فيلم «الإرهابى» يطرح تساؤلات خارج الفيلم وتساؤلات أخرى يطرحها الفيلم، لم يلعب عادل إمام، بمفرده دور البطولة، ولكن الجمهور انتقل من موقعه كمشاهد ليتصدر – تترات الفيلم – ممثلًا وكاتبًا وأيضًا مخرجًا.
إن السينما فن لا يعرف المغامرة أو على أقل تقدير يحسبها الفنان قبل أن يغامر ألف مرة، ولهذا تخشى السينما أن تتعرض لقضايا المجتمع الملحة، وإذا حدث تصبح المعالجة التجارية هى الحل وتابعوا سلسلة أفلام: – مراكز القوى، الانفتاح الاغتصاب، توظيف الأموال.
كل هذه القضايا وغيرها حاول السينمائيون استثمارها تجاريًا وخفت تماما صوت وإحساس الضمير الفنى أمام سطوة الربح والخسارة، ويأتى الإرهاب حاليًا متصدرًا قضايا المجتمع دخل التليفزيون من خلال الدراما كطرف فى المواجهة. ولكن التليفزيون كجهاز إعلامی رسمی لديه أسلحته المختلفة ولا يخشى بالطبع الخوف من التعرض لخسارة مادية، ومن هنا يصبح تصدى السينما لتلك الظاهرة – بعيدًا عن التجارية – مغامرة يتحملها صناع الفيلم، هذه واحدة، أما الثانية فإنها تتعلق بعادل إمام على اعتبار أنه النجم الشعبى الأول فهو يتحمل النتائج أدبيًا، هذه الشعبية التي يمتلكها عادل إمام بقدر ما تمنحه قدرة على الاختيار بقدر ما تقف حائلا أمام حريته فى الاختيار، قوة عادل إمام الشعبية تعنى لمنتجى السينما شباك تذاكر وبيعًا فى الخارج وتوزيع فيديو ومحطات فضائية. عادل إمام بالنسبة للمنتج هو مشروع تجاري يضمن رواجًا وأرباحًا، ولهذا فإن عادل إمام لا يندفع وراء أى مغامرة سينمائية برغم أنه الوحيد القادر على تحقيق النجاح – بجماهيريته – غير المسبوقة للمغامرة السينمائية التي تسبح بعيدًا عن التيار السائد. وأفلامه الثلاثة الأخيرة التي كتبها وحيد حامد وأخرجها شريف عرفة «اللعب مع الكبار» «الإرهاب والكباب» «المنسى»، كانت تحمل شيئًا من هامش المغامرة.
ويأتى فيلم «الإرهابى» للكاتب لينين الرملى والمخرج نادر جلال يحمل مخاطرة ليست على مستوى اللغة السينمائية، ولكن القضية التي يحملها الفيلم لا تسمح بأى تنازل أو مغازلة مباشرة للجمهور، ووافق عادل إمام ومنح الكاتب والمخرج الفرصة الكاملة للتعبير، ولكن نتوقف أمام عادل إمام كشخصية درامية وتلك هى الملاحظة الثالثة فى أى عمل فنى دائمًا ما يحصل على حب الناس وتعاطفهم بعيدًا عن الشخصية الدرامية التي يؤديها، وإن كانت الشخصيات حتى التي تقدم انحرافًا ما تظل تملك دراميًا مبررات تعاطف الجمهور إلا أنه هذه المرة يقدم دور «إرهابي»، وهى شخصية لا يمكن للجمهور أن يتعاطف معها، ولكن عادل إمام حالة استثنائية ومن هنا جاء التناقض. فنان لديه هذا الفيض من الشعبية وشخصية يؤديها ينبغى أن يقف منها الجمهور على الجانب الآخر إنه مأزق خارج نطاق الفيلم من المؤكد أنه طرح نفسه وبقوة أثناء الكتابة وأيضًا الإخراج.
هذه ملاحظات مبدئية فرضت نفسها علينا وعلى الفيلم وقدم لنا فيلم «الإرهابى»، على المقابل ثلاثة محاور رئيسية المناطق محظورة سينمائيًا. استطاع الإرهابى اقتحامها، أولًا : التعرض للقصور الأمنى فى العديد من المواقف لمواجهة الإرهاب، ثانيًا: التأكيد على أن التطرف ليس مقصورًا على دين. ثالثًا: تقديم الشخصية المسيحية فى الدراما بعيدًا عن تلك الملامح المثالية التي تقدم على شاشة التليفزيون بحساسية شديدة تفقدها مصداقيتها.
الكاتب لينين الرملى والمخرج نادر جلال يبدآن بنقطة ساخنة، وكأنهما يضعان الجمهور مباشرة داخل الحدث «الإرهابى» عادل إمام، يقود مجموعة يسطو على محل ذهب ويحرقون محلات أخرى تبيع أشرطة الفيديو. الانتقال مباشرة إلى أحمد راتب أمير الجماعة الإرهابية، وهو يعظ الأطفال بالأ يتعاملوا مع نصراني. يقدم الفيلم الخضوع التام للأمير حتى فى اختيار الزوج لزوجته.. مشاهد سريعة تقدم لنا الحالة. لكنها لا تتعمق خلف الجذور التي تدفع تلك الحالة. ليس لدينا معلومات كمشاهدين للبطل وأسبابه، وأيضًا دوافعه الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، ولكن الفيلم يثير حاسة النهم لدى المشاهدين للحصول على معلومات أكثر، إلا أنه لا يتيح لهم معرفة تلك المعلومات.. المشاهد السابقة يقدمها عادل إمام بلحية تتدلى على وجهه ويتخلص السيناريو سريعًا من تلك اللحية حيث يجد مبررًا دراميًا لذلك عندما يحلقها بغرض التخفى.. وتلعب الصدفة دورها فى انتقاله إلى بيت عائلة صلاح ذو الفقار وزوجته مديحة يسرى والأبناء شيرين وحنان شوقى وإبراهيم يسرى.
العائلة المسيحية جيران صلاح ذو الفقار، حيث مصطفى متولى وزوجته ماجدة زكى تتيح مناقشة علاقة الإرهابى بالمسيحيين، ولكن الفيلم يقدم أيضًا ماجدة زكى وهى تحمل تطرفًا آخر، إنه الجمود فى الفكر، وهذه جرأة من لينين الرملى، ومنطق يفرضه طبيعة الشارع لأن التطرف ظاهرة تنطلق كالعدوى بين الناس لا تفرق بين دين وآخر… إن تقديم هذه العائلة المسيحية داخل نسيج المجتمع يمنحها قوة وإيجابية حتى لو بدت الزوجة منسحبة والزوج سلبيًا لا يملك القرار إلا أن هذه إيجابية درامية لم تطرقها السينما من قبل وملمح مهم فى بناء الفيلم.
ولا تفوت المفارقة لينين الرملى وهو يقدم مشهدًا يجمع بين عادل إمام الإرهابى ومصطفى متولى المسيحى وهو يدعوه لكى ينضم للجماعة، ويقدم أيضًا وجهة نظر تلك الجماعة إلى المسيحيين.
ويقدم السيناريو العلاقة بين المتطرفين والجنس الآخر، حيث يتلصص عادل إمام بعيونه، لكنه يتظاهر برفضه للجنس الآخر، إنه التناقض بين التدين والادعاء. ويبدو ذلك فى علاقته مع شيرين وحنان شوقى، التعامل حتى مع الآخر من نفس الجنس يضع حوائل وحواجز لأنه يكفر المجتمع.
التفاصيل الخاصة بتحريم بعض الأطعمة حيث يكتفى عادل إمام بالعيش وقليل من الملح.
تقديم ظلال الكاتب فرج فودة والاعتداء عليه واقتراب عادل إمام منه حيث ينتقل من موقف القاتل إلى المدافع.. من أهم مشاهد الفيلم الموقف مع الفريق القومى، وهو يلعب الكرة تتوحد فى تلك اللحظة المشاعر برغم نظرات عادل إمام الرافضة للجار المسيحى، النهاية تأتى مع اغتيال عادل إمام، إن السيناريو يحاول بقدر المستطاع وبتجاوز المنطق أحيانًا، أن يجنب الشرطة اغتيال عادل إمام ليتم ذلك بأيدى الجماعة الإرهابية، وهو معنى أراده الكاتب والمخرج ليضعا عادل إمام فى مواجهة مع المتطرفين وليس مع الشرطة، وهذا يؤدى إلى أن شحنة الغضب تتجه أكثر إلى الجماعة الإرهابية، وهو لتحقيق ذلك يذهب بعادل إمام إلى الفيلا المحاصرة، وقبل ذلك يخرجه من الفيلا والمنطقة برغم كثافة رجال الأمن.. إن ما يريد أن يقوله الفيلم مع تلك النهاية هو أن عادل إمام عاد للعائلة التي أحبها وتطهر من كل أفكاره مع فيض الحب الذي منحه له أفراد الأسرة وهو معنى عميق، ولكن تغاطى السيناريو كثيرًا عن مشكلات درامية حتى يصل إلى تلك النتيجة.
واجه الفيلم العديد من المشكلات على مستوى البناء الفنى، حيث إن أغلب مشاهده تصطدم بمحدودية المكان لأن الفيلا جرت خلالها أغلب أحداث القضية التي يطرحها الفيلم أفسحت المجال للحوار ليصبح هو البطل، إلا أن ذلك كان يواجه بمأزق آخر وهو عادل إمام أن الشخصية التي يؤديها بلا جذور تضع لها ملامح واضحة وأسلوبًا فى التفكير، ولهذا وجدنا أمامنا شخصية شديدة الذكاء فى بعض مشاهد ويخونها الذكاء فى أخرى يدرك خطورة الموقف أحيانًا ثم نجده يتجاوز عن الموقف.
حالة الترحيب الشديدة التي تمنحها الأسرة لعادل إمام برغم أنه لا يبنى جسورًا للمشاعر أو الحوار تبدو مثالية أكثر مما ينبغى، كما أن مواقفه العديدة مع أفراد الأسرة تطرح قدرًا من الشك لم نلمحه إلا على الشقيقة الصغرى حنان شوقى، أما شيرين فلقد وقعت فى حبه وكان المنطق الفنى لا يوحى بأكثر من تعاطف.
نجح الكاتب لينين الرملى فى تقديم محاور جريئة المناطق محظورة دراميًا، ولكن الصدفة لعبت أكثر من مرة دور البطولة. وعلى سبيل المثال عندما يريد إطالة فترة بقاء عادل إمام فى الفيلا يقدم لنا معلومة إصابته بحصوة فى المرارة، وعندما يقدم موقفًا بينه وبين جاره المسيحى مصطفى متولى يقدم لنا معلومة أن الجار كان يعمل بالخدمات الطبية، ولهذا يحقنه وغيرهما من المواقف التي بدأت فى لحظات هروبه من الشرطة.
المخرج نادر جلال يبدو مع البداية فى لياقة فنية عالية لكنه فى المشاهد داخل الفيلا كان ينفذها بشيء من التسرع والمباشرة.
أما الأبطال فلقد كان هذا الدور- برغم عدم اكتمال مشاهده وكأنه مسك الختام للفنان صلاح ذو الفقار، وتقدمت كثيرًا شيرين وأجادت ماجدة زكى فى أن تقدم جمود المشاعر. ولعب مصطفى متولى دوره الذي يحمل مشاعر الخوف الداخلى حينًا والسلبية حينًا آخر، والتعاطف فى أغلب الأحيان، وهو من أهم الأدوار المرسومة بدقة.
ونأتى إلى عادل إمام بكل شحنات التعاطف بينه وبين الناس، وهذه الشحنات تجاوزت منطق الشخصية المكتوبة لتصل إلى عادل إمام بعيدًا عنها، وكان نبض عادل إمام هو الأعلى وصوته هو المسموع، إلا أن عادل إمام.. حالة استثنائية لها قانونها الخاص يصدقها الناس متجاوزین أی منطق درامی.
فيلم «الإرهابى» أول مواجهة سينمائية للتطرف والإرهاب. انفعل بها الجمهور لأنه يقف مع صناع الفيلم على خط المواجهة!!.
طارق الشناوي – بوابة روز اليوسف
كانت هذه تفاصيل خبر الجمهور وعادل إمام على خط المواجهة! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.