أسدلت استئنافية مراكش الستار عن المرحلة الابتدائية من محاكمة شبكة متهمة بالاستعباد الجنسي لفتيات مغربيات وقوادتهن لسياح خليجيين، فقد أدانت غرفة الجنايات الابتدائية بها، مؤخرا، 32 فتاة بشهرين موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 2000 درهم لكل واحدة منهن، بعد أن تابعتهن، في حالة سراح، بتهمة “الفساد”، في الوقت الذي لم تتم فيه متابعة 12 سائحا خليجيا من عيار ثقيل، يتقدمهم المغني الإماراتي، عيضة المنهالي، إذ سبق للنائب الأول للوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها، القاضي عبد الكريم القصاري، أن أعطى تعليماته بإخلاء سبيلهم مباشرة بعد الاستماع إليهم من طرف الضابطة القضائية، حيث غادروا مقر فرقة الأخلاق العامة بولاية أمن مراكش، ساعات قليلة بعد توقيفهم، مساء الثامن من شتنبر المنصرم، وهم يستعدون لإحياء حفلة ماجنة برفقة الفتيات المدانات، بفيلا كبيرة معدة للدعارة الراقية، تقع بمنطقة “النخيل” السياحية، والتي كان الفنان الإماراتي ومن معه يكترون أجنحة بها بإيجار لا يقل عن 22 ألف درهم لليوم الواحد.
الغرفة قضت، أيضا، بأحكام بلغ مجموع مددها ثماني سنوات نافذة في حق ثلاثة أشخاص كانوا يتابعون، في حالة اعتقال، بجناية “الاتجار في البشر”، ويتعلق الأمر بكل من “ياسين.ف” (40 سنة)، الذي أدين بأربع سنوات نافذة وغرامة قدرها 40 ألف درهم، وهو من مواليد جماعة “بوسدرة سيدي العابد”، بإقليم تاونات، وكان موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني من أجل جناية “الاتجار في البشر”، كما سبق أن قُضي ضده بعقوبة سالبة للحرية لإدانته بهتك عرض قاصر.
كما أدين بثلاث سنوات نافذة وبالغرامة نفسها المتهم “محمد.ف” (42 سنة)، المنحدر من القنيطرة، والمعروف في أوساط الدعارة الراقية بلقب “السيمو البيضاوي”، وكان انتقل، قبل سنوات، إلى مراكش بحثا عن العمل، قبل أن يلتقي بإحدى علبها الليلية مع قواد، يُدعى “يوسف البرهوش”، الذي عرض عليه العمل في نقل الفتيات إلى فيلات معدة للدعارة الراقية مقابل عمولة عن كل عملية.
وقُضي بسنة واحدة نافذة ضد المتهم “عبد الكريم.ص” (37 سنة)، المنحدر من مراكش، التي يعمل بها سائقا لسيارة أجرة كبيرة منذ تسع سنوات، وقد صرّح، أمام فرقة الأخلاق العامة، بأنه، ومع انتعاشة القطاع السياحي بالمدينة، حذا حذو بعض سائقي سيارات الأجرة، الذين ينقلون ممتهنات الدعارة من منازلهن إلى صالونات الحلاقة ومنها إلى العلب الليلية، قبل أن ينتقل إلى ممارسة القوادة، حيث أصبح معروفا بلقب “كريم”، ينقل الفتيات إلى فيلات الدعارة الراقية مقابل عمولة تتراوح بين 200 و500 درهم للفتاة الواحدة، كما يتسلم من السياح الخليجيين مبالغ تتراوح بين 500 و800 درهم عن كل واحدة منهن.
