مفاجئًا بدا لكثيرين التصعيد الإسرائيلي في الأيام القليلة الماضية، بعدما وصل إلى مناطق خارج نطاق الاشتباكات الدائرة بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، على غرار منطقتي النبطية وجدرا، ولو أنّه أعاد إلى الأذهان بالشكل والمضمون، الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت قبل مدّة، مع اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.
وإذا كانت عمليتا النبطية وجدرا تندرجان بشكل أو بآخر في خانة "سياسة الاغتيالات" التي يعتمدها الإسرائيليون، والتي تشكّل "صلب" المرحلة الثانية من الحرب على غزة، كما يقولون، ولو أنّهم لم ينهوا المرحلة الأولى، بل يهدّدون بتوسيعها لتشمل مدينة رفح، فإنّ "المفاجئ" في التصعيد المستجدّ لكثيرين، أنّه يأتي في خضمّ الحديث عن وقفٍ لإطلاق النار، ولو على شكل "هدنة طويلة" من غزة إلى جنوب لبنان.
ولعلّ الأهمّ من ذلك أنّ هذا التصعيد يأتي بعد أيام فقط من كشف النقاب أميركيًا عن "اتفاق وشيك" بين إسرائيل و"حزب الله"، برعاية الولايات المتحدة، حيث قالت وسائل إعلام غربية إنّ واشنطن وحلفاءها الأوروبيين يأملون الإعلان في الأسابيع القليلة المقبلة عن سلسلة من الالتزامات التي تعهّد بها الجانبان لنزع فتيل التوتر، واستعادة الهدوء بصورة تامّة على الحدود الجنوبية بين لبنان والأراضي المحتلة.
ومع أنّ التقارير حول هذا الاتفاق بقيت محصورة في الجانب الإعلاميّ، من دون "ترجمة فعلية" على الأرض، حيث تواصلت العمليات على الأرض، بل شهدت تصعيدًا لافتًا خلال الأسبوع الماضي، فإنّ الأكيد أنّها لم تأتِ من عبث، ولا سيما أنّ الإدارة الأميركية تبذل جهودًا منذ أسابيع لاحتواء التوتر على الجبهة اللبنانية، فهل أحبط التصعيد الإسرائيلي هذه المساعي؟ وأيّ تبعاتٍ محتملة له على الميدان في المرحلة المقبلة؟.
في المبدأ، يقول العارفون إنّه ليس خافيًا على أحد أنّ التصعيد الإسرائيلي في الأيام القليلة الماضية يشكّل "خرقًا نوعيًا" لكلّ قواعد الاشتباك المعمول بها، والتي أصبح واضحًا أنّ الجانب الإسرائيلي لا يعيرها أيّ اهتمام، ولو حاول التقليل من شأن اعتداءاته على مناطق خارج النطاق الحدوديّ الضيّق، بوضعها في خانة "استهدافات محدّدة"، أو حتى بربطها بالحرب التي يشنّها على قطاع غزة، وهدفه المُعلَن بـ"القضاء على" حركة حماس.
وفي وقتٍ يحاول الإسرائيلي "حصر" عملياته خارج المنطقة الحدودية باستهداف شخصيّات محدّدة محسوبة على حركة حماس، ولو أنّ الوقائع على الأرض لا تثبّت هذه المقولة بالمُطلَق، فإن هناك من يقرأ "بعدًا آخر" على خطّ "الرسائل" التي يوجّهها، يقوم على تحميل الحركة الفلسطينية المسؤولية، حيث إنّ الإسرائيليين يلمّحون إلى أنّها "تدير" العمليات في الأراضي الفلسطينية، من غزة إلى الضفة المحتلة، من الداخل اللبناني.
لكن، بمعزل عن كلّ التبريرات، ومحاولات الاحتواء، يبقى الثابت وفق العارفين أنّ ضربتي النبطية وجدرا، المشابهتين لضربة الضاحية الجنوبية لبيروت قبل ذلك، تكاد ترقى لمستوى نقل الحرب على لبنان، وليس على غزة، إلى مرحلة أخرى، بل تنذر بتوسّع رقعة المواجهات، وصولاً إلى الحرب الشاملة، ولو أن الطرفين المعنيّين لا يريدانها حتى الآن، ويسعيان لتجنّبها بكلّ السبل والطرق المُتاحة.
