شكرا لقرائتكم خبر عن مثقفون ينعون ربيّع بن ياقوت: آخر عنقود الرعيل الأول من الشعراء الشعبيين والان نبدء بالتفاصيل
الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - بمشاركة واسعة من مثقفين ومحبين وأفراد العائلة، شُيّع، أمس، الشاعر الإماراتي الكبير ربيّع بن ياقوت، ووُوري جثمانه الثرى في مقبرة عجمان الجرف بإمارة عجمان. ومنذ إعلان وفاته تصدر اسم الفقيد منصات التواصل الاجتماعي محلياً وخليجياً، وتحول وداعه إلى تظاهرة محبة وتقدير من المثقفين ومحبي الشعر، وجمهور الشاعر الراحل الذين حرصوا على نعيه واستذكار قصائد من أشعاره، معربين عن حزنهم لخسارة واحد من أعمدة الشعر الشعبي في الإمارات والخليج، وآخر العنقود بين شعراء الجيل الأول.
ونعى الشيخ خالد بن سالم القاسمي، وزير الثقافة، الشاعر الكبير في تغريدة نشرها على حسابه في منصة «إكس»، قال فيها: «يمثل غياب ربيّع بن ياقوت خسارة كبيرة للساحة الثقافية في الإمارات، فهو قامة شعرية كبيرة وواحد من أساطين الشعر الشعبي. عرفناه شاعراً رقيق اللفظ، وشّحت الدعابة شعره الاجتماعي، وأمتعنا بأجمل قصائد الغزل من دون ابتذال. رحم الله فقيدنا الكبير، وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان».
صانع البهجة
وشارك رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور في العزاء بتدوينة عبر حسابه على «إكس»، قائلاً: «رحم الله الشاعر الكبير ربيّع بن ياقوت، فاكهة الشعر الإماراتي، وصانع البهجة الذي أسعدنا بقصائده التي نسجت بحروفها تراث الإمارات، وترك إرثاً نفخر به، عامراً بالشعر والإبداع. اللهم اجعله مع الأبرار واغفر له وارحمه، وأسكنه فسيح جناتك».
وكذلك قال مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، عبدالله ماجد آل علي: «برحيل ربيّع بن ياقوت تغيب عنا قامة شعرية كبيرة، ونفقد واحداً من حراس الشعر الشعبي في الإمارات وفارساً مجلياً فيه، امتاز بقصائده الوطنية وشعره الاجتماعي الذي لم يكن يخلو من دعابة محببة. للفقيد الرحمة والمغفرة، ولأسرته صادق العزاء».
وتقدم الفنان حسين الجسمي بالعزاء لأسرة الفقيد، واصفاً بن ياقوت بأيقونة الحرف، ومبدع الكلمات بأشعار تلامس الوجدان.
قصائد حبيسة الرأس
واستعادت الشاعرة والتشكيلية ميرة القاسم جانباً من ذكرياتها مع الشاعر الراحل، تحت عنوان: «قصائد حبيسة الرأس» عبر حسابها على «إكس»، استعرضت فيها بعضاً من طقوسه في الكتابة بأسلوب فياض بشعرية مفرطة.
وقالت: «أستعيد الصور المحفورة في ذاكرتي عندما ذهبت لعمل سلسلة حوارية، لم تمهلني تلك الأزمة التي ألمّت به وأنا في طريقي إليه لاستكمال تدوين ما أراد أن يبوح به، وكم أمّلت أن تمتد إلى زمن أطول، لنحظى بمعرفة أكبر عن الزمن الأسبق. حضرت إلى ذاكرتي الطريقة التي يمارس بها طقوس الكتابة الشعرية، تذكّرت غرفته التي يختلي فيها مع نفسه، للاستماع إلى الأغاني القديمة التي تنتمي إلى فن الصوت، حيث تنهال الذكريات، وحيث تعبر سنواته الكثير من الحجب، ليفنّد المراحل الزمنية التي مرّت، ويأتي مطلع قصيدته الشعرية بارداً، مثلما هي ريح البحر التي تصافح الحنين على السواحل والشواطئ، وهناك يبدأ في ترداده مع نفسه، ثم ينادي على أحد أبنائه أو بناته أو أحفاده، داعياً إياهم إلى تدوين ما استكنّ واستقرّ في الخلد واللحظة والذاكرة الجديدة. إنه الصوت، ذلك الكائن الذي يعني الحياة، الذي يعني ولادة الصورة من شفة الكلام، ومنها تبدأ مسيرة القصيدة الواحدة، بيتاً بيتاً وبيتين بيتين، وهكذا. هذه الطقوسية العميقة الغور التي امتدت عمراً يفوق نصف قرن من الزمن، والتي لم يألف أو يمارس طقوسية غيرها، صارت الآن تعبيراً آخر، وتأملاً في الداخل، ورغبة كبيرة في البوح، رغبة في تجسيد ملامح ما يرى وما يشعر وما يدرك، رغبة في رصد ملامح التكوين النقية في داخله، هذه المركّبة إلى الداخل هي بيت القصيد في هذه المرحلة مع الشاعر ربيّع بن ياقوت، الألم الذي عاش فيه هو القصيدة التي ترفض أن تخرج إلى حيّز الوجود، ليس لأنها تفعل ذلك عن سابق إصرار وترصّد، ولكنني أشعر بأن القصيدة ذاتها تتألم، ليس لأنها لن تخرج فحسب، بل لأنها صديقة اتخذت من الصوت وسيلة للعبور إلى عالم التلقّي لدى الآخرين، خصوصاً في حالة ربيّع بن ياقوت.. هل نقول إن الأبجدية القاموسية لديه هي الكلام، أخشى أن نكون متأكدين من ذلك، ومن كونه جعل أبجديّته هي الكلام، بينما الأبجدية لا توفي نذر استمراريتها معه».
واستطردت: «من المؤلم أن يكون الصوت هو ألفبائية الكتابة، خصوصاً عندما لا يستطيع الصوت أن يُملي الحالة الشعرية والشعورية والوجدانية والإنسانية، ويحوّلها إلى قصيدة شعر.. لحظتها تساءلت: ما القصيدة التي يكتبها الآن في ذاكرته؟ ما هي الروح المستجدة؟ وما هي شواهدها؟ وكيف ستعبّر بعد هذه التجربة؟ وكيف يمكننا أن نكون فيها لنفهمها عن قرب؟ ليته ضم أبجدية الحرف إلى عالمه النقي.. ليته تعلّم رسمه.. ليته أماط اللثام عن الظرف الذي عزله عن اختطاط الصورة والكلام.. هكذا هو.. أتته الكثير من القصائد تقبض على جمر بعضها، وتدفعها قصيدة جديدة أخرى.. يا إلهي.. أي قصيدة تلّهف لقولها ولا نقوى على سماعها؟ وكم من قصيدة ظلت حبيسة الرأس يا بوي يا ربيّع؟».
وعلقت الشاعرة خلود المعلا على تدوينة القاسم قائلة: «وكأنك داخلي يا ميرة وفاض ما في القلب ممتزجاً بحبر قلمك وصوت روحك. لشاعرنا الكبير الرحمة والمغفرة ولروحه السلام».
وقال الكاتب عبدالله النعيمي في رثاء الفقيد: «قصائد ربيّع بن ياقوت تخاطب العقل، وتلامس القلب، وتستقر في الذاكرة، وهذه المزايا الثلاث منحته مكانة خاصة في وجدان شعب الإمارات. نسأل الله له الرحمة والمغفرة، ولذويه الصبر والسلوان».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news