فضيحة جديدة.. "وثائقي" يكشف أسرار "تجارة الفظائع" الإسرائيلية في غزة

ياسر رشاد - القاهرة - تهديدات وحملات تشويه للأمين العام للأمم المتحدة ومفوضي حقوق الإنسان لكشفهم جرائم الاحتلال

يُثير الفيلم الوثائقي الجديد "تجارة الفظائع: كيف تبيع إسرائيل تدميرها لغزة"، للإعلامي الأمريكي ماكس بلومنثال، جدلاً واسعاً على الساحة الدولية، مُسلطاً الضوء على  الاستراتيجيات الإعلامية والسياسية التي تتبعها إسرائيل لتبرير عملياتها العسكرية في غزة. 

 ويُقدم الفيلم، الذي يتميز بتحقيقاته الجريئة، وجهة نظر نقدية قوية  تُناقض الرواية الإسرائيلية الرسمية.

يتناول بلومنثال، المعروف بتحقيقاته المثيرة للجدل،  كيفية استخدام إسرائيل للأحداث المأساوية في غزة كأداة لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية. 

 ويُفند الفيلم  الادعاءات الإسرائيلية بأن عملياتها العسكرية تُعد دفاعاً عن النفس، مُقدماً  أدلة دامغة على حجم الدمار والخسائر البشرية التي يتكبدها المدنيون الفلسطينيون. 

 ويعتمد الفيلم على مقابلات مع شهود عيان وخبراء، مُقدماً تحليلاً دقيقاً للاستراتيجيات الإعلامية التي تُوظفها إسرائيل لتشكيل الرأي العام العالمي لصالحها.

 ردود الفعل العربية:

أثارت  الرواية التي يقدمها الفيلم الوثائقي  استجابةً واسعةً في العالم العربي، حيثُ رحبت العديد من الجهات الحقوقية والإعلامية بالفيلم، مُعتبرةً إياه  وثيقةً هامة تُكشف زيف الدعاية الإسرائيلية وتُبرز حجم المعاناة الإنسانية في غزة.  

وقد أشادت بعض المنظمات الحقوقية بالشجاعة التي اتسم بها بلومنثال في كشف الحقائق، مُطالبةً بضرورة محاسبة إسرائيل على جرائمها ضد المدنيين الفلسطينيين. 

 كما أعربت العديد من الشخصيات الإعلامية العربية عن دعمها للفيلم، مُشددةً على أهمية نشر  الحقيقة حول ما يحدث في غزة.

وقامت العديد من المراكز البحثية والجامعات باستضافة بلومنثال لعرض فيلمه الوثائقي وإجراء مناقشات تحليلية ما تضمنه الفيلم من وقائع تكشف الاستراتيجية الإعلامية الإسرائيلية المخادعة لارتكاب مزيد من الجرائم تحت شعار الدفاع عن النفس. 

 ردود الفعل الأجنبية

على الرغم من  الجدل الذي أثارته  الرواية التي يقدمها الفيلم، إلا أن ردود الفعل الدولية  كانت مُتباينة.  في حين رحبت بعض الجهات الحقوقية والدبلوماسية  بالفيلم، مُشيدةً بموضوعيته  وتحليله  للاستراتيجيات الإعلامية الإسرائيلية،  أبدت جهات أخرى  تحفظاً  على  بعض  المعلومات الواردة فيه،  مُدافعةً عن  الرواية الإسرائيلية  بشأن  أحداث غزة. 

 وقد  اتسمت  ردود الفعل  في  بعض  الدول  الغربية  بالتحفظ  والحذر،  في  ما  أعربت  جهات  أخرى  عن  قلقها  ازاء  الوضع  الإنساني  في  غزة  ودعت  الى  وقف  العنف.

 قدم الفيلم  وجهة نظر نقدية مُبنية على حقائق ميدانية، مما يجعله مرجعاً مهماً لكل من يسعى لفهم أعمق للصراع وتأثيراته الإنسانية والسياسية.  ويُبرز الفيلم  أهمية  التحقيق  في  الرواية  الرسمية  والتأكد من  دقتها،  مُسلطاً  الضوء  على  الآثار  المدمرة  للدعاية  الحربية  على  الرأي  العام  العالمي.

 وهذا الفيلم الوثائقي يؤكد ما تعرض له أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ومفوضين رفيعي المستوى في الأمم المتحدة المعنيين بحقوق الإنسان، لتهديدات مباشرة وغير مباشرة، وذلك عقب تقاريرهم المتكررة التي تُفضح انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في قطاع غزة.

حملات تشويه

 وشملت التعديات الإسرائيلية حملات إعلامية مُمنهجة تهدف إلى تشويه سمعة الأمين العام وتقويض مصداقيته، بالإضافة إلى تهديدات مُباشرة وغير مُباشرة تستهدف سلامته الشخصية.

 في المقابل، رفضت مصر والجامعة العربية هذه الحملات الإسرائيلية المُدانة، مُؤكدةً على ضرورة محاسبة إسرائيل على جرائمها وعدم التسامح مع أي محاولات للضغط على المنظمات الدولية أو المسؤولين الأمميين لكبح جهودهم في الكشف عن الحقيقة. 

