فى مثل هذه الأيام منذ 36 عامًا، زار «مصطفى أمين» ملكة مصر السابقة «فريدة» فى بيتها لمشاهدة لوحاتها الأخيرة. كانت قد انقطعت عن الرسم لفترة بسبب مرضها. وفور دخوله قالت له الملكة السابقة إنها فى مثل هذه الساعة تقريبًا منذ نصف القرن، كانت تحتفل بزفافها هى والملك السابق «فاروق». يبدو أنها تذكرت تلك اللحظات السعيدة، التى لم تستمر طويلًا، فابتسمت ابتسامة حزينة!.

عاد والدى «مصطفى أمين» بذاكرته إلى يوم الخميس 20 يناير عام 1938، عندما ذهب إلى قصر القبة لحضور الزفاف الملكى، وكان القصر مزينًا بالثريات الكهربائية مختلفة الألوان، وكذلك كانت الأشجار وممرات الحديقة. كانت الموسيقى تعزف والزغاريد تنطلق.. والشوارع كلها تحتفل بابنة الشعب التى أصبحت ملكة مصر!.

كانت الملكة فريدة، البالغة من العمر 16 عامًا فى حفل زفافها، رائعة الجمال ومليئة بالحيوية، وهى تخطو بخطوات ثابتة وتحمل فى يدها مروحة بيضاء من ريش النعام. كانت ترتدى ثوبًا مزركشًا بالفضة صُنع فى باريس. كانت تضع على رأسها طرحة مزركشة بالفضة، وفوقها تاجها المرصع بالماس والزمرد والمرجان. كان للفستان ذيل يبلغ طوله خمسة أمتار، يحمله أربعة أطفال. الكوشة كان طولها 32 مترًا، وكانت مصنوعة من خشب الأبلاكاش المكسى من الداخل والخارج بالحرير الأخضر والأبيض، وتزينه رسوم يدوية، تعلوها فراشة ذهبية.

تطلع مصطفى أمين إلى الملكة فريدة الجالسة أمامه. كان شعرها كله أصبح أبيض اللون، وكانت ترتدى بنطلونًا أسود وجاكتة بيضاء. كانت تعيش فى شقة بسيطة مفروشة بأثاثها المتواضع. لوحاتها كانت تغطى كل جدران الشقة.. ورغم اعتزازها باللوحات التى رسمتها، فإنها كانت تضطر لبيعها لتعيش!.

لم تتبرم أبدًا من ظروفها المعيشية. لم تشكُ يومًا من حالها. كانت تحمد الله باستمرار وتدعو الله أن يُديم عليها نعمة الصحة.

كانت عاشقة لنهر النيل، ولوحظ أنها كانت ترسمه فى أغلب لوحاتها.

سألها «مصطفى أمين» عن بيتها الجميل فى حى الهرم، فقالت إن الحراسة استولت عليه وباعته لأمير قطرى، ووعدتها عند سفرها إلى الخارج عام 1963 أن ترسل لها الثمن إلى أوروبا.. ولكن لم يحدث!.

كانت تبدو وحيدة وحزينة لأنها كانت تشتاق إلى بناتها الثلاث اللاتى حُرمت من الحياة معهن لسنوات طويلة، ولكنها لم تكن تشتاق إلى الماضى عندما كانت ملكة مصر، ولم تقل كلمة واحدة عنه!.

صفية مصطفى أمين – المصري اليوم