محمد اسماعيل - القاهرة - كتب- محمد عاطف:
مثلما افتقدت الثقافة العلمية من إصدارات وكتب حديثة، للاهتمام الإعلامي كغيرها من الأنواع الثقافية الأخرى مثل القصص والروايات، لا يُسلط الضوء على كتابها ومترجموها كان آخرهم المترجم الكبير الذي رحل عن عالمنا منذ أيام مصطفى إبراهيم فهمي.
"فهمي" له أياد بيضاء، على الثقافة العلمية في مصر، فقد ترجم العشرات من الكتب العملية المهمة، ولولاه لما عرفنا ستيفن هوكنج ودوكنز والهندسة الوراثية والجينوم وغيرها من الأشخاص والمصطلحات العلمية.
حصل "فهمي" على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة عام 1954م، وعلى الدكتوراة في الكيمياء الإكلينيكية من جامعة لندن عام 1969، وحاز عضوية لجنة الثقافة العلمية بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 1997، كما ترأس لجنة الثقافة الطبية بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر 2003.
حصل على العديد من الجوائز لترجمة الكتب العلمية، منها جائزة ترجمة أحسن كتاب في الثقافة العلمية في معرض الكتاب بالقاهرة 1995، وجائزة مجلس الثقافة لترجمة كتب الثقافة العلمية، القاهرة 1996، وجائزة ترجمة أحسن كتاب في الثقافة العلمية في معرض الكتاب بالكويت 2000.
ويستعرض مصراوي أبرز الكتب التي ترجمها الراحل، ويأتي في مقدمتها كتاب "التنبؤ الوراثي"، تأليف زولت هارسنياي وريتشارد هتون، "الكوارث الكونية وأثرها في مسار الكون"، تأليف فرانك كلوز باسم النهاية، "الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية"، تحرير دافيد أرنولد، "الجينوم"، "الكون في قشرة جوز"، تأليف ستيفن هوكينغ.
ولسلسلة مكتبة الأسرة المصرية العديد من الكتب العلمية منها: "استنساخ الإنسان الحقائق والاوهام" من تأليف المحرران مارتاسي نسبوم، كاس ر. سانشتين، "صانع الساعات الأعمى"، تأليف ريتشارد دوكنز.
وترجم أيضًا للعالم الراحل ستيفن هوكينغ العديد من المؤلفات أبرزها: "علم الأحياء والأيدلوجيا والطبيعة البشرية"، "تاريخ موجز للزمان من الانفجار الكبير حتى الثقوب السوداء"، "مستقبلنا الوراثى: علم التكنولوجيا الوراثية وأخلاقياته"، "انتقال الحرارة"، "الثقوب السوداء"، "السياسات العلمية والتكنولوجية عند المسلمين: دروس وعبر".
وفي كتاب "الإنسانيون الجدد: العلم عند الحافة"، يقول "فهمي": "الإنسانيون الجدد" بانوراما واسعة تستعرض دور الثقافة عمومًا والثقافة العلمية بوجه خاص في دفع الحركة والتقدم والحيوية في مجتمع القرن الحادي والعشرين، وهو قرن يأتي مع أوج تسارع الأبحاث العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية المختلفة بحيث أضفى وصف الثورة على أكثر من مجال علمي، فهناك ثورة البيوتكنولوجيا، والتكنولوجيا وثورة المعلومات والاتصال، كما تضاعفت بسرعة رهيبة أبحاث الذكاء الاصطناعي والكونيات والفضاء، وكل هذا له تأثير هائل في المجتمع ماديًا وثقافيًا، بما يتطلب تفكيرًا ثقافيًا جديدًا ومتجددًا.
وفي كتاب "داروين مترددًا، نظرة مقربة لتشارلز داروين وكيف وضع نظريته عن التطور"؛ يقول "فهمي": لو طبع العلماء ورقة نقدية خاصة بهم، لظهر وجه داروين عليها! لهذه الدرجة، تصل مكانة هذا العالم. الأفكار التي طرحها في كتابه «أصل الأنواع» في عام ١٨٥٩، كانت خطيرة ومثيرة.
ويضيف: لم يكتفِ ديفيد كوامن باعتبار هذا الكتاب واحدًا من أكثر الكتب أهمية في مجال العلم خلال القرون الأخيرة، بل اعتبره أحد أهم الكتب على الإطلاق. ويشير كوامن في كتابه هذا إلى أنه رغم شهرة اسم داروين وكتابه "أصل الأنواع"، فإن أفكاره الحقيقية لم تحقق نفس الانتشار؛ فالبعض ممن يعتقدون أنهم متفقون معه في الرأي لم يفهموا بالضبط المغزى من النتائج التي توصل إليها.
ويقدم هذا الكتاب نظرة مقربة لعالم عظيم؛ تأخذ القارئ لما وراء ستار عظمة داروين وشهرته، وتتتبَّعه عن كثب في أفراح وصراعات وأحزان حياته الهادئة والمهمة في الوقت ذاته، على نحو استثنائي.
أما في كتاب "مستقبل بلا رجال؛ لعنة آدم: العلم الذي يكشف عن مصيرنا الوراثي"، من تأليف بريان سايكس فيقول "فهمي": بريان سايكس مؤلف هذا الكتاب، أستاذ للوراثة في جامعة أكسفورد، وقد حفزه للبدء بتأليف هذا الكتاب، أنه دعي مؤخراً إلى مؤتمر طبي كان الداعي إليه رجل أعمال يرأس شرطة أدوية واسمه أيضاً سايكس.
ويضيف فهمي: سأل الكثيرون سايكس العالم عما إذا كان على صلة قرابة بسايكس رجل الأعمال استفزته كثرة الأسئلة فأخذ يجري أبحاثاً لإثبات أو نفي وجود صلة قرابة بينه وبين رجل الأعمال. استخدم في أبحاثه هذه كروموسوم واي الذكوري. ينتقل هذا الكروموسوم من الأب وحده للابن الذكر وليس من الأب والأم معاً، كما في الكروموسومات الأخرى بنواة الخلية، دراسة تركيب الكروموسوم واي تمكّن من معرفة تسلسل النسب الأبوي وتمييز هوية الأقارب المنتمين لجدّ أو سلف واحد.
يتناول هذا الكتاب أسئلة كثيرة تدور حول ذكورة الرجال وكروموسوم وما المسبب لها، ويعرض كل هذا بأسلوب واضح رشيق موجّه أساساً لغير المختصين.
أما عن كتاب "النهاية: الكوارث الكونية و أثرها فى مسار الكون"، من تأليف فرانك كلوز، فيقول "فهمي" في ترجمته: معظم الناس يعرفون شيئا عما يهدد كوكبنا الأرضي من مخاطر الحروب النووية ومخاطر تلوث البيئة، أما احتمالات الكوارث الكونية فليست موضع اعتبار إلا عند القلة.
وفي هذا الكتاب يقوم المؤلف فرانك كلوز، بدور الدليل الذي يقودنا في رحلة علمية يتضح فيها الكثير مما يثير التفكير والتأمل عن مخاطر ينبغي أن تشغلنا.
فهناك مذنبات وكويكبات اصطدمت بالكواكب مثل كوكب عطارد وكوكبنا الأرض، وتركت آثارها في حفر هائلة في كل مكان، منها ماهو ظاهر حتي الآن في أريزونا بأمريكا الشمالية وفي جنوب غرب أفريقيا.
بل إن هناك نظرية تذهب إلي أن أحد هذه الاصطدامات ربما كان السبب في إنقراض الديناصورات. فإذا واصلنا الرحلة في منظومتنا الشمسية وجدنا أن الشمس يمكن أن تكون في طريقها لإستنفاد طاقتها، كما أن هناك نجوما تنفجر بما قد يهدد كوكبنا، بل إن الفضاء نفسه فيه ما يدل علي عدم استقراره.
ويقدم كلوز عرضا سلسا لآخر الأبحاث في علوم الجيولوجيا والكونيات وفيزياء الجسيمات، ولآخر ما وصلنا من معلومات من سفن الفضاء التي تسبره، وتكشف كل هذه الأبحاث عن كون هش بما هو أغرب من روايات الخيال العلمي.
أما الحل المأمول للبقاء وتجنب هذه الكوارث فهو باتخاذ إجراءات لا تقل عن ذلك غرابة، تهدف إلي إنشاء مستعمرات في الفضاء يأوي إليها الإنسان، أو أن تتحقق وثبة كيفية في مدارج التطور ينتج عنها إنسان مختلف عن الإنسان الحالي.
أخبار متعلقة :