تسعى اليابان إلى توسيع استثماراتها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بقوة خلال الفترة المقبلة، وتنويع نطاق شركائها التجاريين في إفريقيا، وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة اليابانية على الاستثمار في القارة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولقد اختارت اليابان “بوابة مصر” لإطلاق موجة كبيرة من الاستثمارات اليابانية المباشرة في الاقتصاد المصري، والانطلاق من مصر صوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتراهن طوكيو على القاهرة حتى تكون أحد مراكز التصنيع العالمية، وحلقة مهمة من سلاسل التوريد.
ولم تعد مصر جاذبة فقط في مجال التصنيع والبترول والغاز أو الطاقة المتجددة والتصنيع؛ بل بات قطاع البناء والتشييد وتصدير العقار من أحدث عوامل الجذب لمصر؛ وفي الساعات الأخيرة شهدت منطقة الأهرامات مناسبة كبرى واحتفالية عالمية لدخول عمالقة البناء في اليابان للسوق المصرية.
ومن المهم أن نتوقف أمام أسئلة من نوعية لماذا مصر؟ ولماذا الآن؟ وكيف تفكر اليابان في تنويع استثماراتها في الأسواق العالمية؟ ولماذا اللحظة الراهنة توفر لحظة نادرة لمصر والمنطقة؟
ولعل البداية تكمن في حقيقة أن الدولة المصرية وعلى مدار 10 سنوات منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، حققت نهضة عمرانية كبيرة، وفي مقدمتها تنمية مدن الجيل الرابع، وهي مدن ذكية خضراء مستدامة، توفر فرصًا عظيمة للاستثمار العقاري بكل صوره، والعديد من الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات، وهناك العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ومدينة المنصورة الجديدة، وغيرها من مدن الجيل الرابع، وتتنوع تلك الفرص بين مشروعات عمرانية متكاملة، أو مشروعات خدمية، أو مشروعات صناعية، يمكن تنفيذها بالمشاركة في المناطق الصناعية بتلك المدن.
وقد حدد المخطط الإستراتيجي للتنمية العمرانية للدولة المصرية، العديد من مناطق التنمية، والتي توفر العديد من الفرص الاستثمارية، وخاصة في إقليم الساحل الشمالي الغربي، والذي أصبح وجهة سياحية عالمية، وهو الأمر الذي يوفر العديد من الفرص الاستثمارية وخاصة لإقامة الغرف والوحدات الفندقية لاستيعاب حجم السياح المتزايد من مختلف أنحاء العالم.
ويؤكد المهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن الدولة المصرية تستهدف جذب الاستثمارات في مختلف الأنشطة الصناعية، حيث تهدف الدولة توطين العديد من الصناعات محليًا، موضحًا أن وزارة الإسكان تسعى لتوطين الصناعات المتعلقة بمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي وتحلية مياه البحر، والمستلزمات الكهربائية الخاصة بتلك المشروعات، وهناك فرصة كبيرة أمام شركة “تايتان كابيتال اليابانية” للشراكة في هذا المجال.
وفي حوار سريع مع كانازاوا يوكيو، أسطورة العقارات في اليابان – صاحب شركة “تايتان كابيتال” أبدى رغبته في نقل جزء كبير من استثماراته إلى مصر، والتي تقدر بـ8 مليارات دولار، نظرًا لأن مصر سوق واعدة للاستثمار، وبوابة للانطلاق نحو السوق العربية والإفريقية، لما تملكه من موقع إستراتيجي ودور رائد في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أسطورة العقارات في اليابان، أن شركاءه المستثمرين يرغبون في تشكيل تحالف استثماري يتخذ من مصر قاعدة ومنطلقًا للسوق العربية والإفريقية، مضيفًا أنه يدعو أصدقاءه المستثمرين من أمريكا وأوروبا للاستثمار في مصر في سوق واعدة وتتمتع بالعديد من الفرص الكبيرة للاستثمار في مختلف المجالات.
ويؤكد كانازاوا يوكيو، رغبته في تعزيز وتعميق التعاون مع الدولة المصرية، وتنفيذ العديد من المشروعات الاستثمارية، بما يحقق المصلحة المشتركة للطرفين، مشيرًا إلى أن لديه حاليًا مشروع شراكة مع وزارة الإنتاج الحربي لإنتاج جهاز توليد المياه من بخار الماء في الجو، وسوف يبدأ التصنيع قريبًا لتوفير احتياجات السوق المصرية، والتصدير للخارج.
ومن جانبه قال لي السفير أوكا هيروشي سفير اليابان لدى مصر إن شبكات اتفاقيات التجارة الحرة الكبيرة مع أوروبا ومجلس التعاون الخليجي وإفريقيا تساعد مصر على أن تصبح قاعدة مفضلة لشركات التصنيع اليابانية، وأن تلك الاستثمارات اليابانية تتماشى مع أولويات مصر في التوطين وتشجيع الصادرات، مشيرًا إلى وجود آلية مهمة هي “لجنة ترويج الأعمال والاستثمار بين مصر واليابان”، وذلك لعرض الاستثمارات الجديدة التي نفذتها الشركات اليابانية، ومراحل تقدمها منذ الاجتماع الماضي في مجالات متنوعة تشمل التصنيع والمياه والغذاء والهيدروجين، في ظل استقرار أوضاع الاقتصاد.
