"مأزق فرنسا".. اختزال كيان دولة عظمى في مباراة كرة قدم!

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من باريس: لم تعد مباراة فرنسا وإسرائيل في بطولة دوري أمم أوروبا والمقرر لها الخميس بملعب سان دوني في ضواحي باريس مجرد مباراة كرة قدم بينهما فجوة هائلة، وفارق كروي كبير يسمح للمنتخب الفرنسي بفوز ساحق، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لهيبة ومكانة وكيان الدولة الفرنسية.

والمقصود هو كيان فرنسا (الدولة العظمى) سواء أمنياً في المقام الأول، وكذلك سياسياً وايديولوجياً، فهي معقل الحريات، ومن ثم يتوجب عليها حماية المنتخب الاسرائيلي وجماهيره من غضب المؤيدين لغزة ولبنان، والذين فجروا شرارة الانتقام من أي اسرائيلي في مباراة أياكس أمستردام ومكابي تل أبيب في هولندا الخميس الماضي.

ومن المقرر أن يراقب وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو بنفسه مباراة كرة القدم المقررة الخميس بين فرنسا وإسرائيل والتي وصفها مسؤول أمني كبير بأنها حدث "عالي الخطورة"، وهو أمر نادر في أوروبا أن يتدخل وزير الداخلية، وهو أعلى مسؤول أمني في مباراة لكرة القدم.

وزير الداخلية الفرنسي في غرفة العمليات
وقال مستشار فرنسي إن ريتيللو اطلع الاثنين على التدابير الأمنية المكثفة لمباراة دوري الأمم الأوروبية. وأضاف المستشار، الذي سُمح له بعدم الكشف عن هويته لمناقشة الموضوع بصراحة، أن ريتيللو سيكون في إحدى غرف عمليات الأمن في ملعب سان دوني أثناء المباراة.

وقد تزايدت المخاوف الأمنية في أعقاب أعمال العنف الأخيرة التي تعرض لها فريق إسرائيلي في أمستردام. فقد تعرض مشجعو فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي لاعتداء مستهدف من قبل السكان المحليين بعد مباراتهم ضد نادي أياكس الهولندي ليلة الخميس الماضي.

وقبل الحادث، قام بعض مشجعي مكابي بإنزال الأعلام الفلسطينية في وسط مدينة أمستردام وتدمير سيارة أجرة، كما قال القائم بأعمال قائد شرطة المدينة الأسبوع الماضي، وهتفوا مراراً وتكراراً بشعارات معادية للعرب.

4 آلاف رجل أمن لتأمين المباراة
وقال رئيس أمن باريس لوران نونيز إنه سيتم نشر 4 آلاف فرد أمن داخل وحول الملعب تحسبا لما وصفه بحدث "عالي الخطورة" في مقابلة أجريت معه الأحد مع قناة بي إف إم تي في.

وقال رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم فيليب ديالو لصحيفة "أويست فرانس" المحلية إن نحو 20 ألف تذكرة بيعت حتى الآن، وهو ما يشير إلى نسبة أمن تصل إلى رجل أمن لكل خمسة من الحضور.

ناشطون يطالبون بإلغاء المباراة
حتى قبل أحداث العنف في أمستردام، كانت مباراة فرنسا وإسرائيل بمثابة نقطة اشتعال سياسية. ففي الأسبوع الماضي، نظم ناشطون اعتصاماً أمام مقر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ، مطالبين بإلغاء المباراة احتجاجاً على الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة ولبنان والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين. كما طالب حزب فرنسا المتمردة، وهو أكبر حزب يساري في الجمعية الوطنية الفرنسية، بإلغاء المباراة.

لماذا لا تنقلون المباراة إلى جزيرة كورسيكا
وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي، اقترح النائب اليميني المتطرف جوليان أودول نقل المباراة إلى كورسيكا، وهي جزيرة قبالة الساحل الجنوبي لفرنسا حيث احتلت مرشحة حزبه مارين لوبان المركز الأول في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وزعم أودول أنه "لا يوجد معاداة للسامية" في الجزيرة.

لكن ريتيلو أصر على أن تقام المباراة على ملعب الفريق الفرنسي في سان دوني، إحدى ضواحي باريس، وأن تظل مفتوحة أمام الجمهور، بحسب مستشاره.

مناشدات للاعبي فرنسا بمقاطعة المباراة
أرسل عدد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية والرياضية والنشطاء في جمعيات دعم غزة رسائل ومناشدات عن طريق الفيديو إلى لاعبي المنتخب الفرنسي، تدعوهم إلى مقاطعة المباراة.

ستاد فرنسا.. حوادث سابقة
كان ستاد فرنسا مسرحًا للعديد من الأزمات الأمنية. خلال الهجمات الإرهابية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 في باريس، حاول ثلاثة انتحاريين دخول الملعب دون جدوى. قُتل الثلاثة كما قُتل أحد المارة خارج الملعب. كما استضاف ستاد فرنسا نهائي 2022 الذي شهد سحق المشجعين ورشهم بغاز الفلفل وضربهم من قبل الشرطة بسبب فشل سياسة إدارة الحشود.

مسموح برفع أعلام فرنسا وإسرائيل فقط
ومع ذلك، فإن العديد من الفعاليات الأولمبية التي أقيمت في هذا المكان هذا الصيف، سارت بسلاسة، ورغم أن الأمن أصبح في أيدي سلطات الشرطة، فقد طلب الوزير تطبيقا صارما لحظر رفع كل الأعلام باستثناء أعلام فرنسا أو إسرائيل باعتبار المباراة بينهما، ولا يمكن تبرير رفع أعلام أي دول أو كيانات أخرى.

ونصح مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مواطنيه بتجنب حضور المباراة "بشكل قاطع". وكانت مبيعات التذاكر بطيئة بالفعل قبل الهجمات التي وقعت حول مباراة مكابي تل أبيب ضد أياكس، ومن المتوقع أن تكون مباراة الخميس هي الأقل حضورا بين المنتخب الفرنسي على الإطلاق في ستاد فرنسا بهامش كبير.

ماكرون وساركوزي في الملعب
ومن المتوقع أن يحضر المباراة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء ميشيل بارنييه والرئيس السابق نيكولا ساركوزي، وهو من مشجعي كرة القدم المتحمسين.

وتترتب على هذه المباراة عواقب محلية ، حيث تعد فرنسا موطنا لأكبر جالية يهودية في أوروبا، كما تضم أكبر جالية من المسلمين أيضاً، ومن المرجح أن تظل التوترات مرتفعة طوال الأسبوع.

وبالإضافة إلى مباراة فرنسا وإسرائيل، من المقرر أن يحضر وزير المالية الإسرائيلي القومي المتطرف بتسلئيل سموتريتش حفلاً تستضيفه الجمعية اليهودية الفرنسية "إسرائيل إلى الأبد"، وهي جمعية متحالفة سياسياً مع اليمين المتطرف.

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، الثلاثاء، عن احتجاجات ضد زيارة سموتريتش المتوقعة إلى باريس، رغم أن خطط سفره لم تتأكد بعد.

أخبار متعلقة :