اليابان | زيارة إلى معبد تينريوجي وحديقته الرائعة في كيوتو

أحد معابد زين البارزة

تعد منطقة ساغا/أراشيياما الواقعة في الأطراف الغربية لوسط كيوتو واحدة من أكثر المناطق ذات المناظر الخلابة في اليابان. تتفتح في فصل الربيع 1500 من أزهار الكرز على ارتفاع 382 مترا في أراشيياما، كما تضفي أوراق الشجر الحمراء والصفراء النابضة بالحياة تألقا على المكان في فصل الخريف. ويضيف جسر توغيتسوكيو الخشبي الأنيق الذي يمتد فوق نهر كاتسورا لمسة جمالية أخرى.

تتجمع العديد من المعابد البوذية والشنتوية والمنشآت الثقافية في أراشيياما. إلا أن أشهرها هو معبد تينريوجي، وهو المعبد الرئيسي لفرع تينريوجي من مدرسة رينزاي البوذية شمال توغيتسوكيو في منطقة ساغا. وتبلغ مساحة أراضي المعبد اليوم 100 ألف متر مربع، ولكن لا تمثل هذه المساحة سوى عُشر ما كانت عليه في السابق، حيث استولت عليها حكومة ميجي في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.

كان جسر توغيتسوكيو الشهير أيضا جزءا من أراضي المعبد. (© بيكستا)

تأسس معبد تينريوجي في عام 1339 على يد أشيكاغا تاكاؤجي (1305-1358) وهو أول شوغون في فترة موروماتشي (1333-1568)، وذلك تخليدا لذكرى الإمبراطور غو دايغو (حكم من 1318 إلى 1339). يتميز المعبد باحتوائه على مجموعة من القاعات الجذابة، وقد ازدهر تحت حماية النظام الشوغوني ويُعرف بأنه أحد غوزان، وهي معابد زين الرئيسية الخمسة في كيوتو.

أسس المعبد رئيس الكهنة موسو سوسيكي (1275-1351) وكان شخصية دينية تحظى باحترام كبير وقد مُنح اللقب الفخري ”كوكوشي“ سبع مرات من قبل البلاط الإمبراطوري. وكان أيضا مهندس مناظر طبيعية موهوبا، وأهم إنجاز له كان حديقة سوغينتشي التي تميز المعبد.

تشتهر قاعة محاضرات هاتّو باحتوائها على تماثيل خشبية لأشيكاغا تاكاؤجي وموسو سوسيكي، بالإضافة إلى لوحة ”تنين السحابة“ التي تزين سقفها. (© إيديت بلس)

ثقافة البلاط الإمبراطوري وفلسفة زين

ظلت أراضي تينريوجي موقعا لفيلا امبراطورية حتى فترة كاماكورا (1185-1333). اعتمد سوسيكي في تصميم المعبد على حديقة الفيلا التي كانت موجودة آنذاك ولكنه شيد سوغينتشي كنسخة عنها، مع إنشاء مسار للتنزه حول بركة لتبدو أنها مندمجة بمهارة في صورة مصغرة للطبيعة. وهناك مساحة منحنية بشكل جميل من رمال صخرية خشنة تحاكي شاطئ البحر أمام البركة، ما يشير إلى عظمة الثقافة الإمبراطورية.

تقول إحدى الحكايات المتعلقة بالحديقة أنه أثناء بنائها عثر على شاهدة حجرية منقوش عليها كلمة ”سوغين إيتّكي“ والتي اشتق منها اسم الحديقة. وهذه العبارة هي استعارة لنشر تعاليم مؤسس المدرسة البوذية على نطاق واسع، وتعني أن قطرة واحدة من ماء نبع يمكن أن تصبح نهرا عظيما.

تحاكي الرمال الصخرية الخشنة الموجودة أمام البركة شاطئا جميلا. (© إيديت بلس)

صورة ملتقطة بشكل مثالي للحديقة من قاعة دايهوجو الرئيسية. (بإذن من معبد تينريوجي)

على الطرف الثاني من البركة المقابل لقاعة دايهوجو الرئيسية توجد ريومونباكو (شلالات بوابة التنين) وهي عبارة عن صخور مصفوفة لتكوّن شلالا جافا الذي يعد سمة رئيسية من حدائق معابد زين. تمثل الصخور أسطورة صينية تحكي عن سمكة شبوط تحولت إلى تنين بعد أن تسلقت الشلالات.

توضع حجرة عادة في حدائق ”زين كاريسانسوي“ بدلا من سمكة الشبوط تحت الصخور المرتبة على شكل شلال من ثلاث طبقات. أما في حديقة سوغينتشي فقد وضع حجر ”الشبوط“ بين المستويين العلوي والمتوسط، لإعطاء انطباع واقعي عن سمكة شبوط تتسلق الشلالات لتصعد إلى السماء وتتحول إلى تنين. تعتبر مثل هذه الشلالات الصخرية الجافة رمزا لحدائق زين التي تستخدم الحجر والرمل فقط، ولكن المياه كانت تتدفق بالفعل عبر الصخور هنا في الماضي. كما يحتوي الجسر الحجري الموجود أسفل الشلالات مباشرة على أقدم حجارة طبيعية موجودة في حديقة يابانية.

تعتبر شلالات ريومونباكو الموجودة في وسط الصورة أقدم مجموعة حجرية في البلاد. ويوصى باستخدام منظار أو عدسة مقربة للتمكن من الرؤية بشكل أوضح. (© إيديت بلس)

منظر في بداية الصيف من قاعة الدراسة كوهوجو بجوار القاعة الرئيسية. تعكس الشمس ظل الجبال المجاورة على سطح البركة الذي يشبه المرآة. (© إيديت بلس)

تظهر البراعة في تصميم حديقة سوغينتشي جلية من خلال تقنية ”المناظر المستوحاة من الطبيعة“ حيث تمنح رؤوس مناطق أراشيياما وكامياما وأوغوراياما الجبلية المجاورة شعورا وكأنها جزءا من الحديقة. ونظرا لأن منحدرات هذه الجبال المنخفضة تتحول إلى اللون الأخضر اللامع في أوائل الصيف والأصفر والأحمر في الخريف والأبيض الفضي في الشتاء، فإنها تضفي مشهدا رائعا يتناغم تماما مع الحديقة.

وصنفت سوغينتشي بأنها أول حديقة زين في البلاد مميزة بجمالها الخاص بفضل مناظرها الطبيعية التي لا مثيل لها. كما تعتبر الحديقة مكانا ذا أهمية تاريخية وعلمية. فقد أدرج معبد تينريوجي ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو كجزء من الآثار التاريخية لكيوتو القديمة.

منظر لألوان الخريف من داخل قاعة دايهوجو الرئيسية. (© إيديت بلس)

حديقة المعبد في الشتاء. ويعد هذا المنظر الفضي مشهدا نادرا. (© إيديت بلس)

مشاهد تبعث على السكينة

صممت حديقة سوغينتشي بحيث يمكن رؤيتها من داخل المعبد لذا فإن أفضل مكان لتأملها هو القاعة الرئيسية. ويمكن من قاعة الدراسة المجاورة الاستمتاع بمنظر الانعكاس الجميل للجبال المجاورة على سطح البركة. إن تأمل الحديقة في ظل أجواء القاعة الرئيسية الهادئة يجلب الانتعاش لكل من العقل والجسد.

تحتوي قاعة دايهوجو الرئيسية على تمثال لشاكانيوراي بوضعية الجلوس والذي صنف كممتلكات ثقافية مهمة لكونه الشخصية الرئيسية التي تقدس في المعبد. (© إيديت بلس)

أماكن المعيشة في ”كوري“ وهو أول مبنى على الطريق المؤدي إلى مباني المعبد يمكن زيارته. هناك لوحة مميزة لبوديهارما (المعروف باسم داروما في اليابان) يرحب بالزوار وهو الكاهن الذي سافر من الهند إلى الصين وأسس زين. (© إيديت بلس)

بالإضافة إلى التنزه في الحديقة، يمكن للزوار دخول قاعة محاضرات هاتّو التي تحوي صورة تنين عملاقة على السقف، وزيارة مرقد الإمبراطور غو دايغو ”تاهودين“. إن معابد زين مكرسة لممارسة تأمل زازين حيث إن الجو الهادئ هنا يبعث على الهدوء والسكينة.

