القرار الحرج

القرار مرتكز توجيه سلوك الإنسان في كافة جوانب الحياة الخاصة منها والعامة، وصناعته تعتمد اعتمادًا كليًا على إعمال التفكير في التحليل وتوظيف القدرات العقلية والذهنية التي تُفاضل وتُقارن مقارنات آنية وسريعة وحاسمة بين عدد من الفرص والبدائل والاحتمالات، لتستطيع الإرادة البشرية بملكاتها الذهنية الاختيار من بين عدد من البدائل ما هو أقرب رشدًا وأصوب سلوكًا.

الملكات الذهنية تتباين بين الناس، ويقترب القرار ويبتعد فيما بين الصواب والرشد والخطأ بحسب درجات المهارة والقدرة والدراية محل التفاوت بين الناس، فالقرار مخرج لدقة وحداثة بيانات ومعلومات مرجعيته، وكفاءة القدرة العقلية والفنية الداخلة في الإعداد له، ومهارة الكادر البشري الذي يؤسس له، ومحصلة ذلك كله حاضنة قيادية بأدوات عصرية تواكب التطورات وتتجاوز التحديات وتتخطى المشكلات بإرادة الخبير وتجربة الموهوب ومكنة الواثق من الإقدام على صناعة واتخاذ القرار مدركًا أبعاده.
منهج القرار الحرج يرتكز على الدهاء والفطنة والعبقرية والذكاء، مع تجاوز محطات الانفعال وانهيارات الغضب، ضمن خلاصة “ليس الشديد في السرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب” كما هو منهج السنة النبوية الشريفة، وليس ذلك فحسب، بل أيضًا بالدعوة إلى السيطرة على الغضب وعدم تمكين الانفعال الشديد من احتلال الجسد والتحكم فيه، بتوجيهات في غاية الدقة بالجلوس عند الغضب، والاتكاء، والاضطجاع لجعل مسافة اتخاذ القرار تخرج من دائرة الغضب إلى محيط التأني بإعطاء عنصر الوقت قيمته الحقيقية وبعده الواقعي في مراحل صناعة واتخاذ القرار المفاجئ خاصة عند المصاعب وأثناء التحديات.

القرار الحرج في الأزمات صناعته أكثر تحديًا، ذلك لأن مدخلاته على درجة عالية من الحساسية والسرعة والضبابية في المزج بين المتغيّرات وحساب الفرص والمخاطر قد لا يحظى بالوقت الكافي، ولا يُقيم كافة الأبعاد، ويراعي الظروف والشروط، ويتوقع النتائج برؤية حاسمة في التطبيق والتنفيذ.

مرحلة القرارات الحرجة الكل يتطلع إلى مآلاتها ونتائجها. في تصور أن تكون لصنَّاع القرار إرادة جادة بالشروع في الإقدام دون تردد على دعم اتخاذه وتحمل تبعات نتائجه مهما تعاظمت.

منهجية القرار الحرج تنطلق من فكر وتحليل متعمق تنصهر فيه التجارب والخبرات باستيعاب المتغيرات واستشعار المخاطر وتقييم الفرص والتحديات تحت مظلة الميزات الإبداعية التنافسية التي تجعل من القرار الحرج فرصًا تستثمر تلك الأفكار والرؤى بطريقة تلقائية تضبط إيقاع مخرجات تلك القرارات وتُوجهها باستمرار. التحليل الشامل والمتعمق للفرص والتحديات والظروف والشروط لأبعاد وتداعيات القرار الحرج ضمن رؤية الأشياء، كما هي وفقًا لعلاقاتها المتدرجة، وتحليلها الفوري وتخيل ما قد يترتب عليها، وتحاشي التراجع والتردد الذي ساعدت خدمات وبرامج التقنية على تخطيه وتيسير قنوات اتخاذه.

الإلهام محور اتخاذ القرار الحرج، فالأشخاص الملهمون لهم القسط الأكبر من تحمل المسئولية والطموح والتعاطف والإصغاء إلى الآخرين والتعاطف والتعاون ومد جسور التواصل، والعمل بروح الفريق والإقدام والجرأة والمجازفة لحسم المواقف الجسيمة، بتحمل تام لجميع تبعات القرار والآثار المترتبة على اتخاذه.

