القدس - بواسطة محمد عز العرب - أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، كتابا جديدا للدكتور عزمي بشارة، بعنوان "في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟".
ويُعَدّ الكتاب "دراسةً وافية ومعمقة عن السلفية التي، وإن لحقها مقدار كبير من التعريفات والشروح والاستعمالات المتباينة، فإن الدارسين والباحثين ما برحوا، مع ذلك، يتداولون هذا المصطلح إما بالتبسيط الذي يُخلُّ بالمعنى، أو بالنقول المتواترة التي لا تضيف أي جديد على ما قاله الأسلاف"، وفقًا لما ذكره المركز، الذي أكّد أن الكتاب، "ينأى تمامًا عن إعادة تدوير كتابات السلف، كما درجت العادة عند الكُتاب التقليديين، بل يقتفي أثر العلم والبحث التاريخي والتفكير النقدي، فيدرس السلفية لا كمفهوم مجرد ذي معانٍ اختزالية، بل كمصطلح له تاريخ، وله منشأ تاريخي، وخضع في سياقه التاريخي لتعديلات مهمة في معناه ودلالاته معًا، بحيث أن مفهوم السلفية لم يبقَ واحدًا، بل صار متعددًا، وصارت لدينا سلفيات لا سلفية واحدة، كالسلفية الإصلاحية والسلفية الدعوية والسلفية العلمية والسلفية الجهادية".
وجاء في ما أورده المركز أن عزمي بشارة "يحفرأثلامًا في التاريخ الإسلامي، في محاولة لتأسيس مدخل علمي يُمكِننا من خلاله فهم العلاقة بين السلفية والوهابية، ويقيم تفاعلًا معرفيًا بين سلفية ’أهل الأثر’ القدامى وسلفية ابن تيمية. لهذه الغاية، يعود إلى ثنايا التاريخ الإسلامي ليعالج السلفية في ظهوراتها المتعددة، ويستولد من ذلك فهمًا معاصرًا لها من خلال التصدي لإشكالية المصطلح على المستويين الفكري والتاريخي، ومن خلال دراسة حنبلية محمد بن عبد الوهاب وسلفية محمد رشيد رضا، فضلًا عن تمثلات السلفية في النطاق الفقهي، ومقارنة ذلك بالسلفيات المسيحية التي ظهرت في حقبة ’الاصلاح الديني’ في أوروبا".
وذكر المركز أن الكتاب يتألف من (255 صفحة بالقطع الصغير، موثقًا ومفهرسًا) من أربعة فصول متكاملة، موضحًا أن الفصل الأول، عن السلفية، "يبحث في معنى السلفية الذي يكاد ينحصر في ثلاث: العودة إلى الكتاب والسنة، ونبذ البدع، وإنكار المحدثات. ثم ينبري الكتاب لمناقشة بعض نظرات الاستشراق إلى هذه المسألة، ومساءلة مفهوم آخر مرتبط بالسلفية هو مفهوم الأصولية، ويقيم في أثناء ذلك توازيًا معرفيًا مع الأصوليات المسيحية في أوروبا، ويسعى إلى إزالة الالتباس بين المعاني المتعددة للسلفية بصوغ معنى جديد يتلاءم مع تحولات السلفية نفسها. في هذا الميدان، يسترسل في مساءلة محمد رشيد رضا كأبرز ممثلي السلفية المعاصرة، علاوة على محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ومحمد بن عبد الوهاب، وينعطف نحو أحمد بن حنبل صعودًا حتى تنظيم الدولة الاسلامية ’داعش’، مرورًا بجدلية العقل والنقل لدى المعتزلة وابن تيمية".
ويتصدى الفصل الثاني، عن التكفير، لبحث مصطلح "التكفير"، ويجول في شعاب التاريخ الفكري للجماعات الاسلامية كالخوارج والمرجئة وآراء ابن تيمية وفتاويه في الاسماعيلية النزارية والاثني عشرية، صعودًا نحو الحركات التكفيرية التي ظهرت في مصر في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، ويعرض لأفكار عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة، ومحمد ناصر الدين الألباني وغيرهما من أصحاب الرأي.
ويناقش المؤلف في الفصل الثالث، السلفية والحركات الإسلامية، كيف تحولت الوهابية من دعوة إلى مؤسسة مع تبني إبن سعود وأبنائه من بعده تلك الدعوة وقولبتها في مؤسسة دُعيت "هيئة كبار العلماء". على هذا الغرار، ظهر كثير من المؤسسات التي تحولت لاحقًا إلى تيارات سياسية، كان بعضها متصادمًا مع الصوفية المدينية الشعبية. في هذا الفصل بحث وافٍ عن "الإصلاح" الوهابي وعن ظهوره في بوادي نجد، وعن الحركات "الإصلاحية" الأخرى كجماعة الإخوان المسلمين التي أنشأت تنظيمها الداخلي على منوال الأحزاب اللينينية صاحبة مبدأ المركزية الديمقراطية الذي بات على يدي حسن البنا مركزية شوروية.
وبحسب المركز، فإن بشارة، "توصّل إلى خلاصة تقول إن الحركات السلفية إنما هي حركات حديثة نشأت في العالم الحديث بآليات التنظيم الحديثة ونتيجة لضغوط العالم الحديث، وإن من غير الممكن أن نفهم نصوص سيد قطب مثلًا من دون فهم اغتراب المثقف الشرقي في الحضارة الغربية وفي الدولة الحديثة وفي مواجهة الأيديولوجيات القومية والطبقية".
ويصر بشارة في خاتمة الكتاب، أي الفصل الرابع، والذي يحمل اسم الوهابية في هذا السياق، على أن حركة محمد بن عبد الوهاب بدت أشبه بتأسيس دين جديد عبر تخيل المطابقة مع الإسلام في ظهوره الأول من حيث المنهج ونشر الدعوة، ومن خلال مقارنة الجاهلية التي سبقت دعوة النبي محمد بالأوضاع في عصر محمد بن عبد الوهاب.
ولاحظ بشارة أن الوهابية تصادمت طويلًا مع التدين الشعبي، وحاولت فرض أنماط جديدة من التدين على الناس، الأمر الذي أدى إلى تبرم العامة منهم، والنظر إليهم على أنهم فاتحون بالقوة والتغلب.
ويوضح بشارة أنه لا يتفق مع مماثلة الوهابية والبروتستانتية حتى مع وجود بعض التشابه بين مارتن لوثر ومحمد بن عبد الوهاب، خصوصًا في سرعة التكفير والقسوة في فرض مظاهر الدين على العامة، ثم التمرد على الكنيسة الرسمية التي توازيها مشيخة دار الإسلام العثمانية.
ويرى أن الوهابية هي، في الأصل، تيار صغير ذو توجه طهراني تقشقي، ولم يخرج من الجزيرة العربية إلا إلى قبائل التخوم في مواسم غزوات البدو الموسمية على أرياف الشام والعراق. لكن الوهابية صارت حركة دعوية وتبشيرية جراء الثروة النفطية السعودية، وفي سياق الصراع بين المحور المصري والمحور السعودي في ستينيات القرن المنصرم، والاستغلال الاستعماري الغربي للوهابية في محاربة المحور الراديكالي العربي بزعامة جمال عبد الناصر ومحاربة اليسار والشيوعية.
وذكر المركز أن بشارة "يعقد مقارنة لامعة بين الوهابية الأولى والسلفية الجهادية المعاصرة، ويستعيد مشاهد دخول الوهابية إلى كربلاء في عيد الغدير يوم 22 نيسان/أبريل 1802 وذبحهم كل من لقيهم في طريقهم كالشيوخ والنساء والأطفال، ونهب كل ما وقع في أيديهم بما في ذلك المرقد المقدس. وكذلك دخول سعود بن عبد العزيز إلى مكة في 25 كانون الأول/ديسمبر 1802 وإعدامه قاضي المدينة منيب أفندي ومعه عشرون من المشايخ، علاوة على هدمه القباب والمشاهد التركية، وهي وقائع تكررت كثيرًا في العراق والشام في كل مرة دخلتها العناصر المقاتلة لتنظيم الدولة الإسلامية ’داعش’".
كانت هذه تفاصيل خبر "في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟"... كتابٌ جديد لعزمي بشارة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على عرب 48 وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.