الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من الرباط: يقترب حلم الربط الثابت بين أفريقيا وأوروبا عبر مضيق جبل طارق من التحقيق على أرض الواقع، بعدما فازت شركة "هيرينكنيشت إيبيريكا"، التابعة للمجموعة الألمانية الرائدة في بناء الأنفاق، بصفقة، أعلنت عنها الحكومة الإسبانية، لإجراء دراسة جدوى لمشروع نفق تحت البحر يربط بين جنوب إسبانيا وشمال المغرب.
وبذلك تضع، الرباط ومدريد، خطوة أولى نحو تحقيق الحلم المؤجل منذ ثمانينيات القرن الماضي، حينما فكر البلدان لأول مرة في المشروع.
وبحسب الشركة الألمانية، التي سبق أن أنجزت نفق "سيلفرتاون" في لندن، سيكون النفق عبارة عن خط للسكة الحديدية تحت البحر الأبيض المتوسط، من مدينة قادس (جنوب اسباني) إلى طنجة (شمال المغرب).
وفي حال تم بناؤه، فإن هذا النفق سيكون واحدا من أطول الأنفاق من نوعه في العالم، وسيجعل نقل البضائع والأشخاص بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي أسرع وأرخص.
وتبلغ المسافة بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق 13 كيلومترًا فقط، لكن الشركة تتوقع أن يمتد النفق لأطول من 13 كلم أغلبه تحت مستوى سطح البحر على أعماق تتراوح بين 175 مترًا إلى 475 مترًا.
ووفق المشروع، فإن نفق المغرب – اسبانيا سيكون أشبه بنفق بحر المانش. إذ سيتكون من نفقين متوازيين أحاديي المسار تسير عليهما القطارات السريعة للركاب والبضائع في اتجاهين متعاكسين. ويمكن للشاحنات والسيارات أن تستقل القطارات.
وعلى الرغم من العقبات التقنية والجيوسياسية التي أعاقت تحقيق هذا الطموح، فإن حلم الربط حظي أخيرا بدعم أوروبي قوي، ما يشير إلى إمكانية ترجمته إلى واقع ملموس.
ويُتوقع أن تصبح عمليات نقل البضائع والركاب بين أفريقيا وأوروبا أسرع وأقل تكلفة، مما يدعم النمو الاقتصادي في المنطقة، إذ يهدف المشروع إلى تعزيز التعاون بين المغرب وإسبانيا، خاصة في ظل العلاقات المتنامية بين الجانبين، ويدعم توجه الرباط نحو تعزيز موقعها كمركز تجاري ولوجستي يربط بين أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء.
التحديات التقنية والجيوسياسية
أوضحت شركة "هيرينكنيشت"، في بيان صحفي، أن المشروع يُمثل تحديًا تقنيًا هائلًا، بالنظر إلى طبيعة التربة الجيولوجية في المضيق وعمق المياه، بالإضافة إلى ضرورة تطوير تقنيات مبتكرة للحفر والبناء تحت هذه الظروف الصعبة، مشيرة إلى أن نجاح هذا المشروع سيكون بمثابة خطوة استراتيجية لربط القارتين، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن أيضًا في تعزيز الروابط الثقافية والإنسانية بين الشمال والجنوب.
وفي ظل رؤية المغرب الطموحة لتعزيز بنيته التحتية ودوره كمركز لوجستي عالمي، يمكن أن يصبح النفق إضافة نوعية إلى المشروعات الكبرى التي تسعى الرباط إلى تحقيقها، مثل ميناء طنجة المتوسط وخطوط السكك الحديدية عالية السرعة.
ولا تزال الدراسة في مراحلها الأولى، لكن المشروع يحمل في طياته وعدًا بتحقيق نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية بين أفريقيا وأوروبا. ومع الدعم الأوروبي والشراكات التقنية، يبدو أن العالم قد يشهد قريبًا واحدًا من أضخم مشروعات البنية التحتية في القرن الحادي والعشرين، حيث أن مشروع النفق بين المغرب وإسبانيا لا يُمثل مجرد ربط جغرافي، بل هو جسر حضاري وتجاري يُعيد تشكيل مفهوم الربط بين القارات، ويضع الأسس لمستقبل أكثر تكاملًا.
أخبار متعلقة :