حتى لو نجح مشروع قرار مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي باعتماد العضوية الكاملة لدولة فلسطين وهو أمر بدا منذ البداية مستحيلا في ظل قواعد اللعبة الأممية القذرة، فإن ذلك ما كان ليحرر فلسطين أو يوقف الطغيان الإسرائيلي. بيد أن الحراك الذي حدث لم يكن بسبب عمل دبلوماسي ناعم أو بسبب صحوة ضمير دولي إنساني، ولكن كان بسبب مقاومة فلسطينية باسلة مستبسلة. إن الأمم المتحدة بهياكلها ومنظماتها لا تعدو أن تكون هيئة لإدارة وإخراج مسرحية دولية تتخذ من الأمن والسلام وحقوق الإنسان وقودا للإلهاء والاستمرار في تزيين الشر والظلم والطغيان. منذ ما يزيد على نصف قرن كشف العميل الأمريكي في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مايلز كوبلاند في كتابه (لعبة الأمم) والذي نفدت طبعته اللندنية الأولى في ثلاثة أيام فقط، عن أن علاقة كثير من الحكام مع القوى العظمى تلزمهم باتخاذ قرارات لا تمثل مصالح شعوبهم، وعليهم إقناع شعوبهم بأنها لصالح الوطن والشعب. كما أشار الكتاب الذي لم يهتز العالم في تاريخه – ولا يزال- لكتاب مثله، إلى أن أساس لعبة الأمم هو أن الكل – ما دون القوى العظمى – خاسر فلا أحد من الحكام دائم في الحكم ولكن أساس اللعبة في كم من السنوات سيظل جالسا على كرسي السلطة ولو آن أوان الخروج من السلطة كيف سيخرج. فهذه هي القواعد التي تدار بموجبها مسرحية الأمم المتحدة.
في عام 2017 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 128 عضوا مشروع قرار عربي إسلامي يرفض القرار الأمريكي باعتبار مدينة القدس عاصمة لدولة الكيان الإسرائيلي. غير أنه في موازاة ذلك أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية قبل ذلك بأيام قرارا لمجلس الأمن الدولي يدين ذات القرار الكارثي الذي أصدرته واشنطن، وذلك باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن. والمعروف أن مجلس الأمن (فقط 15 عضوا) أحد أهم أجهزة الأمم المتحدة وله سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء لذلك تعتبر قراراته ملزمة لها. بينما قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة (193 عضوا) تتمتع فقط بتأثير معنوي وليس ملزما، ولا تستطيع أن تُجبر أي دولة من دول العالم بتنفيذ مضمون قراراتها. وبالتالي لم يكن لقرار الجمعية بشأن القدس أي إلزام لواشنطن المتجبرة، بينما قرار مجلس الأمن هو الذي كان سيكون ملزما لكنها أبطلته بحق الفيتو. لقد ظلت الأمم المتحدة بأذرعها المختلفة كقصر مشيد وبئر معطلة، فبالرغم من انشائها في أكتوبر 1945 إلا أن حصيلة نجاحاتها صفرية أو متواضعة في أحسن الأحوال ولا تتناسب مع حجم الأموال المنفقة ولا مع حجم الزخم الاعلامي المصاحب لأنشطتها. فلم تكن إلا مطية للقوى الكبرى وآلية لصياغة المبررات واجتراح المسوغات لتحقيق أطماع هذه القوى وسيطرتها على الدول الضعيفة وفرض رؤاها السياسية عليها.
في الفاصل المسرحي الذي جرى الخميس الماضي استبق مسؤول أمريكي التصويت وقطع قول كل خطيب، وصرح بأن الولايات المتحدة ستعارض طلب فلسطين الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وخلال تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الذي قدمته الجزائر وافقت 12 دولة من أصل 15 على القرار. بينما امتنعت بريطانيا وسويسرا، واعترضت الولايات المتحدة مستخدمة حق الفيتو باعتبارها إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس. وسارعت إسرائيل بتهنئة واشنطن على هذا الموقف الداعم والمساند لحربها الهمجية ضد الشعب الفلسطيني. ففي حين تصرح الولايات المتحدة بأنها تدعم حل الدولتين، ترفض قرارا يمثل العالم بأغلبية ساحقة لاعتماد عضوية كاملة لدولة فلسطين، وكذلك الحال مع بريطانيا التي امتنعت عن التصويت وهو موقف يدعم إسرائيل في ظل هذا الاجماع الدولي.
ولو أن واشنطن كانت يوما صادقة في أفعالها لقلنا إن الفيتو الذي ظلت تطعن به الشعوب المستضعفة فعل غير نزيه وغير أخلاقي وإنه يكشف تناقضات السياسة الأمريكية لأنها تدعي نفاقا أنها تدعم حل الدولتين رغم أنه ليس حلا مثاليا بل مجحفا، وفي ذات الوقت تمنع المؤسسة الدولية من تنفيذ هذا الحل حتى في جانبه النظري. ومع تعظيم واشنطن لدور الأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بمصالحها، لكنها في هذه الحالة أعطت الأهمية لإسرائيل ورأت أن يؤخذ الاعتراف بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة من جلادها (إسرائيل)، وهذا هو المستحيل بعينه.œ
د. ياسر محجوب الحسين – الشرق القطرية
كانت هذه تفاصيل خبر دولة فلسطين والمسرحية الأممية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.