وانطلاقًا من ذلك، يضع العارفون التصعيد الإسرائيلي المستجدّ في خانة "التغطية" على الإخفاق المستمرّ في تحقيق الأهداف المُعلنة من الحرب على غزة، والذي بدأ يؤثّر على الموقف الدولي وحتى الأميركي المساند لتل أبيب، ولكن أيضًا في خانة الرد على "الضغوط" التي يتعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي داخليًا، على مستوى "جبهة الشمال"، مع استمرار "النزوح القسري" لسكان المستوطنات بفعل عمليات "حزب الله" المتواصلة.
في كلّ الأحوال، يقول العارفون بأدبيّات الحزب إنّ الأخير لا يمكن أن "يمرّر" الخرق الإسرائيلي المتجدّد، ولو أنّه لا يزال حريصًا على "ضبط" ردود فعله، بحيث لا تؤدي إلى حرب واسعة لا يتحمّلها أحد، وهو لا يريد أن يوفّر "ذريعة" للإسرائيلي للدخول في مثل هذه الحرب، ولو أنّ المحسوبين على الحزب يعتقدون أنّ نتنياهو يدرك أنّ ما ينتظره في حال اتخاذ هذا القرار "المجنون" لا يُقارَن بكلّ ما واجهه في غزة حتى الآن.
هل يعني ما تقدّم أنّ "الاتفاق الوشيك" بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، والذي تحدّث عنه الإعلام الأميركي تحديدًا قبل أيام، أصبح "في خبر كان"؟ يقول العارفون إنّ الإجابة على هذا السؤال تبقى "نسبيّة"، علمًا أنّ كلّ ما تداوله الإعلام في هذا السياق يبقى في خانة "التكهّنات"، وأنّ أيّ اتفاق لا يُعَدّ "منجَزًا" طالما أنّه لم يقترن بإعلان رسميّ، ولو أنّ هناك من لا يستبعد أن يكون التصعيد المستجدّ، جزءًا من "رفع الأسقف" لتوظيفها في المفاوضات.
وعلى الرغم من أنّ التصعيد "النوعي" على الجبهة اللبنانية يمكن أن يُفسَّر "قرعًا لطبول الحرب"، التي باتت اليوم أقرب من أيّ وقتٍ مضى، فإنّ هناك من يؤكد أنّ احتمالات "التسوية" تبقى الأعلى لعدّة اعتبارات، أولها أنّ إدارة الرئيس جو بايدن التي ترعى المفاوضات، عبر آموس هوكشتاين، عرّاب اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، تصرّ على الوصول إلى حلّ، وترفض التعامل مع الحرب كأمر واقع، خصوصًا في موسم الانتخابات الأميركية.
مع ذلك، فإنّ العارفين "يشكّكون" بما تمّ تداوله حول التوصّل إلى اتفاق، ولا سيما أنّ البنود المسرَّبة قد لا تكون واقعيّة بصيغتها الحاليّة، ولو أنّها أثارت "نقزة" بعض الأطراف الداخلية، من خصوم "حزب الله"، كرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي قال في حديث صحافي إنّ الحزب "يخدع الأميركيين"، وإنّه لا يمكن أن ينسحب من الجنوب، وهو ما فسّره البعض خشية من "مقايضات ما" يمكن أن تُخرِج الحزب "منتصرًا"، برعاية واشنطن.
عمومًا، يؤكد المطّلعون أنّ الاتفاق لم يُنجَز بشكله النهائيّ بعد، وإلا لما انتظر الأميركيون أسابيع لإعلانه، وفق ما ذكرت التقارير المسرّبة، وأنّ تطورات الميدان في الأيام الأخيرة قد تترك أثرها عليه، علمًا أنّ هناك من يعتقد أنّ الوصول إلى اتفاق قد يتطلب "جولة نوعية من التصعيد" ربما تكون قد بدأت بشكل أو بآخر، وسط ترقّب لما قد تحمله الساعات المقبلة من تطورات مفصلية، خصوصًا على مستوى رد "حزب الله" المرتقب.
في كل الأحوال، ثمّة من يؤكد أن أي اتفاق بين الحزب وإسرائيل لن يُكتَب له النجاح، إذا لم تسلك "الهدنة في غزة" طريقها للتنفيذ قبل ذلك، وبالتالي فإنّ أي اجتياح لرفح أو غيرها سيعقّد الأمور أكثر، فـ"حزب الله" ولو أبدى انفتاحه على "المفاوضات" بحديثه عن "فرصة تاريخية للتحرير الكامل"، متمسّك بإبقاء "جبهة الإسناد" في الجنوب اللبناني مفتوحة، ما دامت الحرب الإسرائيلية على غزة متواصلة، وهنا بيت القصيد!.
كانت هذه تفاصيل خبر التصعيد الإسرائيلي من النبطية إلى جدرا... هل سقط "الاتفاق الوشيك"؟! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :