اليابان | «الحبار المضيء» يحقق شعبية كبيرة في اليابان

أسعار مناسبة لعشاق المأكولات البحرية

سجَّل موسم صيد الحبار المعروف باسم ”هوتارو إيكا“، وهو حبار قزم يبلغ طوله 7.5 سنتيمترات فقط، موسمًا ربيعيًا استثنائيًا حيث حطمت فيه جميع الأرقام القياسية. بدايةً من استخدام تقنية الشباك الثابتة في صيد الحبار في خليج توياما، التي بدأت في الأول من مارس/آذار من هذا العام، وصلت كمية الصيد إلى 1200 طن خلال شهر واحد فقط. يُعد هذا الرقم زيادة هائلة بنسبة 17 ضعفًا مقارنة بكمية الصيد في نفس الفترة من العام الماضي، التي لم تتجاوز 70 طنًا فقط. يُذكر أن إجمالي صيد موسم العام الماضي كان الأدنى منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1953، حيث لم يتجاوز 418 طنًا من الحبار الذي تم صيده خلال الموسم كله.

على الرغم من عدم اليقين حول إمكانية الحفاظ على هذه الوتيرة الاستثنائية في الصيد، إلا أن مختبر أبحاث مصايد الأسماك التابع لمركز أبحاث الزراعة والغابات والثروة السمكية في محافظة توياما، يتوقع استمرار تسجيل عمليات صيد وفيرة حتى شهر يونيو/حزيران، مما قد يسمح بتسجيل رقم قياسي قد يتجاوز 2200 طناً خلال هذا الموسم. يعتمد هذا التقدير على دراسات المصايد العرضية والمسوحات التي أجرتها سفن الأبحاث قبل بدء موسم الصيد لهذه السنة.

الوفرة التي تم تسجيلها خلال هذا الموسم، أثرت بشكل كبير على الأسعار، حيث تراوح سعر الجملة لحبار توياما ”هوتارو إيكا“ في سوق الجملة للأسماك تويوسو في طوكيو، في أوائل شهر أبريل/نيسان، بين 400 و700 ين للعبوات التي يتراوح وزنها بين 300 إلى 400 غرام من الحبار المسلوق، مع متوسط سعر يصل إلى 500 ين. يُلاحظ أن هذه الأسعار أرخص بنسبة 70٪ مقارنة بأسعار نفس الفترة من العام الماضي، التي كانت تتراوح بين 800 و2300 ين، مع متوسط سعر يصل إلى 1500 ين. يشير تجار الجملة إلى أن حبار هذا العام كبير الحجم ولحمه وفير.

بالإضافة إلى طعمه اللذيذ.لتجنب التلوث المحتمل بالطفيليات، يتم غلي معظم الحبار المضيء “هوتارو إيكا” قبل شحنه إلى السوق. (© بيكستا)

عاصمة الحبار المضيء

يعرف حبار هوتارو إيكا أيضًا باسمه الأدبي ”الحبار المضيء“، ويعود أصل هذه التسمية إلى قدرته على إصدار ضوء متوهج عند اقترابه من الشواطئ. يتم صيده في بحر اليابان، ثم يسلق ويجمد قبل شحنه إلى جميع أنحاء البلاد. على الرغم من أن حبار توياما مشهور بين المناطق، إلا أن موانئ محافظة هيوجو في الجنوب الغربي مثل ميناء هاماساكا وميناء كاسومي في تاجيما على ساحل بحر اليابان، تحقق في الواقع معدلات صيد أعلى.

يرتبط اسم حبار هوتارو إيكا بتوياما بفضل ظاهرة فريدة تُعرف بـ ”ميناغى“، حيث يتدافع الحبار إلى شواطئ المنطقة. خلال فصل الربيع، تنتقل هذه الكائنات التي تعيش عادة في قاع البحر على عمق 200 متر إلى المياه الضحلة للتكاثر عند الغسق أو بعد الظلام، ويتم جرف بعضها إلى الشواطئ بفعل أمواج البحر. هذا يجعل شواطئ توياما تتلألأ بملايين النقاط الضوئية ذات اللون الأزرق الملكي في مشهد ساحر يجذب السياح من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بجمال هذه الظاهرة الساحرة.

بالإضافة إلى ذلك، توفر قوارب الصيد جولات مميزة تسمح للزوار بمشاهدة كميات هائلة من حبار هوتارو إيكا عندما يتم سحبها من الشباك الثابتة على الشاطئ.

صورة للحبار المضيء بلون أزرق ساحر تطفو على الشاطئ. (© بيكستا)

في الوقت نفسه، يستخدم صيادو محافظة هيوغو شبكات صيد تسحب الحبار من قاع البحر، وعند إخراج الغلة يكون معظم الحبار ضعيفًا للغاية، مما يمنعهم من إصدار أي ضوء عند ظهورهم على سطح الماء. بالإضافة إلى ذلك، تصطاد هذه الشباك الذكور والإناث من الحبار بشكل عشوائي، بينما في خليج توياما تظهر الإناث الممتلئة المستعدة للتكاثر قرب الشاطئ دون الذكور. كما تتميز مناطق صيد الأسماك هناك بقربها من مرافق التصنيع، مما يسمح بغلي الحبار وشحنه بسرعة إلى الأسواق. هذا النهج هو ما جعل حبار توياما يتمتع بسمعة طيبة لطعمه اللذيذ وطراوته.

صورة للحبار المضيء داخل الشباك، يصدر ضوءًا أزرقًا ساحرًا. وفي الخلفية يطفو قارب سياحي مكتظ بزوار جاءوا لمشاهدة هذا المنظر الخلاب عن قرب. (© جيجي برس)

زلزال تعقبه وفرة

ضرب زلزال قوي شبه جزيرة نوتو في الأول من يناير / كانون الثاني 2024 في الساعة 4:10 مساء، لزلزال بلغت قوته 7.6 درجة على مقياس ريختر. وبلغت ذروة شدته في شيكا بمحافظة إيشيكاوا فقد وصلت إلى 7 وهو الحد الأقصى على مقياس شدة الزلازل الياباني. ولاحقا عدلت شدة الزلزال في واجيما إلى 7 أيضا. وبسبب سلسلة الزلازل التي ضربت المنطقة سابقا، ألحق زلزال يناير/كانون الثاني أضرارا جسيمة بالمنازل والمباني الأخرى. وتركزت معظم الأضرار في منطقة نوتو، لكن الكارثة أثرت أيضًا على موانئ الصيد الواقعة عبر خليج توياما على الجانب الشرقي من شبه الجزيرة، حيث تسبب الزلزال في إحداث تشققات وهبوط في الأرض. كما أدى أيضاً إلى تغيير تضاريس قاع البحر، مما ألحق أضرارًا بشباك الصيد في القاع. وهذا ما تسبب في ذعر الصيادين وأثار قلقهم من تأثير الكارثة على صيد الحبار. ولكن لحسن الحظ تم تسجيل كميات صيد قياسية هذا العام. ويفسر مسؤولو مختبر أبحاث مصايد الأسماك التابع للمحافظة بأن السبب في ذلك يعود إلى هجرة أسراب كبيرة من الحبار في بحر اليابان إلى خليج توياما، حيث جذبتها التيارات المواتية ودرجات حرارة المياه الملائمة.

تشير الإحصائيات إلى عدم استقرار كميات صيد حبار هوتارو إيكا في خليج توياما على مر السنين. ففي أوائل التسعينيات، تراوحت الكميات بين صيد وفير يقارب 4000 طن، في حين كان المتوسط السنوي خلال العقد الماضي حوالي 1300 طن، مع تذبذب بين مواسم جيدة وأخرى ضعيفة.

على الرغم من أن موسم صيد عام 2023 كان سيئًا للغاية، إلا أن ذلك لم يكن مؤشرًا على أن موسم هذا العام سيكون بنفس السوء. وجاءت الكميات الوفيرة التي تم صيدها هذا العام بمثابة أخبار سارة ومبشرة للمناطق المتضررة من الزلزال. وتأتي هذه البشائر بأثر إيجابي على المستهلكين، حيث أن وفرة المنتوج تسببت في انخفاض الأسعار. لذلك، يعبر الجميع عن امتنانهم للجهود الكبيرة التي بذلتها تعاونيات الصيادين في محافظة توياما لاستئناف العمل في الوقت المناسب لموسم هذا العام.

يتم غلي الحبار المضئ الخام لقتل الطفيليات. تسابقت منشآت المعالجة التي تضررت في الزلزال للعودة إلى العمل في الوقت المناسب لاستقبال موسم الصيد. (© بيكستا)

أسعار معقولة بالأسواق

يسعد العديد من المتسوقين بالعثور على حبار هوتارو إيكا الغني باللحوم وبأسعار مغرية معروضًا للبيع في محلات الأسماك.

وإذا ما ألقينا نظرة شاملة سنجد أن حبار هيوغو يتميز بتوفره على مدار السنة في الأسواق مع تسجيل استقرار في أسعاره. فبتسليط الضوء مثلاً على سوق تويوسو للبيع بالجملة في طوكيو، نجد أن أسعاره قد تراوحت في أوائل أبريل/نيسان بين 300 ين و450 ين للعبوة، بمتوسط سعر 350 ين، وهي أرقام قريبة من أسعار العام الماضي. ونظرًا لأن حبار هيوغو أرخص من نظيره في توياما، بالإضافة إلى استقرار كميات توزيعه، فهو النوع الذي يُباع عادةً بالجملة إلى محلات السوبر ماركت العادية.

من ناحية أخرى، كان من المعتاد أن تقتصر عمليات شراء حبار توياما بشكل أساسي على المطاعم بسبب سعره المرتفع مقارنة بحبار هيوغو. ومع ذلك، تغير هذا التوجه هذا العام وفقًا للمزايدين في سوق تويوسو. بفضل الكميات الوفيرة التي تم صيدها هذا الموسم وانخفاض سعر الجملة إلى 500 ين، تحول العديد من أصحاب السوبرماركت من شراء حبار هيوغو إلى شراء حبار توياما.

بائع أسماك يعرض حبار توياما في متجره في سوق تسوكيجي الخارجي. (© كاوموتو دايغو)

متعة تذوق الحبار المضيء

في أواخر شهر مارس/آذار، قررت تذوق حبار هوتارو إيكا من كلا منطقتي الصيد. تبيّن أن وزن الحبار من توياما، الذي يبلغ حوالي 6 غرامات لكل منهما، ضعف وزن حبار هيوغو. كما كانت تحتوي على كمية كبيرة من الأحشاء، مما يجعلها غنية بنكهة ”أومامي“.

حتى الآن، لم يتم الكشف عن السبب الرئيسي وراء كبر حجم حبار توياما مقارنة بحبار هيوغو. إلا أن مختبر أبحاث مصايد الأسماك يشير إلى أن السبب المحتمل قد يكون له علاقة بدرجة حرارة مياه الخليج ووفرة العوالق التي يتغذى عليها الحبار. هذه العوامل قد تخلق ظروفًا مثالية لنمو الحبار بحجم أكبر في توياما.

اختبار التذوق المنزلي. حبار توياما”إلى اليسار“ أكبر حجما ووفرة من حيث اللحم مقارنة بحبار هيوغو ”إلى اليمين“.(© كواموتو دياغو)

من المتعارف عليه أن يتم تناول الحبار المضيء مع الميسو المخلل وصلصة الصويا، إلا أن بائع أسماك في سوق تويوسو الخارجي نصح بإضافة صفار البيض مع بضع قطرات من صلصة الصويا إليه. هذه الخلطة تعطي مزيجاً لذيذاً بالفعل. كما يمكن أيضًا الاستمتاع بتناول هوتارو إيكا في صورة ناميرو مفروم ناعم أو من خلال إضافته إلى الكاسترد الياباني المصنوع من البيض ”تشاوانموشي“، أو بخلطه أيضاً مع تاكيكومي غوهان .”وهو أرز متبل مطبوخ“. ويعد الحبار المقلي بزيت الزيتون مع الثوم إضافة جيدة لطبق من المعكرونة.

وفرة هذا الحبار لهذا الموسم، فرصة ثمينة لعشاق المأكولات البحرية، حيث يمكنهم الاستمتاع بتناول ما يرغبون من الحبار المضيء القادم من توياما. وفي الوقت نفسه، يساهمون في دعم المنطقة المتضررة من الزلزال من خلال مشترياتهم.

يعد الحبار المضيء مكوناً لذيذا في المطبخ الياباني، كما يتناسب مع المطبخ الغربي من خلال إضافته إلى المعكرونة.(© بيكستا)

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية، صورة العنوان: عبوة مليئة بـحبار هوتارو إيكا من توياما في سوق تسوكيجي.© كواموتو دياغو)