بعد 50 عامًا من العمل.. الموت يغيّب بائع "المشاقر" في "تعز" وناشطون ينعونه (رصد)

المنامة - ياسر ابراهيم - نعى ناشطون يمنيون بائع المشاقر الشهير في مدينة تعز، الحاج "فؤاد غالب عباس"، والذي غيّبه الموت بعد خمسة عقود من العمل كبائع للمشاقر والرياحين وسط المدينة.

وأمس الجمعة، غيّب الموت "فؤاد عباس" بعد خمسة عقود من العمل في بيع المشاقر، ليترك فراغًا وألمًا لدى زبائنه، مُخلّفًا تسعة من الأبناء، الذي حرص على إطعامهم لقمة حلال من عرق جبينه، من خلال بيع المشاقر والرياحين، في منطقة الحَصَب وسط المدينة.
 
وتداول ناشطو مواقع التواصل صورا ومقاطع فيديو للحاج فؤاد عباس، أثناء ممارسة عمله في بيع المشاقر والرياحين، في أحد الأحياء وسط مدينة تعز، داعيين إلى ضرورة رعاية أولاده لكي يعيشوا بكرامة بعد فقدانهم عائلهم الوحيد.

واستعرض الناشطون المناقب التي ظل الحاج فؤاد عباس يتمتّع بها أثناء فترة عمله، من خلال دماثة أخلاقه، وخدمة زبائنه، وتوفير أجود أنواع المشاقر والرياحين لعملائه، الأمر الذي ولّد حالة من الفراغ لديهم بعد وصولهم نبأ وفاته.

وأشاروا إلى أن الحاج فؤاد كان يقطع يوميًا نحو سبعة كيلو مترات مشيًا على الأقدام من مسقط رأسه في مديرية جبل حبشي وصولا إلى منطقة "الحَصَب"؛ ليبيع المشاقر التي يزرعها بنفسه كمصدر وحيد للدخل رغم تدهور الوضع الاقتصادي. 

وكان أبوهما صالحًا
 
وفي هذا الصدد، علقت الدكتوره خديجة عبدالملك الحدابي الأكاديمية في جامعة تعز على وفاة بائع المشاقر بالقول: "حاول أن يجعل أولاده التسعة يعيشون بكرامة، وحسبه أنه جاهد، ولعل اللقمة الحلال التي كافح لأجلها ستكفل هذه الحياة لأولاده (وكان أبوهما صالحا)".

وأضافت في صفحتها على "الفيس بوك"، "أسأل الله أن يسخر لهم باذلا كريمًا يكفل أولاده، رحم الله الحاج فؤاد غالب عباس وعصم قلوب أحبته". وتساءلت: "أفكر: كيف يصنع أمثالهم في هذا الوضع الاقتصادي الفظيع؟".

من جهته، قال الناشط سام البحيري: "أن يموت الناس، فهي سنة الله، ونؤمن بذلك، لكن مع موت بائع الورد والمشاقر تموت رائحة الحياة، حتى إشعال أخر للزهور، رحم الله فؤاد بائع المشاقر".

حنين الأرض وطيب عطائها

بدوره أشار الناشط "المعتصم الجلال" إلى دور بائع الورد "فؤاد عباس"، الذي عاش مكافحًا، ورحل تاركًا سمعة؛ نصيبها من عمله الشريف، وكان شذابه بمثابة الحرز الذي كان يحرس مدينة تعز من الضياع.

وقال الجلال: "اعتادت جبل حبشي أن تشقّر مدينة تعز كل صباح، وأن تضع " الشذاب" حرزًا لشبابها خوفًا من الضياع". 

وأضاف: "نشر بائع المشاقر الراحل فؤاد غالب، رائحة "الكاذي" "والريحان " والنباتات العطرة في أرجاء المدينة. مثلت نقطة بيعه في الحصب، وصلا للباحثين على حنين الأرض وطيب عطائها".

بدوره قال الناشط يعقوب الشرعبي، "ياالله رحل فؤاد الطيب، رحل بائع المشاقر الذي كانت الابتسامة تملأ وجهة البشوش، رحل فؤاد المكافح في بيع المشاقر، وترك خلفه أسره دون معيل..".

أول جمعة منذ خمسين عامًا

من ناحيته قال الناشط المكنى أبو شوقي، معلقا على وفاة بائع المشاقر بالقول: "اليوم الحسنوات في حواري تعز، ومنازل تعز، وشوارع تعز تبكي بائع المشاقر فواد غالب".

وأضاف، "اليوم انعدمت رائحه مشاقر البياض والشذاب من الحالمة، أول جمعه منذ خمسين عامًا تفتقد المدينة ونسائها لهذه النبتة الطيبة".

وتابع في منشور على صفحته بـ"الفيس بوك" "أعراس اليوم وأفراحها في المدينة ذهبت اليها النساء دون زينة بالمشاقر الا من عقود فل صناعية اشتروها من محلات التحرير الاعلى".

وزاد، "مات بايع المشاقر، وطوى جسده الثرى، وبقت صورته في مخيلة كل رجال ونساء وشباب وأطفال الحالمة، لا تنسوه من خالص دعواتكم، رحمة الله تغشاه".

المصدر الوحيد لإعالة أسرته

من جهته، قال الناشط عبدالرؤف اليوسفي، "بائع المشاقر، كان المصدر الوحيد لاسرته، يكابد الحياة من أجل إعالة أسرته، وهكذا حال كثير من الأسر؛ بسبب تردي الاوضاع، وفقدان كثير من الاعمال وارتفاع الاسعار". 

وأضاف: "تكافح كثير من الأسر من أجل البقاء، رحم الله بائع المشاقر واسكنه فسيح جناته، واعاد الله الامن والاستقرار لبلادنا".

من جهته، استغرب الناشط أسامة الجمرة التجاهل الذي قوبل به بائع المشاقر، وقال: "لانه بائع مشاقر مسكين مات ولم يذكره أحد أو يعزي أهله".

وأضاف: "الله يرحمك يا حاج فؤاد غالب عباس، مات بعد معاناة وكفاح مع الحياة من أجل لقمة العيش، كان يحضر المشاقر من جبل حبشي ليبيعها في شارع الحصب تعز".

وأكد أنه  "لو كان مسؤولا (..) لضجّت مواقع التواصل بالترحم عليه، ومدحه بعد موته"، حسب وصفه.

واختتم أسامه منشور بهاشتاج "#بائع المشاقر مات، وتبقى بائعي الوطن".

أخبار متعلقة :