الحروب والذاكرة

للتاريخ وجهان. وجه مع سيرة الزعماء والحكام، ووجه مع سيرة البشر العاديين، أو من نال منهم حظا من العلم والشجاعة لأن يقتحم عالم الزعماء والحكام بالمعارضة أو حتى بالاتفاق! في مدارسنا يقف التعليم عند سيرة الزعماء والحكام منذ مصر القديمة فقط. لكن خارج التعليم ظهر كتّاب يؤرخون للناس مثل أحمد بهاء الدين ومحمود السعدني ومحمد أنيس وصلاح عيسى وعماد أبو غازي ومحمد أبو الغار وغيرهم، والحديث عن كتبهم كبير. أكثر ما يأتي في كتب المدارس عن الزعماء والحكام يأتي عن حروبهم وخاصة التي انتصروا فيها. لكن قليلا ما تتم الكتابة عن أخطائهم التي كانت تصل إلى الخطايا في بعض الأحيان مع الشعوب التي يحكمونها.

هناك مظهران لذاكرة التاريخ الرسمي أو المقرر في المدارس. مظهر فيما تركه الحكام وراءهم من آثار تتجلى في المباني والمعابد ثم الكنائس والمساجد والمدارس والأسبلة – جمع سبيل للمياه- والقلاع غيرها، ومظهر في الحروب التي دخلوها دفاعا عن الوطن أو غزوا لغيره من البلاد. الحياة مع هذه الذاكرة ممتعة خاصة مع الآثار، لأنك تقف تتأمل أشكال البناء سعيدا بما فيها من زخرفة أو أسقف أو نوافذ ومشربيات، أو آيات قرآنية بالخط العربي. ويصل بك الأمر حين يكون بالمبنى ضريح للحاكم أن تصلي عليه واقفا، أو تقرأ له الفاتحة، ولا تذكر أبدا أي أخطاء أو خطايا له. النسيان يجعلك في محراب الرضا. الذاكرة المهملة في التعليم، والتي تأتي بالمعرفة والقراءة الحقيقية، توقظ فيك ما هو أوسع من الحكام، وهو حب الوطن. الحروب حتى لو انتهت بالهزائم هي من أكثر ما يوقظ حب الوطن عند الشعوب. تعيش في الوطن راضيا أو حانقا لكن حين يتعرض لهجوم من عدو، تستيقظ الذاكرة بحب الوطن. هذا يفسر لك كيف فشلت الدول الاستعمارية في البقاء في البلاد التي احتلتها، واضطرت إلى الخروج مهما طال الزمن.

بعد احتلال الانجليز لمصر عام 1882 ارتفعت الذاكرة في الفضاء بشعار مصر للمصريين، ولم يكن مقصودا به الجاليات الأجنبية أو العربية التي لجأت إلى مصر وساهمت في نهضتها كما قد يتصور بعض السذج، لكنه شعار كان في مواجهة الاحتلال. يمكن أن يعيش الإنجليز بيننا كمواطنين، لكن كمحتلين أو ناهبي ثروات فليس ممكنا، ومن هنا جاءت النهضة في الصناعة والزراعة والتعليم وغيرها. حتى في سنوات حكم أحزاب الأقلية التي كانت موالية بدرجات للإنجليز او العائلة المالكة، كانت النهضة على أشدها. الأمر نفسه حدث مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحدث مع هزيمة 1967. سيقول قائل مع حرب 1973 ورغم أننا استعدنا سيناء حدث العكس، وكان السلام مع إسرائيل فرصة لضياع الانجازات في الصناعة والتعليم وغيرها. كيف حقا كنا مع الهزائم نقيم وطنا، وصرنا مع النصر نبدد مقدرات الوطن وإمكاناته ؟

سأقول له هذا لم يكن من الشعب على إجماله، ولا حتى من صفوته الفكرية التي لقي الكثيرون منها العنت والسجن أيضا، لكن هذا كان سياسة للدولة والحكم والحكام ومن والاهم، لا زلنا ندفع ثمنها. ابتعد عن مصر لأقول أن ما تفعله اسرائيل في غزة من حرب جائرة أيقظ الذاكرة بفلسطين أرض العرب لا الصهاينة، ولابد يوما أن يتجسد بالوطن الحقيقي. الصهاينة مهما طال الزمن مصيرهم إلى الشتات الذي جاءوا منه، ولابد أن هذا الشتات كامن في اللاشعور ومصدر رعبهم، فلم يكن لهم يوما وطن يعودون إليه، كما عاد المحتلون من الإنجليز وغيرهم، وكل ما قيل في كتبهم عن الوطن خرافات.

ابراهيم عبدالمجيد – الشرق القطرية

كانت هذه تفاصيل خبر الحروب والذاكرة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.