ياسر رشاد - القاهرة - تحتفل الكويت الشقيقة هذه الأيام بأعيادها الوطنية المتمثلة فى عيد الاستقلال الثالث والستين والذكرى الثالثة والثلاثين للتحرير ويحلان فى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من فبراير فى كل عام.
وقد شارك صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أبناءه فى أداء العرضة وهى من التقاليد الموروثة عن الأجداد وترتبط بإظهار التلاحم والجسارة والجاهزية للدفاع عن الوطن وإعلاء شأنه عبر الآفاق، وذلك بعد أن شهد مراسم رفع العلم بقصر بيان أوائل الشهر الحالى بحضور كبار المسئولين والشخصيات العامة، إيذاناً ببدء احتفالات البلاد بالأعياد الوطنية.
ويأتى انطلاق الاحتفال بالذكرى الـ63 للعيد الوطنى والـ33 ليوم التحرير هذا العام مع بداية عهد متجدد بقيادة الشيخ مشعل الأحمد الذى تسلم راية قيادة الكويت واقسم على صونها والوصول بها عالياً نحو آفاق جديدة من مسيرة التنمية والتطوير خلفاً لأخيه الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد «طيب الله ثراه».
ملحمة العلم
وتمثل مراسم رفع العلم مناسبة وطنية غالية على قلوب الكويتيين، حيث يرون علم بلادهم يرفرف عالياً خفاقاً، ما يذكى شعورهم بالفخر والاعتزاز، إذ يستذكرون الإنجازات العظيمة التى حققتها بلادهم فى جميع الميادين والمحافل الدولية واستكمالاً لمسيرة التطور والإنجاز تحت قيادة سمو الشيخ مشعل الأحمد الحكيمة، إضافة إلى كونها مناسبة لتجديد الولاء والانتماء للوطن العزيز وإنعاش ذاكرة الأجيال الجديدة بمحطات تتصل بعلم بلادهم بوصفه رمزاً للسيادة والاستقلال، خاصة أن النشاط البحرى الذى شكل العمود الفقرى للاقتصاد بل للحياة فى الكويت بكل جوانبها، كان يتطلب أن تلتزم السفن التجارية وسفن الصيد بإظهار هويتها طبقا للمعاهدات والأعراف السائدة فى ذلك الوقت.
ويذكر المؤرخ الكويتى حمد السعيدان فى الموسوعة الكويتية المختصرة أنه قد جرى العرف على أن ترفع السفن علماً شائعاً فى سواحل الخليج حينذاك عبارة عن شكل مستطيل أحمر اللون مضافاً إليه شريط مسنن أبيض قرب السارية يسمى «العلم السليمى» وظل مستخدماً طوال عهد الشيخ صباح بن جابر الحاكم الرابع للكويت، وبقى حتى تم تغييره فى عهد ابنه الحاكم الخامس الشيخ عبدالله الثانى بن صباح، ليتم رفع العلم العثمانى الذى يحمل الهلال والنجمة على قاعدة حمراء لأول مرة فى مايو 1871 بعد أن ساعدت الكويت الجيوش العثمانية فى فتح منطقة الإحساء، وذلك بمقتضى اتفاق طوعى للاستفادة من مزاياه التجارية رغم أن الكويت لم تكن تابعة للسلطان العثمانى، وظل هذا العلم مستخدماً حتى عام 1914 بعد ان رفض الشيخ مبارك الكبير رفع العلم البريطانى أو كتابة اسم الكويت بالحروف اللاتينية عليه تمسكاً بالوجه الإسلامى العربى للبلاد.
وفى عام 1940 أمر حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر– طيب الله ثراه- والد الأمير الحالى بأن يتم رفع علم احمر مسنن يحمل عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» بشكل رأسى نحو السارية على سفن الكويت، وان يتم رفع اعلام اخرى بتعديلات جزئية على الدوائر الرسمية والمراكز الحدودية.
وفى 19 يونيو 1961 ألغى الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح– طيب الله ثراه- معاهدة الحماية البريطانية الموقعة عام 1899، وأعلن الكويت دولة ذات سيادة كاملة، وتواكب مع ذلك طرح مسابقة لتصميم علم جديد، ليصدر قانون فى سبتمبر من العام نفسه بشأن العلم يحدد تصميمه على شكل مستطيل أفقى طوله يساوى ضعفى عرضه، ويقسم إلى ثلاثة أقسام أفقية متساوية ملونة أعلاها الأخضر فالأبيض فالأحمر، علاوة على شبه منحرف أسود قاعدته الكبرى جهة السارية ومساوية لعرض العلم على أن تكون القاعدة الصغرى مساوية لعرض اللون الأبيض، وارتفاعه يساوى ربع طول العلم، وتضمن القانون اعتباره العلم الرسمى المعتمد فى كل الدوائر والمصالح داخل وخارج البلاد.
أنشطة وفعاليات
وتكتسى الكويت بأجمل حللها، وتبدو فى أبهى صورها خلال الاحتفالات بالأعياد الوطنية، فتزدان مبانيها وميادينها وشوارعها التى تمتلئ بالمواطنين الذين يعبرون عن بالغ حبهم للوطن، والتفافهم حول قيادتهم السياسية، ممثلة فى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد.
وتتمثل هذه الاحتفالات فى عدد من الفعاليات والأنشطة والعروض، من بينها العروض العسكرية التى تنعش ذاكرة الكويتيين وتذكرهم بملحمة تحرير بلادهم من الغزو الغاشم يوم 26 فبراير 1991 بعد سبعة شهور من المقاومة والصمود، وذلك بمساعدة الاشقاء والأصدقاء وعلى رأسهم مصر، ويشهد الكويتيون والمقيمون العروض المبهرة لوحدات الجيش البرية والجوية والبحرية، إلى جانب وحدات وزارة الداخلية والحرس الوطنى، كما ينطلقون مع أطفالهم فى الحدائق والمتنزهات وشاطئ الخليج، وهم يرتدون الازياء المبهجة ويلتحفون بعلم الكويت خاصة مع بداية تحسن الأجواء المناخية.
تحية العلم
وجرت العادة أن تفتتح العروض العسكرية بتحية العلم وسط حضور كبير من المواطنين، فى حين تحتشد الوحدات العسكرية فى تراص منتظم لتبدأ عرضها المهيب الذى يتخلله عزف الفرق الموسيقية التابعة للجيش، راسمة لوحة فنية تتجلى فيها القيم الوطنية والاستبسال دفاعاً عن الوطن.
ويشارك فى العروض مشاة من قوات المغاوير الخاصة التابعة للجيش، وقوات الصاعقة من الحرس الوطنى، وطلائع الفرسان من الشرطة، وآليات وزارة الداخلية بكل قطاعاتها، والسفن البرمائية ومقاتلات حربية كويتية مختلفة.
وبالإضافة إلى تلك القوات يأتى العرض الجوى الذى يضم مختلف أنواع الطائرات القتالية وأحدثها طائرات يوروفايتر التى دخلت الخدمة مؤخراً، إضافة إلى الطرازات الآخر مثل «هركليز» و«هوك» و«الأباتشى» لرسم تشكيلات ثلاثية ورباعية، وأداء استعراضات جوية تظهر كفاءة الطيارين الكويتييين واستعدادهم الدائم لحماية سماء الوطن، ويصاحب تلك العروض عدد من الفعاليات الترفيهية باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية منها عروض الليزر والصوت والضوء عبر الشاشات المائية التى ستزين أبراج الكويت علاوة على استعراضات للطائرات المسيرة (الدرونز).
كما تتضمن الاحتفالات إقامة معرض للإطفاء وعروض الزوارق البحرية، إضافة إلى تقديم فرق كويتية وخليجية للفنون الشعبية عروضها الفلكلورية الأصيلة على مدار أيام الاحتفالات، كما يتم تقديم أنشطة فى قرية يوم البحار التراثية وفى موسم الجزيرة الخضراء ومشروع ونترلاند وغيرها.
وبالتزامن مع هذه الاحتفالات أعلن عدد من الأندية الرياضية والمتاجر الكبرى والمؤسسات الثقافية والترفيهية عن مجموعة من الفعاليات المتنوعة على هامش الاحتفالات، بمشاركة كبيرة من المواطنين والمقيمين تسودها أجواء من البهجة، حيث تأتى تلك الاحتفالات تعبيراً عن محبة أبناء الكويت لبلادهم من ناحية وتقدير الجاليات العربية والأجنبية لحسن استضافتها فى الدولة التى قدمت ولا تزال تقدم الكثير للجميع فى شتى المجالات.
إضاءة أبراج الكويت
وتشارك أبراج الكويت- أحد أهم المعالم التاريخية والسياحية فى البلاد فى احتفالات الكويت الوطنية باعتبارها مقصداً ووجهة سياحية مهمة وتتم إضاءتها بألوان علم الكويت، جنباً إلى جنب مع قرية صباح الأحمد التراثية- فرحة الكويت بأعيادها عبر إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة تتمثل فى مسابقات، وتوزيع جوائز، علاوة على فقرات الألعاب النارية، والفرق الشعبية الغنائية وغيرها، كما يشارك مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافى، ومركز عبدالله السالم الثقافى، وهما من المشروعات الثقافية العملاقة التى أقيمت فى العقد الماضى فى إحياء هذه المناسبات الوطنية بعدد كبير من الفعاليات الادبية والفنية والمسرحية والعروض الخاصة.
ومن أهم مظاهر احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية كذلك، انطلاق مهرجان «هلا فبراير» الذى يأتى كل عام فى شهر فبراير، لتقيم فيه الكويت عدداً كبيراً من الاحتفالات، وتستضيف مجموعة كبيرة من الفنانين والفرق الغنائية والمسرحية من مختلف الدول العربية، إضافة إلى مهرجانات التسوق، والمسابقات، والفعاليات الثقافية والفنية المختلفة.
تاريخ حافل
ولم تأتِ كل مظاهر الاحتفال بالأعياد الوطنية الكويتية من فراغ، بل صنعها تاريخ حافل بالأحداث، فالكويت دخلت مرحلة جديدة من تاريخها يوم 19 يونيو 1961 حين وقع الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح وثيقة الاستقلال مع المندوب البريطانى بالخليج العربى نيابة عن حكومته.
وبموجب هذه الوثيقة إلغيت اتفاقية 23 يناير 1899 التى وقعها الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت السابع مع بريطانيا فى ذلك الوقت لحماية الكويت من الأطماع الخارجية، وبإلغاء تلك الوثيقة أعلنت الكويت دولة مستقلة ذات سيادة.
وألقى المغفور له الشيخ عبدالله السالم فى هذه المناسبة كلمة قال فيها «فى هذا اليوم الذى ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة اخرى من مراحل التاريخ، ونطوى مع انبلاج صبحه صفحة من الماضى بكل ما تحمله وما انطوت عليه، ونفتح صفحة جديدة تتمثل فى هذه الاتفاقية التى نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة».
وأقرت المذكرة البريطانية الصادرة بهذا الشأن بأن حكومة الكويت تنفرد بمسئولية إدارة شئون الكويت الداخلية والخارجية، على ان تظل العلاقات بين البلدين وطيدة تسودها روح الصداقة المتينة.
زعيم حكيم
ولم يكن النجاح فى إصدار مثل هذه المذكرة من حكومة لندن عملاً سهلاً على الإطلاق، بل كان عملاً شاقاً لا يقدر عليه إلا رجل محنك متمكن سياسياً، ويستند إلى دعم شعبى غير عادى، وكلها كانت بعض صفات أمير الاستقلال الشيخ عبدالله السالم الصباح.
وإذا كانت معاهدة الحماية قد دشنت لبداية العلاقات الكويتية مع الحكومة البريطانية التى كانت القوة العظمى الأولى فى ذلك الوقت، وعدت خطوة ضرورية لحماية الكويت ضد القوى الخارجية، فإن عهد الشيخ عبدالله السالم «1950- 1965» هو عهد إلغاء هذه المعاهدة وإعلان دولة الاستقلال على يد «أبوالاستقلال».
ففى يوم 25 فبراير 1950 أعلن الشيخ عبدالله السالم فور توليه الحكم عن عزمه اتباع سياسية ترمى إلى تحقيق الوحدة الوطنية الكويتية وإشاعة جو ديمقراطى ومقاومة أى تدخل فى الشئون الداخلية للبلاد، وهو التاريخ الذى اختير عيداً وطنياً للكويت يحتفل به المواطنون كل عام.
وقام الأمير الراحل بإجراء إصلاحات جوهرية ضمن مخططه للتنمية الاقتصادية، ودخل فى مفاوضات شاقة طويلة مع شركة نفط الكويت التى انشئت عام 1934 بشراكة بين شركة النفط الأنجلو- إيرانية المعروفة حالياً بشركة البترول البريطانية وشركة الخليج الأمريكية والمعروفة حالياً بشركة شيفرون، نتج عنها فى أواخر عام 1951 الاتفاق على رفع نسبة العوائد النفطية إلى 50 فى المائة من الأرباح الصافية قبل ان تمتلك الشركة بكامل اسهمها عام 1975 نتيجة لمفاوضات صعبة اعقبت انتصارات الجيش المصرى والسورى على إسرائيل عام 1973.
وجه عروبى
وبمجرد أن نالت الكويت استقلالها، واستكملت سيادتها بادرت بالانضمام إلى الجامعة العربية فى 20 يوليو 1961، وسعى الأمير الراحل إلى دعم الدول العربية، وزاد ارتباط الكويت بشقيقاتها العربيات، بل وأصبحت تعيش كل قضايا العرب قولاً وفعلاً على المستويين الرسمى والشعبى، ثم جاءت الخطوة الثانية متمثلة فى إنشاء الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية، ليكون دعماً وعوناً للدول العربية فى بناء مشاريعها المختلفة، وبلغ عدد الدول المستفيدة من قروض ومنح الصندوق 106 دولة عبر ما يقارب 1000 اتفاقية ثنائية، بقيمة إجمالية تجاوزت 25 مليار دولار.
وأكملت الكويت عضويتها بالانضمام إلى الامم المتحدة فى 14 مايو 1963 والمنظمات التابعة لها لتصبح بذلك عضواً فاعلاً فى المجتمع الدولى تسعى نحو السلام مع الدول المحبة للسلام والاستقرار، وهو ما تحقق بالفعل عبر عدد من الفعاليات الدبلوماسية الأممية والإقليمية، وكثير من المبادرات الرائدة، ما أهلها لنيل التقدير الدولى عبر انتخابها أكثر من مرة كعضو غير دائم فى مجلس الامن الدولى، وتسميتها مركزا للعمل الانسانى الدولى، واختيار أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد– طيب الله ثراه- قائداً للعمل الانسانى فى عام 2014.
مبادئ ثابتة
ولتعزيز دور الكويت وسياستها الخارجية، صدر المرسوم الأميرى فى 19 أغسطس عام 1961، وقضى بإنشاء «دائرة الخارجية» على أن تختص دون غيرها بالشئون الخارجية للدولة، وتعمل على تعزيز الروابط مع دول العالم المختلفة.
وفى 1961 أكتوبر صدر مرسوم أميرى بتعيين أول رئيس لدائرة الخارجية فى تاريخ الكويت، حيث تم تكليف الشيخ صباح السالم الصباح برئاستها، وأعقبه فى المنصب الشيخ صباح الأحمد الذى أصبح وزيراً للخارجية بالتشكيل الوزارى الثانى الصادر فى 28 يناير 1963، واستمر فى منصبه لمدة أربعة عقود، استحق خلالها لقب عميد الدبلوماسيين فى العالم، وطبع ببصماته الدبلوماسية الكويتية حتى الآن.
واعتمدت السياسة الخارجية للكويت على أسس واضحة من الاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، والاعتراف بحق كل شعب فى اختيار نظامه الاساسى، وانتهجت كويت ما بعد الاستقلال سياسة خارجية فذة، يشهد برجاحتها وحنكتها العدو قبل الصديق.
أبوالاستقلال
وفى ذكرى يوم الاستقلال، فإن ذاكرة الكويتيين تحفظ بكل تقدير عطاء ودور عدد من القامات الكويتية، فى مقدمتهم «أبوالاستقلال» الشيخ عبدالله السالم الذى استن خطاً واضحاً يراعى دوماً مصالح الكويت فى ظل هويتها العربية الإسلامية، فى كل عمل أو إجراء، وكان من أبرز ملامحها إلغاء اتفاقية 1899 وإعلان الاستقلال.
وفى ديسمبر 1965 تقلد الشيخ صباح السالم مقاليد الحكم فى البلاد، حيث واصل دوره فى خدمة الكويت، فافتتحت فى عهده أول جامعة بالكويت، وتطورت الخدمات الصحية والإسكانية والتعليمية، وشكلت فى عهده أربع وزارات برئاسة الشيخ جابر الأحمد الذى كان ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء قبل أن يتولى منصب أمير البلاد فى 31 ديسمبر 1977.
وواصلت الكويت دورها التنموى والسياسى كدولة فاعلة على الصعيد الداخلى والخارجى، وافتتحت عدة مشاريع داخل الكويت وخارجها أعطتها بعداً حضارياً وتقدماً على كل الأصعدة.
ذكريات التحرير
ولعل مناسبة تحرير الكويت تذكرنا بالشيخ جابر الأحمد أمير الكويت الراحل- طيب الله ثراه- الذى قاد نهضة الكويت لتصبح عروس الخليج فى جميع المجالات، وقاد أيضاً وبنفس الروح جهود تحريرها، وعودتها إلى أحضان أبنائها شامخة عزيزة عام 1991.
وداخل أروقة الأمم المتحدة وأمام العالم أجمع، وقف الشيخ جابر الأحمد يخاطب الجميع حول قضية بلاده قائلاً: «لقد جئت اليوم حاملاً رسالة شعب أحب السلام وعمل من أجله، ومد يد العون لكل من استحقها، وسعى للخير والصلح بين من تنازعوا إيماناً منه برسالة نبيلة يأمرنا بها ديننا الإسلامى، وتحثنا عليها المواثيق والعهود وتلزمنا بها الأخلاق».
