الامارات | الدولة تتصدى يومياً لـ 50 هجمة سيبرانية «غير تقليدية»

شكرا لقرائتكم خبر عن الدولة تتصدى يومياً لـ 50 هجمة سيبرانية «غير تقليدية» والان نبدء بالتفاصيل

الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - حذر خبراء ومختصون أمنيون وتقنيون من تصاعد التهديدات السيبرانية، لافتين إلى أنها تسبب خسائر مالية تقدر بتريليونات الدولارات على مستوى العالم، فضلاً عن إحداثها اضطراباً كبيراً في المجتمعات، ولها أشكال عدة أبرزها الجرائم الإلكترونية، والإرهاب، والحروب السيبرانية.

وكشفت إحصاءات عرضت خلال ندوة الجرائم المستقبلية التي نظمتها أمس الإدارة العامة للمؤتمرات والندوات الأمنية لنائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، أن الأجهزة المعنية في الدولة تتصدى يومياً لأكثر من 50 ألف هجمة سيبرانية، وأحبطت خلال الربع الأول من العام الجاري فقط 71 مليون هجمة، وتعرضت 49% من المؤسسات لهجمات برمجيات الفدية، لكن تمّ التصدي لها بنجاح.

وتفصيلاً، قال الفريق ضاحي خلفان تميم في كلمته الافتتاحية بالندوة، إن التطور السريع في المجالات التقنية واستخدام التطبيقات والبرامج الذكية في التعاملات دون ضوابط أو سياسات تحكمها سوف يترتب عليه آثار سلبية، وجرائم سيبرانية غير تقليدية مثل سرقة البيانات والابتزاز، والاحتيال الإلكتروني، والهجمات على البنية التحتية الحيوية، وعمليات التجسس السيبراني التي لا تعرف حدوداً مادية أو جغرافية.

وأضاف أن هذه الجرائم يمكن تنفيذها عن بُعد وبسرعة أكبر مقارنة بالجرائم التقليدية، ومن ثم يتحتم على أجهزة إنفاذ القانون العمل على تطوير بنيتها التقنية والإلكترونية وقدراتها البشرية المتخصصة في مكافحة تلك النوعيات من الجرائم والاستعداد للمستقبل وفق خطط استباقية مدروسة، يتم تحديثها بصورة مستمرة لمواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال، إضافة إلى ضرورة وضع تشريعات خاصة وضوابط قانونية للجرائم المستحدثة.

وأوضح أنه «مع تزايد الاعتماد على التقنية في جميع جوانب الحياة، تتضاعف المخاطر المرتبطة بارتكاب الجرائم السيبرانية، لذا يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المجتمع من مخاطر إساءة استخدام التقنيات الحديثة في ارتكاب جرائم يُعاقب عليها القانون عبر الفضاء السيبراني، وذلك من خلال التعاون الوثيق بين جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية والخاصة والأكاديمية لتعزيز الأمن السيبراني والعمل معاً لتطوير حلول مبتكرة. وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات في مجال الأمن السيبراني وتعزيز الوعي الأمني لأفراد المجتمع بجميع فئاته بدءاً من الأطفال والشباب وصولاً إلى كبار السن».

من جهته، قال رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، الدكتور محمد الكويتي، إن الأمن السيبراني هو الدرع متعددة الأوجه التي تدافع عن الأصول الرقمية للدولة، لافتاً إلى أن مخاطر التهديدات السيبرانية ترتفع عالمياً.

وأضاف أن هناك ثلاثة أشكال أساسية لتلك التهديدات، يتمثل الأول في الجرائم السيبرانية مثل الابتزاز والاحتيال وسرقة البيانات، والثاني الإرهاب السيبراني، الذي يستغل الثورة الرقمية وهيمنة منصات التواصل الاجتماعي، وأخيراً الحروب السيبرانية التي تستهدف البنى التحتية وتسبب تدميراً هائلاً للمرافق الرقمية للدول، مؤكداً أن الدولة تتعامل بشكل استباقي لمواجهة هذه التهديدات وإحباطها.

وتابع أن دولة الإمارات تحتل الصدارة في مكافحة هذه المخاطر، إذ تتصدى لأكثر من 50 ألف هجمة سيبرانية يومياً، وأحبطت خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 71 مليون هجمة.

وأشار الكويتي إلى أن الهجمات السيبرانية تتطور بشكل مخيف، ومنها الذي يستهدف التدمير الكلي للبنية التحتية للمؤسسات والدوائر، وهو أخطر بمراحل من برمجيات الفدية الخبيثة، لأن الأخير يستولي رقمياً على المؤسسات المستهدفة، ويحررها مقابل فدية معينة، فيما يستخدم الأول في الحروب السيبرانية ويهدف إلى التدمير الكلي، لافتاً إلى أن الدولة تصدت بنجاح لمثل هذه الهجمات الخطرة. وأوضح أن إجمالي الخسائر المتوقع أن يتكبدها العالم بسبب الهجمات السيبرانية بحلول العام المقبل 10.5 تريليونات دولار، فيما يتوقع أن تصل خسائر برمجيات الفدية فقط إلى 265 مليار دولار مع حلول عام 2031، إذ تتعرض المؤسسات لهجمة من تلك البرمجيات كل 11 ثانية.

وبلغت كُلفة خرق البيانات عالمياً خلال عام 2021 نحو 4.45 مليارات دولار.

وذكر أن «64% من المؤسسات حول العالم تعرضت لحوادث تتعلق بالأمن السيبراني في العام ذاته».

وتابع الكويتي أن «التهديدات السيبرانية أصبحت مصدر قلق كبيراً، في ظل الخسائر التي تقدر بتريليونات الدولارات، كما أنها تسبب اضطراباً مجتمعياً، وتستهدف الشركات والحكومات والأفراد، وغالباً ما يعمل المجرمون السيبرانيون في منظمات سرية، تجعل مقاضاتهم أمراً معقداً».

وأوضح أن «التهديدات تتطلب تكيفاً مستمراً للتدابير الأمنية، وتشمل هجمات على البنى التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء، والاتصالات، كما تتضمن هجمات منتظمة على القطاعات المصرفية، في ظل الاعتماد على المعاملات المالية عبر الإنترنت، إضافة إلى سرقة البيانات الشخصية، مثل سرقات الهوية والاحتيال المالي، والاستيلاء على أرقام الضمان الاجتماعي، وعناوين المنازل والمعلومات المالية».

وقال إن الهجمات الخطرة تشمل التضليل المعلوماتي الآلي، من خلال استخدام روبوتات الدردشة والبرامج الأخرى للتلاعب بالانتخابات، أو للترويج للعنف وزعزعة الاستقرار الاجتماعي، عبر نشر معلومات مضللة للتأثير على الرأي والسلوك العام.

بدوره، أفاد مدير مركز الدراسات المستقبلية في جامعة دبي، الدكتور سعيد الظاهري، بأن «تقنيات الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، إذ تحاول الحكومات استخدامها لتحسين وتعزيز المنظومة الأمنية السيبرانية، إلا أنها تستخدم كذلك من قبل العابثين في القرصنة واختراق الأنظمة الإلكترونية، من ثم يجب على الحكومات اعتماد نموذج الاستباقية والوقاية للبقاء في المقدمة».

وتوقع صوراً للجرائم المستقيلة خلال العقدين المقبلين، تشمل اختراق الدماغ والجسم من خلال شرائح ذكية، والاختطاف الافتراضي وشل المؤسسات، وجرائم الذكاء الاصطناعي الخارق، والأسلحة البيولوجية وهجمات التشفير الكمي.

إلى ذلك، حذر مدير أمن تكنولوجيا المعلومات بمركز دبي للأمن الإلكتروني، المهندس محمد عبدالله بن ثاني، من مخاطر التزييف العميق، لافتاً إلى أنها تقنية متطورة أصبحت تشكل تهديداً خطيراً على المجتمع، إذ تنشئ محتوى مزيفاً يتطابق مع الحقيقة ما يضاعف احتمالات التضليل والخداع.

وتناول مدير إدارة المباحث الإلكترونية، بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي العميد سعيد الهاجري، محور تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، موضحاً أن شرطة دبي والأجهزة الشرطية الأخرى تستخدم البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، ضمن منظومة أمنية للمحافظة على الأمن وسير العدالة في إمارة دبي، كما ترصد في الجانب المقابل الاستخدامات السيئة لهذه التقنيات وتعمل مع الشركاء للحد منها ومحاسبة مرتكبيها.


تغيير مفهوم الجريمة

ذكر رئيس نيابة أول، نيابة دبي المستشار الدكتور خالد علي الجنيبي، في محور بعنوان «كفاية النصوص القانونية في مواجهة الجرائم المستحدثة»، أنه لابد من الاعتراف بأن التطور التقني أدى إلى تغيير مفهوم الجريمة ونقلها من طور الجرائم التقليدية ذات المسرح المحدد إلى مستوى «الجرائم الافتراضية»، مؤكداً أن القانون الإماراتي يُعد الأفضل عالمياً في هذا الجانب، لكن يستلزم الأمر تحديثاً مستمراً.

وقال الجنيبي إنه من الضروري إنشاء محاكم ونيابات متخصصة في الجرائم السيبرانية، في ظل تضاعف أعدادها وتزايد مخاطرها.


مركز أدلة للجرائم السيبرانية

دعا المشاركون في ندوة الجرائم المستقبلية ودور الأمن السيبراني في عصر الثورة الصناعية الرابعة إلى تشكيل فريق عمل متخصص لإعداد منظومة البيانات الضخمة في الجانب الجنائي، وآخر لإعداد محتوى التوعية بمخاطر الجرائم السيبرانية.

وطالب المشاركون بسياسات تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتشريعات تتواكب مع التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي، مقترحين إصدار استراتيجية وطنية للحوسبة السحابية، وحصر التخصصات المطلوبة في مجال الجرائم المستقبلية، وإعداد منهج تعليمي للجرائم السيبرانية وتدريسها في مدارس وكليات الشرطة، وتعزيز قدرات الأجهزة القضائية والتحقيقية للتعامل مع قضايا الجرائم السيبرانية وتدريب المحققين على تقنيات التحقيق الرقمي.

وطالبوا بإنشاء مركز أدلة جنائية رقمية وتزويده بكوادر متخصصة ومؤهلة في مجال التحقيق بالقضايا الرقمية.

أخبار متعلقة :