المجازفة مرحلة متقدمة في صناعة القرار الحرج يتم فيها تجاوز العوامل الشخصية والبداهة والفهم التقليدي، والاتجاه نحو منهجيات ومهارات ومعارف متجددة، تعتمد الملاحظة الموضوعية والمنهج الصارم الذي يُصاغ في مبادئ شاملة تُشجع العلاقات التعاونية الهادفة لحشد الطاقات البشرية التكاملية لتخطي العقبات وبلوغ الأهداف بدرجة عالية من الكفاءة. عنصر الوقت متغير في غاية الأهمية عند حساب تكلفة ونتائج القرار الحرج بداية، فتنمية القدرات ورفع المهارات وتوظيف المواهب وملكات الإبداع وتقويتها، والمفاضلة المحسوبة بعناية عند استثمار قيمة الوقت الذي هو أهم عناصر نجاح أو فشل القرار الحرج.

فيما ولمن وكيف توجه ساعات الإنجاز؟ كل ذلك بحسب مهارة الاستغلال الأمثل للوقت مصدر التميز والعنصر الخفي للمنافسة والتقدم على الآخرين. القرار الحرج يكشف عن مدى استثمار قيمة الوقت في التخطيط وبناء الاستراتيجيات لتحقيق الأهداف وبلوغ الغايات، أو تبديده في حل النزاعات والخلافات ومعالجة المشكلات وتخطي التجاوزات.

أوقفوا الحرب! إيقاف الحرب قرار حرج، وإعلانها بداية أكثر حرجًا. ويبدو أن القارة الآسيوية مبتلاة بقرارات تصعيد الحروب، والقارة الإفريقية جناح لها يُحركها مربع الشقاء في الجنوب الغربي من قارة آسيا الذي يُدار بقرار إسرائيلي حرج تدعمه إيران وحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن بممارسات قراراتها حرجة أيضًا لوقف تمدد الاقتصاديات النافذة الصين والهند وروسيا نحو أوروبا وإفريقيا عبر المنطقة العربية.

قد يكون إعلان تكوين تحالف دولي لمواجهة سلوك قرصنة الحوثي في البحر الأحمر قرارًا حرجًا، ولكن القرار الأكثر حرجًا صناعة الغرب لشبح حوثي في اليمن بداية وجعله ذريعة لابتزاز المنطقة العربية، وما سبقه من أشباح القاعدة وداعش والنصرة وكلها قرارات حرجة لصناعة أشباح مرعبة للمنطقة العربية، ولعل سد النهضة وحجب الجزء الأكبر من مياه النيل عن بعض دول الوطن العربي، وتقسيم السودان وإشعال حروبه، واستمرار خنق الاقتصاد المصري وإنهاك عملته، وتعويم الحرب على أرض فلسطين بين غزة والضفة هى في الأعم الأغلب قرارات حرجة، يُمنهجها إعلامي غربي بخس نخس يصنع الرسالة الإعلامية ويتحكم في مشاهدها وأدواتها، وتتناقلها منه وعنه قنوات ووكالات أنباء مجترة تلُوك الخبر وتشوه الحدث جلها عربية أو ناطقة بها.

والمشهد الإعلامي العام أيضًا يعكس قرارات حرجة للغاية تُوهم أن العالم قد أضحى مدينة فاضلة وغابت تحدياته ومصاعبه ومتاعبه، ولا يروي الإعلام الممنهج إلا الأحداث على أرض فلسطين ولا غيرها حدث فهل يا ترى تسخير إلهي؟ أم زيف إعلامي ولغة مكر وخديعة مجملها لا تخرج عن دائرة القرارات الحرجة ودهاليزها المتخفية في قرار حرج أيضًا. ولكن هل ما زال رهن الإرادة وتسطيح الوعي ضمن هذا المضمار؟ أم أن الوعي العربي العام استوعب القرار الحرج وأحسن بث الوعي وصناعة الإرادة.

محمد الفايدي – خبير استراتيجي – جريدة الدستور

كانت هذه تفاصيل خبر القرار الحرج لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.