وسائل التواصل الاجتماعي وظاهرة «انهيار السياق»!

نظرًا لأن غالبية مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى ينتمون إلى مجموعات مختلفة من الأفراد، ويمكن رؤية ذلك على الفيسبوك، على سبيل المثال، حيث يمكنك رؤية أشخاص كانوا جيرانك سابقًا أو زملاء عمل حاليين أو أقارب أو أصدقاء. هنا قد يتم تفسير الرسالة التى تشارك فيها بطرق مختلفة من قبل مجموعات مختلفة وأفراد مختلفين بناءً على مدى إطلاعهم على البيئة التى تمت كتابة المنشور فيها. المشكلة هنا هى أنهم قد يضطرون إلى التعبير بحرية وخوف التفسير الخاطئ، أو أن يصبحوا سياسيين ويبدأوا فى تحريض الآخرين بكلمات خارجة، وفى هذه الحالة فتأثيرات رسائلهم تتنوع حسب الثقافة والمعرفة والتفاعلات الاجتماعية للأفراد المستهدفين. وهنا يجب أن يكون لدى المستخدمين وعى بأن كلماتهم قد تؤثر بشكل مختلف على الأشخاص الذين يشاهدونها، وعليهم مسؤولية تجاه الكلمات التى يختارونها وكيفية توجيهها للآخرين.

ففى عام 2013 نشر كل من جينى إل ديفيس وناثان جورجينسون ورقة بحثية تحت عنوان Context collapse: theorizing context collusions and collisions «أو انهيار السياق: تنظير تواطؤ السياق والاصطدامات»، جاء فى ملخصها أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعى أدى إلى تزايد القلق بشأن انهيار السياقات الاجتماعية، مما يؤدى إلى عدم وضوح الذات العامة والخاصة، والمهنية والشخصية، والفردية. يستكشف الأدب الأكاديمى الفوائد والمشاكل المحتملة لهذه الظاهرة. إن «انهيار السياق» أو «تسطيح جماهير متعددة فى سياق واحد» هو مصطلح نشأ من دراسة التفاعل البشرى داخل وسائل التواصل الاجتماعى. فـ«انهيار السياق» يحدث عمومًا عندما يشغل عدد كبير من الجماهير المختلفة نفس المساحة، وتجد معلومة مخصصة لجمهور ما طريقها إلى جمهور آخر، وهنا يكون رد فعل هذا الجمهور الجديد قاسيًا وسلبيًا للغاية لفشله فى فهم السياق الأصلى. وهنا أحكى ما حدث لصديق عزيز، وهو أستاذ جامعى مرموق رواده كُثر ومحبوه بالمئات، يكتب بصفة دائمة مستعينا بعلمه وثقافته الواسعة والمتنوعة فى مجالات عدة، فقد فوجئ بأحد زواره ممن يرتادون صفحته بسيل من الشتيمة والبذاءات خارج الموضوع والسياق الذى كان يتحدث فيه، فكانت صدمة عنيفة، فما كان عليه إلا أن يبحث عن هذا الشخص وأصله فلم يجد أى معلومات عنه ووجد له شريكا واحدا مشتركا. فما كان منه إلا أن أغلق التواصل مع الشخصين وعمل لهما بلوك…!.

وفى عام 2023 كتبت كل من ديبرا جى بوركوفيتش، جينيفر بريز، بحثا بعنوان SOCIAL MEDIA IMPLOSION: CONTEXT COLLAPSE! أو «انهيار وسائل التواصل الاجتماعى: انهيار السياق»!، إن «انهيار السياق»، وهو تراجع المحتوى الشخصى والأصلى الذى تتم مشاركته على موقع التواصل الاجتماعى الخاص به، آخذ فى الارتفاع. ويشير «انهيار السياق» إلى جمهور غير محدود عبر الإنترنت على عكس المجموعات المحدودة التى يتفاعل معها الشخص عادةً وجهاً لوجه. تستكشف هذه الورقة بنية «انهيار السياق»، وأسسها التاريخية، وتأثيرها الحالى وتطبيقها على انهيار وسائل التواصل الاجتماعى. من خلال تفسير الأدبيات الموجودة مسبقًا والمقابلات مع مستخدمى فيسبوك البالغين، فقد أبلغتا بأن «انهيار السياق» ليس مجرد مفهوم جديد قدمه فيسبوك لتبرير المعضلة الحالية، لكنه موجود فى اللغة الشعبية منذ عام 2008. حيث ساهمت عوامل اجتماعية وثقافية أخرى فى «انهيار سياق» فيسبوك، مثل تراجع علاقات القرابة الأنثروبولوجية التقليدية بين الأسرة والأصدقاء المقربين، وحدث تسريع متزايد للعلاقات الافتراضية عبر الإنترنت (التى غالبًا ما تكون مجهولة المصدر)، وتفاقم المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمن فيما يتعلق بمنصات التواصل الاجتماعى. وقد استخدم مايكل ويش مصطلح «انهيار السياق» فى محاضرته التى ألقاها عام 2008 بعنوان «مقدمة أنثروبولوجية لموقع YouTube».

وهناك نوعان رئيسيان من «انهيار السياق»: كما تم تعريفهما من قبل اللغوى جينى إل ديفيس وعالم الاجتماع ناثان جورجينسون: تواطؤ السياق وتصادم السياق. والأول مقصود، بينما الثانى غير مقصود. قد يكون أحد الأمثلة على تواطؤ السياق خارج الإنترنت هو حفل زفاف يتم فيه الجمع بين دوائر اجتماعية مختلفة عن قصد. عبر الإنترنت، يُرى تواطؤ السياق على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث يمكن للمرء إنشاء منشور لجذب انتباه المجموعات الاجتماعية المختلفة. ويظهر تصادم السياق فى الحالة التى يقوم فيها شخص ما بإلقاء نكتة على شخص آخر، دون أن يدرك أنه يستمع إليه أيضًا على شبكة الإنترنت.

فى العصر الرقمى، تلعب وسائل التواصل الاجتماعى دورًا حاسمًا فى العلاقات الوسيطة، مما يسمح لنا بتغييرها وتعزيزها وزيادتها. ومع ذلك، فإن سيطرتنا على هذه العلاقات يعوقها التواصل مع مجموعات كبيرة وغير متصلة من الأصدقاء والمعارف. وقد أدى هذا الافتقار إلى السيطرة إلى «انهيار السياق»، مما أدى إلى الخوف، وفقدان الخصوصية، وزيادة المساءلة الشخصية عن منشوراتنا. تلك التغييرات والتحديثات ستؤثر على كيفية إنشاء هوياتنا وإعادة إنشائها. ويتعين علينا أن نكون مستعدين لظاهرة «انهيار السياق» المستمرة، حيث تشجع المساحات الإعلامية الجديدة على نشوء بيئة اجتماعية وثقافية واسعة ومترابطة. نحن نطالب بتحسين بروتوكولات الخصوصية والأمان على منصات التواصل الاجتماعى التى تعتمد على مشاركتنا فى تمويلها ووجودها. عندما تتداخل المعلومات المشتركة شخصيًا داخل مجموعات مترابطة وتتفاعل وتتقارب، فإن خطوط الاتصال والفهم والمعنى تتلاشى وتتدهور. من أجل البقاء والازدهار، يجب على مقدمى خدمات وسائل التواصل الاجتماعى فهم دوافع المشاركة المتغيرة لمستخدميهم، وإلا ستستمر «سياقاتهم» فى الانهيار تحت ثقلهم. ورغم أن مؤسسة الفيسبوك قد سعت إلى الحد من تلك الانهيارات من خلال تنبيه مستخدميها بشكل متكرر إلى ضرورة تفعيل خيارات النشر مع الأصدقاء فقط، إلا أن المشكلة تظل قائمة بحكم أن دائرة الأصدقاء فى حد ذاتها غالبا ما لا تكون نقيّة، بل ويغلب عليها وجود حسابات لأشخاص فضوليين مستعدين لطلب صداقة أى شخص لمجرد أنه يقطن فى ذات المدينة التى يسكنونها أو يعمل فى ذات المؤسسة التى يشتغلون فيها…!.

ختاما، فلابد أن يكون هناك توازن بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعى. وينبغى على المستخدمين أن يكونوا حذرين فيما يتعلق بتأثير كلماتهم وما يشاركونه، وأن يسعوا للتعبير بوضوح واحترام عند التفاعل مع الآخرين. بالتالى، يمكن تحقيق بيئة أكثر تسامحًا واحترامًا على وسائل التواصل الاجتماعى وتجنب تحول النقاشات إلى صراعات مثيرة للجدل أو تحريضية….!.

–  حاتم عبدالرحيم عيد – أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة

صحيفة المصري اليوم

كانت هذه تفاصيل خبر وسائل التواصل الاجتماعي وظاهرة «انهيار السياق»! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.