صحيفة الخليج 365: علق الكاتب الدكتور بدر بن سعود، على ارتفاع معدلات الأكل في رمضان مقارنة بغيره من الشهور.
متلازمة رمضان
وقال بدر بن سعود في مقال له بعنوان "متلازمة رمضان"، المنشور بصحيفة "الرياض": بعد أربعة أيام أو أقل سيدخل شهر رمضان الكريم، وسترافقه عادات لا نعرفها إلا فيه، ولا أقصد الزيادة في جرعة العبادات وحدها، وإنما عادة بدأت منذ قرابة 21 عاماً، عندما قامت شركات الإنتاج التلفزيوني بالتركيز على الشهر الفضيل، وكأنه مهرجان فني لا تعبدي، وقد أجرت شركة (نتفليكس) في عام 2018، استطلاعاً لمعرفة سلوكيات المشاهدة العربية في هذا الشهر، وكانت على ثلاث دول عربية بينها المملكة، وشمل ألفا وخمس مئة وثمانية وأربعين شخصا، أعمارهم فوق 18 عاماً، وانتهت إلى أن نسب مشاهدتهم للتلفزيون ارتفعت بحوالي 78%، أو ما يعادل تسعين ساعة مشاهدة إضافية طوال شهر العبادة، زيادة على المتوسط العالمي الذي يصل إلى ست ساعات يومياً، وبالتالي فالتلفزيون يتفوق على غيره في الأيام الرمضانية، وحتى السوشال ميديا لا تنافسه.
حالة هستيريا
وأضاف: المسألة لا تتوقف عند الأعمال التلفزيونية، لأن الإعلانات تعيش حالة هستيريا بدورها، ولدرجة وصول مدة الفواصل الإعلانية بين البرامج المختلفة إلى 30 دقيقة، وبطريقة تجعل الإعلان مصدر إزعاج حقيقيا، ويوجد قانون في الاتحاد الأوروبي تم إقراره عام 2006، يلزم المحطات الأوروبية في دول الاتحاد، ألا تزيد فواصلها الإعلانية على 12 دقيقة، لكل ساعة بث تلفزيوني، حتى أنها هددت إسبانيا برفع قضية ضدها عام 2008، بعد زيادتها لفواصلها الإعلانية بمعدل ثلاث دقائق عن الرقم الأوروبي، والأنسب في اعتقادي هو تحرك منظمة التعاون الإسلامي أو الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي، ومحاولة القيام بإجراء مشابه لإيقاف فوضى الإعلانات في رمضان، أو البحث عن مواءمة تجمع بين الإعلام والإعلان، مثلما يحدث في إعلانات كرة القدم المصاحبة للمباريات، وفي الأعمال الغربية خفيفة الدسم الإعلاني، وفي منصة اليوتيوب.
مبيعات الأغذية
وأكمل: الإشكالية الأصعب تبدو في ارتفاع معدلات الأكل في رمضان، مقارنة بغيره من الشهور، وإلى حد وصول الإنفاق على المواد الغذائية في الدول العربية، وتحديداً في رمضان لعام 2023، إلى 66 مليار دولار، ولعل التضخم وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، مارسا دورا أساسيا في هذه الزيادة، بحسب شركة الأبحاث (رد سي كونسلتنغ)، والمتوقع أن يكون الرقم الرمضاني في 2024 إعجازيا بكل المقاييس، ما لم تعمل الأجهزة المعنية، على ضبط أسعار السلع الأساسية في رمضان، وتتوقف حالة الشراهة الرمضانية المعتادة، وبالأخص في وجبة الإفطار، فقد ارتفعت مبيعات الأغذية بنسبة 14% وتراجع الطبخ المنزلي بنسبة 50%.
الإنفاق الرمضاني
وزاد: حتى أن الإنفاق الرمضاني في عام 2023، زاد في المملكة بنسبة 44%، مقارنة بإحصاءات رمضان الذي سبقه، و35% من إنفاق السعوديين السنوي يكون في رمضان، ويصل إلى أكثر من 13 مليارا و300 مليون دولار، والأرقام ليست مرتبطة دائماً بالإعلانات الخاصة بها، ولا توجد علاقة طردية بينهما، وربما كانت العلاقة عكسية، أو أنها تحدث بشكل أكبر في مجالات الأزياء والأثاث، وفي غير المواد الاستهلاكية، والعجيب هو كثرة الكلام عن خفض الوزن والحمية الرمضانية بلا مرجعيات، أبسطها في رأيي، النظر في أسباب انتشار السمنة بين 35% من الأميركيين، مقارنة بـ7% من الفرنسيين.
وجبة الإفطار
وتابع: السوابق في الرمضانات الماضية، تشير إلى أن زيادة الوزن عامل مشترك ومستقر بينهم، رغم حرص معظم الناس على ممارسة الرياضة بانتظام، وبالذات قبل الإفطار، ولكن لا توجد منفعة حقيقة من ذلك، لأن الشخص يحرق سعرات حرارية أقل مما يكسب بعد وجبة الإفطار، ولا يمارس في الغالب نشاطاً تالياً باستثناء صلاة القيام، التي لا تحتاج لمجهود حارق للسعرات، إذا ما قورنت بالهرولة والمشي والسباحة اليومية، وبالنوم الليلي لثماني ساعات، فالأبحاث تربط بين قلة النوم في المساء وزيادة الوزن، وبينه وبين التوحش الغذائي، بجانب أن الإسلام لم يخترع الصيام ولكنه جاء بصيغة جديدة منه، فهو موجود في المسيحية والبوذية وبقية الأديان والثقافات، فهناك الصيام عن الماء أو اللحوم لفترات محددة، ويوجد أسلوب علاجي غربي يعتمد على الصيام عن كل شيء إلا الماء، لمدة ثلاثة أسابيع، إلا أنه لا يصلح لكل أحد، وفي الأحوال المثالية، الغذاء المتوازن في فطور رمضان يفترض أن يحتوي على 15% كربوهيدرات بطيئة كالتمور والخبز والباستا، و15% بروتينات كاللحوم والبيض، و50% خضروات وفواكه، و20% في السحور للحبوب والفاكهة المجففة، التي يدخل في تكوينها البوتاسيوم والصوديوم، لأنها تعالج غياب السوائل، وتخفض من احتمالية الإحساس بالعطش أثناء الصوم.
الحلويات والبرغر
وأوضح: لا أتابع بصراحة ما يعرض على شاشة رمضان إلا في حدود ضيقة، وأهتم بعائلتي الصغيرة والرياضة والقراءة، وبأشياء أخرى تخصني، وأتصور أن الصيام فعل أخلاقي وروحاني ونفسي بالدرجة الأولى، والصحة مهمة بالتأكيد، ولا حل إلا بالابتعاد عن المناسبات الاجتماعية والضغوط، فقد أكدت الدراسات أن الشخص يأكل أكثر بنسبة 60% عندما يكون ضمن مجموعة، وحملت الضغط النفسي مسؤولية رفع شهية النساء تجاه الحلويات والبرغر بنسبة 62%، وكلاهما يرفع من احتمالية الزيادة في الوزن.
أخبار متعلقة :