في مثل هذا اليوم، استبق الشعب السوداني كل الشعوب العربية التي ثارت ضد حكوماتها العام الماضي فيما عُرف بالربيع العربي حيث وضع الشعب السوداني حدًا لحقبة الرئيس الراحل جعفر نميري بعد 16عامًا قضاها على سدة الحكم عندما انتفض الشعب السوداني للمرة الثانية في تاريخه ولمدة عشرة أيام فقط قضاها الناس في الشوارع ليلاً ونهارًا من 26 مارس حتى السادس من أبريل عام 1985م حيث انتصرت الإرادة الشعبية في ذلك اليوم بالتحام الجيش.
قامت ثورة أو انتفاضة أبريل في 6/4/1985 ضد نظام الرئيس السوداني الراحل، جعفر نميري بعد أيام من المظاهرات التي انتظمت شوارع العاصمة السودانية الخرطوم والمدن الاقليمية الرئيسية، وأتت الثورة بعد موجة من ارتفاع أسعار السلع الغذائية وأسعار الوقود، مع تفاقم الحرب الأهلية في السودان، ويعتبر السودانيون انتفاضة أبريل واحدة من الأحداث المهمة وامتداد لثورة أكتوبر.
و لقد كان موقع انتفاضة مارس/أبريل 1985م بين التاريخ السوداني الحديث متقدماً. فالانتفاضة ترد بين أهم الأحداث السياسية الكبرى في هذا التاريخ. إنها ترد بعد الثورة المهدية (والسلام يا المهدي الإمام)! والاستقلال وثورة أكتوبر 1964م.
وكان النظام الذي أطاحت به الانتفاضة قد استلم مقاليد الحكم في البلاد في مايو 1969 بانقلاب عسكري. واستمر ذلك النظام على دست الحكم على مدى 16 عاماً، استعدى في أولها القوى الثورية والديمقراطية في البلاد، ثم واصل سيره نظاماً شمولياً معادياً لتلك القوى،ولكل جماهير الشعب السودانى.
كما قام بتمديد عمره تارة بما أسماه بالمصالحة الوطنية عام 1977م، كغطاء لتخفيض قيمة الجنيه السوداني من ناحية، وللسير في ركاب الحلول الاستسلامية في الوطن العربي بعد صفقة كامب ديفيد التي أبرمها السادات ، ثم تارة أخرى بقوانين سبتمبر 1983م ومحاكم الإرهاب لإصدار العقوبات العشوائية استناداً إلى تلك القوانين بالاعدام والقطع والقطع من خلاف.
و رفض مدير الأمن الخارجي السابق لنظام الرئيس جعفر نميري السفير اللواء عثمان السيد تسمية 6 أبريل 1985 بالانتفاضة، وأضاف: "دي ممكن تسموها انتكاسة أو أي حاجة".
وأشار إلى أنّ بعض عناصر قادة النظام انتهزت غياب الرئيس ودبرت ما دبرت، في وقتٍ نفى فيه أوجه الشبه بين الانتفاضة التي أطاحت بنظامه، وبين الانتفاضة التي يدعو لها تجمع المهنيين اليوم، واصفًا الأخيرة بالحركات الصبيانية التي يتضرر منها الشعب بحد تعبيره.
وقال السيد في تصريحات لصحيفة المجهر السياسي الصادرة اليوم”السبت” إنّ ما حدث في أبريل 85 ليس لأسباب اقتصادية، بل لأن القادة الذين وضعهم نميري لم يكونوا على قدر المسؤولية.
وزاد” جميع قادة الجيش والشرطة والأمن كانوا يجتمعون يوميًا صباحًا ومساءً ويدافعون عن النظام، حتى يوم الجمعة 5 أبريل اجتمعوا المساء، وذهب بعضهم إلى ضرورة استخدام القوة تجاه المتظاهرين إذا دعا الأمر، وأكّدوا استعدادهم للدفاع عن النظام.
وأردف: "نفس المجموعة التي أكّدت استعدادها لحماية النظام أصبحوا قادة للانتفاضة منهم وزير الدفاع ومتحدث وناطق رسمي"، ومضى: "لذلك لا أسميها انتفاضة لأن ذات الأشخاص الذين كانوا يدافعون عن نظام نميري دفاعًا مستميتًا، أصبحوا قادة للانتفاضة".