على الرغم من مرور عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، لا تزال قصص ”الجدات“ الكوريات اللاتي جئن إلى اليابان في فترة ما قبل الحرب، تلقي بظلالها على ذاكرة التاريخ. هؤلاء النساء اللواتي عشن كأفراد في مجتمع مستعمر ثم أصبحن غرباء في وطنهن بعد الحرب، تحمل كل واحدة منهن قصة مليئة بالتحديات والألم. في عام 2024، كشف المخرج كيم سونغ وون في فيلمه الوثائقي عن هذه القصص الإنسانية المذهلة، ليروي معاناة الأجيال التي نشأت بين التغيرات السياسية والجغرافية، ويسلط الضوء على تاريخ غالبًا ما كان مغيبًا. من خلال عدسة هذا الفيلم، نغوص في حياة هؤلاء النساء اللاتي عايشن فصولًا من الاستعمار، الحرب، والاغتراب، لنكتشف كيف شكلت تجاربهن التاريخ الشخصي والجماعي لشعب كامل.
صدر الفيلم الوثائقي أريرانغ رابسودي: الهالموني ما وراء البحر في ربيع عام 2024، وهو عمل من إخراج كيم سونغ-وون يسلط الضوء على حياة النساء الكوريات من الجيل الأول المقيمات في اليابان، وخاصة في حي ساكوراموتو بمدينة كاواساكي بمحافظة كاناغاوا. يعكس الفيلم جانبًا من التاريخ الحي والمعاصر لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، متناولاً حياة هؤلاء النساء المعروفات بـ”الهالموني“ (جدات بالكورية) اللاتي عشن تحت وطأة السياسات الاستعمارية اليابانية وأثر الحرب على مجتمعاتهن.
يروي الفيلم قصصًا شخصية مؤثرة لعدد من الهالموني، مستعرضًا معاناتهن خلال فترة الاحتلال الياباني لكوريا، وما تبعه من تحديات في التأقلم مع مجتمع جديد بعد الحرب. يُظهر الفيلم ببراعة الأثر العميق للأحداث التاريخية الكبرى على الحياة الفردية، حيث تعكس كل قصة صراعًا إنسانيًا مليئًا بالدموع والصمود.
رغم المحن التي مررن بها، تمكنت هؤلاء النساء من إظهار مرونة وإرادة قوية ساعدتهن على بناء حياة مستقرة وسعيدة في سنواتهن الأخيرة. يقدم الفيلم صورة مُلهمة عن الكفاح الإنساني، ويُبرز دور الهالموني كشاهدات على التاريخ وكأيقونات للصبر والقوة.
إضافةً إلى ذلك، يُبرز أريرانغ رابسودي الجوانب الثقافية المشتركة بين المجتمعين الكوري والياباني، مثل الطعام واللغة والتقاليد، مما يعكس روح التضامن والإنسانية رغم الفجوة التاريخية بين البلدين. يُعد الفيلم دعوة للتأمل في أهمية التعايش والسلام والتصالح مع الماضي لبناء مستقبل أفضل.
قصة سيو يوسيون
ولدت سيو يوسيون عام 1926 في مقاطعة غيونغسانغ الجنوبية بكوريا، لتعيش حياة مليئة بالمحن والصعوبات التي بدأت منذ صغرها. في عام 1940، حين كانت في الرابعة عشرة من عمرها، انتقلت إلى اليابان مع والدتها، حيث بدأت فصلًا جديدًا من حياتها في ظل ظروف قاسية فرضتها الحرب العالمية الثانية. تزوجت سيو ورزقت بمولودها الأول وهي في الثامنة عشرة، لكنها اضطرت للعمل في ظروف شاقة أثناء الحرب، حيث تقول: ”كنا نعمل في مصانع الخراطة، ومصانع النسيج، والمناجم. لقد عملنا وتحملنا شتى أنواع الأعمال الشاقة معًا كأسرة واحدة ندعم فيها بعضنا البعض“.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وهزيمة اليابان، تمكنت عائلة سيو من العودة إلى كوريا على متن قارب صغير. لكن سرعان ما واجهت مأساة أخرى، إذ فقدت والدتها وزوجها، لتجد نفسها وحيدة مع ابنتها الصغيرة التي لم تتجاوز الثالثة من عمرها. تفاقمت الأمور مع اندلاع الحرب الكورية عام 1950، والتي دفعت سيو إلى اتخاذ قرار صعب عام 1957: العودة إلى اليابان بحثًا عن الأمان والاستقرار، تاركة ابنتها في رعاية أقاربها.
