«بالمعرفة تبنى الحضارات» بهذا الشعار تم افتتاح معرض الدوحة للكتاب في نسخته الثالثة والثلاثين، من الجميل أن نبحث عن المعرفة ونسعى لتكون هي التي تبني حضارتنا، فلولا المعرفة لما قامت حضارة من الأساس، ولكن ما يهمني اليوم جانب قد يكون حساسا للبعض، ولا يتقبله الكثيرون وأعتبره جزءا مهما من الحراك الثقافي والأدبي، وبه نرتقي ونحقق التطور الفكري وتزدهر ثقافتنا بشكل عام.
أتحدث اليوم عن اختفاء تدريجي للنقد الصريح والحقيقي واستبداله بالمجاملات وفي كثير من الأحيان السكوت والابتعاد عن الصداع الذي قد يجلبه النقد وإن كان صاحبه محقا، فلا الناقد يريد أن يخسر الآخرون بسبب صراحته، فهو بالنسبة لهم عدو لدود ويتحاشون حتى رؤيته ودعوته للفعاليات بشكل عام، ولا المثقفون يرغبون بسماع النقد الصريح فهم ينفرون منه ويتحاشون سماعه، ويعتبرونه إساءة لهم وتقليلا من جهدهم المبذول.
نخاف من النقد ونبتعد عنه ونكره من يقدم لنا خلاصة فكره من خلال النقد لأننا نعتقد بأن النقد موجه لنا وليس للعمل الذي قدمناه، والحقيقة مغايرة تماما لذلك، فالنقد يوجه للعمل والأخطاء التي وقع فيها المثقف أو الأديب أو الفنان مع كامل التقدير للمثقف نفسه، كوني أنتقد لا أعني أبدا أنني ضدك أو أنني أحمل حقدا وضغينة لك، الحقيقة على النقيض من ذلك كوني أنتقد العمل فهذا قد يكون دليل محبة ورغبة في الوصول لمرحلة أفضل في العمل مهما كان نوعه، إذا تجاوز الناس هذه النظرة الضيقة فهم سيستقبلون النقد بكل صدر رحب.
الناقد الحقيقي هو ما يكمل جمالية اللوحة، يحمل فرشاة الألوان ويزيد اللوحة جمالا بملاحظاته ونقده وبما يمتلك من علم وثقافة تساعد على سد بعض النقص الذي قد لا ينتبه له المثقف أو الأديب، الناقد الحقيقي هو مرآة ناصعة تبين لنا شكل العمل الفني على حقيقته، بدون تجميل أو تزييف للحقيقة، فما أحوجنا لمثل هؤلاء من النقاد وما أحوجنا لأن يتصدروا المشهد الثقافي.
لنبحث سويا عن آخر عمل درامي تم انتقاده وذكر جوانب الضعف فيه وسلبياته، لا يوجد شيء من هذا القبيل لذلك من الطبيعي أن تنتشر الأعمال الفنية ذات المستوى الهابط والذي لا يقدم أي شيء يتعلق بالفن ورسالته في المجتمع، وأصبحت تجارة لدى البعض وفرصة للتكسب من خلال المشاركة بأي نص وإنتاج أي عمل فني وضاعت من خلالها الأعمال الفنية والمسلسلات الهادفة والتي ينتظرها الجميع، لكن تم استبدال كل ذلك بالغث والسمين.
متى تم انتقاد آخر كتاب صدر للمؤلفين القطريين؟ الحقيقة لا يوجد شيء من هذا القبيل، لذلك نجد تسارع وتيرة تأليف الكتب بشكل كبير، فلا يوجد من ينتقد ولا توجد جهة تضع شروطا ومعايير لمثل هذه الإصدارات، وقفت في الفترة الأخيرة على كتاب تم تدشينه بشكل رسمي من قبل إحدى الجهات الرسمية بالدولة، الكتاب حقيقة ضعيف جدا في المستوى ومواده منسوخة من الانترنت والمعلومات فيه غير محدثة وقديمة، وأهم المعلومات عن قطر كانت غير دقيقة وقديمة، ومن قام على جمع المعلومات وإعداد المادة لا علاقة له بالمجال الذي كتب فيه الكتاب! فكيف تمت الموافقة عليه وتدشينه بشكل رسمي؟ وأين دور النقاد لنقد هذه الكتب وبيان مستواها الحقيقي؟
متى تم انتقاد فعالية ثقافية أقيمت في الدولة؟ لا يوجد نقد حسب علمي، لا يعقل أن تكون كل الفعاليات الثقافية ملائكية ولا تخلو من هفوات أو سوء تقدير قد يكون أحيانا حتى التوقيت غير مناسب، ولكن قبل النقد تتجه الأنظار إلى من الذي نظم هذه الفعالية وهل من مصلحتنا أن نخسر هذه الجهة بنقد فائدة ترجى منه؟ فيتصدر لمثل هذه الفعاليات المتنفعون الذين يروجون لها لمصلحة خاصة ويبتعد النقاد الذين يمتلكون الرؤية لتصحيح المسار.
«إنك امرؤ فيك جاهلية»
«نِعْمَ الرَّجلُ عبدُ اللَّهِ لَو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ»
هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا النقد الدقيق يكره أصحابه أم كان يريد لهم الخير؟ بهذا النقد السريع غير أحوال أصحابه رضوان الله عليهم إلى الأفضل، لأنه ناقد حقيقي محب لمن حوله ولأنهم يتفهمون أن هذا النقد موجه لسلوكهم وليس لهم، فهو نقد من محب لهم يتمنى أن يراهم في أكمل وجه.
حراكنا الثقافي ينمو ويزدهر، ولكنه بحاجة ماسة لمن يكمل هذا الحراك، وهم النقاد الحقيقيون الذين يقولون الحقيقة ويضعون أصابعهم على موقع الجرح والألم لنسرع بالعلاج وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، نحن بحاجة ماسة لهؤلاء النقاد وأن يأخذوا مكانتهم الحقيقية في المجتمع حتى لا يكون الحراك ثقافي مجرد أنشطة لملء الفراغ.
يوسف أحمد – الشرق القطرية
كانت هذه تفاصيل خبر «إنك امرؤ فيك جاهلية» وأثره على الحراك الثقافي لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.