من المعروف أن اليابان بلد يفتقر إلى الثروات الطبيعية كالبترول والغاز الطبيعي والذهب وما إلى ذلك، لكنه في نفس الوقت يحسن استغلال الموارد الطبيعية القليلة التي يمتلكها، ومن أهمها الثروة السمكية التي يوليها اهتماماً كبيراً لتطويرها والنهوض بها. ولقد نجحت بلدة أوما بمحافظة أوموري في تبوّء مكانة فريدة في هذا المجال، حيث أصبحت علامة ”تونة أوما“ مرادفًا لأجود أنواع التونة اليابانية على الإطلاق.
بلدة تحطم الأرقام القياسية في الأوزان السمكية
يعلم المتابع للقصص الإخبارية الكبرى في اليابان أن القصة الرئيسية التي تتصدر المشهد في شهر يناير/ كانون الثاني من كل عام هي أول مزاد يقام في العام الجديد في السوق المركزي للبيع بالجملة في طوكيو، ومقره الجديد في تويوسو. وهذا العام، كانت السمكة التي تصدرت عناوين الأخبار هي سمكة التونة المذهلة التي تم اصطيادها من المياه قبالة بلدة أوما الشمالية بمحافظة أوموري، والتي بيعت بأكثر من 114 مليون ين، ليصبح هذا العام الثالث عشر على التوالي الذي ينال فيه صيادو بلدة أوما هذا الشرف الرفيع. وفي عام 2019، وصلت سمكة تونة يبلغ وزنها 278 كيلوغرامًا إلى شواطئ أوما، وتصدرت عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم عندما بيعت بمبلغ 336.6 مليون ين - وهو أعلى سعر يُدفع على الإطلاق مقابل سمكة واحدة.
بيعت سمكة التونة القيّمة هذه بمبلغ 114.24 مليون ين في المزاد الأول لعام 2024. الملصق الأسود الموجود على خياشيم السمكة يحددها باسم ”تونة أوما“، مما يعني أن اسم المدينة أصبح مرادفا للجودة. (© جيجي برس)
لقد أصبح أوما اسمًا تجاريًا مرغوبًا فيه، حيث يقدم أجود أنواع التونة للمطاعم في جميع أنحاء البلاد. ميناء الصيد عبارة عن بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 5000 شخص وتقع في أقصى شمال جزيرة هونشو، عند طرف شبه جزيرة شيموكيتا في محافظة أوموري.
جدير بالذكر أن موقع المدينة لا يؤهلها لتكون وجهة سياحية، فأقرب محطة هي محطة جيه آر شيموكيتا في موتسو، وتقع على بعد ساعة بالسيارة، كما أن الرحلة من عاصمة المحافظة أوموري تستغرق ما يقرب من ثلاث ساعات. لكن هذا لا يمنع محبي الطعام من القيام برحلة إلى تلك المدينة المنعزلة بحثًا عن بعض أسماك التونة الطازجة المتوفرة في جميع أنحاء المدينة. ينجذب الزوار أيضًا إلى أوما رغبةً منهم في رؤية تلك المدينة الفريدة التي يشاهدونها في برنامج تلفزيوني طويل الأمد يتتبع حياة صيادي البلدة وما يتكبّدونه من مشقة وهم يجوبون المياه الجليدية بحثًا عن فرائسهم الفضية المربحة.
هناك أيضاً بديل لتجنب الرحلة الطويلة من أوموري ألا وهو السفر عبر هاكوداته في هوكايدو، حيث تنطلق العبّارات بصورة منتظمة عبر مضيق تسوغارو وتصل إلى أوما في غضون ساعة ونصف فقط، مما يتيح للزوار الجمع بين الوجهتين، حيث يتناولون سرطان البحر وبطارخ السلمون (إيكورا) وقنفذ البحر في هاكوداته قبل العبور لتناول وجبة تونة أوما. إنها رحلة بحرية ممتعة لكل من يعشق المأكولات البحرية.
ميناء الصيد أوما. المبنى الأبيض الموجود على يمين الصورة هو جمعية أوما التعاونية لمصايد الأسماك (© Nippon.com)
محطة أوما وعبّارة تسوغارو كايكيو التي تبحر بين هونشو وهوكايدو، كما يوجد أيضًا مكتب لتأجير السيارات في مكان قريب (© Nippon.com)
جنة لعشاق المأكولات البحرية
من المحطات التي يجب زيارتها عند الذهاب إلى أوما هي النصُب الحجري الذي يطل على مضيق تسوغارو معلناً أن اللسان البحري هو أقصى نقطة شمالي جزيرة هونشو. وراء البحر تقع هوكايدو. بجوار النصُب يوجد تمثال لأكبر سمكة تم اصطيادها هنا على الإطلاق، وهي سمكة تونة عملاقة تزن 440 كيلوجرامًا. يعد النصُب والتمثال مكانًا شهيرًا لالتقاط الصور.
مرحبًا بكم في أقصى نقطة شمال جزيرة هونشو (© Nippon.com)
يربط مضيق تسوغارو المحيط الهادئ ببحر اليابان. وعلى جانب المحيط الهادئ بالقرب من أوما، يندمج تيار كوروشيو الدافئ مع تيار أوياشيو البارد. وفي هذا التدفق تنساب مياه تيار تسوغارو الدافئة. البحار هنا غنية بالعوالق والمواد المغذّية الأخرى، وتوفر أيضاً مجموعات كبيرة من الأسماك الصغيرة والحبار التي تتغذى عليها أسماك التونة.
تأتي اسماك التونة إلى المياه المحلية في الفترة من أواخر الصيف حتى الشتاء، وتكون الأسماك في أفضل حالاتها في هذا الوقت من العام، بعد أن راكمت احتياطياتها من الدهون تحسبًا للطقس البارد. كما تحظى أسماك التونة الشتوية التي تناولت كمية كبيرة من الأسماك الزيتية والحبار بتقدير كبير بشكل خاص بسبب قطع لحم البطن المليئة بالدهون ō-toro و chū-toro.
يصور هذا النصُب التذكاري الصراع الملحمي الذي دار بين الصيادين المحليين وسمكة التونة التي حطمت الرقم القياسي بوزن 440 كيلوغرامًا (© Nippon.com)
عبر مضيق تسوغارو، يمكن رؤية سلسلة الجبال التي تمتد إلى الشرق من هاكوداتي على جانب هوكايدو. ولقد تم اختيار منارة أوما الواقعة على جزيرة بنتن جيما البحرية الصغيرة كواحدة من بين أفضل 50 منارة في اليابان، حيث أن تصميم المنارة البسيط ذا اللونين الأسود والأبيض المخطط يتباين بشكل حيوي مع اللون القرمزي لضريح شنتو بنتن بالجزيرة.
في السنوات التي سبقت بناء المنارة، عاش الشاعر إيشيكاوا تاكوبوكو في هاكوداتي لبعض الوقت، وتأثر بسحر المكان مما ألهمه لكتابة أحد أشهر أبياته الشعرية أثناء زيارة قام بها إلى كيب أوما. يوجد نصُب تذكاري منقوش عليه هذه الأبيات يجذب معجبيه حتى يومنا هذا.
على قطعة من الرمال البيضاء على الشاطئ الصخري
لهذه الجزيرة الصغيرة في البحار الشرقية
أذرف الدموع بينما ألعب مع السرطانات
المبنى الأحمر الموجود على يسار منارة كيب أوما هو ضريح بنتن شنتو، ووراء الجزيرة يمكن رؤية جبال هاكوداته. من هنا، تبعد مسافة 17.5 كيلومترًا فقط عن كيب شيوكوبي في هوكايدو. (© Nippon.com)
تخلد هذه العلامات الحجرية ذكرى زيارة إيشيكاوا تاكوبوكو. ويُزعم أيضًا أن شاطئ أوموري في هاكوداتي هو الموقع الذي ألهمه لكتابة قصائده الشهيرة. السفر بالعبّارة يتيح لعشاق الشعر زيارة كلا الموقعين. (© Nippon.com)
المنطقة التي حول الكيب تزخر بمجموعة من الأكشاك والمتاجر التي تبيع المأكولات البحرية والهدايا التذكارية، ويقدم مركز أوما للهدايا التذكارية السياحية مجموعة واسعة من منتجات المأكولات البحرية المصنعة وملصقات ”أوما تونا“ وغيرها من الهدايا التذكارية المحلية. ومن بين العناصر التي تحظى بشعبية هي الشهادة التي تخلد ذكرى زيارة حاملها إلى أقصى نقطة في شمال هونشو.
في مكان قريب، يقدم مطعم المأكولات البحرية أومانزوكو – اسم المطعم عبارة عن اقتباس اسم المدينة ودمجه بمقطع آخر لإنشاء اسم المطعم الذي يعني ”الرضا الكبير“ – قائمة طعام مليئة بمجموعة من المأكولات المحلية الشهية، التي من بينها وجبة غداء التونة المقلية بأسعار معقولة (1390 ين شاملة الضريبة) التي سيتلذذ عشاق الماغورو بالتهام أجزائها الوافرة من سمك التونة الطري المعد بطريقة السمك والبطاطا.
يبيع مركز أوما للهدايا التذكارية السياحية مجموعة من منتجات المأكولات البحرية والهدايا التذكارية الرقيقة. أحد الخيارات التي تحظى بشعبية هو الشهادات (أعلى اليمين) التي توضح أن حاملها قد زار أقصى نقطة في شمال هونشو (200 ين) (© Nippon.com)
يقدم مطعم أومانزوكو مجموعة رائجة من خيارات التونة المُرضية، بما في ذلك وجبة مختارة من قطع التونة المتنوعة (أعلى اليمين، 3960 ين) وأوعية أرز التونة المتنوعة (3960 ين) ووجبات ساشيمي تيشوكو، فضلاً عن التونة المقلية الموجودة أيضًا في القائمة. (© Nippon.com)
السوشي الطازج مع طبقة علوية من تونة أوما
إذا قمت بالزيارة خلال موسم التونة، فقد يحالفك الحظ وترى الصيد عند جلبه إلى الشاطئ. يُسمح للزائرين بالمشاهدة والتقاط الصور من الرصيف أمام الجمعية التعاونية لمصايد الأسماك بالميناء، طالما أنهم لا يعيقون الطريق. طرق الصيد الرئيسية المستخدمة في أوما هي إيبون-زوري (صنارة وخيط واحد)، وتقنية الخيوط الطويلة التي تسمى هايناوا، والتي تستخدم خيطًا رئيسيًا طويلًا مع خطافات بها أكثر من طعم مثبت على مسافات منتظمة باستخدام خيوط فرعية أقصر. تحظى هذه الطرق بالأفضلية لأنها تسهل سحب كميات كبيرة من الأسماك دون الإضرار بجسم السمكة، مما يضمن الحصول على أعلى سعر ممكن في السوق.
توفر الفعاليات الخاصة فرصة لرؤية عروض توضيحية حول كيفية تشريح سمكة التونة الضخمة وتقطيعها إلى شرائح، بما في ذلك مهرجان بلو مارين الذي يقام في كيوري (مستودع التخزين البارد) في الميناء خلال عطلة أوبون في منتصف الصيف، وفعاليات ”يوم ماغورو“ التي تقام كل يوم أحد في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول. لا شك أن الأمر يستحق بذل الجهد من أجل التواجد في المدينة في هذه الأوقات لإلقاء نظرة على ميناء الصيد في أوقات العمل.
الرصيف الذي أمام جمعية أوما التعاونية لمصايد الأسماك. (© Nippon.com)
يتم رفع سمكة التونة التي تم اصطيادها حديثًا بواسطة الرافعة. تتيح طرق الصيد المحلية صيد أكبر كمية من السمك دون الإضرار به. (© أوموري المذهلة)
عامل يقوم بتشريح سمكة تونة كجزء من عرض خلال حدث ”يوم ماغورو“ يوم الأحد. (© أوموري المذهلة )
يقع هاما زوشي بالقرب من مستودع كيوري، وهو الوجهة المثالية لمن يرغب في تجربة تونة أوما كطبقة علوية تضاف على السوشي. أما الاختيار الأكثر شعبية في المتجر فهو هون-ماغورو نيجيري مورياواسي، الذي يقدم حصصًا وافرة من قطع لحم البطن المليئة بالدهون ō-toro و chū-toro، بالإضافة إلى أكامي (التونة الخالية من الدهون) ولفائف تيكا-ماكي مقابل 5940 ين.
يقول المالك إيتو ماساتو: ”إذا قمت بتقديم هذا في طوكيو، فستكلف ضعف السعر على الأقل — وربما ثلاثة أضعاف السعر لو كان المطعم في غينزا. غالبًا ما يقول العملاء: “من المستحيل أن أتمكن من تناول كل هذا القدر من الطعام”، لكنهم دائمًا ما ينتهون من الطعام دون أي مشكلة. لا يمكن تخيل مدى جودة التونة حتى تجربها هنا!
إن تشكيلة هاما-زوشي التي تتكون من قطع مختلفة من سوشي التونة هي الطريقة المثالية لتذوق الأطباق المحلية الشهية. استمتع بتجربتها مع بضعة أكواب من الساكي المحلي (© Nippon.com)
يضمن صاحب المطعم إيتو ماساتو أن يحظى عملاؤه دائمًا بأفضل أنواع التونة المحلية. (© Nippon.com)
قداسة في أحضان الطبيعة الخلابة
المنطقة المحيطة بـ هاما سوشي معبأة بعبق الحنين إلى ميناء صيد قديم، كما أن شارع أويافوكو القريب الذي تصطف على جانبيه أماكن تناول الطعام والشراب المتواضعة، هو مركز الحياة الليلية في المدينة.
وعلى مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام إلى الجنوب من هنا يوجد ضريح أوما إيناري شينتو الذي يعد ضريحاً غير عادي كونه أحد المزارات القليلة نسبيًا في اليابان المخصصة للإلهة الطاوية تينبي (مازو) التي تحظى بالتبجيل في جنوب الصين وتايوان وأجزاء من جنوب شرق آسيا باعتبارها الوصي على البحارة والصيادين. يضفي موكب تينبي الشهير، الذي يقام في يوم عيد البحر (ثالث يوم اثنين من شهر يوليو/ تموز من كل عام)، لمسة مدهشة من الألوان على شوارع المدينة.
المنطقة المحيطة بميناء الصيد (© Nippon.com)
تم بناء ضريح أوما إيناري في عام 1730 (© Nippon.com)
يمكن للزائرين الذين لديهم وقت فراغ أن يفكروا في تمديد رحلتهم للقيام بزيارة إلى منطقة الجمال الطبيعي Hotoke-ga-ura في قرية ساي القريبة أو ينابيع شيموفورو أونسن الساخنة في قرية كازاماورا.
في القرون الماضية، كانت التكوينات الصخرية ذات الشكل غير الاعتيادي فيHotoke-ga-ura تذكّر الناس بجنة الأرض النقية لبوذية ماهايانا، ومن هنا جاء اسم المكان، والذي يعني ”خليج بوذا“. تعمل قوارب مشاهدة المعالم السياحية في الفترة من أبريل/ نيسان إلى أكتوبر/ تشرين الأول، مما يتيح للزوار الاستمتاع بمشاهدة الخليج وصخوره وجباله الملونة من البحر. يمكن الاستمتاع بالمناظر الطبيعية على مدار العام، كما يمكن الاستمتاع بالمناظر الرائعة حتى في فصل الشتاء من منصة المشاهدة أو من خلال المشي عبر الممرات ذات المناظر الخلابة مروراً بين الصخور إلى الشاطئ.
كازاما أورا، حيث تقع ينابيع شيموفورو أونسن الساخنة، كانت مسرحًا لرواية كايكيو (المضيق)، وهي رواية شعبية للكاتب إينوي ياسوشي من القرن العشرين. وفي ينابيع كايكيو نو يو الساخنة، التي سُميت على اسم الرواية، يمكن للزوار الاستمتاع بالاسترخاء في المياه العلاجية، مع مشاهدة إطلالات خلابة على مضيق تسوغارو.
تغادر قوارب مشاهدة المعالم السياحية من ميناء ساي وتستغرق حوالي 90 دقيقة للتجول وسط المناظر الطبيعية الخلابة في Hotoke-ga-ura، مع تخصيص وقت للتنزه على الشاطئ. (© أوموري المذهلة)
تعتبر هذه التكوينات الصخرية مشهدًا مثيرًا للإعجاب عند رؤيتها من مسافة قريبة. يستغرق الوصول إلى الشاطئ من ممر المشاة المتعرج 15 إلى 20 دقيقة في كل اتجاه من منطقة وقوف السيارات. (© Nippon.com)
يوفر أحد الينابيع الساخنة المحلية (أونسن) إطلالات رائعة على مضيق تسوغارو. (© أوموري المذهلة)
(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. تم إعداد المقابلات والنص بواسطة © Nippon.com. صورة العنوان: المنظر من أقصى نقطة شمال هونشو، مع منارة أوما ونصب سمكة التونة العملاقة © Nippon.com)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | لليابانيين تقنيات خاصة تمكّنهم من صيد أسماك عملاقة يصل وزنها إلى 400 كجم دون الإضرار بجسم السمكة! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :