الاستثناء.. مرهون بظرفيته

يقال لك: هذا استثناء من القاعدة، فما هي القاعدة إذن؟ ففلان من الناس معروف عنه الطيبة والخلق الرفيع، واحترام الصغير والكبير، كريم، يقدّم مصلحة الآخرين على مصلحته الشخصية، بمثل هذه الصورة تترسخ في ذاكرة الناس عن فلان هذا، وهي بلا شك، صورة نمطية، فما الذي يحدث لكي تهتز هذه الصورة «القاعدة» ويتناسى كل هؤلاء الناس سيرته الحافلة باتساع رقعة المودة؟ إنه مجرد خطأ بسيط، أو انتصار لذات امتحنت بظرف قاسٍ في لحظة ضعف، عندها، هؤلاء الناس أنفسهم لن يعذروا هذا الإنسان لضعفه، أو محاولته إعطاء نفسه شيئًا من الحقوق الذاتية، بل يتجاوز الأمر، إلى التفكير عنه ليس دفاعًا عنه إنما لتكريس الإساءة إليه، ولا يستبعد في بعض التهم الموجهة إليه أن يخرج من ملة الجماعة التي ينتمي إليها، وهكذا تستمرئ الجماعة من الناس التي تحيط به في الإمعان في الإساءة إلى شخصه، وإلى قيمه، وإلى دينه، وإلى خلقه، وبالتالي، ووفق هذا المثال، فالقاعدة هي التي يصورها الناس عن فلان فيما تذهب أفعاله إلى ما يحقق مصالحهم الذاتية، وبالتالي: فإن خرج عن هذه الصورة «القاعدة» ووقع في استثناء غير مقصود، أو مقصود لذاته في لحظة حرجة، يفتقد فيها التوازن بحكم ضعف النفس البشرية، فإن عليه أن يتحمل استثناءه هذا، والآخرون من حوله ليسوا على استعداد لمعاضدته في شدته.

يظل الاستثناء مرهونًا باستثنائيته، ولا يمكن أن تقاس عليه الأحكام العامة، فالاستثنائية مرهونة بظرفيتها الزمنية والمكانية، والقواعد التي يرسمها الناس، أو يجزمون بحتميتها سواء عن الأفراد أو عن المجموعات، أو عن الأنظمة، أو عن الدول، هي مجرد صور نمطية، والصور النمطية مهما بلغ صدق حقيقتها تظل قابلة للتهشم، لأن الإنسان مهما بلغ من خبرة في تجربة الحياة، ومهما وصل من زهد ومن يقين لما يدور حوله، ومهما بلغ به الحرص على معانقة الحياد التام، ولا أقول الحياد المطلق، فليس هناك حياد مطلق، بمعنى أن كل ذلك لا بد وأن يقع في مأزق الاستثناء، ولا توجد حالة أو صورة مكتملة الإركان في سلوكيات البشر، ويقدر هؤلاء البشر عن ديمومتها دون تهشم، أو انكسار، فهذا من باب المستحيل، ولذلك قيل في الأثر: «ارحموا عزيز قوم ذل» فالعزة التي لازمت فلانًا من الناس لفترة زمنية، وهي المتمثلة في: منصب، جاه اجتماعي، غنى، تضحيات، تعاون غير منقطع، فلا بد في يوم من الأيام أن تتضعضع الحالة، وترتبك نمطيتها، والأسباب كثيرة، فهذا إنسان، وبالتالي لا يسمح إطلاقا للألسنة أن تسن سكاكينها للتجريح والإساءة، وإنما تقدر الحالة الاستثنائية، وينظر إليه بكثير من التقدير والاحترام، مع ضرورة الشعور الذاتي أن كلا منا معرض أن يقع في الظرف الاستثنائي ذاته، سواء في التزامه مع نفسه، أو التزامه مع من حوله.

ولست خبيرا في القانون، ولكنني أتصور أن لحالات الاستثناء شيئًا من التقدير، حيث لا يؤخذ الجاني بجريرته المباشرة بصورة مطلقة دون الرجوع إلى سيرته، التي قد تشفع له بشيء من تخفيف الحكم، بخلاف غيره من أصحاب السوابق، أليس كذلك؟ والذي أميل إليه أيضا، أن الحالة الاستثنائية التي نقع فيها جميعنا هي حالة من عدم الاتزان، وذلك وفق قاعدة «المرء في المحنة عي» أي ضعيف، أو عاجز كما جاء في المعجم ولأن الأمر كذلك، فيبقى من باب الخلق الرفيع أن يقدر ظرف من وقع في استثناء معين، خرج به عن القاعدة المعروفة عنه، فلعل في ذلك إنقاذًا من محنته تلك.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني – جريدة عمان

كانت هذه تفاصيل خبر الاستثناء.. مرهون بظرفيته لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.