رحلة العودة إلى اليابان لم تكن أقل صعوبة من حياتها السابقة؛ فمع إغلاق الحدود اليابانية، اضطرت سيو للمخاطرة بحياتها، مختبئةً في قوارب صيد صغيرة تتقاذفها الأمواج العاتية. ورغم الخطر المحدق، لم تتراجع عن هدفها، مُظهرةً إرادة لا تلين في مواجهة المحن.
بعد وصولها إلى اليابان، بدأت سيو حياتها من جديد في ظروف لا تقل قسوة. عملت في وظائف شاقة، متنقلة بين مواقع البناء، وتنظيف المباني، وغسل الأطباق، لتعيش حياة ملؤها الكفاح حتى تقاعدها عام 2004، وهي في الثامنة والسبعين من عمرها.
تظهر سيو في الفيلم الوثائقي وهي تسرد هذه التجارب المؤلمة التي شكلت حياتها. تأثرت بشدة أثناء الحديث عن ماضيها، قائلةً وهي تمسح دموعها: ”لم أعرف الخير أبدًا طيلة حياتي، التي كانت مليئة بالصعوبات والتحديات.“ قصة سيو تسلط الضوء على قوة الإنسان في مواجهة المحن، وتُبرز مرونة لا تصدق في السعي للنجاة والكرامة رغم كل الصعوبات.
تشويه الاحتلال لحياة الكوريين
تناول فيلم ”أريرانغ رابسودي“ (Arirang Rhapsody) الجانب المظلم من التوسع الياباني وآثاره العميقة على حياة الكوريين، مسلطًا الضوء على معاناة جدات الهالموني خلال تلك الحقبة المؤلمة. منذ أن فرضت اليابان سيطرتها رسميًا على كوريا في عام 1910، تغيّرت حياة الكوريين بشكل جذري، حيث أجبر الكثيرون على مغادرة منازلهم وأماكن عملهم قسرًا. ومع تصاعد التوسع العسكري الياباني، خاصة بعد غزو الصين عام 1937 واندلاع الحرب العالمية الثانية في آسيا، زاد استغلال الكوريين الذين تم تجنيدهم قسرًا للعمل في المناجم والمصانع داخل اليابان.
تشير السجلات التاريخية إلى أن حوالي مليوني كوري تم نقلهم قسرًا إلى الأراضي اليابانية بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945. بعد انتهاء الحرب وهزيمة اليابان، بقي حوالي 600 ألف كوري في اليابان، إذ اختار العديد منهم البقاء نظرًا لظروف الحرب الكورية المستعرة وعدم إمكانية العودة بسهولة إلى وطنهم.
استقر الكثير من هؤلاء الكوريين في جنوب كاواساكي، حيث بنوا مجتمعًا متماسكًا يُعرف اليوم بتاريخه العريق. ورغم التمييز العنصري الذي واجهوه، بالإضافة إلى العوائق الثقافية واللغوية، إلا أنهم أظهروا مرونة مدهشة في بناء حياة جديدة. دعمت هذه المجتمعات بعضها البعض، مُشكِّلة قاعدة قوية للنجاة من الأزمات وتحقيق الاستقرار، وهو ما يعكسه الفيلم بعمق من خلال قصص الهالموني ومجتمعات الكوريين الأوائل في اليابان.
يُظهر الفيلم بوضوح التحديات التي واجهها هؤلاء الأفراد، لكنه يبرز أيضًا قوة الروابط الاجتماعية والإرادة البشرية في التغلب على الصعاب، مما يجعله شهادة حية على فترة تاريخية معقدة لا تزال تؤثر على العلاقات بين اليابان وكوريا حتى اليوم.
المخرج كيم سونغ وون (© هامادا نامي)
المخرج كيم سونغ-وون، الذي ينتمي إلى الجيل الثاني من الكوريين المقيمين في اليابان، أظهر اهتمامًا عميقًا بتوثيق حياة الجيل الأول من الكوريات المقيمات في اليابان. بدأ رحلته السينمائية بهذا الموضوع من خلال فيلمه الوثائقي الأول Hana hanme، الذي صدر عام 2004، حيث ركّز على حياة النساء الكوريات في حي ساكوراموتو بمدينة كاواساكي. ورغم أهمية هذا العمل، فإنه لم يتمكن من تسليط الضوء بشكل كامل على حجم المعاناة والاضطرابات التي مر بها ذلك الجيل.
