اليابان | كهف أمانو ياسوكاوارا: ملتقى الأساطير والآلهة في التراث الياباني

رحلات الحج في اليابان بالأبيض والأسود

سياحة وسفرصور 27/12/2024

في رحلة استثنائية، يزور المصور أوساكا هيروشي كهف أمانو ياسوكاوارا، أحد أقدس المواقع في الأساطير الشينتوية. يُعتبر هذا الكهف مكانًا مميزًا في التاريخ الروحي لليابان، حيث يُعتقد أنه كان المسرح الذي اجتمعت فيه الآلهة المتعددة بعد أن اختبأت آلهة الشمس أماتيراسو في هذا الكهف، مما أدى إلى حدوث ظلام دامس في العالم. هذه الأسطورة، التي تمثل واحدة من اللحظات الأكثر تأثيرًا في المعتقدات الشينتوية، جعلت من كهف أمانو ياسوكاوارا مكانًا يحظى بمكانة دينية وروحية كبيرة، لا يزال الزوار يتوافدون عليه ليشعروا بالقرب من تلك القوى الإلهية التي شكلت عالمهم. عبر عدسته، يلتقط هيروشي جمال هذا المكان المهيب ويجسد الروحانية التي تنبع من صمته وعزلته، في تصوير فني يخلد هذه اللحظات الغارقة في الأساطير.

ثقافة الصلاة متواصلة حتى اليوم

كان اليابانيون في العصور القديمة يوقرون ظواهر العالم الطبيعي، حيث يقدمون التبجيل والشكر والصلوات. وكانوا يؤمنون بأن الـ ”كامي (كائنات ذات قوة روحية غامضة)“ موجودة في كل مكان، في الجبال والبحار وحتى في مطابخ منازل الناس. وما زال هذا الاعتقاد جزءا مهما من الثقافة اليابانية حتى اليوم، حيث يعتقد اليابانيون أن الكامي تغدق النعم العظيمة وتجلب السلام، ولكنها عندما تغضب فإنها تجلب مصائب جسيمة.

هناك مصطلح آخر للآلهة هو ”ماريبيتو (الآلهة الزائرة)“. وهو مستمد من فكرة أن الكامي تزور الأرض بدعوة من البشر. وكان الناس يقدمون القرابين لتشجيعهم على الزيارة، وتطورت هذه الطقوس إلى مهرجانات (ماتسوري)، حيث يتم الترحيب بتلك الكائنات الموقرة في عالمنا اليومي. وبعد استجلاب الكامي إلى الأرض، فإنهم يتخذون من الأشياء سكنا لهم. ويطلق عليها عندئذ اسم ”يورشيريو (وعاء إلهي أو وعاء الروح)“، وهي أشياء مادية أو كيانات تعمل كوعاء أو وسيط للكامي (الروح الإلهية) ويمكن أن تكون أي شيء من شجرة أو صخرة إلى شيء احتفالي، ما يسمح للكامي بالظهور في العالم المادي. وعندما تكون تلك الأشياء عبارة عن صخور، يُطلق على هذه المواقع المقدسة التي تقيم بها الآلهة اسم ”إيواكورا“ أو ”إيواساكا“.

لا يمكن رؤية الكامي أو لمسهم، ولا يوجد طريقة بشرية لمعرفة نوع تلك الكائنات. ولكن مشاعر الاحترام والإجلال تجاه الكامي ككائنات تتجاوز البشر، شكلت الأساس للحياة الروحية اليابانية منذ العصور القديمة. وينعكس شيء من هذا القبيل في التعليق الشهير الذي أدلى به سايغيو الكاهن البوذي وشاعر الواكا في القرن الثاني عشر أثناء زيارته لمعبد إيسي الشينتوي، حيث قال ”لا أعرف أي كائن موجود هناك، ولكن دموعي تنساب امتنانا وتبجيلا“. ولا تزال نفس الروح حية اليوم. وقد قررت أن أقوم برحلة حج إلى الأماكن الخاصة التي لا تزال موجودة في اليابان الحديثة حيث يمكن الشعور بوجود الإله.

مكان الأسطورة

الجدول الذي يتدفق بالقرب من الكهف السماوي (© أوساكا هيروشي).

يظهر ”أما-نو-إيواتو (الكهف السماوي)“ في الأساطير اليابانية باعتباره المكان الذي اختبأت فيه آلهة الشمس أماتيراسو من تصرفات شقيقها الأصغر سوسانو المتهور. إن غياب آلهة الشمس أدى إلى إغراق العالم في ظلام دامس. واجتمعت الآلهة المتعددة (8 ملايين إله أو ”ياؤيوروزو نو كامي“) في أما-نو-إيواتو لعقد مداولات إلهية، في حالة من الذعر. وقد اقترح أوموهيكاني حلا يتمثل في جعل الديك يصيح إيذانا بطلوع الفجر وانخراط الآلهة في الرقص والمرح لإغراء أماتيراسو بالخروج من مخبئها.

المكان الذي تدور فيه أحداث هذه الأسطورة هو أرض الآلهة، المعروفة باسم السهل السماوي أو ”تاكاما-نو-هارا“، على الرغم من أن بعض الروايات تشير إلى أن أحداث الأسطورة وقعت على الأرض. أحد الأماكن التي تردد منذ فترة طويلة أنها كانت موقع الأحداث المذكورة في الأسطورة هو معبد أمانو إيواتو في محافظة مييازاكي جنوب شرقي كيوشو.

انطلقنا من الفندق إلى معبد أمانو إيواتو قبل شروق الشمس. لم نسمع صوت صياح الديك عند الفجر. وبعد فترة، ظهرت جبال تاكاتشيهو في خط بعيد وراء حقول الأرز، حيث تبرز من الظلمة التي تسبق الفجر مثل سياج أسود. تطفو سحابة عدسية كبيرة فوق قمة أعلى جبل من السلسلة، تذكرني برأس فطر. ماذا عليّ أن أفعل بهذا الفأل الغريب بعض الشيء؟ إن هذا المشهد الغريب والمبهم يجعلني أشعر أننا ندخل فعلا الأرض الأسطورية للآلهة.

لا يزال الهواء النقي البارد النظيف في الصباح الباكر يحتضن المعبد الغربي ”نيشي هونغو“ الذي يمكن من خلاله رؤية أما-نو-إيواتو (لا يمكن دخول هذا الكهف الذي اختبأت فيه أماتيراسو). مررنا عبر أراضي المعبد ونزلنا في مسار صغير على طول نهر إيواتوغاوا الهادر. تزدحم المنحدرات الكهفية على ضفتي النهر من الجانبين مع بزوغ الفجر وبدء شمس الصباح في إضاءة شريط رفيع من السماء فوق رؤوسنا، والذي بالكاد يتجاوز عرضه عرض النهر.

أمانو ياسوكاوارا (© أوساكا هيروشي).

بعد حوالي 10 دقائق، ينتهي المسار ليظهر كهف أمانو ياسوكاوارا كأنما هو سراب، حيث يبدو كهفا كبيرا مستديرا وكأنه منحوت في الجرف. توجد بوابة توري عند مدخل الكهف، وبعدها يقع معبد شينتوي بسيط (ياشيريو) مخصص للإله أوموهيكاني والآلهة المتعددة التي يُقال إنها اجتمعت هنا لمناقشة كيفية إغراء أماتيراسو للخروج.

يتيح الجزء الداخلي من الكهف منظرا يحبس الأنفاس، حيث تتكدس حجارة صغيرة لا حصر لها مثل أكوام حجارة تركها وراءهم الزوار الذين جاؤوا إلى هذا المكان الخاص بآمالهم وصلواتهم. ولم يعد المعبد الشينتوي محط تبجيل وصلاة فحسب، بل الكهف أيضا. من الداخل، تأخذ أكوام الحجارة شكل الآلهة المتعددة نفسها، حيث تبدو وكأنها مغمورة بضوء السماء وقطرات المياه التي تتساقط بلطف من سقف الكهف.


تملأ أكوام الحجارة الجزء الداخلي من الكهف (© أوساكا هيروشي).


سحابة عدسية فوق جبال تاكاتشيهو (© أوساكا هيروشي).

أمانو ياسوكاوارا

  • مقدس: لـ ”أوموهيكاني-نو-كامي“ والآلهة المتعددة ”ياؤيوروزو نو كامي“
  • الموقع: تاكاتشيهو، محافظة مييازاكي

يقع الكهف ضمن أراضي معبد أما-نو-إيواتو، وقد أصبح مشهورا في السنوات الأخيرة باعتباره ”نقطة قوة“ بفضل ارتباطه بمكان تجمع الآلهة. التاريخ الدقيق لتأسيس المعبد غير معروف، لكن الكهف كان مقدسا لآلهة الشمس أماتيراسو منذ غابر العصور.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، النص والتحرير من قبل كيتازاكي جيرو. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: © أوساكا هيروشي)

ثقافة ثقافة شعبية التاريخ الياباني

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | كهف أمانو ياسوكاوارا: ملتقى الأساطير والآلهة في التراث الياباني لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :