أبرز الأخبار
أسواق المال
الأخبار العالمية
الأزمة الأوكرانية.. تحولات استراتيجية ومآسٍ إنسانية
11 فبراير 2024 01:14
أحمد مراد، دينا محمود (القاهرة، لندن)
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم صوب الأزمة الأوكرانية، برزت تحولات استراتيجية وأزمات إنسانية عميقة تعيد رسم خريطة القوى العالمية وتطرح تحديات جديدة على النظام الدولي. فهذا الصراع الذي بدأ كنزاع محلي، سرعان ما تحول إلى أزمة ذات أبعاد جيوسياسية واسعة، مما ألقى بظلاله على العلاقات بين القوى الكبرى وأثار مخاوف من تصعيد قد يتجاوز حدود الإقليم المتنازع عليه. وفي ظل تعثر الحلول الدبلوماسية، تجد الأزمة طريقها إلى التحول إلى ما يشبه الصراع المجمد، مخلفةً وراءها تداعيات إنسانية واقتصادية ضخمة، تتجاوز حدود أوكرانيا لتؤثر على الأمن الغذائي العالمي وتفاقم أزمة اللاجئين في أوروبا.
جمود نسبي
ميدانياً، ثمة جمود نسبي يسود بعض جبهات القتال، بعد إقرار كييف بفشل هجومٍ شنته في الصيف الماضي لاستعادة أراضٍ تسيطر عليها موسكو، وعدم حدوث أي اختراق عسكري روسي ملموس في المقابل، تبدو الأزمة وقد باتت رهناً بقرارات صناع السياسة، لا المخططين العسكريين.
فبرأي محللين غربيين، قد لا يُحدد المسار المستقبلي لهذا الملف، بناءً على ما يدور على الخطوط الأمامية للمواجهة، في مناطق، مثل دونباس وأدفيفكا وكراماتورسك وغيرهما، بقدر ما ستُرسم ملامحه، استناداً إلى ما تشهده أروقة صنع القرار في عواصم كواشنطن وبروكسل، وكذلك موسكو وكييف، من مجريات، لا سيما وأن العام الحالي سيشهد انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة، وأخرى تشريعية للبرلمان الأوروبي.
الاقتراعان اللذان تضاف إليهما انتخابات رئاسية مزمعة في أوكرانيا وروسيا، سيُجريان وسط مؤشرات على شعور الغرب بالإنهاك من مواصلة دعم أوكرانيا سياسياً وعسكرياً ومالياً.
وتجسد ذلك في محاولة المجر عرقلة حزمة مساعدات أوروبية لكييف، أُقرت بشق الأنفس مطلع الشهر الجاري بقيمة 50 مليار يورو، بالتوازي مع سيناريو مشابه شهده مجلس الشيوخ الأميركي، فيما يتعلق بدعم إضافي حاول الرئيس جو بايدن طويلاً، إقناع المُشرّعين الجمهوريين بتمريره.
وبلغة الأرقام، شهدت الفترة ما بين أغسطس وأكتوبر الماضييْن، تراجعاً حاداً في حجم المساعدات المقدمة لأوكرانيا، بنسبة شارفت 87 % مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022، لتنخفض قيمة هذا الدعم، إلى ما لا يتجاوز 2.27 مليار دولار.
كما أوقفت دول مثل سلوفاكيا، إمداد كييف بالعتاد، مُعلنة أن دعمها سيقتصر على المساعدات الإنسانية، وتلك ذات الطابع المدني. وفي حين قد تؤدي نتائج السباق الرئاسي الأميركي وانتخابات البرلمان الأوروبي، إما إلى زيادة الصدع في الموقف الداعم لكييف، أو إلى رأبه قليلاً، يُرجح المحللون ألا تجد الأزمة الأوكرانية طريقها إلى طاولة التفاوض من جديد خلال 2024 على الأقل، مشيرين إلى أن طرفيْها سيسعيان بدلاً من ذلك، على الأرجح، إلى تعزيز قدراتهما العسكرية.
فثمة من يتوقع أن يسعى الجيش الأوكراني إلى تعزيز نجاحه خلال الشهور الماضية، في الحيلولة دون خسارة مزيد من المناطق، بينما يشير آخرون إلى أن القوات الروسية، قد تعمل على تدعيم وجودها على طول الجبهة؛ بهدف تأمين منطقة دونباس الاستراتيجية.
ويقول هؤلاء، إن الطرفيْن سينتظران غالباً نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة مطلع نوفمبر، قبل حسم خياراتهما، فيما يتعلق بالمضي على درب الحل الدبلوماسي من عدمه.
أزمات عالمية
فضلاً عن ذلك، قد يقود تراجع حدة أزمات عالمية أخرى، مثل الحرب في قطاع غزة، إلى أن يركز المجتمع الدولي جهوده من جديد، على دفع الجانبين صوب استئناف المفاوضات المتعثرة بينهما.
ولكن الضغوط التي يفرضها استمرار المعارك على طرفيْها، وخاصة من الوجهة الاقتصادية، وتقلص الدعم العسكري الذي تحصل عليه كييف من حلفائها الغربيين، قد تقود في مُجملها، إلى أن يبقى القتال في صورة «الصراع المجمد»، التي يتخذها منذ شهور، وسط تحذيرات خبراء عسكريين، من أن المواجهات قد تصبح الأطول والأكثر إيلاماً في أوروبا، منذ منتصف القرن العشرين.
«سلة الغذاء» تستعيد اتزانها
لم يطغَ الوقع السياسي والعسكري لتفجر الأزمة في أوكرانيا قبل 24 شهراً من الآن، على ما أحدثته من تأثيرات واسعة النطاق، على الأمن الغذائي العالمي، امتدت إلى بقاع من المعمورة، بعيدة كل البعد عن مسرح المواجهات.
فالصدام بين كييف وموسكو، جاء في وقت كانت فيه اقتصادات العالم، تستعد للتعافي من تبعات وباء كورونا، وما ألحقه تفشيه من أضرار بسلاسل الإمداد العالمية، وقدرتها على إيصال المنتجات إلى مستهلكيها المحتملين في شتى أرجاء العالم.
كما أن المعارك نشبت في منطقة طالما وُصِفَت بـ «سلة غذاء العالم»، على ضوء أنها تجمع بلدينْ يُصدِّران ثلث إنتاجه من القمح والشعير، وما يزيد على 70% من زيت عباد الشمس، فضلاً عن 12% من إمدادات الذرة، علاوة على كون أحدهما، وهو روسيا، أكبر منتج للأسمدة، على المستوى العالمي.
ولذا لم يكن مستغرباً أن تشهد الشهور الأولى للمواجهات وما جرى فيها من توقف للصادرات وتضرر للإنتاج الزراعي بشكل حاد في كلا البلدين، ارتفاعات قياسية في أسعار الحبوب، بلغت في مايو 2022 بالنسبة للقمح مثلاً 40%، ما قاد بدوره لوصول مؤشر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» لأسعار الغذاء الذي يقيس التغيّر في الأسعار الدولية لسلّة من السلع الغذائية الأساسية، إلى ثاني أعلى مستوياته، منذ بدء العمل به في 1990.
وكان الشعور بهذه التبعات أكثر حدة، في الدول الأقل نمواً التي تستورد جانباً كبيراً من احتياجاتها من الحبوب من روسيا أو أوكرانيا أو كليهما، خاصة البُلدان الأفريقية التي توفر 30 منها ثلث تلك الاحتياجات عبر هذا الطريق، وترتفع النسبة إلى النصف، بالنسبة لـ 16 دولة أخرى.
وامتد العجز الغذائي الناجم عن الأزمة والذي دفع عشرات الدول لتقييد صادراتها من المواد الغذائية لسد احتياجاتها المحلية، إلى وكالات الإغاثة الدولية، وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي الذي كان يشتري من أوكرانيا وروسيا، أكثر من نصف الحبوب التي يستخدمها في مساعداته للمتضررين من الصراعات والأزمات، في شتى أنحاء العالم. وفي مسعى لمواجهة شبح المجاعة الذي هدد البشرية بقوة في العام الأول للأزمة، دُشِنَت في يوليو 2022 آلية، أُطْلِق عليها اسم «مبادرة حبوب البحر الأسود»، برعاية أممية ووساطة تركية، من أجل السماح باستئناف صادرات الحبوب والمواد الغذائية الأخرى والأسمدة، من ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسة، إلى بقية الدول.
لكن تطبيق تلك الآلية التي خففت أزمة الغذاء عبر السماح بتصدير قرابة 25 مليون طناً من الذرة والقمح وحبوب أخرى، تعثر بعد عام واحد تقريباً.
وفي الآونة الأخيرة، تسارعت وتيرة الجهود الرامية للتوافق على آليات أخرى وممرات بديلة، لتصدير الحبوب الأوكرانية.
وتتزامن هذه الجهود، مع توالي المؤشرات التي تفيد بتراجع حدة أزمة شُح المواد الغذائية على مستوى العالم، بعدما انخفضت أسعارها في 2023 بنسبة 13.7%، ما قاد لوصول مؤشر الـ «فاو» لأسعار الغذاء العالمية في يناير الماضي، إلى أدنى مستوياته منذ قرابة ثلاثة أعوام.
ويُعزى هذا التطور إلى انخفاض أسعار الحبوب، بفعل المنافسة المحتدمة بين الدول المُصدِّرة لها، وبفضل حلول موسم الحصاد في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، وفي ظل وجود مخزون أميركي أكبر من التوقعات، من محاصيل مثل الذرة.
غير أن عودة أسعار السلع الغذائية عالمياً إلى مستوى عام 2021 السابق لنشوب أزمة أوكرانيا، لا ينفي أن صادرات الحبوب من «سلة الغذاء العالمية» التي لا تزال مسرحاً للقتال، باتت تواجه في الفترة الحالية صعوبات جديدة، على خلفية ما تشهده بعض ممرات الملاحة الدولية من اضطرابات، جراء الأزمات في الشرق الأوسط.
أزمة المهاجرين
وعلى عكس الانفراجة التي رُصِدَت على صعيد وضع الأمن الغذائي العالمي في الفترة الأخيرة، لم تشهد أزمة المهاجرين الناجمة عما يدور في أوكرانيا من مواجهات عسكرية، تطورات إيجابية مماثلة، حتى الآن على الأقل.
فوفقاً لأحدث إحصاء كشفت عنه الأمم المتحدة، بلغ عدد اللاجئين الأوكرانيين، نحو 6.4 مليون لاجئ بحلول 31 ديسمبر 2023.
وبلغ نصيب القارة الأوروبية من هذا العدد، 5 ملايين و975 ألف لاجئ تقريباً، ويُضاف هؤلاء اللاجئون إلى 4 ملايين أوكراني، أجبرتهم المعارك على النزوح بداخل بلادهم، بما قاد لحدوث أزمة اللاجئين والنازحين الأكبر في القارة الأوروبية بأسرها، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، إذ تشمل إجمالاً ما يزيد على ربع سكان أوكرانيا.
ويحظى اللاجئون الأوكرانيون في أوروبا تحديداً، بنظام «حماية مؤقتة» مُنِحَ لهم من الاتحاد الأوروبي، في إطار آليات طوارئ تم إقرارها للتعامل مع الأزمة.
ويسمح هذا النظام، الذي يستمر سريانه حتى مارس 2025، بأن يحصل اللاجئون الأوكرانيون، على حق الإقامة والعمل، وخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية في دول الاتحاد.
لكن المفارقة أن استمرار العمل بهذه الآلية، التي توفر «حماية فورية وجماعية» للاجئي أوكرانيا دون الحاجة إلى فحص طلباتهم الفردية؛ نظراً لأنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بالعودة إلى بلدهم الأصلي، بات يلقى تحفظاً، وأحياناً معارضة من جانب حكومة الرئيس زيلينيسكي نفسها.
فالسلطات في كييف يبدو أنها تعمل على دفع الدول المُستضيفة للاجئيها إلى تشجيعهم على العودة، لمواجهة النقص الحاد الذي تواجهه في تجنيد عناصر كافية للقتال في صفوف الجيش.
ورغم أن كييف لم تقدم بعد أي طلبات رسمية إلى الاتحاد الأوروبي لتشجيع عودة اللاجئين، فإن دبلوماسيين فيه كشفوا عن أن ثمة ضغوطاً تُمارس من جانبها لتشديد قواعد استضافة اللاجئين الأوكرانيين في المستقبل، وتحديداً بعد انتهاء فترة سريان التدابير الحالية في مارس من العام المقبل، وذلك لضمان عودة المزيد منهم إلى بلادهم، لدعم الاقتصاد، وتعويض الخسائر التي مُنيت بها القوات على الخطوط الأمامية.
وبالنسبة للسلطات الأوكرانية، التي تحتاج لحشد نصف مليون رجل في سن القتال، بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته الصيف الماضي، تكتسب هذه المساعي أهميتها في ظل ما يؤكده مسؤولوها، من أن أكثر من 750 ألف رجل نزحوا إلى أوروبا على مدار عاميْ الأزمة، وأن 18% من اللاجئين إلى دول القارة المختلفة، هم من الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و65 عاماً، بالرغم من أن الأحكام العرفية المطبقة في أوكرانيا، تمنع رجالها ما بين 18 و60 عاماً من السفر إلى الخارج.
من جهة أخرى، شهدت الأشهر القليلة الماضية تغيراً في المسارات التي يمضي عليها اللاجئون الأوكرانيون.
فبعدما كانت وجهتهم منذ اندلاع الأزمة، تتركز على الدول المجاورة لبلادهم وعلى رأسها بولندا، إلى حد إيوائها خلال العام الأول 1.6 مليون منهم، تقلص عدد هؤلاء ليصل إلى 960 ألف لاجئ، فيما زاد العدد الذي يقيم في ألمانيا مثلاً، ليصبح 1.1 مليون.
المشهد الأوروبي
إذا كانت أوروبا قد بوغتت بتدفق اللاجئين الأوكرانيين على دولها بعد نشوب الأزمة في 24 فبراير 2022، فإن ذلك الصدام قرع أجراس الإنذار على الصعيد الجيوسياسي في القارة بأسرها، بعدما وجدت نفسها إزاء المعارك الأعنف على أراضيها، منذ إسدال الستار على الحرب العالمية الثانية، قبل نحو 80 عاما.
فإلى جانب التحديات الاقتصادية والإنسانية والمخاطر المُحدقة بأمن الطاقة والمترتبة كلها على الأزمة الأوكرانية، فقد كشف تفجرها عن وجود ثغرات في البنية الأمنية لدول القارة ومنظومة الدفاع عنها، بما يجعل تلك البُلدان في احتياج مستمر للدعم العسكري، وهو ما دفع دولاً مثل ألمانيا وبولندا، إلى ضخ مزيد من الاستثمارات، من أجل تطوير قدراتها العسكرية.
وبحسب الخبراء، أظهرت تطورات الأزمة، ما وصفه كثيرون، بـ«البنية المتداعية لتوزيع القوى بشكل غير متناسب في أنحاء القارة العجوز»، وهو ما كان متوارياً تحت غطاء المؤسسات المختلفة، التي تقود العمل الجماعي فيها، في ما بعد الحربين العالميتين. وطرحت الأزمة وتبعاتها كذلك، تساؤلات بشأن مدى كفاءة تلك المؤسسات، وقدرتها على الاضطلاع بمهامها، وذلك بالتوازي مع إماطة اللثام عن وجود مصالح متنافرة، بين دول أوروبية، حيال ملفات محورية، مثل كيفية الدفاع عن بلدان الجناح الشرقي من القارة.
ففي العام الأول للصدام، بدا أن الدول الواقعة في الشرق الأوروبي أكثر حماسة للانخراط في التعامل مع الأزمة، من نظيرتها في الغرب.
لكن عدم وجود نهاية واضحة للصراع في الأفق وتزايد تكلفته الاقتصادية، أدى إلى تصدع الصف الشرق أوروبي نفسه، وذلك بعدما كثف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان مساعيه أخيراً، لتقليص الدعم لحكومة زيلينسكي، وهو ما بات يلقى دعماً من جانب سلوفاكيا. ويؤكد خبراء غربيون، أنه أياً كانت مآلات الأزمة الأوكرانية، فإنها ستسفر على الأرجح، عن تغير وجه أوروبا إلى الأبد، وظهور مراكز ثقل جديدة فيها.
فمنهم من يرى أن الأزمة دحضت، ولو جزئياً، تصوراً ساد لعقود، مفاده بأن دول شرق أوروبا ليست سوى «فناء خلفي منعزل وراكد»، تابع لدول غرب القارة، التي طالما كانت أكثر نفوذاً على الساحة الدولية. ويشير هؤلاء إلى أن بلدان الشطر الشرقي من أوروبا، ممثلة في مجموعة «بوخارست التسع»، بقيادة بولندا ورومانيا والمجر وغيرها، نشطت على الساحة الدبلوماسية بشكل لافت منذ اندلاع أزمة أوكرانيا، على حساب ما يصفه البعض بدول «أوروبا القديمة»، في إشارة إلى القوى التقليدية في الغرب الأوروبي.
جدل قديم
في الوقت نفسه، تجدد في غمار الأزمة جدل قديم جديد بين من يسعون لبلورة هوية أمنية ودفاعية للاتحاد الأوروبي ضمن حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وأولئك الراغبين في أن يتم ذلك بمعزل عن الحلف، بما يفضي لتشكيل قوة عسكرية أوروبية منفصلة عن قواته، في نهاية المطاف.
أما على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة، فيتفق محللون على أن ما سيتمخض عن الأزمة الأوكرانية من نتائج على الأرض، قد يحدد مسار تطور هذه الروابط، ويرسم ملامح طبيعتها المستقبلية.
فمن الساسة الأوروبيين من يعتبر أن الأزمة وطدت الأواصر على جانبيْ الأطلسي، وأظهرت أن لا غنى في الوقت الحاضر عن الشراكة القائمة بينهما، بعد أن بلغ حجم المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية التي قدمتها واشنطن لكييف، أكثر من 76.8 مليار دولار أميركي منذ اندلاع القتال.
في المقابل، ثمة من يرى أن الولايات المتحدة سعت للاستفادة مما يحدث، لتأكيد استمرار فاعلية حلف «الناتو»، وتعزيز مبيعاتها من الأسلحة، دون اكتراث بما يتكبده الحلفاء في أوروبا من خسائر، على صعد شتى.
دور إماراتي بارز سياسياً وإنسانياً لمواجهة تداعيات الصراع
منذ الوهلة الأولى، ظهر دور دولة الإمارات إنسانياً وسياسياً بشكل فاعل ونشط مع اقتراب الأزمة في أوكرانيا التي تدخل عامها الثالث في الـ 24 من فبراير الجاري، خصوصاً مع تفاقم آثارها التي تضرر منها ملايين الأشخاص حول العالم، إذ تواصلت حملات وقوافل المساعدات التي سيرتها الدولة إلى أوكرانيا بالتوازي مع المساعي السياسية والمبادرات الدبلوماسية لحل الأزمة سلمياً.
دور فاعل ونشط
بدأت جهود دولة الإمارات الإنسانية والدبلوماسية للتخفيف من تأثيرات وتداعيات الأزمة منذ تفجرها في 24 فبراير 2022، لا سيما مع تفاقم آثارها الإنسانية التي تضرر منها الملايين، وأثمرت مساعيها الدبلوماسية في نجاح وساطات بشأن تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
مواقف مشرفة
أوضح المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، الخبير في العلاقات الدولية السفير حمدي صالح، أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات لأوكرانيا تمثل نموذجاً عالمياً للدبلوماسية الإنسانية على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما ظهر في مئات الحملات الإغاثية التي سيرتها الإمارات إلى شعوب العالم المتضررة من الأزمات والنزاعات والكوارث.
وذكر صالح في تصريح لـ«الاتحاد» أن الإمارات قدمت العديد من نماذج المساعدات الإنسانية لمختلف شعوب العالم. وخلال العامين الماضيين، تضافرت جهود مؤسساتها لتقديم الدعم الإغاثي والإنساني لملايين الأوكرانيين الذين تضرروا من الأزمة، وخاصة النازحين منهم في دول الجوار.
ولفت صالح إلى أن الحضور الإنساني الفاعل لدولة الإمارات في الأزمة الأوكرانية يأتي من منطلق اهتمام القيادة الرشيدة بتعزيز السلام الدولي، وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في العالم، إضافة إلى محاولاتها الدؤوبة لمنع تفاقم المعاناة الإنسانية لأي شعب.
وأشاد المحلل الجزائري والخبير في الشؤون الأوروبية، توفيق قويدر، بتواصل واستمرار المساعدات الإغاثية والإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات للشعب واللاجئين الأوكرانيين في دول الجوار، واهتمام الدبلوماسية الإماراتية بحشد الجهود الدولية للتعامل مع الوضع الإنساني للمدنيين وضمان حمايتهم، ومساعيها لإتاحة دخول الوكالات الإنسانية، وإنشاء ممرات آمنة، ما ساهم في التخفيف من التداعيات الإنسانية للأزمة.
وذكر قويدر، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المساعدات الإنسانية الإماراتية المقدمة لأوكرانيا لم تتوقف طوال العاميين الماضيين، ما يعكس البعد الإنساني لسياسة الإمارات الخارجية، إلى جانب مبادراتها الدبلوماسية لحل الأزمة بالطرق السلمية، مما عزز من مكانتها، باعتبارها دولة محورية ذات ثقل إقليمي ودولي.
وتنوعت المساعدات الإماراتية لأوكرانيا خلال عام 2023، منها تقديم 4 ملايين دولار لرعاية الأطفال المتضررين، وإرسال طائرة تحمل 14 طناً من المساعدات الإغاثية، وباخرة تحمل 250 طناً من المساعدات للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية التي تواجه الأوكرانيين.
وأشار الخبير في الشؤون الأوروبية إلى أن مواقف الإمارات الإنسانية تحظى بتقدير واحترام كبيرين في صفوف الأوروبيين الذين يعتبرونها رائدة في مجال العمل الإنساني الدولي، وهو ما يجعلها سفيرة السلام إلى العالم، لا سيما أن مساعداتها لا ترتبط بأي توجه سياسي، ولا تمييز على أساس اللغة أو الجنس أو الدين أو العرق، إضافة إلى ذلك دورها المهم الداعم لقضايا السلام داخل أروقة المنظمات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن، وعملت على خفض التصعيد والتوتر، والعودة إلى طاولة الحوار.
الأكثر قراءة
آخر الأخبار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©
أخبار متعلقة :