وقد أكدت مصر والجامعة العربية على دعمهما الكامل للأمين العام للأمم المتحدة في جهوده الرامية إلى تحقيق العدالة وإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.

  وتُشير المعلومات إلى أن هذه التهديدات، هددت بـ"عواقب وخيمة" في حال استمرار الكشف عن الانتهاكات الإسرائيلية، وتكشف التقارير إلى وجود أدلة دامغة على انتهاك إسرائيل للقانون الدولي الإنساني،  إلا أن المجتمع الدولي لم يتحرك بشكل حاسم لمعاقبة إسرائيل على هذه الجرائم.

حشد الرأي العالمي

وفي سياق متصل، أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن سلوك إسرائيل في استخدام القوة بشكل عشوائي لا يضمن تحقيق سلام دائم، ودعا إلى مواصلة النضال ضد هذا الواقع من خلال حشد الرأي العام العالمي واستخدام آليات المقاطعة والعقوبات، بالإضافة إلى اللجوء إلى الفاعليات القانونية والقضائية. وشدد على أهمية التحرك الدبلوماسي الفعال لعزل الاحتلال ورفع تكلفته.

وأشار أبو الغيط إلى أن إسرائيل تفقد شرعيتها على الساحة الدولية، خاصة بين الأجيال الجديدة التي تُظهر تبايناً في رؤيتها للواقع المحتل مقارنة بالأجيال السابقة  ، لافتاً إلى أن هذه الأجيال، التي شهدناها تتظاهر دعماً لفلسطين، ستتولى قريباً مواقع مؤثرة في مراكز صنع القرار.

وحذر أبو الغيط  من تصاعد التوتر بين القوى الكبرى ودخول العالم في  مرحلة جديدة من الحروب الإقليمية التي تشمل ثلاثة أطراف نووية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع، وحدد ثلاث بؤر رئيسية للصراع: أوكرانيا، وبحر الصين الجنوبي، والشرق الأوسط .

 وقال أبو الغيط  "إن استمرار إسرائيل في سياساتها العدوانية، وتجاهل المجتمع الدولي لانتهاكاتها، يُشكل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الإقليميين،  إن الصمت الدولي المُريب يُشجع إسرائيل على المزيد من التصعيد،  مما قد يُؤدي إلى اندلاع حرب لا تُحمد عقباها."

 وأضاف أبو الغيط أن جامعة الدول العربية ستواصل جهودها للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والضغط الدبلوماسي لمحاسبة إسرائيل على جرائمها،  مُشدداً على أهمية الضغط الدولي لوقف الحرب،  وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.

تهديدات شخصيات دولية

كما أصدرت  فرانشيسكا ألبانيز  المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة،  قد أصدرت تقارير مُفصلة تُوثق انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في غزة،  وطالبت بفتح تحقيقات دولية مستقلة في هذه الجرائم.  إلا أن هذه التقارير لم تُلقَ آذاناً صاغية في العديد من الدول الغربية،  التي تُفضل التغاضي عن انتهاكات إسرائيل لحماية مصالحها الاستراتيجية.

قالت " ألبانيز"  المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ،  انها قدمت تقرير بعنوان "تفصيل الإبادة الجماعية" وكشفت أنها تلقت تهديدات خلال عملها على التقرير، ولكن هذا لن يؤثر على نتائجها، لافته إن إسرائيل تسعى للقضاء على الفلسطينيين عبر التصعيد الدائم للعنف والقتل، منوهة أن ما يحدث في فلسطين لا يمكن وصفه، وهو أكثر من الإبادة الجماعية.

وأكدت إن "إسرائيل لا تريد شهودا على الإبادة الجماعية"، وذلك في تعليقها على منع سلطات الاحتلال للمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، من دخول قطاع غزة.

ومن جانبه قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إن بعض موظفيها الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية في غزة أفادوا بأنهم تعرضوا لضغوط من السلطات الإسرائيلية ليصرحوا باعترافات كاذبة.

وقالت مديرة الاتصالات في أونروا جولييت توما إن الوكالة تعتزم تسليم المعلومات الواردة في التقرير غير المنشور المؤلف من 11 صفحة إلى وكالات داخل وخارج الأمم المتحدة متخصصة في توثيق الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان.

وأضافت "عندما تنتهي الحرب، يجب أن تكون هناك سلسلة من التحقيقات للنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان".وجاء في التقرير أن الجيش الإسرائيلي اعتقل العديد من موظفي الأونروا الفلسطينيين وأن سوء المعاملة والانتهاكات التي قالوا إنهم تعرضوا لها شملت الضرب الجسدي المبرح والإيهام بالغرق والتهديدات بإيذاء أفراد الأسرة.

يُثير هذا التقرير تساؤلات جدية حول مدى التزام المجتمع الدولي بحماية حقوق الإنسان،  وخاصة في ظل تهديدات تطال كبار المسؤولين الأمميين الذين يُحاولون كشف الحقيقة.  ويُبرز أهمية الضغط الدولي لمعاقبة إسرائيل على جرائمها،  ووقف انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان في غزة.  فالصمت الدولي يُشجع إسرائيل على المزيد من التصعيد،  مما يُهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة،  وإشعال حرب إقليمية واسعة.

 

أخبار متعلقة :