شكرا لقرائتكم خبر عن «هل أراك».. الاحتمالات مفتوحة في «مسرح الشباب» والان نبدء بالتفاصيل
الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - دوامة الحياة، والجشع والطمع، والحيلة والاحتيال، وغيرها من القضايا طرحها عمل «هل أراك» الذي قدمه مسرح خورفكان للفنون، على خشبة ندوة الثقافة والعلوم، أول من أمس، في رابع أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب. قدّم العمل بصيغة الاحتمالات المفتوحة، ونجح في تقديم فرجة تحمل الكثير من الجماليات، وتطرح جملة من علامات الاستفهام التي تركت معلقة من دون أجوبة.
متاهات وأبواب
وسط سينوغرافيا مبنية على شكل متاهات وأبواب متحركة، ولكنها في الواقع عبارة عن صالة منزل شبه فارغة، ولا تحتوي إلا على كرسيين، تنطلق المشاهد الأولى للعمل مع الأداء الحركي. ندخل إلى عالم ليلى (عذاري السويدي)، وأمها سلمى (سارة السعدي) التي تعيش مع زوجها الكفيف سليم (علي ديدة موسى) الذي يمتلك الكثير من اللوحات القيمة التي تُشكل ثروة كبيرة للعائلة. وفي حديث عن الانكسارات والألم بين الأم وابنتها، وكيف تتحول النساء إلى «بقايا»، وحضور ابن عم ليلى سليمان (عبدالعزيز حبيب)، نتعرف إلى شخصية الأم التي توهمنا بأنها تضحي في سبيل رعاية الزوج الكفيف، وأنها بدأت ببيع اللوحات القيمة من أجل تأمين حياة كريمة لأفراد العائلة.
لعبة وخديعة
بنيت فكرة العمل الذي كتبه أحمد الماجد، على قصة جميلة تقوم على لعبة وخديعة بين أفراد العائلة، يتآمرون بها على ابن أخي الزوج الطامع في الثروة القيمة، فيوهمونه بأن الأم تبيع اللوحات من دون علم زوجها وذلك بسبب ظروفهم المالية، وبأن العائلة لم تعد تمتلك من اللوحات إلا اثنتين. طرح الكاتب قضية الجشع والتحايل في لعبة جميلة ضمن أفراد عائلة واحدة، ليبهرنا بصياغة الشخصيات. يحمل النص المتماسك النسق التصاعدي، حتى يبلغ ذروته مع تخلص ليلى وسلمى من سليمان، حيث نتعرف إلى عمق هذه الشخصيات، ومستويات المشاعر التي تحملها بداخلها، ومنها الطمع والاحتيال والخداع، وغيرها من الأحاسيس التي قد تصادفنا في الحياة اليومية.
تجريب واختبار
ساند النص الجميل، الرؤية الإخراجية التي قدمت تجربة شبابية مميزة، قوامها التجريب والاختبار، حيث أراد المخرج أن يدخلنا في متاهة الأسئلة التي تحملها الأحداث، فعكسها في السينوغرافيا التي تحمل الأبواب المتحركة. كما أنه تعمد اللعب على الخيال بترك اللوحات مغطاة، فترك للمتفرج فرصة الوقوع في فخ التخيل، لهذه اللوحات القيمة، بدءاً من شكلها، وموقعها، وهل فعلاً تم بيعها. كما وظف المخرج الموسيقى في العمل على نحو لطيف، فقد خدمت مجريات الأحداث، مع الإشارة إلى أنها كانت تنافس أصوات الممثلين في بعض الأحيان.
وظّف الكاتب في النص الحوارات الشخصية وكان ينتقل منها إلى المونولوج، ليقوم بهدم الشخصيات التي بناها طوال مدة العرض. أما النهاية فأتت محملة بالتراجيديا ومفتوحة على جميع الأسئلة، حيث تدلت من أعلى المسرح الكثير من الإطارات الفارغة، والمفتوحة على العديد من الأسئلة والقضايا الآنية. بينما قامت ليلى وهي تكشف عن اللوحات الموجودة في المنزل والمغطاة بأقمشة بيضاء، باختيار الأقمشة وتشكيلها واحدة تلو الأخرى، لتجسيد مراحل الحياة، بدءاً من حمل الغطاء على أنه مولود صغير، مروراً بوضعه على الرأس كطرحة، حتى انتهى بها المطاف إلى أن ترتديه كفناً وتكتب النهاية.
تكامل العناصر
قال المخرج سمير البلوشي، لـ«الإمارات اليوم»: «عملت على رؤية إخراجية تقوم على تكامل العناصر، فأنا لا أرى نفسي المخرج الوحيد للمسرحية، فأنا أجلس مع كل عنصر من عناصر العمل المسرحي الذين يعملون في العرض، ونفكر بشكل جماعي ونقدم صورة جمالية للجمهور». وأضاف: «عملت على النص الأساسي لأحمد الماجد الذي يشتمل على شخصية إضافية، ولكني قمت بتفكيك النص وإعادة الصياغة من خلال حذف شخصية تاجر اللوحات ووضعت اللوم كله على الأم، فبدت أنها المتسبب الوحيد في كل ما يجري». ولفت إلى أنه أراد أن يحمل العمل الكثير من القضايا، فهناك الكثير من الأسئلة التي يمكن أن يطرحها العرض، وإن لم يتمكن من الإجابة عنها، ومنها الأسئلة المرتبطة بحياتنا الإنسانية، وصولاً إلى الأسئلة المرتبطة بالفنون ومصيرها». ونوّه بأن التحدي الكبير بالنسبة إليه كان الدمج بين الفن التشكيلي والمسرح، موضحاً أنه استشار الكثير من الفنانين التشكيليين في طريقة تشكيل اللوحات، ولهذا ابتعد عن التجسيد الواقعي. وشدّد على أنه حرص على اختيار الممثلين الموجودين في العرض بعناية، فضلاً عن اختيار كل العاملين على تفاصيل العرض كي يأخذ هذا النص حقه على المسرح.
ثنائية تتجدد
أثنى الكاتب أحمد الماجد، خلال الندوة التطبيقية على الرؤية الإخراجية التي قدمها العرض، مشيراً إلى أنه يمكن وصف العرض الذي قدم بكونه تجربة شبابية جميلة. ولفت إلى أن هذه التجربة، هي التجربة الثانية التي يعمل فيها المخرج سمير البلوشي على نصّ من نصوصه المسرحية، إذ قدم في العام الماضي عمله الإخراجي الأول للنص المسرحي «آخر خبر». ولفت إلى أن الفريق وفق إلى حد ما في العرض، متطلعاً إلى العمل في السنة المقبلة على عمل آخر ضمن مهرجان دبي لمسرح الشباب.