بدافع حرصه على الحفاظ على إرث هؤلاء النساء، عاد كيم مرة أخرى لتناول هذا الموضوع في فيلمه الوثائقي ”أريرانغ رابسودي“، مع تركيز أعمق على تجارب الجيل الأول. أدرك كيم أن شهادات الجيل الأول ليست مجرد روايات شخصية، بل مصادر تاريخية فريدة تسلط الضوء على حقبة مظلمة من تاريخ اليابان والمنطقة بأسرها.
عبر كيم عن قلقه الكبير من ضياع هذا الإرث التاريخي مع رحيل الجيل الأول الذي شهد الحرب العالمية الثانية وأحداثها بشكل مباشر. ورأى في شهاداتهم قيمة لا يمكن تعويضها، حيث لا تمثل قصصهم فقط معاناة شخصية، بل تعد جزءًا من التاريخ الإنساني والجماعي الذي يشكل الهوية الثقافية والتاريخية للمنطقة.
لهذا، اعتبر كيم توثيق هذه التجارب مسؤولية تاريخية وثقافية، بهدف ضمان بقاء قصص الجيل الأول حيّة للأجيال القادمة، وتقديم فهم أعمق للمعاناة التي عايشها هذا الجيل، والتي يمكنها أن تسهم في تعزيز الحوار حول العدالة التاريخية والتفاهم بين الشعوب.
أهمية الجيل الأول في تاريخ اليابان
لم يكن الخوف من ضياع واندثار ذاكرة الجيل الأول من الكوريين المقيمين في اليابان هاجسًا فرديًا يقتصر على المخرج كيم سونغ-وون، بل أصبح دافعًا جماعيًا يجمع بين أفراد ومجموعات مختلفة من المجتمع. كان فيلم Arirang Rhapsody ثمرة جهود مشتركة، استندت إلى شراكات مجتمعية تهدف إلى الحفاظ على تاريخ زاينيتشي وإبرازه كجزء من الهوية الثقافية والتاريخية للمنطقة.
من بين هذه الجهود، برزت مبادرة تنظيم جولات دراسية في منطقة الواجهة البحرية لمدينة كاواساكي، التي تُعد شاهدة على تاريخ مجتمع الكوريين المقيمين في اليابان. أتاحت هذه الجولات للمشاركين فرصة الاستماع إلى روايات وشروحات حول تاريخ المدينة وعلاقتها بالمهاجرين الكوريين، مما عزز من الوعي المجتمعي بقصصهم ومعاناتهم.
وفي هذا السياق، تحدث ميورا توموهيتو، أحد منظمي الجولات، قائلاً: ”لقد كان الجيل الأول من المهاجرين الكوريين إلى اليابان يتمتعون بإرادة لا تقهر. لم يتوقفوا يومًا عن النضال ضد التمييز غير العادل الذي واجهوه، وتاريخ حياتهم محفور بعمق في هذه المدينة. من خلال استحضار حياة هؤلاء النساء، يمكننا مشاركة ذكريات المكان، وفهم كيف تحول عبر العقود ليصبح على ما هو عليه اليوم.“
تبرز هذه المبادرات الجماعية أهمية الحفاظ على إرث الهالموني، ليس فقط كجزء من التاريخ الكوري، بل كعنصر من العناصر التي شكلت التطور الاجتماعي والثقافي لمدينة كاواساكي. إنها دعوة للتفكير في التضحيات التي قُدمت عبر الأجيال، وكيف يمكن للذاكرة الجماعية أن تكون جسرًا لفهم الحاضر وبناء مستقبل أكثر إنصافًا.
ميورا توموهيتو، رئيس المنظمة الاجتماعية سايكيو شا لرعاية أطفال المقيمين الكوريين، والتي تدير حضانة وروضة أطفال وقاعة صداقة في كاواساكي.(©هامادا نامي)
ميورا إلى اليمين، رفقةالمشاركين في جولة بكاواساكي. (© هامادا نامي)
خلال الجولة الدراسية، أظهر ميورا توموهيتو شغفًا واضحًا عندما تحدث عن قاعة الصداقة في كاواساكي، التي أُنشئت عام 1988 من قبل حكومة المدينة لتعزيز التعايش الثقافي والتفاهم بين سكانها. تهدف القاعة إلى تعريف الناس بتاريخ التمييز الذي تعرض له الكوريون المقيمون في اليابان، كما أنها تقوم بأدوار متعددة، فهي تُعد مركزًا للأطفال ومجتمعًا محليًا يوفر مساحات للتواصل والنشاطات المختلفة.