ويأتي ذلك بعدما قامت الحكومة المصرية بتعديل البيئة التشريعية والإجرائية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخاصة مشروعات الهيدروجين الأخضر، وذلك من خلال إصدار قانون ﺣواﻓز ﻣﺷروﻋﺎت إﻧﺗﺎج الهيدروجين اﻷﺧﺿر وﻣشتقاته، وإطلاق الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، وساهم ذلك في اهتمام مجتمع الأعمال في اليابان بضخ الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة الواعد في مصر، كما أن الشركات اليابانية مهتمة بنقل التكنولوجيا المتطورة في هذا القطاع تحقيقًا لصالح البلدين، والتزامًا بالشراكة الاستثمارية والتنموية الممتدة لعقود بين مصر واليابان.
ويتوقع خبراء الطاقة في مصر أن تدخل الشركات اليابانية في مجال حلول الطاقة، وشراكة مستقبلية في تطوير البنية التحتية الخاصة بقطاع الطاقة المتجددة في مصر، تمهيدًا لاستقبال تدفقات ضخمة من الاستثمارات اليابانية في هذا القطاع، وفي قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وكشفت مصادر مطلعة عن وجود خطة لزيادة الاستثمارات اليابانية في مصر خلال السنوات القادمة، خاصة في قطاعات مثل الصناعة والإلكترونيات والسلع الاستهلاكية والسيارات وغيرها، وترغب مصر في أن تكون المنطقة الاقتصادية بقناة السويس مركز هذه الصناعات، وذلك نظرًا لإستراتيجيتها في أن تكون المنطقة أحد مراكز التصنيع العالمية، وأحد سلاسل الإمداد الكبرى في مصر.
ومن ناحية أخرى فقد جاءت هذه التحركات المصرية واليابانية في الوقت الذي شهدت فيه اليابان ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 76٪ في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، مقارنة بنفس الفترة في عام 2022، وأصبحت الدولة الآسيوية الأولى الدائنة في عام 2023.
وتتعارض الطفرة اليابانية في استثماراتها الخارجية مع الصورة العالمية الأوسع حيث استمرت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في التراجع، حيث انخفضت بنسبة 15٪ عن مستويات عام 2022، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
ومع تدفقات خارجية بلغت 60 مليار دولار أمريكي في الربع الثالث من عام 2023 وحده، كانت اليابان ثاني أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم بعد الولايات المتحدة، بمبلغ 110 مليار دولار أمريكي، مع تأخر الصين عند 53 مليار دولار أمريكي، وفقًا لأرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ووفقًا لوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة (METI)، كسبت الشركات المصنعة اليابانية أكثر من 25٪ من إيراداتها من فروعها الخارجية، وهذا يمثل زيادة كبيرة على تسعينيات القرن العشرين، عندما كانت 5% فقط من عائداتهم تأتي من الخارج.
ولقد حدث ذلك بعدما سهلت السياسات المالية للحكومة على المستثمرين اليابانيين المغامرة في الخارج، وساهمت عوامل متعددة في تعزيز الشركات اليابانية لعملياتها في الخارج، وكان التأثير الرئيسي هو الارتفاع التدريجي في قيمة الين.
ونظرًا لشيخوخة السكان في اليابان وانخفاض الطلب، بدأت العديد من الشركات في توسيع عملياتها بالقرب من الأسواق المحلية حيث الطلب مرتفع وتكاليف العمالة أقل نسبيًا. كما دفع تقلص قوة العمل في اليابان الشركات إلى استكشاف الفرص الخارجية. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت جنوب شرق آسيا سوقًا أكثر جاذبية للمستثمرين اليابانيين، متجاوزة الأسواق الأوروبية والأمريكية الشعبية تقليديًا بسبب نضجها وعمقها، والآن جاء الدور على الشرق الأوسط وإفريقيا و”البوابة المصرية” مستعدة، ورتبت البيت من الداخل، وهي الآن تستعد للانطلاق.
وسبق أن استثمرت الشركات اليابانية بكثافة في الصين، لكنها انتقلت إلى منطقة الآسيان، وخاصة إندونيسيا وتايلاند وفيتنام، وفي نفس الوقت تتطلع الشركات اليابانية لمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة مصر والسعودية.
وهنا تجدر ملاحظة أن اليابان كانت رابع أكبر مستثمر في إندونيسيا بإجمالي استثمار بلغ 4.63 مليار دولار أمريكي في 2023، وتنجذب اليابان إلى إندونيسيا بسبب عدد سكانها الكبير واقتصادها المتوسع، ووفرة الموارد الطبيعية مثل المعادن والفحم والغاز الطبيعي، وتوفر هذه العوامل سلسلة توريد مستقرة، وهو بالتحديد ما يتوافر في حالة مصر.
محمد صابرين – بوابة الأهرام
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان تختار “بوابة مصر” لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.