بيروت - سلوى ياسين - متابعة بتجــرد: بعيدا من التجاذب السياسي، باتت شخصية المهاجر حاضرة بشكل متزايد في أفلام سينمائية يكون فيها بطلاً، مثل فيلم “إيو كابيتانو” (Io Capitano) الذي بدأ عرضه أخيرا في عدد من الدول الأوروبية للمخرج الإيطالي ماتيو غاروني.
وإذا كان موضوع الهجرة حاضرا في وسائل الإعلام والخطاب السياسي في أوروبا، فإن ماتيو غاروني فضل أن يتطرق إليه في فيلمه بدون أجواء بؤس. لكن بدون أن يتغاضى عن المخاطر على الحياة خلال مسيرات العبور الشاقة. انتهى الأمر بوصول شابين إلى إيطاليا على متن قارب مكتظ جدا.
ويقول المخرج البالغ من العمر 55 عاما الذي قام بالتوثيق على نطاق واسع في الموقع خاصة في السنغال، هؤلاء الأشخاص “يحملون ملحمة معاصرة”، لافتا “عند تأليف هذه القصة، كنت أفكر بمغامرة كبرى تعيدنا إلى كونراد، إلى جاك لندن أو هوميروس”.
ويضيف “لم أصنع هذا الفيلم بهدف تغيير العالم، بل لإعطاء الجمهور الفرصة لعيش هذه المغامرة من منظور مختلف. خلف الأرقام، هناك أشخاص لديهم أحلام مثلنا”.
واختار غاروني في فيلمه الجديد، بعد خمسة عشر عاما من فيلم “غومورا” (Gomorra) عن المافيا في نابولي، أن يصور بشكل ملحمي قصة مؤثرة لشابين سنغاليين تجمعهما قرابة عائلية يقرران مغادرة بلدهما والانتقال إلى أوروبا لتحسين حياتهما، فيخوضان رحلة محفوفة بالمخاطر، عبر أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
ويروي الفيلم قصة المراهقين السنغاليين سيدو “سيدو سار” وموسى “مصطفى فال”، وهما قريبان يقرران ترك أسرتهما دون أن ينبسا بكلمة واحدة لتجربة حظهما في أوروبا.
وغيّر الفيلم حياة ممثله الرئيسي سيدو سار، السنغالي البالغ من العمر 19 عاما والذي كانت بالنسبة إليه أول تجربة سينمائية نال عنها جائزة أفضل ممثل صاعد في البندقية.
وقال سيدو سار في مقابلة مع وكالة فرانس برس في باريس “كنت أحلم بأن أكون لاعب كرة قدم، لكن مشيئة الله” تسود.
وتم تصوير الفيلم “إيو كابيتانو” في السنغال لكن أيضا في المغرب، حيث التقى سيدو سار بمهاجرين عالقين هناك، بعد العديد من المحن.
ويكشف غاروني “أكثر ما حفزني لصنع هذا الفيلم هو أنني قلت لنفسي إنه قد يأتي أوروبيون لمساعدة هؤلاء الأشخاص العالقين في المغرب منذ حوالي عشر سنوات… الفيلم مهم أيضا لأفريقيا لإظهار ما يحصل هناك”.
وحصل “إيو كابيتانو” على عدد من الجوائز في مهرجان البندقية السينمائي الأخير، واختارته إيطاليا لتمثيلها في السباق إلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، ولهذا الفيلم دلالة رمزية معبّرة جدا في بلد تتولى السلطة فيه حكومة يمينية متطرفة، ويقع على خط المواجهة في موضوع المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.
وفي السابع من فبراير/شباط، سيتم عرض فيلم “غرين بوردر” (Green Border) للمخرجة البولندية أنييشكا هولاند، حول محن المهاجرين العالقين على الحدود بين بولندا وبيلاروس.
ومثل فيلم “إيو كابيتانو” يتساءل فيلم “غرين بوردر” عن مسؤولية الأوروبيين، فبحسب الأمم المتحدة، فإن عبور المتوسط هو أخطر طريق هجرة بحرية في العالم مع إحصاء أكثر من 2571 حالة وفاة عام 2023.
وأكد غاروني أنه تم عرض “إيو كابيتانو” في إيطاليا في عدة مدارس. لكن عرض الأفلام لا يمر أحيانا بدون إثارة جدل، ففي 2022 رافقت إطلاق فيلم “أنغاجيه” (Engages)، وهو فيلم فرنسي عن المهاجرين في جبال الألب، حملة كراهية موجهة ضد مخرجته إميلي فريش.
وتعرضت أنييشكا هولاند (75 عاما) التي حصلت على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في البندقية عن فيلمها “غرين بورد”، أيضا لهجمات عنيفة من القوميين البولنديين، قبل أن يخسروا السلطة هذا الخريف في وارسو، وتهديدات بالقتل.
أما في السينما الفرنسية، فتقع قضية الهجرة في صلب فيلم “لا تيت فرواد” (La tete froide) الذي تنطلق عروضه في 17 يناير/كانون الثاني، ويتناول مهربي المهاجرين في جبال الألب.
أخبار متعلقة :