الرياص - اسماء السيد - شكك منتقدو مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي في كون كاش باتيل مؤهلا لقيادة وكالة إنفاذ القانون الرئيسية للحكومة الأمريكية، معبرين عن مخاوفهم من أن الشخصية الهامشية في إدارة ترامب الأولى والمعروف بولائه، سيسعى إلى تفكيك جهاز الأمن الفيدرالي غير السياسي وإعادة صياغته كوسيلة للانتقام الحزبي.
وقال جيف لانزا، العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي إن "99.9 في المئة من موظفي المكتب هم عملاء مجتهدون يلتزمون بمبادئ الإخلاص والشجاعة والنزاهة"، مضيفاً أن "كاش جاء فقط لتدمير الوكالة، فكيف يمكن أن تسير الأمور على ما يرام وكيف سيؤثر ذلك على معنويات العملاء الذين يتعين عليهم العمل تحت إمرته؟" على حد قوله.
ويقود من يُعين مديراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي حوالي 37 ألف موظف عبر 55 مكتبا ميدانيا في الولايات المتحدة، كما يشرف على 350 مكتبا تابعا للوكالة، وأكثر من 60 موقعا آخر خارج الولايات المتحدة من المتوقع أن تغطي ما يقرب من 200 دولة حول العالم.
وقال مسؤولون سابقون في مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل في حديث لبي بي سي إن الوظيفة صعبة، وسيكون من المستحيل تقريبا على شخص مثل كاش باتيل، الذي يمتلك خبرة إدارية محدودة، أن يملأ مثل هذا المنصب بشكل فعال.
ووصف غريغوري بروير، المساعد السابق لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ونائب المستشار العام السابق، الذي عمل مع المدراء السابقين للوكالة، هذه الوظيفة بأنها "عمل لا يتوقف".
وقال لبي بي سي إن "هذا المنصب لا هوادة فيه، وهو عالي المخاطر، إنه يتطلب المقدرة على وزن الأمور واتخاذ القرارات، إضافة إلى قوة التحمل، والخبرة، وامتلاك بوصلة أخلاقية ومهنية قوية".
وعندما أُعلن عن اختياره لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، وصف ترامب كاش بأنه "محام ومحقق لامع ومقاتل أمريكي من الدرجة الأولى، وقضى حياته المهنية في فضح الفساد والدفاع عن العدالة وحماية الشعب الأمريكي".
بدأ كاش باتيل حياته المهنية كمدافع عام فيدرالي في ميامي قبل أن يعمل كمدع عام في قضايا الإرهاب في وزارة العدل بين عامي 2014 و2017، ثم أمضى عامين كمساعد أول للجمهوريين الذين قادوا لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، ويقال إنه كان من بين من تصدوا بقوة للتحقيق في القضية التي تتهم ترامب بالتواطؤ مع روسيا في انتخابات 2016.
وعندما سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب في عام 2019، عٌيين كموظف في مجلس الأمن القومي التابع لترامب، وفي فبراير/ شباط 2020، أصبح نائبا رئيسيا في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية - بقيادة القائم بأعمال المدير ريتشارد غرينيل.
وبحلول نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، انتقل باتيل إلى البنتاغون ليشغل منصب رئيس أركان وزير الدفاع بالإنابة، نائباً لكريستوفر ميلر - وهو المنصب الذي شغله حتى ترك ترامب منصب الرئيس بعد شهرين.
كما شغل كاش باتيل مناصب رئيسية في الأمن القومي في الحكومة، وقال أليكس فايفر، المتحدث باسم ترامب، لهيئة الإذاعة البريطانية "إنه مؤهل للغاية لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي وسيكون مديرا رائعا".
ويستشهد منتقدو كاش باتيل بمديري مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقين، الذين شق العديد منهم طريقهم عبر وزارة العدل أو مكتب التحقيقات الفيدرالي لعقود من الزمن، كمقياس أفضل للمؤهلات اللازمة لقيادة الوكالة.
وقال بروير عن تجربة وخبرة كاش "من المؤكد أنها ليست مثل الخبرات التي رأيناها في مديري مكتب التحقيقات الفيدرالي الآخرين، وأولئك الذين أشرفوا على وكالات فيدرالية أخرى ذات حجم مماثل وأهمية كبيرة".
وأشار البعض إلى ما ذكرة المدعي العام الأمريكي السابق، بيل بار، في مذكراته لعام 2022 عن محاولة ترامب وضع باتيل في منصب كبير في مكتب التحقيقات الفيدرالي في ولايته الأولى للتأكيد على هذه النقطة بشكل أكبر.
وجاء في المذكرات: "لقد عارضت بشكل قاطع تعيين كاش باتيل نائبا لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، لقد أخبرت مارك ميدوز أن هذا لن يحدث ولو "على جثتي"، وأضاف: "لن يتمكن شخص ليس لديه خلفية كوكيل أبدا من اكتساب الاحترام اللازم لإدارة العمليات اليومية للمكتب".
ومنذ ترك منصبه، وعد كاش باتيل في عدة مقابلات أنه إذا عاد ترامب إلى منصبه، فسوف يستخدم هو وآخرون الحكومة لملاحقة المعارضين السياسيين - بما في ذلك السياسيين وأعضاء وسائل الإعلام الذين يزعم دون دليل أنهم ساعدوا في قلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020.
وقال باتيل لستيف بانون، كبير استراتيجيي البيت الأبيض في ولاية ترامب الأولى، في بودكاست غرفة الحرب: "سنلاحق الأشخاص العاملين في وسائل الإعلام الذين كذبوا بشأن المواطنين الأمريكيين، والذين ساعدوا جو بايدن في تزوير الانتخابات الرئاسية".
وأضاف "سنلاحقك جنائيا أو مدنيا حسب ما يقتضيه ذلك، ولكن نعم، نحن ننبه الجميع، سنستخدم الدستور لمقاضاتهم على الجرائم التي قالوا دائما إننا مذنبون بها ونحن لم نرتكبها أبدا".
وكان ترامب قد قال خلال حملته لإعادة انتخابه إنه يعتبر كتاب كاش باتيل الذي يحمل العنوان "عصابات الحكومة" - بمثابة "مخطط" لإدارته القادمة.
وفي كتابة - وهو عبارة عن مذكرات تنتقد ما يسمى بالدولة العميقة - يدعو باتيل إلى "تنظيف شامل" لمكتب التحقيقات الفيدرالي من خلال طرد من يشغلون "المناصب العليا".
وفي إحدى حلقات البودكاست الأخيرة، قال إن إدارة ترامب القادمة تنوي الاحتفاظ بنحو 50 عضوا من موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن، وسيتم وضع القوة العاملة المتبقية في الميدان، وقال إنهم، في الأساس "سيغلقون هذا المبنى"، في إشارة إلى مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وأضاف: "سيتم فتحه في اليوم التالي كمتحف للدولة العميقة".
ولم يعلق مكتب التحقيقات الفيدرالي على طلب للتعليق على ما جاء في المقابلة.
وأشاد غرينيل ومسؤولون آخرون سابقون في إدارة ترامب عملوا مع باتيل بترشيحه، ووصفوه بأنه موظف عام مجتهد.
أما روبرت أوبراين، آخر مستشاري الأمن القومي لترامب، فقال على منصة إكس: "لا أشك في أن كاش باتيل سوف يلهم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يريدون مكافحة الجريمة وتدمير القامات الفاسدة والقبض على الجواسيس وسجن رجال العصابات والبلطجية والمحتالين والمتاجرين" على حد وصفه.
ومع ذلك، تطرق قليلون إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الحالي كريستوفر راي، الذي عينه ترامب بعد أن أقال جيمس كومي آنذاك، ولا يزال لديه ثلاث سنوات متبقية من ولايته.
وفي النهاية، يبقى الأمر متروكا لمجلس الشيوخ الذي سيصوت على ما إذا كان سيتم تأكيد ترشيح باتيل.
وفي حين التزم معظم أعضاء مجلس الشيوخ الصمت نسبيا بشأن كاش باتيل وأشاد عدد قليل من الجمهوريين بالاختيار، إلا أن هناك بعض الشكوك لديهم.
فقد أثار السناتور الجمهوري من ساوث داكوتا، مايك راوندز، بعض الشكوك حول حصوله على الأصوات اللازمة.
وقال راوندز في تصريح لبرنامج "هذا الأسبوع" على قناة إيه بي سي يوم الأحد: "أعتقد أن الرئيس اختار رجلا صالحا للغاية ليكون مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي عندما فعل ذلك في ولايته الأولى".
وعلق راوندز على كاش باتيل: "سنرى ما هي خطة (ترامب) وما إذا كان سيقدم هذا الترشيح بالفعل، ما زلنا نمر بعملية تتضمن المشورة والموافقة، والتي تعني بالنسبة لمجلس الشيوخ تقديم النصيحة أو الموافقة في بعض الأحيان".
وشدد رئيس لجنة القضاء بمجلس الشيوخ الديمقراطي، ديك دوربين، الذي سيسلم منصبه للجمهوريين قريبا، على أن ترامب يعرف أن فترة ولاية راي لم تنته بعد، ودعا زملائه إلى عدم الموافقة واعتماد كاش باتيل.
وقال دوربين في بيان: "الآن، يريد الرئيس المنتخب استبدال الشخص المعين بآخر موال له وغير مؤهل، يجب على مجلس الشيوخ رفض هذا الجهد غير المسبوق بهدف تسليح مكتب التحقيقات الفيدرالي لحملة الانتقام التي وعد بها دونالد ترامب".
أخبار متعلقة :