السودان ينزف ولوس أنجلوس تواجه تحديات إعادة الإعمار

الرياص - اسماء السيد - في جولة الصحف اليوم، نستعرض مقالات تسلط الضوء على التداعيات المأساوية للحرب في السودان، التي ألقت بظلالها على حاضر البلاد ومستقبلها، ونناقش الدور المحوري للعمالة المهاجرة في إعادة إعمار مدينة لوس أنجلوس، حيث عصفت بها النيران خلال الأيام الماضية.

نبدأ جولة الصحف في صحيفة الغارديان البريطانية ومقال للكاتبة نسرين مالك تحذّر فيه من مغبّة تجاهل تداعيات الحرب في السودان.

وتقول الكاتبة إنه "من الصعب فهم السرعة التي تفككت بها البلاد، والأزمات المتداخلة التي تسببت فيها الحرب، فقد نزح الملايين، داخل البلاد وخارجها، ويعاني مئات الآلاف من المجاعة والعنف الجنسي الذي يحدث على نطاق واسع، وفقاً للأمم المتحدة".

في القضية الأخيرة تحديداً، تنقل الكاتبة شهادات من المناطق التي قام فيها جنود قوات الدعم السريع باغتصاب النساء والفتيات، حيث انتحرت ضحايا فيما تفكر أخريات بذات الفعل قبل أن يصبحن ضحايا للاغتصاب، وفق الكاتبة نسرين مالك.

على سبيل المثال، تنقل الكاتبة عن شابة من إحدى مناطق ولاية الجزيرة قولها إنها "أبرمت اتفاقاً مع قريباتها على الانتحار عند سماعهن نبأ اقتراب قوات الدعم السريع".

Getty Images
"لا يمكن تحمل استمرار الصراع واستقطاب وكلاء جدد"، وفق الكاتبة نسرين مالك.

وتؤكد الكاتبة على أن مثل هذه الحروب تستمر لأن "جهات خارجية تمولها، بينما يغض الآخرون الطرف عنها"، وتذكر منها الإمارات العربية المتحدة التي تصفها بأنها "اللاعب الأكبر في حرب السودان وإن انتصر حلفاؤها في الحرب ستُمنح القدرة على الوصول إلى موارد هائلة وقوة جيوسياسية".

وتنتقد نسرين مالك الإدارة الأمريكية التي احتضنت الإمارات علناً، ولم تصدر بياناً يُقيد تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة إلا بعد اهتمام إعلامي متواصل وضغوط من الناشطين السودانيين واهتمام في مجلس الشيوخ وفق قولها، وتزيد "جاء ذلك ملفوفاً ببيان أمريكي مفاده أن الإمارات العربية المتحدة كانت مساهماً إنسانياً طوال الحرب".

وتشير الكاتبة إلى أن "التعب من إراقة الدماء، والجمود، والحروب الطويلة الطاحنة من أوروبا إلى الشرق الأوسط تجعل من صراع السودان مجرد كارثة أخرى تتضاءل حوافها الحادة بسبب حقيقة أن الموت والجوع والإفلات من العقاب أصبحت القاعدة".

وتنوه إلى أهمية النظر نحو السودان وانهياره، حيث "لا يمكن عزله عن بقية العالم"، وهنا توضح بأن السودان من أكبر البلدان في أفريقيا، ويحده بلدان آخران اضطرت، مثل مصر، إلى استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين، أو تعرضت، مثل تشاد، لمخاطر تدفقات كبيرة من الأسلحة والمرتزقة على حدودها، وفق مقالها.

وتؤكد بأنه لا يمكن تحمل استمرار الصراع، واستقطاب المزيد من الوكلاء، والنزيف في بركة متزايدة من الموت والنزوح والدمار الذي سيكون من المستحيل احتواؤه، وفق رأي الكاتبة.

لوس أنجلوس: المهاجرون بين عبء إعادة الإعمار وتهديد الترحيل

Getty Images
43 في المئة من عمال البناء في كاليفورنيا هم من المهاجرين، بحسب تقرير لمجلس الهجرة الأمريكي.

إلى مقال نُشر في صحيفة واشنطن بوست للكاتب ليون كراوز تحت عنوان "من سيعيد بناء لوس أنجلوس؟"، يُسلط الضوء على الدور الحيوي للمهاجرين في إعادة إعمار المدينة بعد الكوارث التي شهدتها، مشدداً على أهميتهم في عملية البناء والتعافي.

وينقل الكاتب مشهد الحرائق التي اجتاحت لوس أنجلوس، ووصف الدمار الذي ألحقته، حيث أصبحت مناطق شهيرة مثل طريق ساحل المحيط الهادئ وشارع صن ست بوليفارد أكواماً من الرماد.

ووسط هذا الدمار الهائل، يتحدث المقال عن التحديات التي تواجه إعادة البناء، مشيراً إلى صعوبة التصاريح واللوائح البيروقراطية في المدينة، لكنه يؤكد أن الاعتماد الكبير سيكون على العمالة المهاجرة.

بحسب تقرير لمجلس الهجرة الأمريكي في عام 2020، فإن 43 في المئة من عمال البناء في كاليفورنيا هم من المهاجرين، ومعظمهم من أصل مكسيكي، كما يذكر المقال، ويؤكد أن العمالة المهاجرة تُمثّل المحرك الأساسي، وليست مجرد عنصر مساعد.

وينقل الكاتب عن سانتياجو أورتيز، وهو مصمم محلي ومستشار بناء، قوله إن "المهاجرين هم محرك البناء في لوس أنجلوس. وبدونهم، لن نتمكن من إعادة بناء ما فقدناه خلال الأيام الثلاثة الماضية".

ويستعرض المقال أمثلة من المدن الأمريكية الأخرى التي اعتمدت على المهاجرين في جهود التعافي، مثل هيوستن بعد إعصار هارفي في عام 2017، حيث شكّل المهاجرون أكثر من نصف عمال البناء، ووفروا مرونة وسرعة في التعافي رغم ظروف العمل الصعبة.

كذلك، يتحدث المقال عن دور المهاجرين في إعادة بناء فلوريدا بعد إعصار إيان في عام 2022، حيث أسهموا بشكل حاسم في إصلاح الأضرار الهائلة.

ويشير المقال إلى أن الاعتماد على العمالة المهاجرة يتجاوز أوقات الطوارئ، حيث يشكل المهاجرون 40 في المئة من إجمالي قوة العمل في مجال البناء في كاليفورنيا وحدها، وفقاً للرابطة الوطنية لبناة المنازل، ومع ذلك، فإن نسبة كبيرة من هؤلاء العمال غير موثقين قانونياً، ما يضعهم في مواجهة مستمرة مع تهديد الترحيل والسياسات العقابية، وفق المقال.

ويذكّر الكاتب بالسياسات المعادية للهجرة التي تبنتها إدارة ترامب، محذراً من تأثيرها السلبي على العمالة المهاجرة، مبيناً ضرورة تقدير مساهمتهم بدلاً من اضطهادهم وتوفير السلام والأمان لهم وأُسرهم بدلاً من ملاحقتهم بالتمييز والاضطهاد.

ويشدد على أن مستقبل لوس أنجلوس يعتمد على المهاجرين الذين سيسهمون في إعادة الحياة للمدينة، مشيراً إلى أنه سيكون من الفشل الأخلاقي تجاهل تضحياتهم بينما يعملون على إعادة بناء أمريكا، وفق كاتب المقال.

أخبار متعلقة :