نهر النيل بما يحمله ذلك الميكروباص من عدد ٢٥ فتاة وعلى الفور قام بالقفز والأهالي لمياه نهر النيل في محاولة منه لإنقاذ مستقلي المركبة، وبالفعل تمكن من انتشال عدد من المصابين، كما قرر بأن النقالة محل الواقعة غير مستوفية لاشتراطات الأمن والسلامة لعدم وجود حاجز يمنع سقوط السيارات في حالة حدوث أي طارئ بالمثل.
وشهد المقدم أحمد عكاشة، رئيس مباحث مركز شرطة منشأة القناطر، بأن تحرياته السرية توصلت إلى أن الواقعة قد حدثت دون قصد أو عمد من ثمة شخص ولا توجد شبهة جنائية في الوفاة أو الإصابة لأى من المجني عليهن.
وشرحت المحكمة في حيثيات حكمها، أن الدعوى تداولت بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 14 أكتوبر 2024، حضر المتهمان الأول والثاني من محبسهم رفقة الحراسة اللازمة ومعهما محام طلب ضم اللائحة التنفيذية لجهاز مدينة منشأة القناطر وتحديد التنظيم الخاص بسير المعديات وسماع أقوال محافظ الجيزة السابق أحمد راشد وطلب أجلا للاطلاع كما حضر عن ورثة المجني عليهم بوكيل عنهم محام وقدم حافظة مستندات طالعتها المحكمة وادعاء مدينا بمبلغ مائة ألف جنيه، حيث أجلت المحكمة الدعوى للإعلان بالدعوى المدنية وسداد الرسم والاطلاع مع استمرار حبس المتهمين لتلك الجلسة وبجلسة 21 أكتوبر 2024.
و حضر المتهمان الأول والثاني من محبسهم رفقة الحراسة اللازمة ومعهما محام كما حضر ورثة المجني عليهن بوكيل عنه محامٍ واقتصرت دعواه المدينة على المتهمين الأول والثاني والخامس وتم إعلانها في المواجهة وانضم إلى النيابة العامة في طلباته كما حضر مع المتهم الأول بوكيل عنه محام وطلب اجل لحضور المحامى الأصيل كما حضر مع الثاني بوكيل عنه محام وطلب أجل للمستندات وهي صورة رسمية من المحضر رقم ٤٦٢٨ لسنة ٢٠٢٤ جنح مركز إمبابة ومحضر تسليم العبارة وصورة التراخيص كما حضر المتهم الخامس ـ رئيس الوحدة المحلية بمنشأة القناطر ـ بوكيل عنه محام دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون واحتياطيا طلب البراءة وقدم ثلاث حوافظ مستندات طالعتها المحكمة وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم مع استمرار حبس المتهمان الأول والثانية.
وبينت المحكمة في حيثيات حكمها، أنها استندت إعمالا بنص المادة ۲۳۸ من قانون الإجراءات الجنائية أنه :"إذا لم يحضر الخصم المكلف بالحضور حسب القانون في اليوم المبين بورقة التكليف بالحضور ولم يرسل وكيلا عنه في الأحوال التي يسوغ فيها ذلك يجوز الحكم في غيبته بعد الاطلاع على الأوراق، ومن ثم تمضي المحكمة في الفصل بالتهمة المسندة إلى المتهم والحكم فيها في غيبته ، وعلى ضوء الثابت بالأوراق، حيث أنه عن الموضوع فإن المحكمة تمهد لقضائها بنص المادة ٢/٣٠٤ من قانون الإجراءات الجنائية، إذ كانت الواقعة ثابتة وتكون فعلاً معاقباً عليها تقضى المحكمة بالعقوبة المقررة في القانون وحيث أنه عن التهمة المسندة للمتهم فإنه لما كان المقرر قانوناً بما جرى به نص المادة ۱/۲۳۸ من قانون العقوبات "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو علم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر".
وعن الادعاء المدنى المؤقت المبدئى من المدعين بالحقوق المدنية والثابت أسمائهم بأوراق القضية، أشارت المحكمة، إلى إدانة المتهمين على النحو سالف البيان مما يوفر في حقه ركن الخطأ الذي أصاب المدعين بالحق المدني بأضرار وكان المتهم بارتكابه ذلك الجرم قد سبب ضررا للمجنى عليه تمثل فيما لحق بهم من أضرار تمثلت في اصابتهم وفقد ذويهم وما حاق بهم من ألم وما تكبدوا من نفقات علاج وغير ذلك، مما يلتزم معه المتهم بتعويض هذه الأضرار عملا بنص المادة ١٦٣ من القانون المدني يتعين معه والحال كذلك إجابة المدعيين بالحق المدني لطلب التعويض عملا بالمواد ۱۷۰، ۲۲۰ ۲۲۱ من القانون المدني على نحو ما سيرد بالمنطوق، وحيث أنه عن مصاريف الدعوى الجنائية والمدنية ومقابل أتعاب المحاماة فإن المحكمة تلزم بها المتهم الثاني عملاً بنص المادتين ۳۲۰۰۳۱۳ من قانون الإجراءات الجنائية والمادة ۱۷۸ من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ۱۹۸۳ المستبدلة بالقانون 10 لسنة ٢٠٠٢.
لذا؛ حكمت المحكمة برئاسة المستشار محمد محمود نصر،أولا؛ غيابيا ببراءة المتهم الثالث "معاذ أحمد محمد عبد الحميد" من الاتهامين الأول والثاني وهما القتل الخطأ والإصابة الخطأ، وثانيا؛ حضوريا شخصيا للأول والثاني وحضوري توكيل للخامس وغيابيا للرابع : بحبس كل منهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، عن الاتهامين الأول والثاني والمصاريف.
ثالثا؛ بحبس كل متهم من الثاني حتى الخامس ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألفين جنية لإيقاف التنفيذ مؤقتا والمصاريف عن كل اتهام الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع مع إلزام المتهم الأول والثاني والخامس بأن يؤدوا للمدعين بالحق المدني مبلغ 100 ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وخمسون جنيها مقابل أتعاب المحاماة والمصاريف.