تجسير العلاقات وتوثيق الصلات وإقامة التحالفات وتدوين المعاهدات ومد جسور التواصل والاتصال، حاجة إنسانية أزلية سعى إليها الإنسان منذ تواجده على ظهر كوكب الأرض، واستمر في تطوير أشكال هذه التحالفات والمعاهدات، وفق خصائص متعددة ومبادئ متدرجة في مجملها تجلب منافع وتُعزز مصالح، وتدفع أذى، وتُرسي قواعد حماية.
مجالات التعاون وقنوات التكامل وأسس الاتحاد تتجسد في فرص وإمكانات بشرية ومادية، وملكات ذهنية وعقلية تبتكر وتطور مسارات لا نهائية تخلق فرصا جديدة ومستمرة للعمل والإنتاج، وتوفر الحماية لأنشطة مشتركة، وتفتح آفاقًا للاقتصاد والاستثمار في صور تواكب التحضر والتقدم. تعددت المجالات والمسارات التي تُعد محور ارتكاز ونقطة التقاء للتعاون والتكامل بين المجتمعات والكيانات والدول، في شكل مجالس واتحادات وهيئات ومنظمات مختلفة ترتبط بقواعد ونظم ولوائح تُصيغ استراتيجيتها وتؤسس لأهدافها وتحكم سلوكها، لكن المتأمل يصل إلى حقيقة مفادها أن كل هذه التكتلات ما زالت تعاني من تصدعات وهشاشة في شكلها ومضمونها.
لم يكن نصيب الوطن العربي ذو وفرة في التكتلات والتقاربات فيما بين دوله، ولا أحسن حظًا في نجاح وفاعلية كيانات تكتلاته المؤطرة والأقل توافقًا لتحقيق أهدافها.
يتفاوت مدى نجاح التكاملات بين الدول والكيانات بمقدار القناعة بالأهداف وسمو الغايات والالتقاء حول مائدة المصالح التي تجعل من تلك التجمعات أكثر تماسكًا واقترابًا من غاياتها وأهدافها. بناء القناعات والإيمان بالمصالح المشتركة يعد درجة متقدمة لترسيخ أسس التعاون والتكامل وإطلاق مبادرات التكتل.
الكارتيل إحدى صور التكاتف والتكتل لعدد من أصحاب المصالح المشتركة والأنشطة المتشابهة في صور تُحقق أهداف الجميع بمنطلقات وأهداف يتم الاتفاق عليها مسبقًا، والتوافق على مستجداتها مرحليًا.
يعتبر كارتيل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) نموذجًا حيًا للكارتيل الذي يُنسق جهود الدول الأكثر إنتاجًا للنفط ويُحدد أولوياتها في هذا المجال للتوافق على أسس تخدم مصالح هؤلاء الأطراف وتُحسن مواقفهم أمام المنافسين. لكن يبدو أن بوادر تآكل تكتل “أوبك” تتزايد بعد أن علقت إندونيسيا عضويتها في عام 2009، وانسحبت منها كل من قطر عام 2019 والإكوادور عام 2020، وأنجولا في نهاية عام 2023، والذي بدوره يُشير إلى تراجع أقوى الكارتيلات في العصر الحاضر واقترابه من التناقص المفضي الى التلاشي.
بادرت دول عربية في عام ١٩٦٨ وأنشئت منظمة الدول العربية المصدرة للنفط “أوابك” تضم الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الجزائر، السعودية، سوريا، العراق، قطر، الكويت، ليبيا، ومصر. وتكتل عربي بهذا الحجم يمكن التعويل عليه في تحديد نقطة ارتكاز محورية للوطن العربي بين مركز دوله الأكثر قوة وأقرب إلى وسطه في الموقع الجغرافي تكاد تكون فرصة ملائمة لتطوير هذا التكتل العربي الأحادي ليس في مجال النفط فحسب، ولكن في مجال الطاقة عامة والطاقة البديلة، والفرص الاقتصادية والاستثمارية في تقنية المعادن والأنشطة الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية ليحظى بقوة داعمة تنبعث من الداخل إلى الخارج وليس “العكس” لتقوية مركزه في الحماية التلقائية التي تُقوي العمق العربي وتمكنه من حماية المحيط الخارجي. ضمن مفهوم كفاءة مقومات القوة وإعادة التوجيه التي لا بد لها من إرادة عربية جادة تستوعب المتغيرات وتوظف الفرص وتستفيد من التغيرات التي يراد لها أن تُفرض على المنطقة العربية لا سيما بعد خسارة الوطن العربي لنصف قطر من أقطاره وشق دولة جنوب السودان من المحيط الجغرافي العربي لتُسلخ من عروبتها كما يبدو في غير رجعه! وإغراق السودان العربي الجزء المتبقي في القتال الدائر بين مكوناته لإنهاك المنهك والعمل على إضعافه للمزيد من تفتيته. وكأن محيط الوطن العربي يُنقص من أطرافه.
حتمًا أن الضمير الجمعي العربي قد أيقن أن الذي يذهب لن يعود كما هو حال السودان، وأن الاحتفاظ بما تبقى مسؤولية جماعية لها أن تُستشعر بقوة.
لقد سبق أن تم التصريح علانية بالفوضى الخلاقة التي كان ظاهرها نشر الديمقراطية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وباطنها تدمير المقدرات ونهب الثروات، ولسوء الحظ أكثر من تلقى وتبنى شعار الفوضى الخلاقة الشعوب العربية التي تحملت كامل المأساة التي روج لها الإعلام بالجذب والخداع ومهدت لها الدعاية بالزيف والتضليل لتجعل من البيئة العربية سلة للصراع ومحفظة للنزاع.
لا نذهب بعيدًا! لنقف قريبًا من واقع الوطن العربي المنهك بالصراعات في داخله ومن خارجه لترسيخ القناعات حول حتمية التكتلات للوطن العربي لمحورية موقعه الجغرافي وبعده الجيواستراتيجي الفريد من نوعه بين أقطار العالم. ليُختزل الصراع عليه في الصراع من أجله، ضمن كارتيل يطور كارتيل الطاقة القائم إلى تكتل للموارد والطاقة أعم وأشمل.
محمد الفايدي – صحيفة الدستور
كانت هذه تفاصيل خبر تلاحم وتفكك التكتلات لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :