تُنهي بريطانيا العام وهي في وضع لا تحسد عليه، لا من عدو ولا صديق، فاقتصادها هو الأسوأ أداء بين اقتصادات الدول المماثلة، ونخبتها السياسية في وضع تشرذم وانقسامات، وتكاليف المعيشة ترهق الأسر بشكل غير مسبوق تقريباً.
تلك الإمبراطورية التي كانت في وقت سابق من القرن الماضي «لا تغيب عنها الشمس» تقترب من ظلام أحوالها التام، بما يجعلها نموذجاً للمثل القائل «ارحموا عزيز قوم ذل». ربما لم تصل بريطانيا بعد إلى مرحلة «الذل»، حتى وهي تستجدي الأموال من دول غنية أو من أسواق الاقتراض عبر السندات وأذون الخزانة، لكنها بالفعل عزيز قوم ضعف بشدة. ربما لا يمكن تحميل حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك كل ما وصلت إليه أحوال بريطانيا، ذلك لأنه لم يتول السلطة إلا منذ نحو عام. لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن يُعفى من المسؤولية، خاصة عن الوضع الاقتصادي لأنه كان وزير خزانة حكومة بوريس جونسون حتى استقال قبل خروج جونسون من السلطة العام الماضي. بداية عام 2023 أعلن سوناك خمسة تعهدات هي خفض معدل التضخم إلى النصف، وخفض حجم الدين العام، ووقف قوارب المهاجرين، وتقليل مدة الانتظار على قوائم المستشفيات، وإعادة الاقتصاد البريطاني إلى النمو. لم يتحقق من تلك الوعود سوى تراجع زيادة معدل التضخم. أما النمو فتحوّل إلى انكماش، وقوارب المهاجرين لم تتوقف، وقوائم الانتظار في المستشفيات تزيد.
مشكلة الحزب الحاكم أنه في السلطة منذ أكثر من عقد، وهذا وحده كفيل بأن يمل الناس منه ومن سياساته، خاصة أن الأوضاع في تدهور مضطرد. ويرجع القدر الأكبر من ذلك التدهور إلى عدم اتساق السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
لا تقتصر مشكلة بريطانيا على أمراض الحزب الحاكم، بل إن المعارضة أيضاً تعاني مشاكل مماثلة. ربما ليست بارزة بهذا الشكل، فقط لأن المحافظين في السلطة وتحت الأضواء. لكن حزب العمال، المعارض الرئيسي، يعاني أيضاً انقسامات لم تنته. سواء بين أنصار توني بلير وجناح اليسار، أو بين المؤيدين لزعيم الحزب السابق جيريمي كوربين وزعيمه الحالي ستارمر.
ورغم الفارق الكبير في استطلاعات الرأي بين المحافظين والعمال لصالح العمال طبعاً، فإن ستارمر لا يختلف كثيراً عن ريشي سوناك.
المفترض أن تجرى الانتخابات العامة في مايو/ أيار 2024، لكن من غير الواضح إن كانت حكومة سوناك ستدعو لانتخابات في ظل الأوضاع الحالية وتدهور فرص حزبه في الفوز بها. إنما أقصى ما يمكن أن يفعله أن يؤخرها إلى الخريف مثلاً. صحيح أنه لو أجريت الانتخابات اليوم سيفوز العمال على المحافظين، إنما ذلك ليس سوى تصويت احتجاجي على المحافظين أكثر من كونه تصويتاً للعمال بقيادة ستارمر. بريطانيا مقبلة على عام أسوأ من سابقه، سواء أجريت الانتخابات وتغيرت الحكومة أم لا. فلا حكومة المحافظين قادرة على تغيير جذري يخفف أعباء المعيشة على المواطنين، ولا حكومة جديدة للمعارضة قادرة على مواجهة التحديات التي تتعرض لها بريطانيا.
أحمد مصطفى – صحيفة الخليج
كانت هذه تفاصيل خبر عزيز قوم ضعف لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.