يتيح الممر الذي يربط بين قاعة الدراسة وقاعة تاهودين مشاهدة مناظر خلابة للحديقة. وهو الطريق إلى مباني المعبد الثلاثة التي يمكن مشاهدتها مقابل رسوم إضافية .(© إيديت بلس)

أشجار الكرز المزروعة من جبل يوشينو في محافظة نارا، مكان وفاة الإمبراطور غو دايغو، موجودة عند مدخل قاعة تاهودين التي أقيمت تخليدا لذكراه.(© إيديت بلس)

تعد حديقة هياكّائين الواقعة على الطريق المؤدي إلى البوابة الشمالية للمعبد من الأماكن الشهيرة أيضا. وتتيح هذه الحديقة القيام بنزهة ممتعة بين الأشجار والزهور بسبب تضاريسها المنحدرة بشكل طبيعي.

تضفي أزهار الكاميليا والكوبيّة والشجيرات المزهرة خلفية ملونة على الحديقة. واختيرت النباتات الموجودة فيها لتزهر في أوقات مختلفة من السنة، ما يتيح للزوار الاستمتاع بمشاهدتها على مدار العام.

أشجار القرانيا الأوروبية ذات اللون الأصفر الزاهي ”سانشويو“، وأزهار ميتسوبا تسوتسوجي الوردية والأرجوانية الزاهية في منتصف شهر مارس/آذار تقريبا. (© إيديت بلس)

أزهار كاميليا متساقطة على أرضية الحديقة المغطاة بالطحالب.(© إيديت بلس)

يوجد خارج البوابة الشمالية للمعبد طريق تنمو فيه سيقان الخيزران بشكل مستقيم وكأنها تعانق السماء. يمكن للزوار التنزه في الظل المتقطع والشعور بالنسيم اللطيف، وهي نهاية مثالية يمكن أن يختتموا بها زيارتهم للمعبد.

صنف هذا الممر المصنوع من الخيزران والذي يتراوح ارتفاعه من 5 إلى 10 أمتار كمشهد تاريخي خاص من قبل مدينة كيوتو. (© إيديت بلس)

معبد تينريوجي

• العنوان: 68 ساغا-تينريوجي سوسوكينوبابا-تشو، حي أوكيو، كيوتو
• ساعات العمل: من 8:30 صباحا إلى 5:00 مساء (آخر وقت للدخول 4:50 مساء)، مفتوح على مدار العام.
• رسوم الدخول: 500 ين للدخول إلى حديقتي سوغينتشي وهياكّائين، بالإضافة إلى 300 ين للدخول إلى قاعة دايهوجو الرئيسية وقاعة الدراسة كوهوجو وقاعة تاهودين. رسوم دخول إضافية قدرها 500 ين لقاعة الدراسة هاتّو (مفتوحة أيام السبت والأحد والعطلات الرسمية وبعض الأيام في الربيع والصيف والخريف).
• الوصول: يقع المعبد بجوار محطة أراشيياما على خط كيفوكو ويمكن الوصول إليه سيرا على الأقدام لمدة 13 دقيقة من محطة ساغا-أراشيياما على خط ساغانو التابع لخطوط سكك حديد شرق اليابان، أو 15 دقيقة سيرا على الأقدام من محطة أراشيياما على خط هانكيو.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنجليزية. التقرير والنص والصور من إيديت بلس. صورة العنوان: أراشيياما والحديقة في أوائل الخريف كما يمكن رؤيتها من قاعة الدراسة كوهوجو. الصورة بإذن من معبد تينريوجي)