الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من باريس: اهتمت الصحافة الباريسية بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض، وهي الزيارة الرسمية الأولى لرئيس فرنسي للمملكة العربية السعودية منذ عام 2006، صحيح أن ماكرون زار الرياض أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، إلا أن الزيارة الحالية تتخذ صفة "الرسمية".
وأشارت صحافة فرنسا، إلى أن ماكرون يدرك جيداً تأثير الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في معادلات الإستقرار بالشرق الأوسط، كما يدرك الرئيس الفرنسي أبعاد الطموحات السعودية اقتصادياً وتنموياً، وكذلك تكنولوجياً، ومن ثم يريد تعاوناً وشراكة استراتيجية بين الرياض وباريس في مختلف المجالات التي تعود بالنفع على البلدين.
صحيفة "لوموند" قالت إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقعا يوم الإثنين، شراكة استراتيجية تهدف إلى تعميق العلاقات الثنائية وتهدئة الصراع في الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان، حيث دعا الزعيمان إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان، إدراكاً منهما أن هذه الخطوة من شأنها جعل لبنان أكثر استقراراً وقدرة على تجاوز مشاكله.
وبعد اجتماع مع الأمير محمد بن سلمان أعلن مكتب ماكرون عن توقيع شراكة جديدة تهدف إلى المزيد من التعاون في عدة مجالات، منها الدفاع، وانتقال الطاقة، والثقافة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات.
كما اتفق الزعيمان على "بذل كل جهد ممكن للمساهمة في وقف التصعيد في المنطقة"، بما في ذلك المساعدة في تعزيز وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل ولبنان.
بيان من مكتب ماكرون
ونقلت "لوموند" البيان الصادر من مكتب ماكرون، والذي جاء فيه :"حرض ماكرون ومحمد بن سلمان على الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بهدف جمع الشعب اللبناني وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لاستقرار وأمن البلاد".
وبدأت زيارة ماكرون في الوقت الذي تواجه فيه حكومة الأقلية الفرنسية التي تشكلت قبل أقل من ثلاثة أشهر احتمال إجبارها على الاستقالة من خلال تصويت بحجب الثقة في الأيام المقبلة.
الملف اللبناني "أولوية كبيرة للبلدين"
زيارة ماكرون الرسمية هي الأولى التي يقوم بها رئيس فرنسي للسعودية منذ زيارة جاك شيراك عام 2006، مما عزز ما تسميه الرئاسة "علاقة وثيقة للغاية".
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان سابق إن الرئيس الفرنسي والأمير محمد بن سلمان سينظران في كيفية "العمل معا" بشأن الصراعات التي تهز المنطقة، مع وضع لبنان في "قلب المناقشات".
ويأمل ماكرون في الحصول على دعم سعودي للجيش اللبناني الذي ينتشر باتجاه الحدود مع إسرائيل بموجب وقف إطلاق النار لكنه ضعيف التسليح والتدريب، وسيحاول أيضًا الحصول على مساعدة سعودية لوقف التفكك السياسي الذي أغرق حكومة لبنان واقتصاده في كارثة.
وتدعو باريس والرياض أيضا إلى وقف إطلاق النار في حرب غزة وإلى "نتيجة سياسية" على أساس حل الدولتين المتمثل في دولتين إسرائيلية وفلسطينية منفصلتين.
وقالت الصحيفة الفرنسية :"أوقفت المملكة العربية السعودية، موطن أقدس المواقع الإسلامية، المناقشات مع واشنطن بشأن احتمال الاعتراف بإسرائيل مقابل تعميق الأمن والعلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، وتجري مناقشات أيضًا بشأن حصول السعودية على طائرات مقاتلة من طراز رافال فرنسية الصنع، رغم أنه من غير المتوقع الإعلان عنها خلال الزيارة، وفقًا لمصدر مقرب من الأمر".
محمد بن سلمان لاعب رئيسي في الاستقرار الإقليمي
ويسعى ماكرون إلى تعزيز علاقته مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو لاعب رئيسي في السعي لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ويأمل الرئيس الفرنسي، برفقة وفد من قادة الأعمال، في الفوز بعقود لفرنسا أيضاً.
لوفيغارو: الرياض وباريس.. من الطاقة إلى الثقافة
ناحيتها قالت "لوفيغارو" أن ماكرون تحدث عن مجالات التعاون بين باريس والرياض، فقال :"من انتقال الطاقة، والدفاع، والنقل، والثقافة، وأكثر من ذلك بكثير: سنزيد تعاوننا في جميع المجالات".
وقد اتفق الزعيمان بشكل خاص على "العمل معًا" للتحضير لقمة الذكاء الاصطناعي التي ستعقد في شباط (فبراير) في باريس، حسبما ذكر قصر الإليزيه في بيان.
كما اتفقا على "بذل كل الجهود للمساهمة في خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، التي تهتز بسبب العديد من الصراعات. وأكد قصر الإليزيه أنهما يدفعان معاً إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بهدف جمع اللبنانيين معًا وتنفيذ الإصلاحات اللازمة للاستقرار والأمن".
وقف إطلاق النار في غزة
أشار إيمانويل ماكرون ومحمد بن سلمان أيضا إلى أنهما "سيواصلان الجهود الدبلوماسية" لتعزيز وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حزب الله، برعاية الولايات المتحدة وفرنسا.
"علاقة قوية للغاية"
يعتزم إيمانويل ماكرون، وبقوة لعب دور مع السعودية في وقف إطلاق النار في لبنان، ويريد تعزيز نفوذ فرنسا في المنطقة قبل عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
كما يأمل في استعادة مساحة المناورة دوليا التي فقدها على الساحة الداخلية منذ تفكك الصيف الماضي، وهذه هي زيارته الثالثة إلى السعودية منذ عام 2017، ولكنها الزيارة الرسمية الأولى، وهناك"علاقة قوية للغاية" رد عليها الرجل السعودي القوي محمد بن سلمان بثلاث زيارات رسمية إلى فرنسا.
الرياض وباريس.. الاقتصاد أولاً
ستتضمن الزيارة أيضا مكونا اقتصاديا مهما الثلاثاء، حيث شرعت المملكة، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، في تنويع متسارع لمواجهة إمكانات ما بعد النفط.
وتستهدف الدولتان "تعزيز التبادلات الاقتصادية بينهما بشكل كبير"، ويرافق رئيس الدولة الفرنسية نحو 50 من رؤساء المجموعات الفرنسية الكبرى (توتال إنيرجي، إي دي إف، فيوليا، إلخ) والشركات الناشئة (باسكال، ألان، ميسترال، إلخ).
التعاون في جميع القطاعات
يرغب البلدان في الانخراط في التعاون في جميع قطاعات المستقبل، من التحول في مجال الطاقة إلى الذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع برنامج ولي العهد الواسع النطاق لتحديث المجتمع والاقتصاد السعودي (رؤية 2030).
كما سيحضر قادة مجموعات الدفاع داسو وتاليس ونافال جروب. وتجري مناقشات لشراء طائرات رافال المقاتلة من قبل المملكة العربية السعودية. وقال مصدر قريب من الأمر: "إن زيارة الرئيس قد تجعل من الممكن الفوز بقرار، وليس بالضرورة إعلان".
كما تعد فرنسا شريكًا رئيسيًا للرياض في الأمور الثقافية والسياحية، مع تطوير مشروع ضخم بقيمة 20 مليار دولار يرتبط بموقع العلا الأثري.
ويحضر إيمانويل ماكرون قمة One Water حول إدارة المياه في الرياض قبل أن يذهب إلى العلا يوم الأربعاء مع وزيرة الثقافة رشيدة داتي على وجه الخصوص.
أخبار متعلقة :