ياسر رشاد - القاهرة - في سياق نظام بيئي عالمي متكامل ومشترك بين القطاعات بشكل متزايد، لم يعد من الممكن معالجة الأمن السيبراني على أساس محلي أو قطاعي، ولكن يجب أن يشمل تبادل الخبرات، وزيادة الوعي، وكذلك لحماية البيانات والمعلومات الحساسة بشكل أفضل، في ضوء سيناريو جيوسياسي يتميز بأكثر من 50 صراعًا مستمرًا ودخول الذكاء الاصطناعي بقوة إلى الحياة اليومية.
هذا ما ظهر في اليوم الأول للنسخة السابعة من سايبرتيك أوروبا 2024، الحدث المرجعي الأوروبي السنوي في مجال الأمن السيبراني الذي تنظمه سايبرتيك العالمية، بالشراكة مع ليوناردووالذي عقد في مركز لانوفولا للمؤتمرات في روما، وفقاً لوكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وفي الكلمة الافتتاحية، قال ألفريدو مانتوفانو وكيل رئاسة مجلس الوزراء الإيطالي، إن "عدم الاستقرار الجيوسياسي المتزايد قد حول الأمن السيبراني من مسألة مرونة إلى مسألة أمنية ويتطلب استراتيجية للحد من نقاط الضعف النظامية".
ثلاث ركائز
أوضح مانتوفانو أن نهج الحكومة الإيطالية يعتمد على ثلاث ركائز: "تحسين المرونة ودعم الاستقلال الاستراتيجي وزيادة الوعي بالمخاطر السيبرانية بين المشغلين".
وأضاف مانتوفانو أن "السياق العالمي لعدم الاستقرار يجبرنا على التصرف على المستوى العام مع قدر أكبر من الاستقلال الاستراتيجي"، مشيراً إلى أنه في الأشهر الأخيرة، تم التوقيع على اتفاقيات مع ليبيا ومصر بشأن المسائل الحيوية كجزء من خطة ماتي.
وفي معرض حديثه عن الاستراتيجيات الوطنية المختلفة للتعامل مع التهديد السيبراني، أشار مانتوفانو إلى أنه "في بعض الأحيان تكون نقرة (click) مفاجئة كافية لإبطال سنوات من الجهود".
العامل البشري
وبيّن المسؤول الإيطالي أنه لهذا السبب، "حتى في العصر الرقمي، لا يمكن الاستغناء عن العامل البشري ونحن بحاجة إلى "تكثيف ثقافة الأمن السيبراني".
وأخيرا، وفقا لوكيل رئاسة مجلس الوزراء الإيطالي ، "لا يوجد أمن بدون أمن تشاركي" و"الإحساس بالانتماء للمجتمع ضروري لأمن أمتنا".
التكنولوجيا "قضية أمنية"
رأى روبرتو شينجولاني الرئيس التنفيذي لمجموعة ليوناردو الإيطالية للصناعات الدفاعية، في الجلسة الافتتاحية أن الأمن السيبراني يجب أن يكون أولوية في مستقبل أوروبا.
وأضاف: "نحن بحاجة إلى البدء في التفكير بشكل مختلف بشأن الأمن العالمي"، مشيراً إلى أن "التكنولوجيا هي قضية أمنية أساسية".
وفي كلمته، أكد شينجولاني من جديد أن التحدي الذي يواجه الأمن العالمي لا يمكن معالجته بطريقة مجزأة على المستوى الأوروبي.
نهج عالمي
وظهرت الحاجة إلى نهج عالمي لمواجهة التحديات السيبرانية من كلمات برونو فراتاسي، مدير الوكالة الإيطالية للأمن السيبراني، حيث قال إن القدرة على الصمود في وجه التهديد السيبراني "يتم توفيرها من خلال الأمن الجماعي، لذا فإن القدرة على الصمود تتطلب رسم خرائط للتهديدات".
وتابع مدير الوكالة الإيطالية للأمن السيبراني: "ستواصل منظمة الوكالة الوطنية للأمن السيبراني التزامها بمكافحة التهديد ورفع مستوى الوعي".
بالنسبة لفراتاسي، يعد الاستثمار في الأمن السيبراني استثمارًا مثمرًا، حيث إن "الأمن السيبراني هو مفتاح كل أنواع الأمن الأخرى".
وذكر فراتاسي أن الوكالة الوطنية للأمن السيبراني أطلقت حملة إعلامية تهدف إلى رفع مستوى الوعي بالمخاطر السيبرانية في الشركات الصغيرة والمتوسطة، مشددا على أن "العامل البشري هو الحاسم". في هذا الصدد، تريد الوكالة الوطنية للأمن السيبراني مواصلة رفع مستوى الوعي بالمخاطر السيبرانية وتعمل على إبرام اتفاقية مع وزارة التربية والتعليم "لضمان إدراج الأمن السيبراني في المناهج الدراسية، حتى في المدارس الابتدائية، إن أمكن".
ركائز التحول الرقمي
بالنسبة لتيودورو ليو الرئيس التنفيذي لشركة اتشينتوري إيطاليا: "لقد أصبح الأمن السيبراني أحد ركائز التحول الرقمي"، موضحا أن "التقارب بين التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي وأحدث حدود الذكاء الاصطناعي الوكيل، يُحدث ثورة في الطريقة التي نحمي بها البنى التحتية الحيوية والخدمات الرقمية".
وتابع أن شركة اتشينتوري "تستثمر 3 مليارات دولار لتطوير حلول لا تراقب التهديدات وتستجيب لها في الوقت الفعلي فحسب، بل تعمل بشكل مستقل ضمن أنظمة بيئية متعددة الوكلاء".
وأشار إلى "إن مستقبل الأمن السيبراني يمر أيضًا من خلال التدريب: ولهذا السبب أطلقنا منصة لتحديث مهارات المواهب من جميع أنحاء العالم بسرعة وبشكل شخصي وعلى نطاق واسع. ومع وجود أكثر من 1.500 متخصص نشط في قطاع الأمن السيبراني، و300 موظف جديد كل عام وشبكة من مراكز الابتكار الموزعة في جميع أنحاء إيطاليا، سنواصل دعم إيطاليا في طريقها نحو الريادة الأوروبية في مجال الأمن السيبراني".
الأمن السيبراني الشامل
كما تم تسليط الضوء على الحاجة إلى الأمن الشامل من قبل لورينزو مارياني، المدير العام المشارك ليوناردو، حيث قال: "اليوم، في المشهد الجيوسياسي المعقد، مع أكثر من 55 صراعا مستمرا، تلعب التقنيات الرقمية الجديدة، إلى جانب الأسلحة التقليدية، دورا رئيسيا في الأنشطة الدفاعية، لكنها تلعب أيضا دورا حاسما في الأنشطة الهجومية"، انتقالا من استخدام الأسلحة التقليدية إلى الطائرات بدون طيار، أو الذكاء الاصطناعي الذي وسع مفهوم الحرب الهجينة.
وأضاف أنه بسبب استخدام التكنولوجيا الجديدة لأغراض هجومية، فإن "الدفاع أصبح أكثر تكلفة من الهجوم"، لافتا إلى أن السيناريو الحالي يتطلب قدرات متقدمة لتحليل البيانات وضمان أمن البنية التحتية.