الرياض - كتب موسى القحطاني -
ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها بعلاقات دبلوماسية رئيسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم العلاقات الثنائية بين البلدين على أساس التزام مشترك بتعزيز السلام والأمن في منطقة الخليج، ومكافحة التطرف ودحر التحديات التي تهدد استقرار المنطقة، وشهدت تلك العلاقات تطوراً كبيراً عبر السنين مع النمو الهائل في مجال التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي والشراكات الثقافية بين الطرفين، وتستمر بالنمو والازدهار بما يخدم تطلعات دولة الإمارات والمصالح المشتركة بين البلدين الصديقين.
وتعد الإمارات من أبرز شركاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والعالم، حيث يلتزم البلدان بالتعاون والسعي المستمر لتعزيز الأمن الإقليمي والعالمي، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، ومواجهة التحديات في مختلف أرجاء العالم.
زيارة رسمية
وتأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سياق الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين البلدين الصديقين والتي تقوم على علاقات تاريخية في المجالات كافة، وفي إطار مواصلة نهج جسور التواصل والحوار المشترك وبناء الشراكات والتعاون الدولي بين البلدين، والانطلاق نحو آفاق جديدة في التعاون وخاصة التعاون في صناعات المستقبل، إذ تركز المباحثات الإماراتية الأمريكية خلال الزيارة على العديد من المجالات وخاصة القضايا المرتبطة بدعم الاستقرار والأمن والسلم الإقليميين ومجالات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتجارة والاستثمار.
وفي سبتمبر 2024، تم الإعلان عن إطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، إذ أكد الجانبان عزمهما على التعاون في العديد من المجالات من أبرزها: تعزيز الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق ودعم البحث والتطوير الأخلاقيين له، وبناء أطر تنظيمية لتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، و توسيع وتعميق التعاون في مجال حماية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتطوير المواهب في هذا المجال، إلى جانب دعم الطاقة النظيفة لمتطلبات أنظمة الذكاء الاصطناعي وتعزيز الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة في البلدان النامية.
شريك فاعل وموثوق
وتعد دولة الإمارات شريكاً استراتيجياً فاعلاً وموثوقاً للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، حيث يعمل البلدان معاً على المساهمة في تعزيز الاستقرار في المنطقة وضمان أمنها ومكافحة الإرهاب والتطرف، ويعتبر الحوار وبناء الجسور الدبلوماسية وخفض التصعيد أدوات ناجحة تؤمن بها دولة الإمارات للتعامل مع مختلف القضايا وخاصة القضايا المتعلقة بالنزاعات والصراعات.
تجارة ثنائية
وتمثل الولايات المتحدة شريكاً اقتصادياً رئيسياً لدولة الإمارات، وتشمل الشراكة مجالات التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين قطاعات الطاقة، والطيران، والتكنولوجيا، والخدمات المالية، والتصنيع .
ويبلغ حجم التجارة الثنائية بينهما (غير النفطية) حوالي 40 مليار دولار، وارتفع حجم تجارة السلع بنسبة 9.47 %، ليصل إلى 34.43 مليار دولار (126.46 مليار درهم)، خلال عام 2024، وفقاً لأحدث بيانات صادرة عن وزارة التجارة الأمريكية، مقارنة مع 31.45 مليار دولار (115.51 مليار درهم) في 2023.
بينما بلغت استثمارات الإمارات في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 3.7 مليارات دولار بين عامي 2018 و2023، بينما بلغت استثمارات الولايات المتحدة الأمريكية في الإمارات حوالي 9.5 مليارات دولار خلال المدّة ذاتها.
وتسهم الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة الأمريكية في تعميق الروابط الاقتصادية والسياسية بين البلدين مما يضمن شراكة استراتيجية طويلة الأمد وفي المقابل، تستثمر الشركات الأمريكية في الإمارات، مستفيدة من بيئة الأعمال الجاذبة في الدولة وسوف تسهم الزيارة في تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والاستفادة من الابتكارات والتقنيات الحديثة بما يسهم في تطوير قطاعات المستقبل في الإمارات وسياسة التنويع الاقتصادي الوطني، إضافة إلى تكثيف الاستثمارات الإماراتية في التكنولوجيا المتقدمة داخل الولايات المتحدة بما يعزز مكانة الدولة كمركز تقني عالمي ويدعم مكانتها في المنطقة.
وترتبط دولة الإمارات بشراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الطاقة، حيث إن الإمارات مصدر موثوق لإمدادات النفط وفي ذات الوقت تسعى بشكل فاعل إلى تطوير بدائل مستدامة في الغز الطبيعية والغاز المسال وحلول منخفضة الكربون والبنية التحتية للطاقة.
كما يعمل البلدان على تعزيز الاستثمارات المتبادلة في مجال الطاقة، حيث إن لدى الإمارات استثمارات مهمة في سوق الطاقة الأمريكي بأكثر من 70 مليار دولار حتى الآن من خلال أدنوك ومصدر وXRG.
كما تولي الإمارات أهمية للاستثمار في شبكات الطاقة وتطوير البنية التحتية الرقمية والاستثمار في الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاء إدارة الطاقة.
ويشهد التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين تطوراً مستمراً، حيث تستقطب الجامعات الأمريكية عدداً متزايداً من الطلاب الإماراتيين، كما توجد جامعات ومؤسسات تعليمية أمريكية في دولة الإمارات، مثل جامعة نيويورك أبوظبي، إضافة إلى ذلك، هناك برامج تبادل ثقافي وتعليمي تهدف إلى تعزيز الفهم المتبادل بين شعبي البلدين، إلى جانب التعاون في المجالات العلمية والبحثية، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
وعزز إطلاق دولة الإمارات لمسبار الأمل في عام 2021، التعاون العلمي في مجال استكشاف الفضاء بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، الذي ظهر جليا من خلال مهمة الإمارات الجديدة إلى حزام الكويكبات بالتعاون مع جامعة كولورادو بولدر.
وتعد العلاقات الإماراتية الأمريكية نموذجاً ناجحاً للتعاون الاستراتيجي المبني على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
أخبار متعلقة :