صراع لا يلتزم بـ«سيناريو» نتفليكس

لم يعد بالإمكان تمييز الحد الفاصل بين ما هو روائى وخيالى، وما هو حقيقى فى الشرق الأوسط.

اغتيال العارورى فى لبنان يبدو كما لو كان امتدادًا للجزء الأخير من المسلسل الإسرائيلى الشهير «فوضى»، الذى تدور معظم أحداثه فى لبنان، خلافًا لكل المواسم التى دارت فى فلسطين.

كما لو كان المسلسل نبوءة.. أو تمهيدًا نفسيًّا.. أو اختبارًا.. أو بروفة تمهيدية للدخول السافر بفرق الاغتيالات إلى قلب لبنان.

طبعًا إسرائيل لا تحتاج تمهيدًا، ولا يردعها رادع، وليست غائبة بفرق اغتيالاتها عن مسرح كالمسرح اللبنانى،

لكن فى كل حقبة من عمرها- الذى نرجوه عصفًا مأكولًا عما قريب- تعبر عن نفسها بطريقة معينة.

وربما كان مسلسل «فوضى»، الذى أُذيعت أجزاؤه على مدار السنوات القليلة الماضية- مؤشرًا لمزاج بعينه وقناعات بعينها وفرضيات تتسكع فى العقل الإسرائيلى المشتت.. والمغدور بين أنياب النبوءات والخرافات العقائدية من ناحية.. وبين أضراس الأمر الواقع- الذى يحيط بلص- وتعقيداته من ناحية أخرى، (والتى تحدق بمجرم).

المسلسل نفسه مغزول ببراعة: فرقة عمليات خاصة تابعة للجيش الإسرائيلى، تنفذ عمليات استخباراتية، وتشن هجمات وتخطف أشخاصًا وتغتال قيادات فى الداخل الفلسطينى.

كتابة مشوقة وذكية، لدرجة أنك- وأنت العربى- ستجد نفسك مشوشًا فى بعض الأحيان.. مع أى «الطرفين» تتعاطف؟.

وأحيانًا أخرى ستجد نفسك منتحلًا لمنطلقات الموقف و«العاطفة» الإسرائيلية.. كما لو كنت عضوًا فى الليكود، لا الرجل الذى يود أن يحاربهم اليوم قبل الغد!.

يمكن اعتبار المسلسل واحدة من حلقات التطبيع.. تطبيع نظرتك للإسرائيلى كشخص عادى.. ظالم ومظلوم، حالم وغاشم.. مقدام وجبان.. منتصر ومهزوم.. متصالح ومأزوم.. بالضبط بالضبط.. كأنه أنت!.

بعض التحليلات نحَت إلى أن مثل هذه الأعمال التى غزت «نتفليكس»، والتى تدور فى معظمها حول الموساد وفرق العمليات الخاصة فى إسرائيل والمهام السرية «البطولية» التى قامت بها تل أبيب.. ما هى إلا جزء من صراع إسرائيلى داخلى.

يريد الموساد فيه إثبات أنه الذراع الطولى لإسرائيل وأنه محقق أمنها ومنقذها.. ومن ثَمَّ، يشاكس لتوسيع ميزانيته وامتيازاته!.

فى حين تبدو هذه الأعمال فى نظر البعض.. كفقرات دعائية بغرض تجنيد عملاء جدد لصالح إسرائيل.

أيًّا كان.. المفارقة أن الحدود الفاصلة بين السينمائى والروائى.. باتت متداخلة مع الأمر الواقع بصورة كبيرة.

هل قلت لك إن الفلسطينى فى مسلسل «فوضى» قادر وماكر ولديه إصرار وخطة ومنطلقات ودوافع؟، هل قلت لك إنه «مؤنْسَن» تمامًا، كما هى صورة الإسرائيلى.. ومن هنا الإرباك الدرامى؟.

لم ينطلق المسلسل استنادًا لصورة كارتونية، تحول الخصم إلى تافه وبشع بالكلية.. بل كأن الفلسطينى هو الإسرائيلى.. فى تذويب لأصل القضية كصراع بين لص وصاحب حق، لتتحول إلى معركة بين الإنسان ونوازعه وأفكاره فى مقابل أخيه الإنسان بنوازعه وأفكاره.

ولعلنى هنا أحسب أنه من بعد السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، دخل الصراع العربى الإسرائيلى منعطفًا لا يمكن استرجاعه منه مرة أخرى.

وقد أطاح بما تم ترتيبه فى غرف مغلقة طيلة السنوات العشر الماضية.

أجيال جديدة من العرب باتت لديهم مرويتهم المبنية على مشاهدات القتل والدمار والعدوان الفاجر على مدار أشهر.. وهو ما يُبَث يوميًّا على شاشات الفضائيات ويغزو منصات التواصل الاجتماعى.

ربما تأزمت القومية العربية تمامًا بسقوط بغداد ٢٠٠٣ وسط صمت عربى عاجز ومقهور.. فانطوت معها القضية، (أى قضية وكل قضية وكل ما تصح تسميته مجازًا القضية)، فالعاجز لا يواجه على أى جبهة، شخصية أو عامة.

لكنها- القضية- اليوم، متقدة، فيما يبدو كذروة درامية غير موطأ لها جيدًا فى بنية السيناريو.. لكنها متسقة تمامًا مع نواميس الكون.

والفضل كل الفضل للمجرم بنيامين نتنياهو وعصابته.

أحمد الدريني – المصري اليوم

كانت هذه تفاصيل خبر صراع لا يلتزم بـ«سيناريو» نتفليكس لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.