شكرا لقرائتكم خبر عن محامون: 4 حالات للتعسف في استعمال «حق التقاضي» والان نبدء بالتفاصيل
الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - أكد متقاضون أن مبدأ الحق في التقاضي يسيء بعض المتقاضين استخدامه ويتسببون من خلاله في أضرار مادية وأدبية لخصومهم، ورغم حصول المتهمين على البراءة من هذه الاتهامات إلا أنهم لا يستطيعون الحصول على تعويض عن هذه الأضرار بسبب صعوبة إثبات الكيدية في الاتهام.
وأوضح قانونيون أن «القانون حدد في الفقرة الثانية، أربع حالات للتعسف في استعمال الحق في التقاضي، شملت إذا كان قصد المدعي في دعواه التعدي على الآخرين والإضرار بهم فقط، وهذا ما يُسمى بالدعوى الكيدية، وإذا كانت المصالح التي يرغب في تحقيقها المدعي مخالفة لأحكام الشريعة، أو القانون أو النظام والآداب العامة، وإذا كانت المصالح التي يرغب المدعي في الحصول عليها لا تتناسب مع ما يصيب المدعى عليه والآخرين من ضرر، أو في حال تجاوز المدعي في دعواه ما جرى عليه العرف والعادة».
وتفصيلاً، قال متقاضون التقتهم «الإمارات اليوم»، إنهم تعرضوا لاتهامات وصفوها بـ«الكاذبة» من أشخاص كانت تربطهم بهم علاقات اجتماعية سابقة، مثل «الزواج والصداقة والعمل»، بسبب إساءة استخدامهم للحق في التقاضي، بعد نشوب خلافات بينهم، مشيرين إلى أن البلاغات «الكاذبة» التي قدمت في حقهم تحولت إلى دعاوى قضائية كلفتهم وقتاً ومالاً لمتابعتها وإثبات براءتهم، إضافة إلى ما أصابهم من ضرر في سمعتهم، فيما فشلوا في إثبات كيدية الاتهامات وكذب هذه البلاغات، رغم حصولهم على البراءة، إذ جاء في حيثيات الأحكام التشكك في صحة الاتهام الموجه، وعدم الاطمئنان للادعاءات، ما أفقدهم الحق في الحصول على التعويض.
فيما أكد قانونيون أن التقاضي من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون للأفراد، حتى لا يتحوّل إلى وسيلة للإضرار بالآخرين بشكل كيدي، كما كفل القانون للمتهم الحق في التقدم بدعوى تعويض عن شكوى قضائية، جراء الضرر الناتج عن اتهامه كيدياً من قبل المُبلغ أو المجني عليه.
وأوضح، المحامي سالم محمد عبيد النقبي، أن براءة المتهم لا تعتبر اتهاماً للشاكي بالبلاغ الكاذب، حيث تلعب حيثيات الحكم وأسباب البراءة الدور الأساسي في تلك المسألة فقد تكون البراءة لسبب لا يستفاد منه أنه يحمل بين طياته إساءة استعمال لحق التقاضي، مشيراً إلى أن القانون الإماراتي، منح الحق في رفع الدعاوى أمام المحاكم، إلا أنه في الوقت ذاته قيّد استعمال ذلك الحق بقيود عدة حفاظاً على وقت القضاء من جهة، ومنعاً لرفع الدعاوى الكيدية، أو الدعاوى التافهة التي لا قيمة لها.
وقال النقبي: «جاء النصّ على ضرورة أن يكون استعمال حق التقاضي مشروعاً في الفقرة الأولى من المادة 106 من القانون الاتحادي رقم 5 لعام 1985. المعاملات المدنية، حيث نصّ على أنه يجب الضمان على من يستعمل حقه استعمالاً غير مشروع، أي يجب عليه تعويض عن إساءة استعمال ذلك الحق».
4 حالات
وأضاف: «حدّد القانون ذاته في الفقرة الثانية، أربع حالات للتعسف في استعمال الحق في التقاضي، شملت إذا كان قصد المدعي في دعواه التعدي على الآخرين والإضرار بهم فقط، وهذا ما يُسمى بالدعوى الكيدية، وإذا كانت المصالح التي يرغب في تحقيقها المدعي مخالفة لأحكام الشريعة أو القانون أو النظام والآداب العامة، وإذا كانت المصالح التي يرغب المدعي في الحصول عليها لا تتناسب البتة مع ما يصيب المدعى عليه والآخرين من ضرر، أو في حال تجاوز المدعي في دعواه ما جرى عليه العرف والعادة».
وشدّد النقبي على أن «العقوبات الرادعة وفرض النظم والقوانين له دور كبير وفعال في محاربة جرائم البلاغ الكاذب، ما يعزّز الدور الريادي الذي تقوم به دولة الإمارات في مكافحة مظاهر الإخلال بالأمن بجميع أشكاله، وتعزيز الوعي الثقافي القانوني بين أفراد المجتمع».
دعوى منفصلة
من جانبها، قالت المحامية هدية حماد، إن حكم البراءة لا يُعد اتهاماً مباشراً للشاكي بالبلاغ الكاذب، فلابد أن يقوم المتهم بإقامة دعوى منفصلة ضد المبلغ بهذا البلاغ الكاذب، وإذا أثبتت النيابة العامة أو المحكمة كذب المبلغ بالدلائل والقرائن والبراهين يحق لهما إحالته إلى المحاكمة بتهمة البلاغ الكاذب حينها، مشيرة إلى أن المادة 324 من قانون العقوبات الاتحادي نصّت على أنه «يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أبلغ السلطة القضائية أو الجهات الإدارية عن حوادث أو أخطار لا وجود لها أو خلافاً للحقيقة أو عن جريمة يعلم أنها لم ترتكب».
دعوى كيدية
فيما أكد المستشار القانوني محمد حسن، أن التقاضي من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون للأفراد، لكن القانون حدد ضوابط حتى لا يتحوّل إلى وسيلة للإضرار بالآخرين بشكل كيدي، لافتاً إلى أن أهم الدفوع التي يمكن تقديمها في دعوى تعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي، هي الدفع بأن الدعوى كيدية. أو الاعتماد على مبدأ «يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام»، أو «الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف»، لافتاً إلى ضرورة الفهم أن رفض الشكوى أو القضية لا يعني بالضرورة أن البلاغ كاذب أو كيدي، بل ربما يكون الرفض بسبب ضعف الحجة، ومن ثم تستقل محكمة الموضوع بتقدير ثبوت سوء النية والكيدية.
مطالبات مرفوضة
في المقابل، رصدت «الإمارات اليوم» عشرات القضايا التي شهدتها المحاكم، أخيراً، بين أزواج سابقين، وأقارب، وزملاء عمل، للمطالبة بالتعويض عن البلاغات الكيدية التي تعرضوا لها، والتي تسببت في خسائر مادية ومعنوية لهم، ومنها قيام امرأة برفع دعوى ضد طليقها، للمطالبة بإلزامه بأن يؤدي لها 51 ألف درهم تعويضاً مادياً وأدبياً، مشيرة إلى قيامه بعد تطليقها منه بفتح بلاغ جزائي ضدها وأحيلت بشأنه للمحاكمة الجزائية، وقضت المحكمة ببراءتها، ونتج عن البلاغ الكيدي أضرار مادية وأدبية لحقت بها، وقضت المحكمة برفض الدعوى، وأرجعت ذلك إلى خلو الأوراق مما يثبت كذب المدعى عليه في البلاغ الجزائي المقدم ضد المدعية، حيث بنت المحكمة الجزائية حكمها بالبراءة على أساس تشككها في صحة الاتهام الموجه للمدعية، كما لم تستخلص المحكمة الجزائية خطأ المدعى عليه عند تقديمه البلاغ.
وفي قضية ثانية، أقام شابان دعوى قضائية، طالبا فيها بإلزام آخرين بأن يؤديا لهما 400 ألف درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما، تأسيساً على أن المدعى عليهما تقدما ببلاغ جزائي ضدهما، بتهمة التزوير في محررات رسمية، ونشر معلومات على الشبكة المعلوماتية للدعوة إلى جمع تبرعات من دون ترخيص، وبعد توقيف المدعيين 24 ساعة، وتكفيلهما بضمان مالي، قرّرت النيابة العامة بألّا وجه لإقامة الدعوى، ونتج عن خطأ المدعى عليهما أضرار أدبية ومادية لحقت بهما، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى، مشيرة إلى أن الأوراق قد خلت مما يثبت معه كذب المدعى عليه الأول بمساعدة المدعى عليه الثاني في البلاغ الجزائي المقدم ضد المدعيين.
وفي دعوى ثالثة، طالبت امرأة بتعويض قدره 500 ألف درهم، بعد أن اتهمتها فتاة بسبها ورفعت ضدها دعوى جزائية بتهمة السب، قبل أن تقضي المحكمة ببراءتها مما أسند إليها من اتهام، وتم رفض الدعوى استناداً إلى أن المحكمة الجزائية عندما قضت ببراءة المدعية كان بسبب عدم اطمئنانها، وليس بسبب كذب المدعى عليها في البلاغ المقدم منها ضد المدعية.
كما رفضت محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية دعوى أقامتها فتاة ضد شاب، طالبت بإلزامه بأن يدفع لها 170 ألف درهم تعويضاً عن بلاغ كيدي، تقدّم به ضدها وتم حفظه، مشيرة إلى أن التعويض عن الضرر يستلزم توافر أركان المسؤولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، وقد خلت الأوراق مما يفيد كذب المدعى عليه.
تعويض
فيما قضت المحكمة الابتدائية المدنية في دبي، بإلزام شركة بأداء تعويض قدره 200 ألف درهم لموظف اتهمه مالكا الشركة بتزوير عقده لزيادة مستحقاته، لكن المحكمة الجزائية برأته وأثبتت كيدية الشكوى المقدمة ضده، مشيرة إلى أن الحكم الجنائي أثبت ركن الخطأ في جانب المدعى عليهما، بما أثبته من كيدية البلاغ المقدم منهما لتحقيق مصلحة غير مشروعة، وهي إكراه المدعي على التنازل عن الدعوى العمالية.
جريمة البلاغ الكاذب
حذّر قانونيون من أن جريمة البلاغ الكاذب تعتبر من الأفعال التي تُشكل اعتداء صريحاً على أفراد المجتمع، ومع تطوّر المجتمعات والحياة المدنية فقد أصبحت هذه الجريمة وسيلة يستغل مرتكبوها تحقيق مآرب شخصية مثل الانتقام أو الحصول على الأموال أو التهديد والوعيد، وذلك من خلال الضغط على الشخص المجني عليه، كما يترتب على هذه الجريمة إزعاجاً للسلطات المختصة مثل مراكز الشرطة والنيابات والسلطات القضائية بشكل عام، حيث يقع على عاتقهم مسؤولية التحري والبحث والتحقيق حول جريمة لا أساس لها من الصحة ولا توجد أدلة على وقوعها، وهذا يعتبر تضييعاً للوقت وللدور الحقيقي الذي وجدت من أجله مراكز الشرطة والنيابات.
• لابد أن يقوم المتهم بإقامة دعوى منفصلة ضد المُبلّغ بالبلاغ الكاذب.
• «الدعوى الكيدية» من أهم الدفوع التي يمكن تقديمها للتعويض عن إساءة استعمال الحق بالتقاضي.
المستشار القانوني محمد حسن:
• التقاضي من الحقوق المكفولة بالقانون للأفراد، وفق ضوابط حتى لا يتحوّل إلى وسيلة للإضرار بالآخرين بشكل كيدي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news