وجهة نظر
سياسة 11/07/2024لا شك أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو من أقدم الصراعات على الساحة الدولية وأكثرها تعقيداً. بالطبع هناك عدة أسباب أدت إلى استمرار الصراع، لكن البعض يرى أن أحد أهم تلك الأسباب هو عدم وجود وسيط محايد قادر على جمع طرفي الصراع على طاولة المفاوضات من أجل إيجاد حل عادل ودائم لهذا الصراع.
ذكرياتي في غزة
أتذكر أنني سمعت عن حركة حماس للمرة الأولى في أحد مساجد مدينة رفح جنوب قطاع غزة. كان ذلك في ربيع عام 1988، بعد وقت قصير من بدء حركة المقاومة التي قادها الشباب الفلسطيني في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، والتي أُطلق عليها ”الانتفاضة الأولى“.
في ذلك الوقت كانت رفح أيضًا ترزح تحت وطأة الاحتلال، وقررت الإقامة مع صديق فلسطيني لمدة أسبوع لإجراء بعض المقابلات، وقد حدثني أحد الأطفال عن منظمة كانت توزع الأقلام والدفاتر في المساجد وتتطوع لعلاج المرضى.
ركزت حماس في البداية على كسب قلوب سكان غزة باعتبارها منظمة خيرية تقدم التعليم والرعاية الطبية مجانًا، مما مكّنها من إنشاء قاعدة سياسية قوية في مواجهة التيار الرئيسي الذي تتزعمه حركة فتح، الفصيل الأكبر في منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تمثل الشعب الفلسطيني آنذاك. ثم بدأت حماس في تجنيد الأشخاص في كتائب القسام والوحدات العسكرية الأخرى خلال التسعينيات. وكانت هذه المجموعة هي التي نفذت هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على إسرائيل.
لقد تغيرت ساحة المعركة، وهي غزة، على مدى السنوات الثلاثين الماضية منذ صعود حماس. فبدلا من الحجارة والصخور، أصبح شباب غزة الآن مسلحين بالصواريخ وقذائف الهاون، وبدلاً من الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، أصبح الجيش الإسرائيلي يواجه المقاومة بالدبابات والغارات الجوية. إلا أن القصة الأساسية للصراع في غزة تظل كما هي، حيث يثير وقوع سكان غزة من المدنيين الأبرياء ضحية للآلة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة تعاطف الرأي العام العالمي وشجباً وتنديداً من حكومات العالم.
أين هي اتفاقات أوسلو؟
في خضم كل هذا، يبدو أن اتفاقات أوسلو أصبحت في طي النسيان. إن الانتفاضة الأولى لم تتوقف إلا عندما تُوجت المفاوضات السرية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في النرويج باتفاقيات عام 1993. فبالإضافة إلى إلزام منظمة التحرير الفلسطينية بالاعتراف بدولة إسرائيل، ومن ثم اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، كانت اتفاقيات أوسلو أيضًا بمثابة معاهدة مؤقتة تتيح للفلسطينيين الحصول على حكم ذاتي محدود.
أتذكر جيداً كل الجهود التي بذلها المسؤولون النرويجيون والأكاديميون والوسطاء مثل نائب وزير الخارجية يان إيغلاند، مونا يول، وزوجها تيري رود لارسن. ولم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق لولا صبر النرويج باعتبارها البلد المستضيف للمحادثات. فلا شك أن البيئة الدولية التي نجحت في جلب الطرفين المتعارضين إلى طاولة المفاوضات ومن ثم التوصل إلى هذا الاتفاق كانت شيئاً رائعاً.
لكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، أصبح العالم منقسمًا بشكل متزايد بين ”معسكر ديمقراطي“ يضم الولايات المتحدة وأوروبا واليابان من جهة، و”معسكر استبدادي“ يضم الصين وروسيا من جهة أخرى.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، قررت العديد من الدول الأوروبية البقاء على الحياد وعدم الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة أو حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفيتي. وبالإضافة إلى سويسرا والنمسا، اللتين لا تزالان ملتزمتين بسياسة الحياد الدائم، اعتمدت دول الشمال الأوروبي، السويد وفنلندا، أيضاً سياسة الحياد. لكن في مواجهة التهديد الأخير الذي تمثله روسيا، سارعت فنلندا والسويد إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي، مما يجعل ”البقاء على الحياد“ خياراً دبلوماسياً شديد الصعوبة.
معضلة الحياد في زمن الاستقطاب
في هذا السياق، أتذكر أيضاً المفاوضات التي جرت في جنيف بسويسرا في أوائل التسعينيات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، والمناقشات التي جرت حول مستقبل يوغوسلافيا. لقد أدركت تمام الإدراك أهمية تهيئة بيئة دولية مناسبة لاحتضان هذا النوع من المفاوضات. إن إتاحة الفرصة للأطراف المعنية في أي صراع لمغادرة بلدانها وبؤرة الصراع، ووضع نفسها في مكان محايد، وإعادة النظر في موقفها وفي الوضع القائم عن بُعد، ومن ثم مناقشة القضايا بهدوء، لهُو عنصر شديد الأهمية من أجل إنجاح أي مفاوضات.
لولا احتضان النرويج للمفاوضات كبلد محايد، ما تمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق أوسلو. إن إجراء المفاوضات سرا وبعيدا عن المراقبة المستمرة من قبل وسائل الإعلام الدولية سمح للعملية الدقيقة أن تتم بشكل كامل. ولكن اليوم، حتى لو تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، فأين ستُعقد أي مفاوضات سلام لاحقة؟ تم اقتراح مصر وقطر كمواقع محتملة، لكنهما لا تستطيعان لعب الدور الذي قامت به النرويج. ومع تزايد الاستقطاب في العالم، أخشى أن تكاليف خسارة ”الدول المحايدة“ وغياب دورها عن الساحة السياسية العالمية سوف يدفعها الشعب الفلسطيني في نهاية المطاف.
(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين (يسار) يصافح رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بعد توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في 13 سبتمبر/ أيلول 1993. ويقف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بينهما. © رويترز)
العلاقات اليابانية الأمريكية فلسطين إسرائيل غزة
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | كيف ترى اليابان نهاية الحرب على غزة.. ولماذا أصبح العالم يفتقر إلى دول الحياد ودورها المحوري في إنهاء الصراعات؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :