حيوية العقيدة

مما اتفقت عليه كلمة أهل السنة أن الإيمان قول وعمل، ويقصد بالقول: قول القلب بالتصديق وقول اللسان، ويقصد بالعمل: عمل القلب من الإخلاص والنية الصالحة والحب والخوف والرجاء وغيرها من العبادات القلبية، وعمل الجوارح المعروف.

وأصل الإيمان في القلب وأعمال الجوارح ثمرة له ودليل عليه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «فأصل الإيمان في القلب، وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجِب إيمان القلب ومقتضاه وهي تصديقٌ لما في القلب».

كان أهل القرون المفضلة يركزون على تلك الحقيقة التي أرساها الدين، أن الإيمان قول وعمل، وأن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان، كما قال الله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة لن تضيع كما قال ابن كثير وغيره من المفسرين، فسمى الصلاة التي هي من أعمال الجوارح إيمانًا، وهو ما دل عليه الحديث (الإيمان بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان).

وهذه حقيقة ينبغي الانتباه إليها، فليست العقيدة الإسلامية مجموعة من التصورات النظرية التي يختزنها العبد في أرشيف الذاكرة دون أن يكون لها صدى في واقعه وآثار على جوارحه وسلوكه، فالعقيدة الصحيحة هي التي تترجم إلى عمل ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة.

الارتباط بين العقيدة والعمل ينبغي أن يكون أصلًا من أصول الدعوة والتربية الإسلامية، يستصحبها الدعاة في حركاتهم وسكناتهم وبرامجهم الدعوية والتربوية، فليست العقيدة حزمة من المعلومات النظرية التي تصيغ تصورات الإنسان عن الله والكون، إنما هي عقيدة حية، تحيي القلوب والأبدان للتحرك صوب تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى وإعمار هذا الكون بمنهج الله.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على هذا الربط، فعندما جاءه رجلٌ يسأله عن الساعة، قال له: (وما أعددت لها)؟، فوجّه السائل إلى ما ينفعه من الأعمال الصالحة التي تنفعه إذا قامت الساعة ووقف بين يدي الله للحساب، خاصة وأن علم الساعة من مفاتيح الغيب التي لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل.

فالمطلوب من الدعاة الربط دائما بين الكلام عن العقيدة وبين التوجيه للسلوك العملي، ويلاحظ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن رؤية الله تعالى يوم القيامة أنه لم يكتف بتقرير الرؤية، لكنه وجّه معها إلى العلم بمقتضى هذا العلم فقال «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثم قرأ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]، فحوّل الحديث عن مسائل العقيدة وهي رؤية الله إلى برنامج عملي وهو الصلاة.

ولما زفّ النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه البشارة بأن سبعين ألفا من أمته يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، أرشدهم إلى ما يُنال به ذلك الفضل العظيم من الأعمال الصالحة، ولم يتركهم أسارى التمنِّي، فبين صفاتهم بقوله (هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون).

لقد انعكس هذا المسلك النبوي على سلوك صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فكان التركيز على العمل لا الاكتفاء بالعلم النظري في مسائل التوحيد، يخبرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له) فآمنوا وصدقوا، ولم يصرفوا تركيزهم في ما لا طائل من السؤال عنه ولا سبيل إلى إدراكه، فلم يسألوا عن كيفية النزول، وإنما اتجهت همتهم لإطالة القيام بالليل والناس نيام، والاستغفار في الأسحار.

فحريّ بالدعاة أن يعلموا الناس العقيدة بحيويتها الدافعة إلى العمل لا الاقتصار على حشد المعلومات، فإنما الإيمان قول وعمل، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إحسان الفقيه – الشرق القطرية

كانت هذه تفاصيل خبر حيوية العقيدة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

أخبار متعلقة :