وفيما بقي صاحب الفيلا الراقية، المكونة من 11 جناحا وثلاث مسابح وحانة وعلبة ليلية، بمنأى عن المتابعة القضائية في هذا الملف، أدانت المحكمة مسيرها “عبد الكبير.ت” المتابع، في حالة سراح، بسنة نافذة وغرامة قدرها 3000 درهم، وهو الذي سبق له أن صرّح، تمهيديا، بأنه يتولى تسيير الفيلا، منذ حوالي ثلاثة أشهر قبل المداهمة الأمنية، معترفا بأن “دار السور” تستقبل زبناء أجانب، ينحدر معظمهم من الخليج، يقيمون فيها سهرات يمارسون فيها الفساد مع فتيات يجلبنهن بعض الوسطاء في الدعارة، وعند مواجهته ببطاقات تعريف وطنية عاينها الأمن بمكتب الاستقبال بالفيلا، ردّ بشكل تلقائي بأنها تعود لفتيات يتعاطين الدعارة، مقرّا بأنهن كنّ يتواجدن وقتئذ بعلبة ليلية بالطابق تحت الأرضي للفيلا، مجهزة بحائط كاتم للصوت، ومعدات موسيقية، ومكبرات للصوت، فضلا عن أرائك وطاولات ومشرب (كونتوار)، والتي أوقف الأمن بداخلها فتيات يرتدين لباسا مثيرا يُظهر مفاتنهن، ويضعن الكثير من مساحيق التجميل على وجوههن.
وأدانت المحكمة متهما ثانيا كان متابعا، في حالة سراح، يُدعى “يوسف.ع”، ويعمل سائقا لسيارة أجرة، بستة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 2000 درهم.
مصدر قانوني استغرب إدانة الفتيات اللائي وصفهن تقرير أمني لفرقة الأخلاق العامة بـ “الضحايا” اللواتي تعرّضن لسلب الإرادة وإهدار الكرامة، وقبل ذلك كانت النيابة العامة وضعتهن تحت الحراسة النظرية، لمدة يومين، بل وعمدت إلى تمديدها لأربع وعشرين ساعة إضافية، بقين خلالها رهن الاعتقال الاحتياطي في مخافر مقر ولاية الأمن، فيما لم تتخذ الإجراءات التحفظية، من قبيل حجز جوازات السفر لضمان المثول أمام العدالة المغربية، ضد شركائهن الأساسيين في التهمة التي توبعن بها، ويتعلق الأمر بالسياح الخليجيين، الذين لم يتابعوا قضائيا، من الأصل، وأطلق سراحهم ليسارع الفنان عيضة المنهالي، المشهور بلقبه الفني “صوت الإمارات”، إلى نشر صور وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها وهو “يستمتع بأجواء مراكش”، على أنغام أغنيته “مهما جرى”، برفقة 6 من إخوانه وأبناء عمومته، بينهما شرطيان في إمارة أبو ظبي، بالإضافة إلى 4 سياح خليجيين آخرين، (إماراتيان وسعودي وعماني)، وسائح يحمل الجنسية الهندية.
كما استغرب المصدر نفسه من أن البحث التمهيدي في الشبكة الأخيرة لم يأت، لا من قريب أو بعيد، على ذكر اسم صاحب “دار السور”، التي كانت مسرحا لجرائم الاستعباد الجنسي لعشرات الفتيات، مكتفيا بالإشارة إلى أنها حاصلة على ترخيص من ولاية مراكش على أنها “دار ضيافة”، في الوقت الذي سبق فيه لابتدائية المدينة أن أدانت، في وقت متأخر من ليلة 17 / 18 غشت من 2017، تسعة متهمين في ملف يتعلق بشبكة للدعارة الراقية، بعقوبات نافذة سالبة للحرية، بينهم صاحب فيلا بإقامة “الفرح”، بمنطقة “النخيل”، الذي توبع في حالة اعتقال، وقُضي ضده بستة أشهر نافذة، وهي العقوبة نفسها التي أدانت بها مسيرتها، كما أدانت بشهرين نافذين كلا من الحارس و المسؤولة التجارية عن الفيلا، التي أصدرت المحكمة قرارا بإغلاقها لمدة سنة.