يبدُو أنَّنا نسيرُ مُسرِعينَ خلالَ عصرِ مَا بعدَ الحَداثةِ، أوْ مَا بعدَ الأديانِ، بِتأثيرهِ القويِّ والثّوريِّ للإنسانِ علَى الأرضِ مِن خلالِ طَفرةٍ رقميَّةٍ تفوقُ كُلَّ إدراكٍ. ومِن خِلالِ التَّغييرِ الإنسانيِّ شديدِ الأثرِ علَى الحياةِ، تتغيَّرُ سلوكيَّاتُ مُعظمِ النَّاسِ وتضطربُ أخلاقُهُم بِصورةٍ مُخيفةٍ، فتطغَى عليهَا الأنانيَّةُ المُفرِطةُ، بِسببِ تكريسِ ثقَافةِ الاستحواذِ والتسلُّطِ، فضلًا عن اتِّساعِ مِساحةِ الفَراغِ الأخلاقيِّ، وانكشافِ التَّعامُلِ بينَ النَّاسِ بِوصفهِ الأسوأَ علَى مرِّ العُصورِ الحديثةِ، نتيجةَ غِيابِ تاجِ الأخلاقِ: ألَا وهُو خُلُقُ «المروءَةِ».ومعَ الأسَفِ، تستمرُّ مُناوشاتٌ سُلوكيَّةٌ وإلكترونيَّةٌ بينَ الرَّجلِ والمرأةِ، ونشرُ قِصصٍ قد تكونُ مُلفَّقةً غيرَ واقعيَّةٍ، بِصورةٍ مشوَّهةٍ أخلاقيًّا، تهدِفُ لشيطَنةِ العَلاقةِ بينَ المرأةِ والرَّجُلِ، وكسْبِ جولةٍ في مَعارِكَ افتراضيَّةٍ غيرِ سويَّةٍ تدورُ رَحاهَا علَى صفحاتِ منصَّاتٍ اجتماعيَّةٍ مثلِ (X) وغيرِهَا، مِن خِلالِ مُثيرِي لغَطٍ وجِدالٍ يستغلُّونَ بِصورةٍ قبيحةٍ التغيُّراتِ الثَّقافيَّةِ والاجتماعيَّةِ والاجراءَاتِ النِّظاميَّةِ الحَديثةِ، التي أحقَّتِ الحُقوقَ، وطوَّرتِ القوانينَ المُسيِّرةَ لشؤونِ المرأةِ والرَّجُلِ على حدٍّ سَواءٍ، بمَا يكفُلُ العَدالةَ والكَرامةَ لأطرافِ العَلاقَةِ.يَظهرُ لي أنَّ أساسَ المُعضِلاتِ بينَ الزَّوجَينِ، أو المَرأةِ والرَّجلِ عُمومًا، وأهمَّ سببٍ للتَّراشُقِ والنِّقاشاتِ والجِدالاتِ؛ وكيْلِ الإهاناتِ فِي العَلاقةِ الشَّائكةِ بينهُمَا، يكمنُ فِي انحسارِ خُلُقِ «المروءةِ» الذِي تستَندُ عليهِ التَّعامُلاتُ الإنسانيَّةُ السَّويَّةُ، وفوقَ قاعِدتِهِ أقامَ الدِّينُ صرحَهُ الأخلاقيَّ، إذْ تكادُ فضيلةُ الشَّهامَةِ وأعرافُ الحَياءِ أنْ تنعدِمَ، ولا يبقَى فِي السَّاحةِ غيرُ الوَضاعةِ والابتِذالِ.
يَقتضِي خُلُقُ المروءَةِ أنْ يتبنَّى الإنسانُ الأفعالَ والأقوالَ التي تُجمُّلُهُ وتُزيُّنهُ، وتُجنُّبُهُ ما يُشينهُ ويدَنِّسُهُ مِنهَا، وهِي ترتبطُ بالحَياءِ والعِفَّةِ في التَّعامُلاتِ، والعَدلِ والإنصافِ وتجنُّبِ السَّفاهةِ، وبَذاءَةِ الألفاظِ، وكسرِ الخَواطِرِ، والحرصِ على التعفُّفِ عَن خَوارِمِ المُروءَةِ، كالكذِبِ والتملُّقِ وعدمِ الاحتشامِ، وأكلِ أموالِ النَّاسِ بالخِداعِ، والتعدِّي علَى المَرأةِ والإساءَةِ إلى مَشاعِرِها وكَيانِها المُستَقلِّ، ناهيكَ عَن هضْمِ حُقوقِهَا المَكفولةِ شرعًا والمَضمونةِ نِظامًا.
إنَّ الشَّريعةَ جاءَتْ لِتحفظَ كَرامةَ وكينونةَ الإنسانِ، فمَدارُ الدِّينِ مَكارمُ الأخلاقِ/ ومَطالِبُ المروءَةِ، وهي خِصالٌ سامِيةٌ أصيلةٌ اشتهرَ بِها العرَبُ حتَّى قبلَ الإسلامِ، وإذا فشِلَتْ أيُّ تعاليمَ دينيَّةٍ في إجلالِ كرامَةِ الإنسانِ ونُصرةِ المَظلومِ، فهي تَعاليمُ غيرُ أخلاقيَّةٍ بِمُقتَضى الضَّرورَةِ والتَّبعيَّةِ، وبالتَّالي لا يَجوزُ تسويغُها قانونًا ولا عُرفًا، إذْ لَا دِينَ لِمَنْ لَا مُروءَةَ لهُ.
د. أيمن بدر كريم – جريدة المدينة
كانت هذه تفاصيل خبر غياب تاج الأخلاق لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.