شكرا لقرائتكم خبر عن الذكاء الاصطناعي يدق جرس إنذار من المستقبل للمبدعين والان نبدء بالتفاصيل
الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - كيف يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي في صناعة الثقافة والنشر؟ هل سيفرض سيطرته على بعض الوظائف والأعمال ليحل محل الكاتب والرسام والمصمم؟ أم سيكتفي بأن يكون وسيلة لمزيد من التمكين والتطوير بين يدي الإنسان مثل غيره من البرامج والتقنيات الحديثة التي ظهرت عبر السنوات؟.. تلك التساؤلات وغيرها حملتها «الإمارات اليوم» إلى ناشرين ومبدعين أكدوا أن الذكاء الاصطناعي لا يشكل تهديداً لصناعة الثقافة في العالم العربي في الوقت الحالي، نظراً لضعف المحتوى العربي المتوافر لديه، معتبرين أن السنوات المقبلة ستشهد دوراً أكبر لهذه التقنية، سواء كتهديد لبعض الوظائف أو كوسيلة لخلق محتوى أدبي مثل الرواية والقصص بدل الكاتب، أو كتقنية متطورة تساعد المبدع على توفير وقته والارتقاء بأعماله وتطويرها.
أمر إيجابي
وقال الناشر والكاتب الإماراتي جمال الشحي: إن «وجود الذكاء الاصطناعي في مجال النشر أمر إيجابي، كما أنه تهديد للكاتب المزيف وليس (الحقيقي) الذي سيتمكن من توظيف هذه التقنية في البحث والدراسة، واستخدامها بأفضل وسيلة ممكنة».
واستبعد أن يقوم بعض الأشخاص باستغلال هذه التقنية في الكتابة الأدبية ثم ينسبون ما ينتجه الذكاء الاصطناعي لأنفسهم، مؤكداً «كتابة الرواية ليست أمراً سهلاً، ولكي تخرج متميزة لابد أن يسبقها وضع أفكار وبحث لرسم الشخصيات والأماكن وغير ذلك من عناصر العملية الإبداعية، ومن جانب آخر فالذكاء الاصطناعي كما يمكن أن يستخدم لكتابة رواية كذلك يمكن استخدامه في كشف مستوى الكاتب ومستوى عمله، كما أن كل ناشر لديه القدرة والخبرة التي تمكنه من تتبع الكاتب ومسيرته والحكم عليه بطريقة صحيحة».
عامل مساعد
واتفق مع هذا الرأي الناشر حمدان سعد الشمراني (دار حروف في الكويت)، معرباً عن إيمانه بأن الذكاء الاصطناعي من الصعب أن يحل محل الإنسان خصوصاً في المجال الإبداعي، مشيراً إلى أنهم كدار نشر يتمسكون بالعنصر البشري في مختلف مراحل صناعة الكتاب، في حين يمثل الذكاء الاصطناعي عاملاً مساعداً على تنفيذ أفكار المبدع بمستوى أفضل وأكثر تطوراً، كما في مرحلة الإخراج الفني للكتاب، أو التدقيق اللغوي، أو تصميم الأغلفة.
وأضاف الشمراني أن فكرة استعانة البعض بالذكاء الاصطناعي في كتابة عمل إبداعي بشكل كامل أو حتى في ترجمة عمل أدبي، غير عملية في الوقت الحالي، وفي حال حدوثها في المستقبل فقد تسبب فوضى، وتزيد من عبء دور النشر في فرز واختيار الأعمال التي تنشرها، وبشكل عام يعتمد الناشر على تقييم الكاتب من خلال قراءة أعماله السابقة، والاطلاع على مراحل تطوره ومقارنتها بعمله الجديد، فالمنطقي أن يكون للكاتب أسلوبه الواضح والمفردات الخاصة به التي تظهر في أعماله». ولفت إلى أن الدار لديهم يصلها أكثر من 600 مشروع كتاب في العام لنشره، ويتم اختيار ما يراوح بين 20 و30 عنواناً فقط.
اختصار الزمن
من ناحيته، رأى المدير التنفيذي والشريك المؤسس لشركة «أخضر»، محمد أسامة، أن الذكاء الاصطناعي من المؤكد أنه سيؤثر بشكل كبير في صناعة الثقافة والنشر في المستقبل، لكن من الصعب التوقع بشكل واضح عن حجم هذا التغيّر، وهل سيكون في اتجاه الاستبدال أو التمكين، معرباً عن اعتقاده بأن هذه التقنية الحديثة ستكون وسيلة لتمكين الإنسان وتسهيل العملية الإبداعية في مختلف مراحلها، على سبيل المثال اختصار وقت تنفيذ كتاب من سنة لشهر، وذلك من خلال توفير مصادر البحث للكاتب ومساعدته في ترتيب الأفكار.
وأضاف أسامة: «سيظل العنصر البشري هو المحرك الأساسي للإبداع والصناعات الإبداعية بشكل عام ولا يمكن استبداله، وكلما كان مميزاً في ما يطرحه من أفكار كان من الصعب استبداله أو الاستغناء عنه. حتى إذا لجأ البعض إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في الكتابة وصناعة المحتوى، مع الوقت سيتجه القارئ إلى استبعاد المحتوى القائم على الاستسهال، وهذا ما شاهدناه في الفترة الحالية مع ظهور محتوى توليدي كبير واهتمام الجمهور به في البداية، لكن مع الوقت تراجع هذا الاهتمام».
وأكمل «أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون مفيداً جداً في صناعة النشر، وسيسهم في تمكين المبدعين لينتجوا أكثر، وقد يؤدي إلى ظهور وظائف جديدة ترتبط بتوظيف تقنياته في هذا القطاع».
تجربة مخرجة «ثلاثة»
بينما أكدت المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة أهمية الدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في مجال صناعة الأفلام، مشيرة، خلال تصريحات لها عن فيلمها «ثلاثة»، أن الأفلام في الفترة المقبلة ستترجم إلى كل لغات العالم عبر الذكاء الاصطناعي، بما يسهل من تسويقها في عدد أكبر من الدول. ونوهت بتجربتها في ترجمة «ثلاثة»، وهو أول فيلم روائي طويل لها، إلى لغة «ماندارين» الصينية، عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليكون بذلك أول فيلم إماراتي يخضع لهذه التجربة، وهو ما فتح أمامها المجال للسعي لتسويق الفيلم وعرضه في الصين.
عن الترجمة
وفي مجال الترجمة، أعرب المترجم الفوري محمد سعد، عن ثقته بأن الذكاء الاصطناعي لن يستطيع أن يحل محل المترجم الفوري، لأنه كتقنية متطورة قد يمتلك قدرة عالية على تخزين المعلومات، لكنه غير قادر على الإبداع ونقل مضمون الحديث وما قد يتضمنه من تعبيرات مجازية أو تشبيهات أو أمثلة شعبية متداولة في اللغة التي يتم الترجمة منها. أما مؤسس منصة «مشاة» الشاعر عبدالرحمن الحميري، فكشف عن أن فكرة أن يصبح الذكاء الاصطناعي شاعراً أو كاتباً تمثل هاجساً مخيفاً بالنسبة له، ولأي كاتب محتوى إبداعي. وفي الوقت نفسه، استبعد أن تتحول هذه الفكرة إلى واقع، لأن الكتابة الإبداعية أكثر ما يميزها ويضفي عليها الأهمية هو طابعها الإنساني وقدرتها على التعبير عن أفكار صاحبها. وأضاف الحميري أنه يميل لتوقع أن تسهم هذه التقنية في تطوير عمل صنّاع المحتوى ومساعدتهم على الحصول على نتائج أفضل في وقت وبمجهود أقل.
أكبر من مجرد نقل كلمات
شدد المترجم الفوري محمد سعد على أن المترجم سواء كان يمارس الترجمة التحريرية أو الفورية لا ينقل فقط المعنى الحرفي للكلمات، ولكنه يخلق رابطاً بينها يجعلها منطقية ومقبولة.
واعتبر أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أكثر فائدة وتأثيراً في مجال الترجمة التحريرية مقارنة بالترجمة الفورية.
السنوات المقبلة ستشهد دوراً أكبر لهذه التقنية، سواء كتهديد لبعض الوظائف أو كوسيلة لخلق محتوى أدبي.