الرزقُ هو مفهومٌ واسعٌ يشمل كلَّ ما يمنحه الله للإنسان من نِعم، وليس محصورًا فقط في المال، كما يعتقدُ البعضُ، فالرِّزق قد يكون في الصحَّة، والعِلم، والذريَّة الصَّالحة، وحتَّى في راحة البال، يقولُ اللهُ تعَالَى في كتابه الكريم: «وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ» (هود: 6)، وهذا يؤكِّد أنَّ الله هو المتكفِّل برزق جميع المخلوقات، مهما تنوَّعت صور الرِّزق.إنَّ الاعتقاد بأنَّ الرزق يقتصرُ على المال فقط، قد يجعل الإنسان يشعر بالضِّيق، إذا لم يحصل على وفرة ماليَّة، بينما في الحقيقة قد يكون الله قد رزقه بأمورٍ أُخْرَى أكثر نفعًا له، فالصحَّةُ الجيِّدةُ رزقٌ، والوقتُ المباركُ رزقٌ، والصُّحبةُ الصَّالحةُ رزقٌ، وقد قالَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

«لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» (رواه البخاري ومسلم)، ممَّا يدل على أنَّ الرزقَ الحقيقيَّ هو الشعور بالقناعة والرِّضا.يواجه الإنسان في حياته تحديات كثيرة، تجعله يعتقد أن رزقه محدود، لكنه لو تأمل في نعم الله عليه، لوجد أنه محاط بأرزاق لا تعد ولا تحصى، فالتعليم الذي يحصل عليه الفرد هو رزق، والعمل الذي يؤديه بشغف هو رزق، والفرص التي تأتيه من حيث لا يحتسب هي -أيضاً- من صور الرزق.

في عالمنا اليوم، ومع تسارع الحياة الماديَّة، أصبح الكثيرُون يقيسُون الرِّزق بالمال فقط، متناسِينَ أنَّ هناك أرزاقًا لا تقلُّ أهميَّة، بل ربما تكون أكثر قيمة، فكم من شخصٍ يملك المال لكنَّه يفتقر إلى راحة البال، أو الصحَّة، وكم من شخص لا يملك المال الوفير، لكنَّه سعيدٌ بحياته، ومحبوبٌ بين النَّاس.

إنَّ الفهم الشَّامل للرزق يعطينا طمأنينة داخليَّة، ويجعلنا نؤمن أنَّ الله يوزِّع الأرزاق بعدله وحكمته، وأنَّ ما لدينا هو خيرٌ لنا، سواء كان مالًا، أو عِلمًا، أو محبَّة النَّاس، وهذا ما يجعل الحياة أكثر توازنًا وراحةً.

د. اياد طلال عطار – جريدة المدينة

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.