ماذا لم يحدث للمصريين؟

مجتمع «الميم» و«الكوميكس» يقدم صورة عن المجتمع المصرى ربما فوق ما تقوم به المسوح والدراسات (التى أين اختفت بالمناسبة؟).

فهذه المزحات المنتشرة على السوشيال الميديا والتى تتخذ شكل تعليقات مرفقة بمشاهد من أفلام أو مسلسلات أو صور فوتوغرافية لأحداث تاريخية، تعكس حس الدعابة وقواعد الفكاهة الجديدة.. وتعكس- وهو الأخطر- كيف ينظر مصريو اليوم إلى الحياة؟.

ما هى القيم التى تخط مسارهم العريض؟ وما هى هواجسهم؟ وما هى مصادر إلهامهم؟ ومن هم المحقرون فى مرويتهم؟ ومن الأبطال؟.

كيف ينظر الشباب فى مقتبل العمر إلى الشابات والعكس؟ ما هى تصوراتهم عن الحياة والعمل والحب والوقت والحق والخير والوطن والإقليم والطعام وغاية الوجود؟.

ومن التزيد بمكان هنا القول بأن النكتة أحد أهم روافد رصد أى مجتمع وكم كانت دالة على ما تؤول إليه دول وقوى عظمى قبل تبدل أحوالها.. فهذا من المعروف إلى حد البديهى والمكرور إلى حد الملل فى كل حديث عن رصد المجتمعات والشعوب.

بل وتتخذ الـ«ميمز» طابعا دوريا متجددا مع الأحداث والمناسبات ومع شواغل الرأى العام المصرى، بحيث تكاد تكون وسيلة إعلام موازية، تحمل الموقف الساخر وتعلق التعليق اللاذع، وتتوسع فيما تحجم عنه وسائل الإعلام عادة بدواعى الانضباط أو المواءمة أو اللياقة.

هذا التعريف المسهب أعلاه ضرورى فى مقال تنشره جريدة، فالذى يمسك الجريدة بين يديه الآن أو يطالع موقعها الإلكترونى ويقرأ مقالا، على الأرجح يحتاج إلى هذه الشروحات، فقد أصبحنا كتابا وقراء للصحف كما لو كنا بحاجة إلى محمية تضمنا وسط عواصف التغير المتلاحق فى كل شيء.. من السياسة، للتاريخ للغة، للنكتة.

بل إن موقعا كـ«فيسبوك» الذى قد تحاججنى بأن لديك حسابا عليه هو أو «تويتر»، مدللا على انفتاحك وانغماسك وسط الجماهير العريضة والأجيال الجديدة قد يكون هو قرينة هذا التحجر الذى نحياه وهذه المحمية المعزولين فيها!.

فهذه المواقع فى نظر أجيال ناشئة باتت من ذكريات الماضى البعيد كما كانت الطرابيش بالنسبة لنا فى طفولتنا، وما عليك إلا أن تنظر إلى اندهاشة المراهقين اليوم لكونك تمتلك حسابا على أى من الموقعين، ومازلت تزوره يوميا وتنشط عليه. يبدو الأمر فى أعينهم كما لو كنت تستيقظ صبيحة كل يوم لترتدى بذلة وكرافات وطربوشا وتذهب للمتحف الزراعى مثلا!.

ولا يدركون شيئا عن أيام أطاح فيها هذان الموقعان بالشرق الأوسط وبدلا أحواله وأخذاه من حقبة تاريخية لحقبة مختلفة تماما.

هذا التعريج على نظرة الأجيال الأحدث للمواقع التى لانزال ننظر إليها ونظنها (كل مجتمع السوشيال ميديا) ضرورية، لإدراك وإقرار حجم ونسبة وتناسب ما نتحدث عنه من الحقيقة، أو ما يمكن أن ندعوه المزاج العام لجيل جديد من المصريين.

مرة أخرى أكرر أن المقدمة أعلاه طالت قبل الوصول للب الموضوع الذى أنتوى أن يتخذ طابع سلسلة مقالات متصلة تتناول بالشرح والتحليل حال المصريين على السوشيال ميديا ومعتقداتهم أو أفكارهم العريضة فى أيامنا هذه.

لكن الاتفاق على المسميات والمنطلقات، أو على الأقل تفهمها، يختصر المسافة بيننا ويوضح ماذا أرصد بالضبط وبأى أدوات وانطلاقا من أى نقطة؟.

وهذا ليس إبراء ذمة أكاديمى، بل هو إشارة لهذا الملمح الدقيق الذى سنرصده سويا وسط طيف واسع من المتشابهات والمشتبهات، ومحاولة لتحييزه وتحديده.

والباعث عندى هو قدرة مزاج السوشيال ميديا بلغته الجديدة (الميمز والكوميكس مثالا عليها) على التأثير فى المزاج العام بتوجيهه أحيانا أو بالعجز عن التأثير فيه فى أحيان أخرى.

فقد تحولت المسألة من مجرد مجال بحثى علمى واعد إلى مساحة «بيزنس» هائلة، وأضحت رقما فارقا فى معادلات السياسة والدعاية والإعلان والرياضة وباقى المجالات المهنية على الخطوط العريضة لحياتنا.

لكنها قبل كل هذا تأخذنا لهذا السؤال الصعب: هل نفهم ما أضحينا عليه فعلا؟ وهل نستوعب ما يجرى تحت السطح من تفاعلات وتغيرات فى قناعات المصريين أو على الأقل أجيال وطبقات منهم؟.

أحسب أن الدكتور جلال أمين حين نشر كتابه الذى ذاع صيته لسنوات «ماذا حدث للمصريين؟»، بكل لغته المندهشة، كان ليدرك أنه يتكلم عن مصريين غير المصريين تماما، إذا ما جاء لمصرنا اليوم ونظر لمصرييها، رغم أن الفارق يكاد يكون عقدين من الزمان لا أكثر. وأكاد أخاله يتساءل مأخوذا من كل هذه العواصف التى اجتاحت القيم والمفاهيم إلى حد أن يقول: ماذا لم يحدث للمصريين؟.

المسألة ليست لطما على الماضى الجميل (لأن كل ماضٍ من وجهة نظر كل حاضر- غالبا- كان جميلا)، وليست حماسة لمستقبل وتبشيرا به (فهو فرط غامض)، بل هى محاولة لفهم ما سيتحول خلال عقد ربما إلى حال عام.

أحمد الدريني – المصري اليوم

كانت هذه تفاصيل خبر ماذا لم يحدث للمصريين؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.