ومن أبسط الكلمات تظهر أقوى المواقف، فكان الالتفاف العالمى حول هذا القائد تصفيقاً وتأييداً، حتى عاد وطنه محرراً وعاد هو أميراً معززاً كريماً.
كما لا تنسى الكويت أيضاً رجلاً استحق بالفعل أن يطلق عليه «بطل التحرير»، وهو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح – طيب الله ثراه، فمنذ اللحظة الأولى التى بدأ فيها الاحتلال الآثم، استشعر الشيخ سعد نوايا المحتل فى الإطاحة برأس الشرعية فى الكويت المتمثل فى أمير البلاد آنذاك الشيخ جابر الأحمد، فاتجه إلى قصر الأمير فى منطقة دسمان مصراً على رفيق دربه بالخروج إلى السعودية.
ولولا هذا الموقف الحكيم والشجاع من الأمير الوالد لذهبت الشرعية التى توحد الشعب الكويتى تحت رايتها، سواء من كان منهم فى الداخل أو الخارج، والتى كان لوجودها الأثر الكبير فى إصرار المجتمع الدولى على الانسحاب العراقى وتحرير الكويت.
وبعد أن اطمأن الشيخ سعد على سلامة رأس الشرعية، شرع فى الاهتمام بتنظيم أوضاع الحكومة الكويتية فى المنفى وتحديد أولوياتها، وعلى رأسها تأمين الحياة الكريمة للكويتيين فى الخارج، ورفع الروح المعنوية، وتأمين حياة المواطنين فى الداخل، ودعم المقاومة الكويتية إلى جانب التحرك الدبلوماسى المستمر باتجاه الدول الشقيقة والصديقة لدعم مواقفهم تجاه الحق الكويتى.
صولات وجولات
أما الشيخ صباح الأحمد، فكانت له صولات وجولات فى الحفاظ على استقرار وأمن الكويت، وتحقيق نهضتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، فقد كان– رحمه الله- وزيراً للخارجية فى وقت الاحتلال، ووقتها قاد جهوداً دبلوماسية كبيرة على مستوى العالم لإنهاء الاحتلال، وهو أيضاً الذى رفع علم الكويت فى الأمم المتحدة، وهو من حفظ الكويت من المؤامرات والفتن، وامتدت جهوده للوطن العربى والإسلامى أجمع، فقاد جهوداً عديدة للتقريب والمصالحة بين الفرقاء، وحرص على وحدة الدول العربية، وعلى كيان مجلس التعاون الخليجى من أى محاولات لتصدعه، ولم يكف عن تبنى المبادرات الإنسانية، لإغاثة الشعوب الشقيقة والصديقة المنكوبة سواء فى دول إفريقيا أو سوريا أوالعراق، فضلاً عن متابعة قضايا وهموم الوطن العربى وفى القلب منها قضية فلسطين.
أمير التواضع
أما الشيخ نواف الأحمد– طيب الله ثراه- فقد شغل منصب وزير الدفاع عام 1988، وقادها خلال أشهر الغزو العراقى السبعة حيث نظم المقاومة خلال تلك الفترة، وعين بعد التحرير فى منصب وزير الشئون الاجتماعية والعمل، قبل أن يتولى منصب نائب رئيس الحرس الوطنى فى العام 1994، ثم وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء عام 2003، وقاد الأجهزة الأمنية خلال توليه وزارة الداخلية بين 2003 و2006، فى فترة عصيبة شهدت موجات تطرف واسعة فى كل المنطقة ونجح فى قيادة عمليات فعالة لملاحقة المتطرفين وإعادة الاستقرار، وحين تسلم مقاليد الحكم عام 2020 كان العالم يواجه أزمة جائحة كورونا التى أدت إلى انخفاض حاد فى أسعار النفط، واستطاع بصفاته الشخصية الحكيمة أن يوجه دفة البلاد إلى شاطئ الامان محققاً الكثير من الإنجازات على الصعيد الداخلى والخارجى على مدار ثلاث سنوات حافلة، ثم سلم دفة القيادة إلى أخيه الشيخ مشعل الأحمد لتتواصل سلسلة الخير والعطاء للكويت داخلياً وخارجياً.
هنيئاً للكويت الشقيقة بأعيادها، وهنيئاً لها ولشعبها الشقيق بقادتها واستقرارها.
أخبار متعلقة :