تحديات تمويلية تُطيل مفاوضات الاستحواذ على "التلغراف" حتى نهاية العام

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من لندن: تتزامن زيارة السير كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني، إلى الإمارات والسعودية، التي تهدف إلى تعزيز الاستثمارات الخليجية في بريطانيا، مع استمرار حالة الغموض المحيطة بصفقة بيع صحيفة "التلغراف". ونقلت "التلغراف" عن مراقبين احتمال تأثير الزيارة على مستقبل الصحيفة، لا سيما مع ارتباط ملكيتها الحالية بصندوق استثماري إماراتي.

وكانت شركة "RedBird IMI" قررت منح مقدم العرض الرئيسي، دوفيد إيفون، مهلة إضافية حتى نهاية العام لجمع الأموال اللازمة لإتمام صفقة الاستحواذ على صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار مفاوضات مكثفة تُجرى منذ شهور بشأن ملكية الصحيفة التي لم تشهد استقرارًا منذ فقدان عائلة باركلي السيطرة عليها قبل نحو 18 شهرًا، منذ استحوذ بنك لويدز على الصحيفة نتيجة ديون غير مسددة بقيمة 1.2 مليار جنيه إسترليني كانت مستحقة على عائلة باركلي، المالك السابق للصحيفة.

يُتوقع أن يؤدي التمديد الجديد إلى زيادة الضغط على الحكومة البريطانية للإسراع بإنهاء حالة الغموض. من جهته، قال داميان كولينز، الرئيس السابق للجنة الثقافة في مجلس العموم البريطاني : "يتعين على الحكومة تسهيل العقبات التي تقف أمام إتمام البيع لضمان استقرار مستقبل الصحيفة. الصحافة الحرة جزء أساسي من ديمقراطيتنا، وعلينا دعمها في مواجهة الضغوط التجارية".

محادثات تمويل ممتدة ومهلة جديدة
بحسب مصادر قريبة من المفاوضات، فإن إيفون، ناشر صحيفة "نيويورك صن"، لا يزال يسعى إلى تأمين تمويل الصفقة، التي تُقدر بحوالى 550 مليون جنيه إسترليني، من خلال محادثات مع صناديق استثمار أميركية. ومع ذلك، يبدو أن الأموال المطلوبة لن تكون متوفرة بحلول نهاية المهلة المحددة للمحادثات، والتي كانت مقررة يوم الجمعة المقبل. وتقول "فايننشال تايمز" إن هناك احتمالية لتمديد الموعد النهائي.

إيفون، الذي ولد في مانشستر وتفوق على منافسين بارزين مثل سير بول مارشال مالك قناة GB News، ولورد روذرمير مالك DMGT، وقطب الإعلانات لورد ساتشي، واجه تحديات متزايدة لجمع التمويل المطلوب.

مسؤولون في صندوق RedBird IMI السيادي المملوك لأبوظبي، أشاروا إلى أن تقدمًا ملحوظًا أُحرز خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأكدوا استمرار الحصرية لما بعد الموعد المحدد بهدف إتمام الصفقة قبل نهاية العام.

الأسبوع الماضي، ظهرت تقارير عن محادثات أجراها إيفون مع شركة الاستثمار العملاقة Apollo Global Management للحصول على جزء من التمويل، في حين انسحب مستثمرون آخرون من دعم عرضه. ورغم هذه التحديات، قال مصدر قريب من إيفون إن التمديد جاء نتيجة "زخم قوي" وراء تحالف التمويل الذي يُتوقع أن يفي بجميع المتطلبات ويضمن مستقبل الصحيفة على المدى الطويل.

أثر الأزمة على الصحيفة والعاملين
التمديد المتكرر للصفقة يعني أن العاملين في صحيفة التلغراف قد يستقبلون عامًا آخر من الغموض بشأن المالك المستقبلي للصحيفة. منذ صيف 2023، حين خسرت عائلة باركلي ملكيتها للصحيفة بسبب ديون غير مسددة للبنك البريطاني لويدز، تعيش صحيفة "التلغراف" البريطانية حالة من عدم الاستقرار. العديد من العاملين عبّروا عن شعورهم بالإرهاق نتيجة استمرار المفاوضات من دون تحقيق أي حسم.

إيفون وتحالف دولي قوي
دوفيد إيفون، الذي وُلد في مانشستر وشغل سابقًا منصب رئيس تحرير صحيفة Algemeiner اليهودية، غير معروف نسبيًا في المملكة المتحدة. إلا أن التحالف الذي يقوده، ويحظى بدعم شخصيات بارزة، أبرزها وزير المالية البريطاني السابق ناظم زهاوي والملياردير محمد منصور، أمين صندوق حزب المحافظين السابق، أثار اهتمامًا واسعًا.

يُذكر أن الزهاوي حافظ على علاقات وثيقة مع صندوق استثماري في أبوظبي، والذي يشترك مع RedBird IMI في ملكية التلغراف حاليًا. وفقًا لمصادر "فايننشال تايمز"، كان اسم منصور قد ارتبط سابقًا بمحاولات لشراء الصحيفة بالتعاون مع الزهاوي.

رفض حكومي ومخاوف سيادية
الحكومة البريطانية كانت قد رفضت سابقًا صفقة محتملة لبيع الصحيفة، إذ كانت ستؤدي إلى امتلاكها جزئيًا من قبل مجموعة مدعومة من دولة أجنبية.
ويأتي تمديد مهلة المفاوضات وسط تساؤلات مستمرة حول قدرة التحالف الحالي على تحقيق التوازن المطلوب بين متطلبات التمويل واعتبارات السيادة الوطنية.

تفاؤل وسط حذر
رغم التحديات، تؤكد مصادر متابعة للمفاوضات وجود "زخم قوي" و"ثقة متزايدة" في نجاح الصفقة. العشرات من الأطراف التمويلية، بين مصادر الدين والأسهم، يشاركون في المحادثات، مما يشير إلى تعقيد العملية واتساع نطاقها.
ومع استمرار المفاوضات دون حسم نهائي، قالت آنا جونز، الرئيسة التنفيذية لمجموعة "تلغراف ميديا" في رسالة وجهتها إلى العاملين: "أعلم أن هذه فترة تتسم بعدم اليقين، لكنني فخورة بالطريقة التي واصلنا بها بناء الأعمال وتحقيق أرقام قياسية جديدة".

رغم الجهود المستمرة، يبقى مستقبل صحيفة التلغراف التي يعود تاريخها إلى 169 عامًا معلقاً.
التمديد الأخير يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول مستقبل واحدة من أهم الصحف البريطانية وأكثرها تاريخًا، فيما يواصل التحالف بقيادة إيفون جهوده لتأمين الموارد اللازمة لإنهاء هذه الأزمة الطويلة.

* أعدت "الخليج 365" هذا التقرير عن فايننشال تايمز والتلغراف.

أخبار متعلقة :