إلى جانب ذلك، تدير القاعة دروسًا لتعليم اللغة اليابانية، تُشرف عليها منظمة رعاية اجتماعية يقودها ميورا. تعتمد هذه الدروس على أسلوب التعلم المشترك، الذي يشجع على التعاون والتفاعل بين المشاركين، مما يخلق بيئة تعليمية شاملة تسهم في بناء الروابط بين مختلف أفراد المجتمع.
وقد تز امن افتتاح القاعة مع تقاعد الجيل الأول من الكوريات اللاتي أمضين سنوات حياتهن في العمل الشاق. ولهذا، تم توجيه دعوات خاصة لهن لحضور الدروس، خاصة وأن الكثير منهن وصلن إلى مرحلة الشيخوخة دون أن تتاح لهن فرصة تعلم القراءة أو الكتابة.
أشار ميورا بأسى إلى أن العديد من هؤلاء النسوة كن يواجهن صعوبة في أبسط المهارات، مثل إمساك القلم أو الضغط بشكل صحيح أثناء الكتابة. لكنه وصف المشهد بالمؤثر عندما يرى إصرارهن على التعلم وحماسهن الكبير لتحقيق ما فاتهن. وكثيرًا ما كانت تساؤلاتهن الحزينة تفتح الباب لذكرياتهن: ”لماذا لم نتعلم الكتابة إلا الآن؟“ ومن خلال هذه التساؤلات، بدأت كل واحدة منهن بسرد حكاياتها، لتكشف عن حياة مليئة بالصراعات والإنجازات الاستثنائية.
وأوضح ميورا أن أمية هذا الجيل من النساء لم تكن بسبب قلة اهتمامهن بالتعليم، بل نتيجة ظروف قاسية أجبرتهن على تكريس حياتهن للعمل الشاق وبناء مجتمعاتهن الكورية في اليابان. فقد كن منشغلات بتأمين لقمة العيش، وتحمل أعباء الحرب، ومواجهة التمييز العنصري، مما جعل التعليم رفاهية لم يكن الوقت يسمح بها.
ورغم كل هذه التحديات، فإن عزمهن على التعلم في هذه المرحلة من العمر جسّد إرادة لا تقهر، وإصرارًا على إعادة بناء جزء من حياتهن التي قُيدت بالظروف. لقد أثبتن أن التعلم ليس له عمر محدد، وأن الإرادة قادرة على تجاوز كل الحواجز.
إنجازات الجيل الثاني
كانت فضيحة التمييز في شركة هيتاتشي نقطة تحول جذبت ميورا توموهيتو إلى منطقة كاواساكي قبل نحو نصف قرن.
تعود هذه الحادثة إلى عام 1970، عندما اجتاز باك تشون سوك، وهو شاب من الجيل الثاني من الكوريين المقيمين في محافظة آيتشي، امتحان التوظيف في شركة هيتاتشي مستخدمًا اسمًا يابانيًا مستعارًا. لاحقًا، رفضته الشركة بعد اكتشاف أصوله الكورية. لكن باك رفض الاستسلام لهذا الظلم، ورفع دعوى قضائية ضد هيتاتشي. في عام 1974، حقق نصرًا قضائيًا تاريخيًا عندما حُكم لصالحه، لتصبح القضية رمزًا لمواجهة التمييز العرقي في اليابان.
خلال تلك الفترة، كان ميورا ناشطًا في الحركة الطلابية المزدهرة، وشارك مع العديد من الشباب اليابانيين في دعم قضية باك. يرى ميورا أن هذه القضية ساهمت بشكل كبير في تسريع الجهود الرامية إلى القضاء على التمييز القانوني ضد الكوريين المقيمين في اليابان. وفي تعليقه على هذه التجربة، قال: ”نحن اليابانيون الذين عاصرنا هذه القضية نحمل مسؤولية نقل روحها ودروسها إلى الأجيال الشابة، لكيلا يُعاد إنتاج مثل هذا التمييز مرة أخرى.“
من بين الذين تأثروا عميقًا بهذه القضية يامادا تاكاو، وهو موظف حكومي سابق ومؤسس مبادرة الجولات الدراسية في كاواساكي. لقد كان لحادثة هيتاتشي تأثير كبير غيّر مسار حياة يامادا، مما دفعه إلى تكريس جهوده لنشر الوعي حول تاريخ الكوريين المقيمين في اليابان، وتعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات.
يامادا تاكاو الموظف السابق في مدينة كاواساكي أمام محطة كاواساكي. (© هامادا نامي)
بعد أن تعرض باك للتمييز من قبل هيتاتشي، فقد الأمل في العثور على عمل في اليابان وقرر العودة إلى مسقط رأسه. ولكن لقاءه بـالسيد يامادا تاكاو غيّر مجريات حياته. كان يامادا ناشطًا في الحركات الطلابية في تلك الفترة، وقرر تقديم الدعم لباك في معركته ضد التمييز. ومع مرور الوقت، أصبح يامادا موظفًا في مدينة كاواساكي، حيث أسندت إليه مهمة الإشراف على فرع خاص بمراقبة حي ساكوراموتو، وكان عليه إدارة أوضاع السكان الأجانب المقيمين في المنطقة.
في عام 1974، وخلال اجتماع عام لمناقشة قضية باك مع هيتاشي، تدخل رجل من الجيل الثاني من الكوريين المقيمين في اليابان، معبرًا عن الظلم الذي يواجهه أفراد مجتمعه. وقد أشار إلى أن التمييز لم يكن مقتصرًا على الشركات الخاصة فقط، بل كان جزءًا من سياسات مؤسسية تؤثر على حياتهم اليومية. تساءل هذا الرجل عن سبب حرمانهم من حق الحصول على الإسكان البلدي على الرغم من التزامهم بدفع الضرائب كاليابانيين، وكذلك عن عدم استفادتهم من المخصصات المالية الاجتماعية التي تُمنح للعائلات اليابانية لدعم تربية أطفالهم، في ظل التناقض الواضح مع مبدأ المساواة بين جميع المواطنين.
حقق باك انتصارًا كبيرًا في قضيته ضد هيتاتشي، وهو ما أعطى دفعة قوية للجيل الثاني من الكوريين المقيمين في اليابان. دفع هذا الانتصار في قضية باك بالكوريين المقيميين في اليابان إلى التمسك بمواصلة الكفاح من أجل القضاء على التمييز ضدهم. في العام الذي تلى انتصارهم، نجحوا في دفع حكومة مدينة كاواساكي إلى إلغاء شرط الجنسية للحصول على الإسكان البلدي، كما أُقرّت ميزانية خاصة لدعم المخصصات العائلية. مثلت هذه الإنجازات بداية حركة حقيقية نحو التعايش الثقافي المتعدد في كاواساكي وفي المجتمع الياباني بشكل عام.
الإنسان قوي
ركز فيلم ”أريرانغ رابسودي“ على قصة نجاح الجدات في تعلم الكتابة والرسم لأول مرة في حياتهن، حيث تمكنّ أخيرًا من التعبير عن أفكارهن ومشاعرهن بطرق إبداعية. كانت لحظات الفرح التي مررن بها ظاهرة بوضوح، حيث ظهرت ابتساماتهن العفوية التي تذكر بابتسامات الأطفال البريئة. لم تغفل الكاميرا عن توثيق بعض الكتابات التي كانت تعبر عن تجاربهن العميقة، ففي أحد المشاهد، ملأت صورة كبيرة الشاشة تحمل جملة مكتوبة بحروف الهيراغانا: ”لقد حدثت الكثير من الأمور، لكني تمكنت من عيش حياة طويلة وجيدة، فالبشر أقوياء“.
كلمات كتبتها سيو بعد مشاركتها في برنامج التعلم المشترك لقاعة الصداقة في كاواساكي. (© كيمون فيلم).
كانت هذه الكلمات للسيدة سيو، التي ظهرت في مشهد سابق وهي تبكي أمام الكاميرا، معبرة عن شعورها بأن حياتها لم تشهد شيئًا جيدًا. لكن تلك الكلمات التي كتبتها بحروف هيراغانا بسيطة، تشبه خط الأطفال، تعكس في واقع الأمر معاني قوية وعميقة. فهي تعبير عن ثمار قوة الإرادة والإصرار، وتظهر كيف يمكن للتصميم الشخصي أن يحوّل المعاناة إلى إنجاز.
مع نهاية عام 2024، ستبلغ سيو 98 عامًا، حيث تعيش حياة يعمها السلام وابتسامة لا تفارق وجهها. وتحظى بالكثير من الاهتمام والدعم من المحيطين بها، وعلى رأسهم السيد ميورا الذي يعتبر أحد الداعمين الرئيسيين لها.
(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. إعداد وكتابة هامادا نامي من وباور نيوز. صورة العنوان: كوريات من الأجيل الأول يعرضن نتائج ما تعلمنه في قاعة الصداقة بكاواساكي. إلى اليمين سيو يوسون. © كيمون فيلم)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | من الألم إلى الأمل: رحلة الجيل الأول من الكوريات في اليابان لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :