الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من القدس: لماذا تتراجع أعداد قتلى حماس وفقاً للاحصائيات التي يعلن عنها الجيش الإسرائيلي باستمرار؟ هذا هو السؤال المطروح على المستويين الشعبي والإعلامي في تل أبيب، وسط شكوك في أن الإعلان عن أرقام مبالغ فيها له هدف سياسي، يتمثل في محاولة الابتعاد عن التورط في قتل هذا العدد الكبير من المدنيين.
الأرقام المعلن عنها والمتفق لعدد القتلى الفلسطينيين في الحرب الاسرائيلية على غزة تقول إن العدد 43 ألفاً، ويظل السؤال "كم من بين هؤلاء مدني؟ وكم منهم ينتمي إلى حركة حماس؟"
في تموز (يوليو) قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل 17 ألف عنصر من عناصر حماس، ومنذ ذلك الحين، إذا جمعنا عدد المرات التي قال فيها الجيش الإسرائيلي إنه قتل العشرات من عناصر حماس في يوم واحد أو أكثر، فإن عدد القتلى من حماس لابد أن يرتفع إلى 18 ألفاً على الأقل، وربما حتى 19 ألفاً.
ومع ذلك، قالت مصادر في الجيش الإسرائيلي مؤخرا إن عدد قتلى قوات حماس بلغ نحو 15 ألفاً، فكيف عاد 3000-4000 من عناصر حماس إلى الحياة خلال الأشهر الأربعة الماضية؟ تساؤل طرحته "جيروزاليم بوست" في تقريرها.
علاوة على ذلك، هذه ليست المرة الأولى التي يضطر فيها جيش الدفاع الإسرائيلي أو الحكومة إلى التراجع عن إحصائيات، وحتى الأول من شباط (فبراير)، كان مسؤولو الدفاع يقولون إن إسرائيل قتلت نحو 10 آلاف من عناصر حركة حماس.
وبحلول الثاني عشر من شباط (فبراير)، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يقول إن الجيش الإسرائيلي قتل 12 ألفاً من عناصر حماس.
10 آلاف فقط؟
ورغم أن مصادر دفاعية متعددة قالت في الوقت الحقيقي إن العدد لا يزال أقرب إلى 10 آلاف/10500، إلا أن الجيش الإسرائيلي قام خلال أيام بتغيير إجماليه ليصبح متسقا مع ما قاله نتنياهو علناً.
وفي وقت لاحق، تراجع الجيش الإسرائيلي عن الأرقام إلى حساباته الأصلية، بحيث كان من المفترض أن يكون تقدير شهر تموز (يوليو) تقديراً صحيحاً، ومع ذلك، قام الجيش الإسرائيلي الآن مرة أخرى بمراجعة تقديراته لعدد القتلى من أعضاء حماس.
الأرقام الدقيقة مهمة.. بدونها كيف تهزم حماس؟
كيف يمكن لإسرائيل والجيش الإسرائيلي إجراء تقييمات حول مستقبل الحرب وكم من الوقت سوف يستغرق الأمر لهزيمة حماس حقًا بعد أي وقف لإطلاق النار دون الحصول على أرقام واقعية صارمة لا تستند إلى تفكير التمني؟
بعد مرور بضعة أشهر على الحرب، كان العالم كله تقريبا، باستثناء الولايات المتحدة، قد تحول ضد إسرائيل، وبعد مرور عدة أشهر على الحرب، تخطت إدارة بايدن استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي ينتقد إسرائيل.
وبحلول شهر أيار (مايو)، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تجميد بعض الذخائر التي تحتاجها إسرائيل لمواصلة القتال ضد حماس وحزب الله، ومنذ ذلك الحين، أصبح الحديث عن تجميد الأسلحة محل نقاش بشكل منتظم.
علاوة على ذلك، أوضح المرشحان الرئاسيان، نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، أنهما يريدان أن تنتهي الحرب قريبًا وبالتأكيد قبل يوم التنصيب في منتصف كانون الثاني (يناير).
وتريد قطاعات كبيرة من الجمهور الإسرائيلي أن تنتهي الحرب قريباً، وكثيرون منهم أرادوا أن تنتهي في أواخر الربيع كجزء من صفقة لاستعادة الرهائن الإسرائيليين من حماس.
لقد كانت هناك نقطة في الحرب حيث ربما كان من الممكن تقديم حجة لتزييت الإحصائيات قليلاً كجزء من الحرب النفسية التي كانت حماس وحزب الله يلعبانها أيضًا بشكل عدواني.
ولكن هذه الفترة الزمنية مرت منذ زمن طويل، وإذا كانت هناك أي شكوك، فكان ينبغي عليهم مراجعة التقديرات إلى الأسفل للحصول على أعلى مستوى من الدقة قبل وقت طويل من إعلان الجيش الإسرائيلي في تموز (يوليو).
المراجعات المستمرة تثير الشكوك
ويأمل المرء أن يكون هذا هو آخر تراجع مفاجئ من جانب جيش الدفاع الإسرائيلي لإحصائياته بشأن عدد مقاتلي حماس الذين قتلوا.
إن المراجعات الكبيرة المستمرة للأرقام لا تثير الشكوك حول مصداقية جيش الدفاع الإسرائيلي في الإبلاغ عن إحصاءات الحرب الأساسية فحسب، بل إنها تضر أيضاً بحرب العلاقات العامة التي تشنها إسرائيل لتقليل عدد المدنيين الفلسطينيين الذين يستطيع منتقدوها أن يقولوا إنهم قتلوا.
إذا كان عدد القتلى الفلسطينيين 43 ألفاً، فإن هناك فرقاً بين أن يكون 25 ألفاً من المدنيين أو 30 ألفاً من المدنيين، كما أن هناك فرقاً بين أن تظل حجج إسرائيل بشأن هذه القضية متسقة ومبنية على الأدلة أو أن ينظر إليها على أنها مسيسة.
لقد نجح جيش الدفاع الإسرائيلي في تفكيك 24 كتيبة تابعة لحماس. وهذه حقيقة يمكن رؤيتها على أرض الواقع. ولا يحتاج أحد إلى المبالغة في الأرقام لإثبات ذلك.
وفي الوقت نفسه، فإن حماس لديها آلاف أو أكثر من المقاتلين الذين اندمجوا مع السكان المدنيين وسوف ينتظرون العودة عندما يعتقدون أن اللحظة مناسبة، إن القول بأن عدد القتلى أكبر من العدد الحقيقي وعدم أخذ هذا التهديد على محمل الجد لن يساعد إسرائيل في المستقبل.
أخبار متعلقة :