شكرا لقرائتكم قرار سيئ لإمبراطور روسيا غيّر مستقبل بلاد بأكملها ونؤكد لكم باننا نسعى دائما لارضائكم والان مع التفاصيل
جدة - بواسطة طلال الحمود - خلال شهر سبتمبر/أيلول سنة 1915، اتجه القيصر الروسي نيقولا الثاني (Nicholas II) إلى اتخاذ واحد من أسوأ القرارات التي عرفتها الحرب العالمية الأولى حيث عمد الأخير إلى تولي منصب قائد الجيش الروسي حاملا بذلك على عاتقه كل الهزائم والخسائر البشرية التي تكبدها الجيش الروسي على يد قوات الإمبراطوريات الوسطى.
فعقب هجوم غورليس تارنو (Gorlice–Tarnów Offensive) ما بين شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران سنة 1915، ألحق الألمان هزائم قاسية بالروس. وعلى إثر ذلك، عاشت المنطقة على وقع ما عرف بالتراجع الكبير حيث أجبرت القوات الروسية على ترك مواقعها والتراجع شرقاً ضمن واحدة من أسوأ الكوارث العسكرية التي شهدتها الحرب العالمية الأولى متخلية بذلك عن أراضي بولندا لصالح القوات الألمانية والنمساوية، فضلاً عن ذلك شهدت نفس الفترة انسحاب الروس من ما يعرف بغاليسيا، وهي نفس المنطقة التي سيطرت عليها الجيوش الروسية مطلع الحرب العالمية الأولى مقابل خسائر بشرية فادحة.
وأمام تواصل الخسائر الروسية، اتجه القيصر نيقولا الثاني إلى اتخاذ قرار تعيس ألقى بظلاله على مستقبل الحرب ومستقبل الإمبراطورية الروسية. فإلى حدود تلك الفترة ارتكزت قيادة الجيش الروسي على عدد من القادة العسكريين البارزين وذوي الكفاءات العالية حيث حقق هؤلاء مطلع الحرب العالمية الأولى إنجازات عسكرية هامة خاصة ضد الجيوش النمساوية. وعلى إثر كارثة الانسحاب الكبير لسنة 1915 توجه نيقولا الثاني نحو تولي منصب قائد الجيش في سعي منه لتحفيز قواته على القتال وتحقيق الانتصارات.
وبالتزامن مع ذلك، رفض أغلب الوزراء والمسؤولين قرار القيصر الروسي محاولين ثنيه عن تصرف قادر على إنهاء حكمه للبلاد. فبناء على آرائهم، لن يتردد الشعب الروسي في تحميل نيقولا الثاني مسؤولية الهزائم العسكرية القادمة في حال توليه قيادة الجيش فضلا عن ذلك سيوجه الجميع أصابع الاتهام نحوه عقب جميع الشرور التي قد تصيبهم مثل المجاعة والبطالة وغلاء المعيشة وبسبب ذلك سيواجه النظام القيصري الروسي موجة كراهية غير مسبوقة من قبل الشعب. ولم يمثل نيقولا الثاني الرجل المثالي لهذا المنصب حيث افتقر الأخير بشكل واضح للخبرة العسكرية فمنذ مطلع الحرب اكتفى القيصر الروسي بزيارات تشجيعية قليلة لمركز القيادة العسكرية وجبهات القتال سعى من خلالها فقط إلى رفع الروح المعنوية لجنوده.
وفي الخامس من شهر سبتمبر/أيلول سنة 1915، وجه القيصر الروسي رسالة إلى قريبه الدوق الأكبر نيكولاي نيكولايفيتش (Grand Duke Nicholas Nikolaevich)، ذو القامة الطويلة، والذي كان يشغل منصب القائد الأعلى للجيش الروسي. ومن خلال هذه الرسالة، أعفى نيقولا الثاني الدوق الأكبر من مهامه شاكراً جهوده خلال الفترة السابقة وجاء ذلك قبل أن يعلن القيصر الروسي نفسه رسمياً على رأس المؤسسة العسكرية.
وتدريجيا تحول قرار نيقولا الثاني، والذي أقدم من خلاله على قيادة الجيش، إلى واحد من أسوأ القرارات التي عرفتها الحرب العالمية الأولى، فعلى إثر ذلك غادر الأخير العاصمة بيتروغراد (سانت بطرسبورغ ) ليتوجه نحو مركز قيادة الجيش بموجليف (mogilev)، والتي كانت تبعد مئات الأميال عن العاصمة، وبسبب ذلك كان القيصر عاجزاً عن وضع حد للاحتجاجات التي عصفت بنظامه وأنهت حكمه لاحقاً. وإثر مغادرته للعاصمة، ترك نيقولا الثاني منصب القيادة واتخاذ القرارات الفعلية لزوجته ألكسندرا والتي سرعان ما اتهمها الجميع بالجوسسة والتعامل مع العدو بسبب أصولها الألمانية، وبالتزامن مع كل ذلك ظهرت فضيحة الراهب راسبوتين والذي اتهمه الجميع بالتأثير على الإمبراطورة الروسية.
وتحققت جميع توقعات الوزراء والمسؤولين الروس، حيث وجه الشعب أصابع الاتهام للقيصر عقب تتالي الهزائم العسكرية وارتفاع الخسائر البشرية وتفشي المجاعة، حيث اتهم الأخير بسوء استغلال الموارد وإفشال المؤسسة العسكرية لتبدأ عقب ذلك الاحتجاجات الشعبية والعمالية والتي انتهت بتنازل القيصر نيقولا الثاني عن العرش يوم الخامس عشر من شهرمارس/ آذار سنة 1917.